شباب يتفقون على شعار «البيت أفضل من عمل غير مناسب»

«الوظيفة المناسبة».. عبء يُثقل مشوار الخريجين

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يرفض خريجون فكرة الالتحاق بأية وظيفة عقب التخرج، على اعتبار أن الهدف من الحصول على الوظيفة لا ينحصر في مجرد توفير راتب شهري يقتاتون منه، وإنما جملة من المبادئ والأهداف التي من أجلها انخرط الطالب أو الطالبة في تخصص بعينه، في حين توجد مهن تعتبر خطوطاً حمراء أمام الباحثين عن العمل من المواطنين، وبعضهم يفضل البطالة على الالتحاق بها حتى تتوفر الوظيفة المناسبة التي يرونها مقبولة اجتماعياً.

وأمام معضلة البطالة، يعتبر خريجون أن مكوثهم في المنزل بلا عمل أفضل من شغل وظيفة غير مناسبة.

في هذا الإطار يقول علي أحمد إن الوظيفة طموح وثقة ينتقل بها الخريج من مرحلة الاتكال إلى فضاء المسؤولية، لمستقبل زاهر بالأمنيات وزاخر بالأولويات، لاسيما مساعدة الأهل ورد بعض جميلهم وتحقيق الاعتماد على الذات، وما يتبع ذلك من زواج ومسؤوليات لا تتوقف، وفي ظل المتغيرات يؤكد الواقع صعوبة الحصول على وظيفة تؤمن لشباب اليوم آمال المستقبل، خاصة أن أعداد الخريجين في تزايد، بينما فرص العمل لا تبدو كذلك، فالباحثون عن العمل من شباب الوطن يتنقلون بشهاداتهم من مؤسسة إلى أخرى أملاً في وظيفة.

صعوبة نسبية

أما الطالبة مريم الهاجري من جامعة زايد فتقول: «لا أرى كم صعوبات يعترض طريق الخريجين في الحصول على الوظيفة وإن كان في الأمر صعوبة نسبية، وبصفتي طالبة على وشك التخرج، فإني أعتزم الحصول على وظيفة تتواءم مع تخصصي الجامعي وهو أمن المعلومات، ولن ألتحق بأي وظيفة لا تتوافق مع طموحاتي الوظيفية والمهنية».

وتابعت: «بالمناسبة وجدت فرصة عمل في أحد البنوك ورفضتها لأن مجال العمل لا يناسبني، وبصراحة أنا أتطلع وبرغبة شديدة للعمل في إحدى المؤسسات الحكومية، ولرغبتي هذه أسباب منها ممارسة جانب مهني له علاقة بتخصصي الجامعي ثم الشعور بالطمأنينة والاستقرار الوظيفي، وفرص الحصول على ترقيات وظيفية تبدو أكبر».

تطوير الذات

كان حظ نهى كسواني خريجة كلية الإعلام والاتصال الجماهيري من جامعة الجزيرة بدبي، أفضل من زملائها، إذ إنها عملت في مجال تخصصها الدراسي أثناء سنوات الدراسة بالجامعة، الأمر الذي عزز من ارتقائها في وظيفتها وتقدمها وتمكنها منها، غير أنها لا ترى أي مانع من التحاق الخريج بأي وظيفة بغرض تطوير الذات والحصول على الفرصة السانحة للالتحاق بالوظيفة التي يحلم بها، مشيرة إلى أن بعض الجهات تطلب خريجي ثانوية عامة وترفض خريجي الجامعات بغرض تقليل رواتبهم.

وأضافت كسواني أن العمل ليس عيباً ولكن قلة الراتب وزيادة ساعات العمل فقط هو الذي يجعلنا نبحث عن البديل، فضلاً عن الرغبة في تطوير الذات والتطلع نحو الأفضل.

انتظار

ويذكر علي حسن الذي يحمل شهادة البكالوريوس، أنه انتظر أكثر من عامين ونصف العام دوره في طابور الحصول على وظيفة ملائمة لتخصصه ما أصابه بالملل والإحباط وعندما ترشح لوظيفة فوجئ بأنها لا تناسبه وهي ليست من اختصاصه ولا في مجال دراسته، أما الآن فقد حصل على وظيفة في جهة حكومية تتناسب مع طموحه وتخصصه.

ويوضح أن صديقه رفض الوظيفة التي عرضت عليه وتوفرت له، نظراً لجهله بها، مشيراً إلى أنه يفكر جدياً في التوجه إلى العمل في القطاع الخاص أو البدء بمشروعه الخاص إلا أن عدة عقبات تقف حائلاً بين تحقيق حلمه في الانطلاق بمشروعه الخاص أهمها نقص الإمكانيات.

بدورها تبين مها الهاشمي خريجة كليات التقنية العليا بامتياز في الموارد البشرية، والحاصلة على الماجستير من جامعة حمدان بن محمد الذكية، في القيادة التنظيمية بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف، أن بعض التخصصات الجامعية تتطلب انتظار الوظيفة المناسبة مثل الطب أو الهندسة أما التخصصات الإدارية فيمكن لصاحبها أن يوافق على أي وظيفة من أجل اكتساب الخبرة واللباقة وحسن التصرف والمهارات اللازمة للحصول على الوظيفة المناسبة، كما أنها ستساعده في كسب علاقات كثيرة للوصول للوظيفة المناسبة حسب اختصاصه.

دعم التوطين

أما الطالب سعيد أحمد من جامعة أبوظبي، فكان له رأي آخر، حيث أكد أنه سيقبل أي وظيفة لسببين أولهما أن يكتسب الخبرة اللازمة التي تؤهله لاحقاً للوصول إلى مبتغاه في وظيفة أفضل، والثانية أنه يرغب في دعم توطين الوظائف المختلفة ولا تكون حكراً على الجاليات الأخرى.

وقال: هذا وطننا ولا بد أن نخدمه في أي مجال كان لنرد له الجميل وألا نتطلع فقط للوظائف الإشرافية ونترك الأخرى لغير المواطنين.

66 %

ومن ناحيته يشير محمد عبد الله مدير عام مدينة دبي الأكاديمية العالمية ومجمع دبي للمعرفة إلى أن نحو 66% من الطلبة المواطنين أكدوا عزمهم الانتظار لحين الحصول على الوظيفة المناسبة، وذلك بحسب دراسة حديثة أعدتها مدينة دبي الأكاديمية العالمية بالتعاون مع شركة «أيون هيويد»، واستهدفت 900 طالب، في وقت أشار 34% منهم إلى عزمهم الالتحاق بأي وظيفة من أجل توفير متطلبات الحياة.

وعلق عبدالله: التعليم لا يقتصر على مساحة الحرم الجامعي، أو سنوات الدراسة، ولكنه عملية مستمرة تتجاوز المناهج الدراسية، لتبحث عن الأفضل في عالم أضحى فيه التعليم الذاتي داعماً قوياً للتحصيل العلمي الأكاديمي، وهو ما يجب أن يكون جلياً في عقول شبابنا.

ويتابع أن التعليم لم ولن يعطي حامله الحق بالحصول على وظيفة، ولكنه خطوة مهمة على طريق التأهيل لخوض الحياة، وتجهيز الشاب لإيجاد وظيفة، أو خلق واحدة، وهو لا يغني عن الاندفاع للتجريب واكتساب المهارات الريادية في مجالات شتى، فالتعليم العالي تجربة تغرق في التخصص، فيما يحتاج خيار تأسيس عمل خاص إلى مجموعة مهارات يمكن اكتسابها عن طريق التعليم والتدريب في مجالات متنوعة.

حملات توعية

ومن ناحيته أكد محمد السويدي اختصاصي نفسي بمنطقة دبي التعليمية، أهمية حملات التوعية بأهمية وقيمة العمل مهما اختلف مستواه وتنظيم الدورات التدريبية التأهيلية المجانية لتطوير وتنمية مهارات الشباب وتشجيعهم على العمل في كافة القطاعات ورفع الحوافز والأجور المخصصة لهم.

وأضاف: «لا توجد معايير للوظيفة المناسبة لدى الشباب سوى المكسب المادي، لذا لا بد من توعيتهم من خلال وضع معايير حقيقية ومقبولة للوظائف المناسبة»، لافتاً إلى أن معظم الطلبة يجبرون على الالتحاق بالجامعات في تخصصات لا يرغبون بها فقط من أجل الارتقاء المادي.

وأرجع السويدي أحد أهم الأسباب لانتظار الخريج للوظيفة المناسبة إلى الاتكالية والاعتماد على الغير منذ الطفولة وعدم القدرة على تحمل مسؤوليات الوظيفة، فضلاً عن مشكلة الرهاب الاجتماعي من مواجهة الحقيقة للواقع الوظيفي خوفاً من الفشل نتيجة لنقص الخبرة، لذا لا بد من إخضاع الخريجين لدورات تدريبية تؤهلهم لاختيار الوظيفة الملائمة، فضلاً عن إلحاقهم بدورات في فن الإتيكيت وكيفية إدارة الوقت.

 

القطاع الخاص أفق لتجاوز تحديات الواقع

شدد الدكتور محمد عبد الرحمن مدير كلية الدراسات الإسلامية والعربية بدبي، على ضرورة تظافر الجهود للقضاء على ظاهرة الانتظار لحين الحصول على الوظيفة المناسبة، والامتناع عن العمل، والسبب في ذلك أن قدرة القطاع الحكومي مهما كانت كبيرة في استيعاب الخريجين سيكون لها حدود، لذلك فإن على الشباب التوجه إلى القطاع الخاص الذي يعد من أهم ركائز الاقتصاد الوطني ويتم ذلك من خلال قيام المؤسسات التعليمية الجامعية على افتتاح دبلومات وبرامج مهنية يتم صياغة برامجها بما يتوافق مع احتياجات السوق المتجددة، حيث من شأن هذه البرامج اكتشاف مواهب الشباب التي لا يمكن رصدها خلال مراحل الدراسة كما يستطيع الشباب اكتشاف توجهاتهم المهنية، فضلاً عن ذلك فإن هذا النوع من البرامج يدفع الشباب إلى تبني مشروعاتهم الصغيرة والمتوسطة الخاصة.

تنويع الفرص

ولفت الدكتور عبد الرحمن إلى أن للكلية وكليات التقنية العليا تجربة ناجحة في تنويع فرص العمل من خلال برنامج إنجاز لتأهيل المواطنات لسوق العمل الذي يؤهل الخريجات لتغطية الوظائف المتوسطة والذي يعاني من عزوف المواطنين عنها وكانت النتائج مرضية جداً منذ افتتاح البرنامج في العام 2013 من خلال إعداد مساقات وبرامج تدريبية تضمن إقبال الخريجات لهذه الوظائف وهن راغبات في ذلك وكان التركيز فيه على القطاع الخاص أكثر من العام من خلال برامج توعية للدارسات بأهمية هذا القطاع ومدى تنوع الخبرات المكتسبة منه، الأمر الذي دفع حملة شهادات البكالوريوس للانتساب له نظراً لتنوع مساقاته التي تلبي حاجة السوق.

Email