المسؤولية القانونية في حادث وفاة طفل الحافلة تقع على السائق ثم المشرف ثم المركز

دعوة إلى توظيف التقنيات الحديثة للحفاظ على سلامة الأطفال داخل المركبات

ت + ت - الحجم الطبيعي

أهاب اللواء خليل إبراهيم المنصوري مساعد القائد العام لشؤون البحث الجنائي في شرطة دبي، بالآباء والأمهات، وسائقي حافلات الطلبة والمراكز المختلفة، إلى أخذ الحيطة والحذر من نسيان الأطفال داخل المركبات، والحافلات، واتباع إجراءات الأمن والسلامة الكفيلة بالحد من مثل هذه الحوادث، محذراً في الوقت عينه من تراخي «البعض» وإهماله في هذه الاحتياطات العامة وحماية الأبناء، وترك الأطفال بمفردهم داخل المركبات في جميع الحالات، لما في ذلك من خطورة على سلامتهم وأرواحهم، في وقت أكد فيه ضرورة أخذهم حتى كان التوقف لدقائق قليلة، وشدد اللواء المنصوري في تصريحات لـ«البيان» على أهمية توظيف التقنيات الحديثة وحلول الذكاء الاصطناعي لحماية الأطفال من خطر نسيانهم أو تركهم في المركبات والحافلات، ناصحاً بتركيب مجسات وأجهزة استشعار داخل وسائل النقل الشخصية والعامة، وربطها بالهاتف المتحرك للسائق سواء كان موظفاً أم ولي أمر، لتنبيهه بجرس أو رسالة، في حال نزوله من المركبة وإغلاقها في الوقت الذي يكون داخلها أطفال أو أي أجسام أخرى، أو باستخدام تقنيات أخرى تمنع إقفال المركبة أو إغلاق نوافذها ما لم تكن خالية من الركاب.

 اعتياد
وعقَّب اللواء المنصوري خلال التصريحات على حادث وفاة الطفل محمد فرحان فيصل داخل حافلة نقل طلبة مركز تحفيظ قرآن في الإمارة قبل بضعة أيام بعد تركه منسياً داخلها، بالقول إن التحقيقات الأولية دلت على أن الطفل اعتاد على مدار الأسبوع الذي سبق حادث الوفاة، على النوم داخل الحافلة أثناء ذهابه إلى مركز التحفيظ، وأن زملاءه الطلبة كانوا يوقظونه يومياً وقت نزولهم من الحافلة، باستثناء يوم الحادث، حيث ظل نائماً ومنسياً إلى أن تم اكتشاف أمره من قبل الطلبة أنفسهم بعد عودتهم إلى الحافلة للذهاب إلى منازلهم.

وأوضح أن الطفل كان يعاني من فقر دم قبل الحادث، وأن الطبيب الشرعي الذي توجه إلى الحافلة لمعاينة جثته وقت ورود البلاغ، «رجح» تعرضه لحالة إعياء بالغة نتيجة ارتفاع درجة الحرارة داخل الحافلة المغلقة، وإصابته بإغماء، وهو ما تسبب في وفاته، خصوصاً وأن الحافلة كانت متوقفة في ساحة رملية بالقرب من مقر سكن السائق لساعات طويلة.

وأشار إلى أن التحقيقات بينت كذلك أن ثمة مشرفاً مساعداً لسائق الحافلة كان يعمل بصفة تطوعية من دون راتب شهري، في متابعة طلبة المركز أثناء نزولهم من الحافلة صباحاً، وكذا خلال صعودهم إليها بعد انتهاء الدوام للعودة إلى منازلهم، وأنه لم يقم بواجبه يوم الحادث في التأكد من خلو الحافلة من الطلبة بعد نزولهم للمركز، بمن فيهم الطفل محمد، و«هو ما يضعه في دائرة المسؤولية القانونية أسوة بالسائق، نتيجة الإهمال الذي أدى إلى الوفاة» على حد قول اللواء المنصوري الذي أوضح أن المذكوريْن موقوفان بأمر من النيابة العامة، التي تقوم بدورها الآن في عملية التحقيق في القضية لإحالتها إلى القضاء بعد اكتمال ملفها.

وقال: «حتى لو أن المشرف متطوع، ولا يتقاضى راتباً شهرياً، فإنه مسؤول عن إهماله، والإخلال بأداء واجبه في مراقبة الطلبة أثناء نزولهم من الحافلة أمام المركز، وأثناء صعودهم إليها، والتأكد من خلوها من الطلبة بعد مغادرتهم، تفادياً لوقوع حوادث مشابهة لهذا الحادث».

وتابع: أكثر ما يكون سبباً في ترك الأطفال في المركبات والحافلات، وتعرضهم لحالات إعياء شديدة ووفاة، هو الإهمال، سواء كان من قبل سائقي ومشرفي الحافلات، أو حتى من الأهالي، وفي كلتا الحالتين، فإن المتورط بها مسؤول أمام القانون والقضاء، لأن اصطحاب الأطفال في المركبات والحافلات يحتاج إلى حيطة وحذر وعدم إهمال أو انشغال، واتباع لإجراءات السلامة والوقاية، حتى لا نتفاجأ بمثل هذه الحوادث التي حذرنا منها مراراً وتكراراً، ونبهنا إلى عواقبها، خصوصاً أنها متعلقة بالأرواح.

مسؤولية مشتركة
من جانبه، قال المحامي علي مصبح، إن خبر وفاة الطفل محمد آلم الجميع وخاصه أولياء الأمور، معرباً عن أسفه من تكرار مثل هذه الحوادث، مؤكداً

أن قوانين الدولة كفلت للأطفال حق الحماية والرعاية من قبل القائمين عليهم، وشدّدت العقوبة على كل من عرّض طفلاً للإهمال والخطر.

وفيما يتعلق بالمسؤولية القانونية لكل من السائق والمشرف المتطوع ومركز التحفيظ نفسه، قال مصبح لـ«البيان»: «الكثير يتساءل من المسؤول عن التسبب وفاة الطفل، لكن السائق هو المسؤول بالدرجة الأولى لأنه قائد الحافلة، ومسؤوليته تتحدد في الأمن والسلامة أولاً، وهي وصول الطلاب إلى المركز والتأكد من سلامتهم لعدم تعرضهم لأي حادث أو مكروه، وثانياً مطلوب منه تسليم الأمانة إلى المدرسة، وهي الطلبة منذ لحظه خروجهم من البيت إلى حين دخولهم المدرسة.

إجراءات السلامة
وبين المحامي مصبح أن إجراءات الأمن والسلامة تطال أيضاً مشرف الحافلة، الذي هو مسؤول عن الطالب في استلامه من البيت، والتأكد من دخوله الحافلة والجلوس بشكل آمن والتأكد من عدم حدوث أي عقبات حتى وصول الطالب إلى المدرسة، وأيضاً التأكد من عدد الطلاب المرافقين له في الحافلة ونزول العدد نفسه منها، وفي حال إصابة أي طالب في رحلة الذهاب أو العودة على سائق الحافلة التوجه فوراً لأقرب مستشفى لعلاجه ورعايته طبياً حتى وصول ولي أمره واستلامه منه شخصياً.

وبشأن مسؤولية المركز قال المتحدث نفسه: تبدأ مسؤولية مركز التحفيظ منذ لحظة نزول الطالب من الحافلة إلى فناء المركز وخلال فترة دراسته إلى لحظة تحرك الحافلة من باب المدرسة، وبالتالي تكون المسؤولية مقسمة بحسب المكان الذي يكون فيه الطالب والشخص المكلف بحمايته ورعايته والحفاظ على أمنه وسلامته.

وأكد المحامي علي مصبح أهمية وضع الحلول المناسبة والجذرية لتفادي هذه الحوادث، من ضمنها: تعليم الأطفال إجراءات الأمن والسلامة وحماية بعضهم البعض، ووضع حساسات على جميع المقاعد في حالات إغلاق الحافلة ليتأكد السائق من أن الكراسي جميعها خالية من الأشخاص، ووضع مبرد للحافلة يعمل على الطاقة الشمسية ويفتح أجهزة التبريد كل نصف ساعة حتى يحافظ على درجة الحرارة الداخلية للحافلة في حالة توقفها أثناء فترة الصيف الحار.

كما اقترح وضع أجهزة بخاخ للأوكسجين تعمل على ضخه في حالة توقف الحافلة وتمنع حدوث أي اختناق لأي طفل يكون موجوداً لوحده، وضرورة تواصل إدارة المركز أو المدرسة مع أولياء الأمور في حال تغيب الطالب عن الحضور، مع التأكيد على دور المشرف في القيام بجولة تفقدية قبل مغادرته للحافلة للتأكد من خلوها من الطلبة.

 

Email