شكّل اجتياز امتحان »الآيلتس«، الذي يعد أحد متطلبات التحاق الطلبة بالجامعات، صداعاً مزمناً لعدد غير قليل من خريجي الثانوية العامة، إذ تشترط الجامعات الحصول على معدل لا يقل عن خمس نقاط من أصل تسع، وهو ما يعد شرطاً صعباً، على الرغم من أن بعض التخصصات الجامعية تكون الدراسة فيها باللغة العربية.

الأمر الذي لا يبرر اشتراط اجتياز الامتحان، بينما تلجأ المعاهد التعليمية الخاصة إلى الاستفادة المادية بشكل كبير، ما يرهق كاهل الأسر، فضلاً عن لجوء بعض الطلبة إلى شراء الشهادات بطرائق مخالفة تجنباً لهذه المعاناة.

3 مرات

وفي السياق؛ أوضح الطالب علي البلوشي أنه تقدم لامتحان »التوفل« 3 مرات ولم يتمكن من اجتيازه، فاتجه إلى »الآيلتس« ولم يجنِ فائدة بفعل صعوبته، ما اضطره إلى تغيير مساره التعليمي كاملاً متخلياً عن أحلامه الدراسية، وبدأ البحث عن وظيفة.

كذلك أوضحت الطالبة ليلى محمد أنها تخلّت هي الأخرى عن حلمها بالحصول على الشهادة الجامعية بسبب فشلها مرات عدة في اجتياز الاختبار، ما جعلها تشعر بخيبة أمل ومن ثم لم تكمل دراستها الجامعية.

كوادر إماراتية

وقال الطالب علي أحمد إنه تخرج في الثانوية العامة بتفوق من إحدى المدارس الأميركية، وأن حلم دراسة الإعلام كان يراوده منذ الصغر، و أنه حصل من جامعة الشارقة على منحة دراسية لدعم المهنة بالكوادر الإماراتية.

مشيراً إلى أنه اصطدم بحاجز »الآيلتس«، على الرغم من أن دراسة الإعلام في هذه الجامعة كان باللغة العربية فقط، ، وبالرغم من ذلك خاض الامتحان وحصل على 3.7 درجات، بينما طلبت الجامعة درجة لا تقل عن 4 لهذا التخصص.

وقالت نهى الكسواني إنها تقدمت لامتحان »التويفل« ثلاث مرات للالتحاق بإحدى الجامعات، ولم تحصل على الدرجة المطلوبة للالتحاق بدراسة الإعلام، فاتجهت إلى »الآيلتس«، وحصلت على درجة أقل من المطلوبة ، مشيرةً إلى أن الدراسة في هذا التخصص باللغة العربية، فما الداعي إلى اشتراط الحصول على مثل هذه الشهادات.

صعوبات شديدة

وأكد الطالب محمد الجسمي أنه واجه صعوبات شديدة في اجتياز الامتحان عندما أراد الالتحاق بجامعة الإمارات، لافتاً إلى صعوبة الاختبار لاختلافه عما درسه في المدرسة، مما اضطره إلى أن يخضع لبرنامج تدريبي مكثف قبل خوض الامتحان مرة أخرى.

ومضيفاً أنه يجب أن يتهيأ الطالب لهذا الاختبار منذ المراحل الثانوية، ويجب إضافة مادة مهارات اللغة الإنجليزية ضمن المناهج الثانوية، حتى لا يتعطل الطلبة عن الالتحاق بالجامعات، ومنعاً لتسربهم منها.

اختبار موازٍ

من ناحيته، أوضح الدكتور محمد أحمد عبد الرحمن، مدير كلية الدراسات العربية والإسلامية في دبي، أنه لا بد من أن نمكّن اللغة الأم جنباً إلى جنب اللغة الإنجليزية في المقررات والمناهج الدراسية في كل المراحل في التعليم العام والعالي، مشيراً إلى ضرورة استحداث اختبار موازٍ لـ»الآيلتس« للغة العربية.

وأضاف أن اللغتين يجب أن يسيرا في مسارين متوازيين لأهميتهما لمخرجات الجامعات، لافتاً إلى ضرورة إعادة طرح التخصصات بلغة الضاد عوضاً عن الإنجليزية في بعض التخصصات، مثل العلوم الإنسانية، والإعلام والتربية، والآداب، وذلك لأهميتها، ولتوافر المصادر والمراجع الخاصة بها بالعربية، على أن تتم دراسة العلوم الأخرى مثل الطب والهندسة بالإنجليزية، لكونها تتطلب ذلك.

مهارات الفصحى

وكشف الدكتور رشاد سالم، مدير الجامعة القاسمية بالشارقة، أن الجامعة تعتزم طرح اختبار في مهارات اللغة العربية بدءاً من الفصل الدراسي الحالي، يضاهي اختبار اللغة الإنجليزية »الآيلتس«، ضمن متطلبات الجامعة، بحيث تكون شرطاً للالتحاق بالقاسمية.

وكشف عن استحداث الجامعة نظاماً يشجع الأساتذة والطلاب على التحاور فيما بينهم داخل الحرم الجامعي بالفصحى، حيث وضع لذلك نظام حوافز يمنح الطلبة الملتزمين بها جوائز قيمة تصل إلى رحلات لأداء العمرة وزيارات للبلدان الإسلامية، فيما يحصل الأكاديمي الملتزم على الترقيات والحوافز التشجيعية.

تسهيلات جديدة

ومن ناحيته، أشار علي جابر، عميد كلية محمد بن راشد للإعلام، عن عزم الكلية وضع تسهيلات معينة ومعايير مختلفة لقبول الطلبة المواطنين إيماناً منها بأهمية مسألة توطين الإعلام، ودعم المهنة بالكوادر الإماراتية، من خلال تخفيض معدل القبول، وسد الثغرات في اللغة العربية والكتابة.

وأوضح أن شرط حصول طالب الإعلام على »الآيلتس« أو »التويفل« يعتبر أساسياً، لكون الإعلام يحتوي على برامج تستدعي الإلمام باللغة، مؤكداً أن الهدف منه الارتقاء بمستوى الطلبة والطالبات وإتقانهم اللغة الإنجليزية والمعارف العالمية، إضافة إلى تعزيز مهاراتهم فيها.

اختبارات بديلة

و قال سيف المزروعي، مستشار وزير الدولة لشؤون التعليم العالي، إن هناك تخصصات تدرس باللغة العربية، إلا أن شرط الحصول على درجة النجاح في اللغة الإنجليزية للقبول في مؤسسات التعليم العالي يعود إلى أن أغلب المراجع الحديثة لا تتوافر إلا بالإنجليزية، كما أن هناك شروطاً لجهات التوظيف تتطلب مهارات اللغة الإنجليزية، إضافة إلى أن الطالب كذلك يحتاج إلى أن يتسلح بها لدى تخرجه في الجامعة.

وأضاف أن الوزارة تعكف حالياً على إعداد اختبار بديل لاختباري اللغة، »الآيلتس« و»التويفل«، باسم »em sat«، وسيشمل إلى جانب مهارات اللغة الإنجليزية أيضاً اختبار مهارات اللغة العربية والرياضيات والعلوم، طبقاً لاحتياجات سوق العمل.

اختبار بديل

أكد سيف المزروعي مستشار وزير الدولة لشؤون التعليم العالي، أن اختبار »em sat« البديل لـ»الآيلتس« سيكون ذا مستوى يضاهي الاختبارات الدولية، لافتاً إلى أن نسبة عدم اجتياز اختبارات »التوفل« و»الآيلتس« في تناقص مستمر، خاصة في السنوات الأخيرة، ويعود ذلك إلى الجهود المبذولة من الوزارة لرفع مستوى خريجي التعليم العام.

مهارات

أوضح الدكتور رشاد سالم أن اختبار مهارات اللغة العربية في الجامعة القاسمية، يهدف لإتقان مهارات اللغة الفصحى الميسرة والاستخدام الأمثل لها كتابةً ونطقاً.

9 آلاف درهم كلفة المحاولة الواحدة

أوضح عدد من المعاهد التي تطرح »الآيلتس« و»التوفل«، أن الطالب لابد أن يخضع في البداية لاختبار تحديد مستوى، للوقوف على استعداده للاختبار من عدمه، وإذا اتضح أنه دون مستوى الاختبار، يتم إخضاعه لدروس تقوية بمستويات مختلفة، بحيث يستغرق كل مستوى 24 ساعة بتكلفة 1500 درهم.

وأكدت أن غالبية الطلبة يحتاجون إلى 3 و4 مستويات في المتوسط، ما قد يكلفهم 6000 درهم، ومن ثم يخضع الطالب لـ30 ساعة ضمن برنامج »التوفل« أو »الآيلتس« حسب اختيار الطالب، قبل أن يخوض الامتحان الذي يكلفه 3000 درهم، لتكون محصلة حصوله على شهادة اللغة 9000 درهم، فيما قد يفشل البعض ويضطر إلى إعادة التجربة مرات عديدة.

وأضاف الطالب عبد الرحمن أسامة أن بعض الطلبة يشترون شهادات مهارات اللغة الإنجليزية من بعض المعاهد التي تمنحها بطرائق غير شرعية نظير مبالغ كبيرة.

مشيراً إلى أن إلزام الجامعات للطلبة باجتياز هذه الاختبارات أدى إلى ظهور مثل هذه المخالفات، وأنهم لجأوا إلى ذلك بعد أن أخفقوا أكثر من مرة في اجتياز الاختبار وتحقيق المعدل المطلوب، نتيجة صعوبته وتعنّت بعض المعاهد التي تجده تجارة رائجة ويدر عليهم الملايين سنوياً، لكونه شرطاً أساسياً للحصول على المؤهل الجامعي.

وذكر أن الضغوط التي يوجدها اجتياز اختبار الايلتس على الطلبة ، أوجد طرقا وأساليب مخالفة، اضطر البعض للجوء إليها للتغلب على هذه الاشكالية، وهو ما ينافي الامانة العلمية، فضلا عن السماح بانتشار هذه المخالفات.

عبء كبير ووصف عدد آخر من الطلاب الجامعيين أن الامتحان لا يضيف جديداً لهم، خاصة أن حصيلته المعرفية تتطابق مع ما يحصلون عليه خلال سنوات الدراسة الجامعية أو في المدارس، خاصة التي تدرس المنهاج الأجنبي، مشيرين أن طريقة احتساب الدرجات تتم على نحو يجعل النجاح فيه أمراً تعجيزياً، إضافة إلى الكلفة المرتفعة نسبياً لخوض الامتحان التي قد تصل إلى 9000 درهم لمحاولة الاجتياز الواحدة، وأن هذا يمثل عبئاً كبيراً على أسرهم، لا سيما أن معظمهم يتقدمون للامتحان مرات عدة.