يُدوّن في مذكراته التحفيزية: لن أنتظر حتى أبلغ من العمر أربعيناً، أو أصبح وزيراً، فما دمت مواطناً على قيد الحياة سأبذل الغالي والنفيس من أجل مستقبل أفضل لبلدي، وسأجسد في كل يوم حقيقة المواطن المخلص..
هي كلمات تختزل الطموح في ذاته، وتنبئ بما يريده هذا الشاب ليومه وغده، وتُحرّك الدافع فينا للتفكُّر بما أصبح عليه اليوم وهو في منتصف العشرينات من عمره.
حكاية الإبداع هذه، بطلها زايد عبدالله العبدولي، شاب إماراتي من دبي، مسماه ضابط في السلك العسكري، وإنجازاته تتشعب وتطول؛ هو من ابتكر مشروع اللغة العربية لغير الناطقين بها، ونقله من كلية التقنية العليا في دبي، حيث البداية في تعليم أساتذته الأجانب في الكلية، إلى سنغافورة حينما أمضى وقتاً في دورة تدريبية هناك، وهو اليوم على أعتاب إطلاق فكرته القديمة المتجددة في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، التي لاقت إعجاباً ودعماً من قبل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله، ومعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، وهو ما منحه الثقة لاعتمادها على نطاق دولي واسع تحت مسمى: «المشروع الدولي لتعليم اللغة العربية».
الفارس والشاعر
زايد أيضاً هو بطل الإمارات في التايكواندو لتسع سنوات، وهو فارس وشاعر وذو عقلية ابتكارية تؤهله لتولي دفة القيادة والمسؤولية، كيف لا وهو الذي شغل مؤخراً عن جدارة واستحقاق مسمىً رفيعاً في مسلسل نجاحاته المتواصل، إنه «رئيس مجلس إدارة مجموعة الصحة والسلامة والبيئة في مجموعة دبي للجودة».. وللتذكير فإن عمره الآن 25 عاماً وحسب.
العبدولي يستحق لقباً يواكب مسيرته الإبداعية، ألا وهو «الباحث الصغير»، فقد أنجز خلال السنوات القليلة الماضية بحوثاً ودراسات عدة في مجالات متنوعة، نبدأ ببحثه الذي شمل مؤسسات كثيرة تحت مسمى «كنوز ضائعة»، وقد خلص فيه إلى جملة من الحقائق والتوصيات المهمة التي من شأنها أن تسعف الواقع المهني الحكومي بالمزيد من النجاحات محلياً وإقليمياً وعالمياً.
وفي مجال الطاقة وترشيد الاستهلاك للموارد، بادر زايد بتجربة شخصية نفذها في أحد المراكز الأمنية في دبي، وكانت التجربة الأولى والفريدة التي يتم تعميمها على مستوى المؤسسة ككل، وهي تسعى إلى تفعيل ملامح الالتزام السلوكي وتعزيز واقع المسؤولية الشخصية للمواطن تجاه بلده، حفاظاً على الموارد والإمكانيات، وتمكن زايد خلال فترة قصيرة جداً من إثبات جدوى المشروع بتوفيره مبلغاً كبيراً من المال، وهو ما يعني الكثير من الإيجابية على نطاق أوسع.
وفي مجموعة دبي للجودة، أطلق زايد بجهود ابتكارية شخصية، خطة متكاملة في مجال الطاقة (نظام الرقابة الموحد) تهدف إلى جعل دبي أفضل مدينة في العالم في مجال الصحة والبيئة. ولديه أيضاً منهجية في إدارة الطاقة في المؤسسات المختلفة، واستناداً إلى ذلك فقد تبنى أيضاً مشروع تصميم لجائزة الطاقة، ورفع هذا المشروع إلى المجلس الأعلى للطاقة. وهو كذلك صاحب مشروع ترشيد النفقات وزيادة الإيرادات على مستوى حكومة دبي، ويسعى إلى تقديمه إلى الجهات المعنية عما قريب.
وفي مجال آخر، آثر أن يطرق بابه باحثاً عن مستقبل أفضل، أنجز زايد دراسة متكاملة عن الاختراعات والمنتجات الإماراتية، وكيفية تفعيلها في الأسواق العالمية، ولديه خطة طموحة ترعى هذا التوجه، وتؤمن السبيل نحو هدف الثقة العالمية بالمنتجات الإماراتية.
كما واندمج العبدولي في فكرة نوعية أخرى، وهي دراسة طموحة يمكن أن تؤتي ثماراً نادرة على مستوى الدولة، والتي تتلخص في سيارة كهربائية تجد لها مكاناً في شوارع الإمارات، تستخدم أنظمة ذكية تساهم في تخفيف الانبعاثات الكربونية. واستند زايد إلى تجربة اليابان في هذا الخصوص، إذ تفوق نسبة السيارات الكهربائية فيها الـ 50%.
مشروع
يقول زايد إن هذه الدراسة التي يضع بصماته الشخصية عليها، تقترب من مراحلها النهائية، وهي مشروع متكامل يتطرق حتى للتصور المثالي للسيارة من ناحية التصميم والدفع بالماء والهواء وما إلى ذلك من الأمور الفنية. مؤكداً أنه سيقدم دراسته في أقرب وقت إلى المجلس الأعلى للطاقة، بهدف التفكير بهذا المقترح وتقريبه من النهج التطبيقي على أرض الواقع، خصوصاً وأن الإمارات تعد من أكثر دول العالم في نسبة البصمة الكربونية.
زايد العبدولي يشغل كل ساعة من يومه في وظيفته الرسمية أو مسمياته المهنية الاختيارية الأخرى، بما يحقق الفائدة، ويترجم بصدق الحقيقة الإيجابية للمواطن الصالح، وللوقت عنده قصة أخرى، فالإنسان كما يقول إن أمعن التفكير قليلاً سيجد أنه لا يمتلك سوى الوقت، لذا تجده يخصه في مذكراته الطويلة بجملة: «الوقت لن ينتظرك، فأنت أولى ألا تنتظره».. وبها نختم.
تايكواندو وتركيز
للتايكواندو مع زايد حكاية أخرى من التميز، فالعبدولي تربع على عرش الريادة فيها تسع سنوات متتالية تحت مسمى (بطل الإمارات).. منذ كان صغيراً في عمر سبعة أعوام بدأ يتدرب في هذه الرياضة، وسرعان ما التحق بمنتخب الأشبال، ثم انتظم في معسكرات دولية. وقد شارك زايد في بطولات دولية عدة، وأحرز ألقاباً على مستويات محلية وعربية، وهو يحتفظ إلى الآن بطموح بطل العالم حتى يرفع علم الإمارات في موعد مع منصة تتويج مرموقة.
يقول زايد: التايكواندو رياضة ممتعة، فقد علمتني الكثير لحياتي، وصقلت في نفسي معنى التركيز في اتخاذ القرارات، أما أنا فسأستمر، ولن يوقف طموحي سوى الموت.


