«البيان » وقفت على منصاته واطلعت على جهود المتطوعين

«مصنع الترجمة».. 5 مراحل تنتج المعرفة لأجيال المستقبل

ت + ت - الحجم الطبيعي

في «مصنع الترجمة»، الذي احتوى منصات عديدة، هي «الترجمة» و«التعليق الصوتي» و«إنتاج الفيديوهات التعليمية»، وأخيراً منصة «التقييم والجودة»، اطلعت «البيان» على أرجاء هذه المنصات، وتجولت بين المتطوعين، الذي انكبوا على العمل بجد واجتهاد، لضمان إنتاج الفيديوهات التعليمية في المبادرة، بالمعدل اليومي الذي لا يقل عن 20 فيديو، يسهم في توفير محتوى تعليمي يناسب احتياجات الطلبة.

وأفادت سارة بلحيف النعيمي مديرة مشروع محمد بن راشد للتعليم الإلكتروني العربي، بأن معدل إنتاج الفيديو كاملاً منذ اختياره حتى الانتهاء منه، تمر بـ 5 مراحل أساسية، هي عملية الترجمة إلى نصوص مقروءة، والتدقيق عليها، ثم التعليق الصوتي، والانتقال إلى منصة إنتاج الفيديو، والتصميم، إلى أن تصل إلى التقييم من قبل طلبة المدارس.

تطابق

وأوضحت أن التوجه الأساسي في ترجمة النصوص، تعتمد على الدقة واستخدام لغة صحيحة، ومصطلحات علمية دارجة، متطابقة مع المصطلحات في المناهج التعليمية، مضيفة: «بدأنا أولاً بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم في الدولة، للحصول على قائمة المصطلحات، والمحتوى في المناهج الإلكترونية، للتأكد من أن كل نص مترجم يحوي المصطلحات الصحيحة، ويدقق لغوياً».

وأضافت: «بعد ترجمة النصوص، فإنها تخضع لعميلة طويلة من التدقيق، قبل أن تدخل مرحلة التعليق الصوتي، التي يلقيها متطوعون مختارون في استوديوهات في الإمارات، والمملكة الأردنية، ومن ثم تنتقل إلى مرحلة إنتاج الفيديو، ليطلع عليها مهندسو الصوت، والمنتجون، والمصممون».

وتابعت: «إن المرحلة الخامسة، تتضمن تقييم جودة الفيديو من قبل طلبة المدارس، وهل ستفيدهم وتغنيهم عن المدرسين الخصوصيين، ويضع الطلبة تقييمهم الخاص، وبناءً عليه، ترى اللجنة ما إذا انتهى العمل على الفيديو، أم يحتاج إلى تعديلات أخرى لضمان جودته، أم أنهم يحتاجون إلى إعادة إنتاج الفيديو كاملاً».

وأوضحت النعيمي، أن المتطوعين ينجزون بشكل يومي 20 مقطع فيديو، بمعدل 100 مقطع أسبوعياً، حيث تمكنوا منذ إطلاق المبادرة في إنجاز نحو 1500 مقطع كامل، من بين الـ 5000 مقطع مستهدف في المبادرة.

وأشارت إلى أن المترجمين يستطيعون التواصل مع بعضهم، من خلال منصة إلكترونية للإجابة عن ملاحظاتهم، توفير احتياجاتهم، وتم تقسيم الفرق بناء على المنطقة التي هم فيها، ومهامهم، ولكل فريق قائد يوجههم إلى العمل الأفضل، ويتواصل مع اللجنة المنظمة.

أعمال مخلدة

تحدٍ جديد قبلته علياء سعيد الكتبي من الإمارات، لتشارك كمترجمة في مبادرة «تحدي الترجمة»، إضافة إلى عملها مدرسة للأحياء لطلبة الثانوية العامة، وخصوصاً أن مشاركتها ضمن التحدي، تعني أن المواد التي ترجمتها، ستظل إلى الأبد، وتخدم فئة كبيرة من الأشخاص.

وأوضحت الكتبي أن تطوعها في المبادرة، نابعٌ من كونها تريد أن تشارك في مبادرة أطلقتها الدولة، لتخدم عينة كبيرة من الطلبة على مستوى الوطن العربي، مضيفة أن الترجمة تستهويها منذ زمن، وتشارك في ترجمة المواد التي تشرحها لطلبتها بشكل مباشر.

وتابعت: «إن ما دفعها للمشاركة في التحدي، كونها ساهمت في نشر مقاطع فيديو مع أكاديمية خان التعليمية، من قبل، ولاحظت افتقار الأكاديمية لمحتوى بالعربي، في حين أن اللغات الأخرى أخذت نصيب الأسد»، مضيفة أنه لا بد على كل شخص أن يعطي، ولو بقدر بسيط.

لغة حديثة

وبدوره، أراد منتصر المنصوري طالب الدكتوراه الطاقة المتجددة، والألواح الشمسية، في جامعة خليفة، أن يشارك ليستفيد هو أولاً من المبادرة في إثراء معلوماته الحالية، والتعرف إلى التطورات الجديدة في مجالات العلوم والرياضيات، لتساعده في إعطاء الدروس اليومية للطلبة كجزء من تدريبه العملي.

وأكد المنصوري أنه أراد أن يسهم في تحويل اللغة العربية إلى لغة حديثة تواكب التطورات ومتطلبات العصر الحديث، وخصوصاً مع افتقار اللغة للمراجع العلمية التي تحوي مصطلحات تتناسب والوقت الحالي، لذا، أراد أن يوفر مادة تناسب احتياجات الطالب العربي، وتساعده في دروسه، مضيفاً أنه يحب الترجمة منذ الصغر، ولديه اهتمام كبير باللغتين العربية والإنجليزية، كما أنه متمكن في شرح هذه المواد التعليمية.

رسالة تعليمية

«الاهتمام بالعلم والمجتمع التعليمي، هو حتماً أساس نجاح الطالب»، هكذا استهلت نور البسطامي، موظفة التربية والتعليم، حديثها، مؤكدة أن الإمارات سبّاقة في خدمة المجتمع العربي، خصوصاً في مجالات التربية والتعليم، ورسالتها تسهيل على الطلاب الحصول على المعلومات العلمية، بطريقة مبسطة، كما هو في تحدي الترجمة، لافتة إلى أن أغلب الطلبة يستصعبون مسائل الرياضيات، ومشاركتها في التطوع، من خلال «تحدي الترجمة»، هو انتعاش لذاكرتها في ما يتعلق بالعلوم، والرجوع إلى فترة كانت فيها معلمة مادة الرياضيات، وأكدت أن المستفيدين كثر، وقد يكون من بينهم أيضاً ابنها أو أختها أو أحد أقاربها.

عمل إنساني

وترى سناء مصطفى، المشاركة من مصر، أن «الاهتمام بالتعليم والحلقات التعليمية لدى المدرسين، ليس مقتصراً فقط في تقديم دروس المناهج في الحصص الدراسية وحسب، بل إنه عمل إنساني عظيم، عندما يندرج تحت مسمى التطوع، بما فيه بذل المزيد من الجهد والوقت بجانب التدريس».

سناء، والتي تعمل مدرسة للغة الإنجليزية، سمعت عن المبادرة وأسرعت في التقديم، لتكون من أوائل المتطوعات، وعندما قُبلت في المبادرة، لم تسعها الفرحة، لأنها بلا شك ستشارك في عمل تربوي، سيستفيد منها آلاف الطلاب من جميع أنحاء الوطن العربي، ويبدو أن سناء تعشق التحدي، ليس لنفسها فقط، بل لابنها الذي أشركته في تحدي القراءة لـ 3 سنوات على التوالي، بعد أن لاحظت أن ابنها يتطور من خلال التحدي، وتطورت شخصيته وقدراته بشكل أفضل.

سناء استفادت من خبراتها كمترجمة للمجموعات القصصية، وهوايتها في كتابة الشعر، إذ إنها شاركت في الموسم السادس من مسابقة أمير الشعراء في أبوظبي، وطوّعت هذه المواهب في ترجمة النصوص ومقاطع الفيديو العديدة.

أصغر المشاركين في التحدي

وتعتبر أمل ناصر الملا، البالغة من العمر 21، من الإمارات، أصغر مشاركة في مبادرة «تحدي الترجمة»، حيث تطوعت لملء فراغها، بعد الانتهاء من الدراسة، في أمر ينفعها ويقدم منفعة للجميع، إذ إنها تخطط مستقبلاً للدخول إلى عالم الإعلام، من خلال صوتها المسموع، لذا، أحبت أن تشارك في التعليق الصوتي في التحدي.

وأفادت الملا بأنها علمت عن المبادرة، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وقررت أن تخوض رحلة يومية من أم القيوين إلى دبي، لتشارك في تقديم محتوى يستفيد منه أشقاؤها الأصغر سناً، والذين تساعدهم في دراستهم العلمية، بشكل يومي، مضيفة أنها استاءت من وجود مواد علمية كثيرة باللغة الإنجليزية، وكانت تعاني من شرحها للدروس وترجمتها.

وأكدت: «استفدت من المبادرة في تقوية قدراتي في الإلقاء، ومساعدتي في إتقان اللغة العربية، وخصوصاً أنني شاركت سابقاً في إحدى الإذاعات المحلية، ولدي خبرة بسيطة في التعليق». مضيفة أنها سعيدة، بكونها أحد المتطوعات، وتحاول أن تزيد من حصص التعليق الأسبوعية، كونها شغوفة بالعمل.

معادلة التطوع

سعادة غامرة اعترت محمد البستكي، من شرطة دبي، الذي أكد أن لديه معادلة حياتية يعمل عليها وينفذها، وهي أن السعادة مع التطوع، لا بد أن تفضي إلى خدمة المجتمع، سواء كانت الخدمة اجتماعية أم مادية، وفي مختلف المجالات، مضيفاً أنه كان لا بد له أن يشارك في التعليق الصوتي، ضمن «تحدي الترجمة»، الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في خدمة أكبر عدد ممكن من الطلبة العرب.

وأكد: «نحن في الإمارات، ننعم بوجود أفضل المدارس والمعلمين، وتوفير التعليم للجميع، لكن في الدول العربية، قد لا تتوفر هذه الإمكانات، ونحن نشارك في التحدي، لنساعد غيرنا ممن هم أقل حظاً»، مضيفاً أن ما دفعه للمشاركة، أن أطفاله الذين يدرسون في الحلقات الأولى في الوقت الحالي، ستتغير عليهم أساليب التعليم، والتحدي يسهم في مساعدتهم للحصول على المعلومات إلكترونياً، بدلاً من الاعتماد على المدرسين الخصوصيين.

رد الجميل

جوانب إنسانية وشخصية، دفعت العراقي، سرمد مصطفى النعيمي، البالغ من العمر 59 عاماً، للمشاركة في تحدي القراءة، وأهمها، أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أطلقها لترفع من شأن العالم العربي، وتسهم في خلق محتوى علمي للطلبة، موضحاً أنه ينبغي أن يكون العرب أول المبادرين في تحقيق رؤية سموه، ومساعدة كل من يتحدثون اللغة العربية.

وأضاف أن الهدف الشخصي من مشاركته في التحدي، كان لأنه يعيش في دولة الإمارات منذ 2006، وخلالها شارك مواطني الدولة أفراحهم ومناسباتهم العديدة، واستفاد من التطور الذي تشهده الدولة، علمياً وفنياً، وكان لا بد له أن يرد هذا الجميل، وترك الأثر الطيب من خلال المشاركة في المبادرات العديدة.

وأشار إلى أنه كان مدرساً متخصصاً في العلوم والرياضيات، إلى جانب كونه مهندساً كهربائياً، وللمرة الأولى يكتشف أن صوته سيسهم في إضافة مقاطع فيديو للطلبة، ما دفعه إلى العمل بشكل أكبر، ليقدم أكثر في المبادرة بسعادة غامرة واندفاع.

استرجاع المعلومات

ومن خلال منصة إنتاج الفيديوهات التعليمية، أكدت إلهام أبو صيام من الأردن، أنها حصلت على الاستفادة الأكبر من المشروع، إذ إنها، وقبل أن تعيد ابتكار المحتوى وتصميمه، تتعلم معلومات جديدة، تساعدها في استرجاع ما تعلمته قبل 5 سنوات سبقت.

وأوضحت أنها تحب الرسم والتصميم، ومشاركتها في المشروع، ساعدتها في أن تطوّع هذه المهارة في خدمة غيرها من الطلبة، في مواد عديدة، مثل الفيزياء والرياضيات، وشرحت أنها تتبع خطوات محددة، لتتمكن من إتقان تصميم الفيديو، أولّها، قراءة النص المترجم، ومن ثم مشاهدة الفيديو الفعلي، لتتمكن من فهم المحتوى، وأن تضيف عليه رسومات جديدة، تخدم مخيلة الطلبة وتساعدهم في الفهم.

عبد الرحمن عثمان: وجدت الراحة النفسية في التحدّي

في مبادرة تخرج عن النطاق المحلي، لتصل إلى العالم العربي، وتركز على طلبته، يشارك عبد الرحمن عثمان، البالغ من العمر 75 عاماً، من السودان، في ترجمة نصوص ضمن «تحدي الترجمة».

وعبد الرحمن وضع لنفسه أهدافاً عديدة، أهمها أن يشارك في المشروع الأكبر في الترجمة، والذي لا بد للعرب أن يدعموه بكل الوسائل التي يملكونها، إضافة إلى هذه الأهداف، فإنه اتخذ من أسبابه الشخصية دافعاً ليبدع في الترجمة، وخصوصاً أنه أتى إلى الدولة كمقيم مع أسرته، ويعاني من أوقات فراغ طويلة، وخصوصاً أنه لا يعمل، ويريد أن يملأ هذا الفراغ بإنجاز مفيد، يخدمه ويخدم أكبر عدد ممكن من الأشخاص.

ووجد في هذا المشروع، راحة نفسية له، إذ إنه تمكن من استغلال مهاراته في اللغة الإنجليزية، التي تخصص فيها منذ سنوات طويلة، ويحاول بترجمة مقاطع الفيديو، أن يعود بذاكرته إلى الدراسة، وخصوصاً مقاعد الثانوية، والاستفادة من المواد العلمية التي تعلمها، وكيف يمكن لهذه المواد أن تساعده في وضع تصور للمقطع الذي يترجمه.

ومع كبر سنه، عانى عبد الرحمن من ضعف السمع، ويزداد الأمر حدة مع نزلات البرد التي تصيبه بين الفينة والأخرى، إلا أن هذه المعوقات لم تمنعه من الترجمة اليومية لفترات تصل إلى 8 ساعات، ويحاول بشتى الطرق، أن يسهم مع فريق العمل، وأن يتواصل معهم حال وجد في طريقه أي صعوبة لم يستطع التغلب عليها.

كما أنه يطلع على المواقع الإلكترونية العديدة، التي يستقي منها معلوماته الأساسية في العلوم والرياضيات، إذ إنه يركز على مواد معينة، يستطيع الإبداع فيها، والتي بإمكانها أن تثري تجربته مع الفريق ككل، ويحاول أن يبحث عن المعاني الدقيقة للعبارات، باللغة الإنجليزية، وخصوصاً أن بعضها يحمل معاني عامة، قد تفسد النص الأصلي، لذا، يبحث دائماً عن كيفية ترجمتها بالمعنى الأصح.

Email