قانونيون يؤكّدون ضرورة إدراج ضوابط قانونية في المناهج الدراسية

حسابات الأطفال عبر شبكات التواصل قنابل موقوتة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أكدت نخب قانونية أن إنشاء الأطفال والمراهقين لحسابات على شبكات ومواقع التواصل الاجتماعي بات خطراً يتهدد المجتمع في ظل قلة الوعي الاجتماعي والقانوني لدى هذه الفئة من تناقل وحيازة فيديوهات أو تصويرها وعرضها على الغير إذ يعتبر ذلك جريمة يعاقب عليها القانون.

ولفتوا إلى أن شريحة كبيرة من المراهقين والشباب لا تعي مخاطر تناقل صور وفيديوهات ينطوي بعضها على خطورة أو فعل خادش ومخالف لقيم المجتمع، مشددين على الحاجة الماسة إلى إدراج ضوابط قانونية في المناهج التعليمية سواء لطلبة المدارس أو الجامعات لتدارك هذه المعضلة لأن الشباب في سن المراهقة ليس لديهم وعي بالمسؤولية القانونية، في حالة نشر فيديوهات وأشياء مسيئة، أو أخبار كاذبة، أو صور تنتهك خصوصيات الآخرين.

شائعات

وأفاد هؤلاء القانونيون بأن هناك بعض الأشخاص يقومون بنشر شائعات وأخبار غير صحيحة، عن جهل بعواقب هذا التصرف، و بعضهم يفعل ذلك على سبيل المزاح، ويفاجأ بخضوعه للمساءلة القانونية.

وحذروا من مخاطر إنشاء حسابات إلكترونية لأطفال دون السن المحددة على شبكات التواصل، نظراً لعدم إدراكهم لبعض العواقب التي من الممكن أن يتعرضوا لها في حال نشرهم صوراً خاصة أو مقاطع فيديو قد تعرضهم للمساءلة القانونية، مؤكدين أهمية التوعية المبكرة في مراحل مبكرة في المدرسة بكيفية الاستخدام الآمن للإنترنت.

حياة

المحامية أميرة إبراهيم البستكي ترى أن التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي منها بصفة خاصة، أصبحت جزءاً ليس فقط من حياتنا بل وطريقة تفاعلنا مع بعض و للأسف أتت معها بالكثير من الممارسات الخاطئة التي بدورها تسببت بآثار سلبية على أفراد المجتمع حيث أصبح ضرورياً تعزيز الوعي القانوني و ثقافة احترام القانون بين افراد المجتمع لا سيما صغار السن منه الذين تنتشر نوعية هذه الجرائم بينهم بكثرة والتي تتضمن تصوير ونشر مقاطع فيديو من شأنها أن تمس الآداب العامة بقصد أم بدون قصد خاصة أن غالبية هذه الفئة وبسبب عدم وعيها القانوني لا تعلم أصلاً أنها اقترفت فعلاً مجرماً و تجدهم مذهولين عند تورطهم في قضية من هذا النوع فيتسببون لأنفسهم ولأسرهم بالمشاكل والمساءلة القانونية.

وإضافت البستكي أن المادة من قانون الجرائم الالكترونية 21 تنص على انه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر والغرامة التي لا تقل عن 150 ألف درهم ولا تتجاوز 500 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من استخدم شبكة معلوماتية، أو نظام معلومات إلكتروني، أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، في الاعتداء على خصوصية شخص في غير الأحوال المصرح بها قانوناً وبطريق: استراق السمع، أو اعتراض، أو تسجيل أو نقل أو بث أو إفشاء محادثات أو اتصالات أو مواد صوتية أو مرئية، أو عبر التقاط صور الغير أو إعداد صور إلكترونية أو نقلها أو كشفها أو نسخها أو الاحتفاظ بها، أو من خلال نشر أخبار أو صور إلكترونية أو صور فوتوغرافية أو مشاهد أو تعليقات أو بيانات أو معلومات ولو كانت صحيحة وحقيقية.

كما يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة واحدة والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم ولا تتجاوز500 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من استخدم نظام معلومات إلكتروني، أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، لإجراء أي تعديل أو معالجة على تسجيل أو صورة أو مشهد، بقصد التشهير أو الإساءة إلى شخص آخر، أو الاعتداء على خصوصيته أو انتهاكها.

رقص التصوع

المستشار القانوني أشرف صقر يرى في فيديو «رقص التصوع» مثالا وهو الذي انتشر كالنار في الهشيم مؤخرا، ويظهر فيها أبناؤنا طلبة المدارس والجامعات وهم يتمايلون بشكل غير لائق يخدش الحياء مثالاً للجهل بالقانون ومتى كان هذا الفعل غير القويم يتم تصويره ويتناقل بين فئات عديدة من الطلبة، الأمر الذي يثير بداخلهم النزعة إلى تقليده ونشر الفيديوهات الخاصة بكل منهم وهو يمارس فيها هذه الرقصات غير المنضبطة الأمر الذي يؤدي إلى تكرار الفعل والتحريض على سلوك يخالف الآداب العامة والنظام داخل مجتمع محافظ كالمجتمع الإماراتي، «مما يدعونا إلى أن نلقي نظرة سريعة على الموقف القانوني لمتداولي هذه الفيديوهات ومروجيها بين شبابنا».

وشدد صقر على أن المشرع تعمد تغليظ العقوبة خاصة في حالة تداول هذه المواد من خلال الشبكة المعلوماتية لسرعة التداول وسهولته، ما يحتم توعية شبابنا حتى لا يقعوا تحت طائلة القانون ويقع ما لا يحمد عقباه، وهو يحتاج إلى جهد جهيد من جانب الأسرة ومن القائمين على العملية التعليمية، بزيادة جرعات التوعية القانونية والاحتكاك العلمي بالشباب واحتياجاته ومناقشة الأمور بشفافية ووضوح وشرح العواقب الوخيمة من جراء الاستهتار بأمور قد تصل بمرتكبيها إلى غياهب السجون وهم في مقتبل حياتهم.

وأوضح أن المشرع في قانون العقوبات الاتحادي نص على عقوبة قاسية في المادة 361، 362 على مرتكبي مثل هذه الأفعال إذ جعل العقوبة الحبس لمدة 6 اشهر لكل من جهر علانية بنداء أو اغان أو صدر عنه صياح أو خطاب مخالف للآداب العامة أو حرض على ذلك، وكل من صنع أو صدر أو حاز أو أحرز أو نقل بقصد الاستغلال أو التوزيع والإعلان أو العرض على الغير أفلاماً أو رموزاً أو غير ذلك من الأشياء إذا كانت مخلة بالآداب العامة الأمر الذي يجعل من مجرد حيازة هذه الأفلام أو تصويرها وعرضها على الغير جريمة يعاقب عليها القانون بعقوبة تصل إلى ستة أشهر.

أما في حال تداول هذه المواد عن طريق الشبكة المعلوماتية بأي وسيلة «يوتيوب - فيس بوك - واتس اب - وغيرها» يوضح المستشار القانوني بأن الأمر بات اكثر تعقيداً إذ تصدى لها المشرع من خلال قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات فأوجب إنزال العقاب المشدد الذي يصل إلى عقوبة الحبس لمدة 3سنوات أو الغرامة 250 ألف درهم وذلك في المادة 17 منه على كل من بث أو أرسل أو نشر أو أعاد نشر عن طريق الشبكة المعلوماتية مواد إباحية......، وكل ما من شأنه المساس بالآداب العامة، وعاقب أيضا كل من أنتج أو أعد أو هيأ أو أرسل أو خزن بقصد الاستغلال أو التوزيع أو العرض على الغير مثل هذه المواد التي تخالف الآداب العامة، عن طريق شبكة معلوماتية بذات العقوبة.

أما المحامية أمل السبيعي فترى أن من يقومون بتصوير ونشر فيديوهات تنطوي على تجاوزات غير مقبولة لدى المجتمع الإماراتي، لا يقدرون قيمة الجرم المرتكب، كونه ينال من الموروث الأخلاقي والاجتماعي وبه ما به من مساس بالآداب العامة فهم عرضه للمساءلة القانونية والتحقيق من قبل الجهات المعنية، مطالبة الآباء بمراقبة أبنائهم للحد من تلك الممارسات الخاطئة.

ثقافة

بدوره قال الباحث القانوني ايهم المغربي إن جمعية الإمارات للمحامين والقانونيين ومكتب ثقافة احترام القانون في وزارة الداخلية يسعيان لنشر الثقافة القانونية وضوابط التوعية بين مختلف أفراد المجتمع وشرائحه العمرية والاجتماعية وغرس القيم والأخلاق والارتقاء بمستوى العلاقات الاجتماعية والسلوكية في المجتمع حفاظاً على مستقبل الأجيال القادمة والمكتسبات الوطنية من خلال قنواتهما على وسائل التواصل الاجتماعي وإقامة الندوات والمحاضرات والورش التدريبية.

وحذر المغربي من مخاطر إنشاء حسابات إلكترونية لأطفال دون السن المحددة على شبكات التواصل، نظراً لعدم إدراكهم لبعض العواقب التي من الممكن أن يتعرضوا لها في حال نشرهم صوراً خاصة أو مقاطع فيديو قد تعرضهم للمساءلة القانونية، مؤكداً أهمية التوعية المبكرة في مراحل مبكرة في المدرسة بكيفية الاستخدام الآمن للأنترنت.

وحمل المغربي الأهل مسؤولية كبيرة في تحصين أبنائهم من مخاطر شبكات التواصل الاجتماعي، لافتاً إلى أن بعض الدول تضع بروتوكولات، تقيد استخدام الأطفال لهذه الوسائل، لما تمثله من تهديدات عليهم.

وأضاف إن الشباب في سن المراهقة ليس لديهم وعي بالمسؤولية القانونية، في حالة نشر أشياء مسيئة، أو أخبار كاذبة، أو صور تنتهك خصوصيات الآخرين مضيفا أنه يجب التركيز على توعية أفراد المجتمع بالضوابط القانونية لاستخدام وسائل التواصل، لافتاً إلى أن البعض لا يعلم بأن تصوير شخص أو حفظ صورته على الأجهزة يمثل جريمة بموجب القانون الاتحادي رقم 5 لعام 2012 لمكافحة الجرائم الإلكترونية الذي نص على بعض الانتهاكات التي يعاقب عليها بالسجن أو الغرامة أو الترحيل.

 

حرية الفرد مرهونة بالتزام الآداب العامة

أكد المحامي جمعة بن مليح حرية الفرد بالقيام فيما يراه مناسباً في حياته، ما لم يخالف الآداب العامة والقوانين المعمول بها داخل الدولة، معتبراً أن العرف والتقاليد والموروثات الشعبية مصدر من مصادر التشريع القانوني.

ولفت بن مليح إلى أن «الأداب العامة تشكل ركيزة أساسية في حياة المجتمعات المختلفة، وتسهم في استقرار الأفراد في أوطانهم وتتضمن الآداب العامة أداب التعامل بين الناس في مختلف المواقف والأوقات في الزيارات والشارع والاستئذان والمواعيد والاجتماعات، والمجتمع الإماراتي مجتمع عريق له عاداته وتقاليده التي نشأنا وتربينا ومازلنا نحافظ عليها ونعتز بها حتى الآن على الرغم من التقدم والحداثة والرقي التي طرأت على الدولة في العقود الأخيرة».

وأضاف إن «الشباب الإماراتي هم الثروة الحقيقية للوطن وهم سفراء للدولة في مختلف المحافل الدولية والمحلية وظهورهم بصورة راقية يعود على الدولة بمردود حسن، والدولة تولي الشباب والنشء اهتماماً كبيراً وتوفر لهم كافة الوسائل العلمية والمعملية والرياضية والترفيهية حتى يقوموا بإفراغ كافة طاقاتهم الداخلية فيها وحتى يتمكنوا من أخذ الخبرات العلمية والحياتية في كافة المجالات ليواجهوا المستقبل بصدر رحب وهم مؤهلين ومسلحين بكافة أسلحة العلم والمعرفة».

وذكر أن بعض التصرفات كالرقص والاتيان بحركات غير لائقة لا تتناسب مع الآداب والذوق العام لدولة الإمارات العربية المتحدة ونشرها على كافة وسائل التواصل الاجتماعي ومقاطع اليوتيوب جريمة معاقب عليها بنصوص المواد 24و 28 و 44 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 5 لسنة 2012 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات وهي من الجرائم الماسة بأمن الدولة ويعاقب مرتكبوها بالحبس والغرامة التي لا تقل عن خمسمائة ألف درهم.

وطالب بن مليح وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة في الدولة أن تمارس دوراً مضاعفاً فيما يتعلق بتوعية الشباب والنشء وان تظهر لهم خطورة التقليد الأعمى لظواهر خارجية وافدة على مجتمعنا تختلف مع عاداتنا وتقاليدنا وآدابنا العامة اختلافاً يستعصي على الملاءمة والتوفيق.

كما شدد على دور الأسرة ومتابعتها للأبناء ونصحهم بالبعد عن مثل هذه الظواهر غير المناسبة لمجتمعنا وتربيهم على العادات والتقاليد الإماراتية الراسخة الناشئة من ديننا الإسلامي الحنيف.

Email