إثر دعوى ضد موظفة بنك استولت على أرصدة أحد العملاء بمساعدة 12 شخصاً

«تسوية المنازعات» تنجز قضية مصرفية بقيمة 21.4 مليون درهم

ت + ت - الحجم الطبيعي

أنجزت إدارة الخبرة وتسوية المنازعات في ديوان صاحب السمو حاكم دبي، قضية مصرفية، أقامها أحد البنوك العاملة في الدولة، ضد موظفة كانت تعمل لديه، وعدد من الأشخاص من خارج البنك، بدعوى أن الموظفة المدعى عليها، قامت بالإضرار عمداً بسمعة ومصالح وأموال البنك، وأنها تمكنت من الاستيلاء على أرصدة أحد عملاء البنك، بمساعدة 12 شخصاً من خارج البنك، بقيمة 21.4 مليون درهم، حيث أفاد البنك بأن الموظفة استغلت الصلاحيات الممنوحة لها من خلال وظيفتها بالبنك، وقامت بإيهام موظفي البنك بأنها مسؤولة عن حسابات أحد عملاء البنك، وأنها مخولة من العميل بالقيام بكافة التعاملات على حسابات العميل، سواء سحباً أو إيداعاً، وأنه بعد تشغيل حسابات العميل لفترة زمنية، وردت شكوى للبنك من العميل، بوجود شكوك لديه بشأن بعض التحركات التي تمت على حساباته.

وبناء على ذلك، قام البنك المدعي بتكليف الإدارات المعنية لديه لإجراء تحقيقات موسعة بهذا الشأن، وفحص ودراسة حسابات العميل خلال الفترة موضوع الشكوى، وتبين إساءة استغلال الصلاحيات من قبل الموظفة المدعى عليها، نتج عنه إجراء تحويلات بمبالغ كبيرة من حساب العميل لصالح باقي الأشخاص المدعى عليهم من خارج البنك، والذين تربطهم علاقات مع الموظفة المدعى عليها.

إفراط في الصلاحيات

وتفصيلاً، أفاد هاشم سالم القيواني مدير إدارة الخبرة وتسوية المنازعات بديوان صاحب السمو حاكم دبي، بأن ما حدث كان نتيجة الإفراط في منح الصلاحيات لبعض الموظفين، دون وجود نظام رقابي فعال، يمكن من خلال اكتشاف أي أخطاء أو تلاعبات من قبل أي من الموظفين، حيث إنها تتعلق بموظفة في البنك، تدرجت بالوظائف، إلى أن أصبحت مسؤول قسم المبيعات، حيث قامت باستغلال وظيفتها وعلاقاتها المباشرة مع عملاء البنك، بإيهامهم بأنها مسؤولة عن متابعة حسابات أحد العملاء، وأنها تمثل العميل في كافة تعاملاته مع البنك، كما قامت بتسخير عدد من الأشخاص من خارج البنك المدعي، لتنفيذ مخطط الاستيلاء على أموال العميل.

وبعد إحالة الدعوى لإدارة الخبرة، قامت بتكليف أحد خبرائها المختصين لدراستها وإبداء الرأي بشأنها، وقد واجه الخبير أثناء البحث والدراسة، بعض الصعوبات، تمثلت في وجود بعض الأشخاص خارج الدولة، وانقضاء فترة زمنية على تلك التحويلات، ما حدا به إلى إجراء دراسات تفصيلية لحسابات العميل، وكافة التعاملات والتحويلات التي تمت عليها، والتحقق من أنها كانت نتيجة لعلاقات تجارية حقيقية بين المدعي والمستفيدين منها أم لا، فضلاً عن تتبع الحسابات البنكية للموظفة، والباقيين من خارج البنك، للوقوف على مدى وجود دور للموظفة في تلك التحويلات والتعاملات، ومدى استفادتها مع باقي الأشخاص من ذلك، والأضرار التي لحقت بالبنك والعميل جراء تلك التحويلات.

منهج البحث

وأوضح هاشم القيواني، أنه تم اعتماد منهج بحث يستند على تحليل موضوع الدعوى، وتحديد الفترة التي حدثت فيها، وحصر التعاملات التي تمت على حسابات العميل والإجراءات المصرفية المتبعة من قبل موظفي البنك المدعي، أثناء تنفيذ تلك التعاملات، ومدى توافقها مع الأصول والأعراف المصرفية، وتحديد دور كل موظف، ومنهم الموظفة، ودور الأشخاص من خارج البنك، والذين ساهموا في الاستيلاء على أموال العميل، كما عقد الخبير المكلف، العديد من الاجتماعات مع الأطراف ووكلائهم ومناقشتهم في المستندات المتعلقة بذات الشأن.

كما قام بالانتقال إلى مقر البنك للاطلاع على الإجراءات المعمول بها لدى البنك، ومدى توافقها مع التعليمات والقوانين الصادرة من المصرف المركزي، حيث تبين أن الموظفة كانت تعمل في أحد فروع البنك بوظيفة مسؤول مبيعات، وكان من دورها استقطاب عملاء للتعامل مع البنك، وأنها استغلت الصلاحيات الممنوحة لها بحكم وظيفتها، فضلاً عن ثقة أحد العملاء بها عند تقدمه بطلبات فتح حسابات لصالح عدد من شركاته لدى البنك، حيث قامت الموظفة بإدراج اسمها كمسؤولة عن حسابات العميل، وهو ما نتج عنه إيهام موظفي البنك، وتعاملهم مع الموظفة باعتبارها تمثل العميل في كافة تعاملاته لدى البنك.

اكتشاف التلاعبات

وذكر القيواني أنه من خلال دراسة الموضوع، تبين أن البنك قام بإجراء تحقيقات داخلية من قبل المختصين لديه في الشكوى المقدمة من العميل، بعد استلامه كشوف من البنك، والتي ورد بها التعاملات التي تمت على حسابات شركاته المفتوحة لدى البنك، حيث بتدوين اعتراضه بشأن بعض التحويلات البنكية التي تمت على تلك الحسابات دون علمه أو موافقته عليها، ودون تعليمات صادرة منه، تتعلق بتنفيذها، وأنه نتج عن تلك التلاعبات، الاستيلاء على أمواله، حيث قام البنك بإجراء تحقيق مع الموظفة المدعى عليها، وبعد التوصل إلى بعض الملاحظات عليها، تم إيقافها عن العمل، والتقدم بدعوى ضدها، نسب إليها البنك قيامها باستغلال الصلاحيات الممنوحة لها، والاستيلاء على أموال العملاء.

وكشف القيواني أن الخبير المكلف، قام بدراسة المستندات المتعلقة بهذا الشأن، وتبين له وجود بعض المخالفات المتعلقة بحسابات العميل، ومنها إدراج اسم الموظفة ورقم هاتفها وبريدها الإلكتروني، ضمن طلبات فتح حسابات العميل، كمسؤولة عن تلك الحسابات، كما تبين أنه بعد فترة من تشغيل تلك الحسابات، تم إجراء تعديل عليها، حيث تم إلغاء وحذف رقم هاتف العميل المدون في طلبات فتح الحسابات، وإدراج رقم هاتف آخر يعود لأحد الأشخاص، وفقاً لما أظهرته كاميرات المراقبة المثبتة لدى البنك، باعتباره مفوضاً من العميل، خلافاً للواقع، وهو ما نتج عنه حجب كافة الرسائل النصية التي كانت ترسل من البنك على رقم هاتف العميل الشخصي، بشأن التحويلات التي تمت على حساباته، حيث تم إجراء العديد من التحويلات على حسابات العميل، دون أن يستلم أي رسالة نصية من البنك بتأكيد تنفيذها، لأن الرسائل كان يتم إرسالها إلى شخص آخر، الأمر الذي أدى إلى عدم اكتشاف العميل للتلاعبات التي تمت على حساباته، حتى تاريخ استلامه لكشوف تفصيلية من البنك المدعي بشأنها.

كما أنه بدراسة حسابات الأشخاص من خارج البنك، تبين استلامهم مبالغ تم تحويلها إليهم من حسابات العميل، وبمناقشة الموظفة بهذا الشأن، نفت وجود أي علاقة لها بهؤلاء الأشخاص، إلا أن الخبير قام بتتبع تواريخ التحويلات التي تمت على حسابات العميل خلال مدة (5) شهور، وتبين القيام بعد استلامهم أموال من حسابات العميل، بتسليم جزء من تلك الأموال إلى الموظفة، وهو ما يفيد وجود علاقات وتعاملات مالية بينهم، خلافاً لما أفادت به الموظفة التي لم تستطع تبرير تلك التعاملات، والتي تمت بالتزامن مع تواريخ التحويلات من حسابات العميل.

ولمزيد من التحقق، قامت الخبرة بدراسة المستندات الخاصة بتلك التحويلات، حيث تبين قيام بعض الأشخاص بتقديم فواتير وطلبات شراء وسندات تسليم وهمية للبنك، بهدف التغطية على تلك التحويلات، ولإيهام موظفي البنك بوجود تعاملات تجارية مع العميل، وأن الأخير طلب بضائع منهم، وأن المبالغ المطلوب تحويلها من حسابات العميل إليهم مقابل سداد قيمة تلك البضائع، وبعد الدراسة والبحث، تبين وهمية تلك المستندات، وأنه تم الاستيلاء على أموال العميل دون وجه حق، حيث تم حصر المبالغ التي تحصلت عليها الموظفة وباقي الأشخاص من خارج البنك المدعي بإجمالي قدره (21.4) مليون درهم.

إجراءات

بذلك، قامت الإدارة بالانتهاء من أعمال الخبرة والتوصل إلى حصر التحويلات التي تمت من حسابات العميل وتواريخها، وآلية تنفيذها، ودور الموظفة والباقين من خارج البنك، وعددهم (12) شخصاً، ومدى استفادة كل منهم من قيمة تلك التحويلات، وفك الرموز، والتوصل إلى نتيجة دقيقة مسندة بالثوابت.

وأشار هاشم سالم القيواني، إلى أن هذا النوع من المشاكل ومثيلتها، تنتج من ضعف أنظمة الرقابة المتبعة داخل بعض الشركات والمؤسسات، فضلاً عن منح صلاحيات غير محدودة لبعض الموظفين دون مبرر، ما قد ينتج عنه إساءة استغلال تلك الصلاحيات من قبل البعض منهم، وتفادياً لذلك، يتعين قيام الشركات والمؤسسات بتحديد الوصف الوظيفي لكافة الموظفين بصورة واضحة، خالية من الالتباس، على أن يتضمن ذلك الوصف مسؤوليات ومهام وواجبات كل موظف بصورة واضحة، مع ضرورة الحد من التداخل في الاختصاصات الوظيفية، فضلاً عن تفعيل وتقوية النظام الرقابي لدى الشركات، تجنباً لظهور تلك النوعية من الدعاوى مستقبلاً.

Email