أكاديميون ومختصون: الشهادة الجامعية لا تؤهّل وحدها لدخول سوق العمل

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد عدد من الأكاديميين والمختصين أن قرار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بتكليف كليات التقنية العليا بعمل دبلومات تخصصية لتأهيل وإعداد المواطنين للعمل في مختلف القطاعات الاقتصادية الحيوية بالدولة، بحيث يتم تصميم برامج تدريبية لبناء وتطوير القدرات والكوادر الوطنية، إلى جانب قرار منظومة جديدة لتدريب 8000 مواطن سنوياً من الخريجين، في الشركات الحكومية وشبه الحكومية ومنشآت القطاع الخاص، لمدة ستة إلى 12 شهراً، تعتبر فرصة ذهبية غير مسبوقة لدعم ملف التوطين، مؤكدين أن الشهادة الجامعية وحدها لا تمنح الخريج رخصة مرور لسوق العمل، كما دعوا أصحاب الأعمال إلى ضرورة تبني تدريب وتأهيل الخريجين من منطلق المسؤولية المجتمعية وكجزء من رد الجميل للدولة.

وأكدت منى بوحميد، مدير إدارة التطوير والشراكات في معهد دبي لتنمية الموارد البشرية، أهمية التدريب لصقل مهارات المقبلين على العمل، وإكسابهم الخبرات التي تؤهلهم للدخول إلى سوق العمل، مشيرة إلى أن رسالة معهد دبي لتنمية الموارد البشرية ترتكز إلى تقديم أفضل الممارسات التدريبية والحلول التطويرية لتعزيز أداء المؤسسات، وتطوير مهارات الموارد البشرية لتحقيق أعلى مستوى من الأداء.

وقالت: إن قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة تولي مسألة تدريب المواطنين، خاصة الشباب المقبلين على العمل أهمية كبيرة، وتسخر الموارد المالية والإمكانيات كافة من أجل توفير التدريب لهم، وهذا ما ركزت عليه قرارات مجلس الوزراء مؤخراً، إذ اعتمد المجلس صندوقاً بـ 300 مليون درهم لتدريب 18 ألف مواطن، إلى جانب تخصيص جزء من عوائد الضريبة لدعم ملف التوطين، وتدريب 8 آلاف مواطن سنوياً في القطاع الخاص بمكافآت مدعومة من الحكومة.

وأضافت أن معهد دبي لتنمية الموارد البشرية يعمل على تطوير وتوفير برامج تدريبية مطابقة لاحتياجات الجهات الحكومية ومتلائمة مع تطلعات حكومة دبي المستقبلية، في سبيل تلبية الاحتياجات الفردية والمؤسسية والحكومية كافة، كما يعمل على تلبية المتطلّبات التدريبية ذات العلاقة بالكفاءات التخصصية، والمصمّمة خصيصاً لتأهيل الموظفين وتحسين الأداء المؤسسي بما يواكب مسيرة التنمية الشاملة في إمارة دبي.

وأوضحت مدير إدارة التطوير والشراكات في معهد دبي لتنمية الموارد البشرية أن المعهد يقدم برامج مهنية معتمدة دولياً، تمثل إضافة مهمة لدفع عجلة تميز العمل الحكومي، ورفدها بأفضل الكفاءات البشرية المؤهلة وفق أفضل الممارسات العالمية.

كما أشارت إلى أن برامج المعهد التدريبيّة تتمحور حول مجموعة من المجالات الرئيسة التي تتضمن: البرامج التخصصية للتنفيذيين، والبرامج الإدارية المتميّزة، والتعليم التخصصي، وبرنامج الكفاءات الشخصية، وبرامج النظم الحكوميّة المشتركة، إذ نظم المعهد العديد من الدورات التدريبية والدبلومات المهنية بالتعاون مع العديد من الدوائر الحكومية في دبي، ومن أبرز هذه الدبلومات التي قدمها المعهد خلال عام 2018 بالتعاون مع دائرة التنمية الاقتصادية بدبي، «دبلوم الرقابة التجارية وحماية المستهلك»، والذي يهدف إلى إعداد جيل من الموظفين المؤهلين بالمعارف والقدرات، والمهارات الأساسية لتنفيذ جميع المهام الوظيفية، لوظيفة الرقابة والتفتيش وحماية المستهلك، والذي تم فيه تدريب 4 مجموعات حتى الآن، وهناك كذلك دبلوم «التسجيل التجاري» لموظفي دائرة التنمية الاقتصادية.

إرشاد

وأكد الدكتور فاهم سالم النعيمي، الرئيس التنفيذي لشبكة عنكبوت، أن معظم المدارس والجامعات لا تخرج طلبة جاهزين لسوق العمل، فضلاً عن أنه يجب توجيه وإرشاد الطلبة الإماراتيين لدراسة التخصصات الملحة لحاجة سوق العمل بالدولة، مشيراً إلى أن هناك نقصاً شديداً في بعض المخرجات والتخصصات الحيوية ومن أهمها البرمجة وتحليل البيانات نتيجة لعزوف الطلبة المواطنين عنها أو عدم توجيههم لدراستها.

ودعا أصحاب الأعمال إلى ضرورة تبني تدريب وتأهيل الخريجين من منطلق المسؤولية المجتمعية وكجزء من رد الجميل للدولة، كما يجب عكس الصورة الصحيحة عن الشباب الإماراتي وتغيير الصورة الزائفة عنه بأنه غير صالح للعمل، وهذا ينطوي على دور الوسائل الإعلامية التي يجب أن تبرز جهود الشباب الإماراتي ونجاحاته التي وصلت إلى الفضاء.

وأضاف أن سوق العمل وأصحاب الأعمال يفضلون استقطاب الخريج الذي يتحلى بمهارات ويجب أن يدرك الشباب أن شهادتهم ليست دليلًا على قدراتهم لاسيما في العصر الذي أصبح فيه الابتكار مسعى الجميع، لذا فإن قرار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، بتدريب الخريجين فرصة ثمينة لسد الفجوة بين المخرجات التعليمية واحتياجات سوق العمل، إذ إن المواطن لا بد أن يحصل على فرصة للتدريب والوظيفة في بلده.

رخصة مرور

ودعا الدكتور محمد أحمد عبد الرحمن، مدير جامعة الوصل، الشباب والخريجين إلى الاستفادة من هذه الفرصة واغتنامها من أجل تطوير كفاءاتهم ومهاراتهم واكتساب المهارات اللازمة لسوق العمل، الذي لم يعد يكتفى بالشهادة الجامعية، مؤكداً أن الشهادات العليا لا تمنح أصحابها رخصة مرور لسوق العمل.

وأضاف أن قضية التوطين تحتاج إلى تفكيك عناصرها من خلال الوقوف حول العديد من الأسباب التي أدت إلى توفر أعداد الخريجين من المواطنين والظروف المحيطة بهم ومدى اندماجهم في عجلة سوق العمل، وإلى أي مدى يحصلون على فرص عمل تكون متقاربة، إن لم تكن متساوية.

مهارات

من ناحيته، قال الدكتور عبد الله الشامسي، مدير الجامعة البريطانية بدبي: إنه مع تزايد أعداد الخريجين سنوياً، تلوح أزمة أخرى لا تقل أهمية حول مدى أهليتهم فعلياً لدخول سوق العمل، لاسيما أولئك الذين لم يتمكنوا من الحصول على عمل.

وأشار إلى أن العالم اعتاد أن ينظر إلى المرحلة الجامعية على أنها المرحلة الأساسية لإثبات ذكاء الفرد وقدرته على النجاح في سوق العمل، ولكن مع التقلبات الاقتصادية والقفزات النوعية في عالم التكنولوجيا، لم يعد مقياس النجاح واحداً، مؤكداً أن سوق العمل الجديد يشترط بعض المهارات المهنية والميزات غير التخصصية ومن أهمها ما يسمى بـ «المهارات الناعمة» التي يحتاج الفرد إلى 85% منها ليتمكن من الاندماج في سوق العمل وإثبات تفوقه بجدارة، ويندرج تحت هذا الجزء مهارة التواصل والتفاوض والتأقلم والمرونة.

Email