التفكك الأسري يُغرق شاباً في دوامة الإدمان

ت + ت - الحجم الطبيعي

أحمد ليس حالة فريدة فهو مثل كثيرين ضحية التفكك السري والذي قد يدفع ضعفاء البنية النفسية إلى الانحراف عن المسار والالتحاق بركب الإدمان ومخالفة القيم الإنسانية.. صادف أحمد في رحلة تعافيه من الإدمان الكثير من الأمور فهو الشاب الذي تعافى مرة وعاد مرة أخرى وجرب مرارة السجن مرتين بعد أن تحول من مدمن إلى بائع مخدرات، كما شاهد موت صديقه أمام عينه وهو الذي جذبه لعالم الإدمان ليقتنع أن التعافي والابتعاد عن طريق الإدمان هو النجاة إلى حياة هادئة بلا عذابات.

لم أجد أماً تحنو علي أو أباً يتابعني ويوجهني ولم يرضني الواقع الذي كنت أعيشه، بهذه الكلمات بدأ أحمد الذي أقلع عن الإدمان حديثه، مستطرداً: «نشأت في بيت جدتي التي كانت تعاني من تدهور حالتها الصحية بعد أن تركتني والدتي وعادت إلى موطنها وتركني والدي وتزوج بأخرى، فحرمت من حنان الأم ورعاية الأب الذي لم يكن يريد رؤيتي وغير رقم هاتفه وكان يكتفي بإرسال الأموال كل شهر»، وتابع: «حاولت جدتي تعويضي عن فقدان الأسرة إلا أن اعتلال صحتها جعلني لا أحب المكوث في البيت وامتنعت عن الذهاب للمدرسة بعد أن تعرفت على شباب أكبر سناً مني ودعوني إلى إحدى الجلسات وهناك بدأت أول جرعة تعاطي للمخدرات ولم أكن أكملت 14 عاماً».

أضاف: «لم تلاحظ جدتي أنني تركت المدرسة، وكنت أوهمها بأنني أذهب إلى المدرسة لمدة سنة تقريباً، وبدأت أطلب مزيداً من الأموال بحجة أنني أحتاج دروساً خصوصية ولم تبخل علي، ومع الوقت طلب مني رفاق السوء توزيع المخدرات على بعض الزبائن لجني المال ووافقت»، ومرت أشهر كان أحمد يتعاطى يومياً حتى ألقي القبض عليه أثناء إحدى المرات بعد أن اتضح أن أحد الزبائن عنصر من الشرطة، وحكم عليه بالسجن، ورفض والداه رؤيته وزيارته في السجن، وخلال قضاء مدة العقوبة تم إخضاعه لبرنامج تأهيلي وتمكن من الإقلاع عن الإدمان وأنهيت فترة العقوبة، وبعد خروجه من السجن حاول الالتحاق بالتعليم مرة أخرى عبر مساعدة أحد الأقارب الذي استعانت به جدته.

وخلال السنة الأولى التقى أحمد بالعديد من الأصدقاء القدامى الذين حاولوا الزج به مرة أخرى في عالم الإدمان وقاوم إغراءاتهم، حتى قابله أحدهم وأوهمه أنه أقلع عن الإدمان وأنه يريد فقط صداقته، يقول أحمد: «دعاني هذا الصديق إلى جلسة أصدقاء بلا مخدرات ولكنني فوجئت هناك بأنها ليست كذلك وتعاطيت مرة أخرى وشعرت بندم شديد وأقدمت على الانتحار وتركت بيت جدتي وانتقلت للعيش مع أحد الأصدقاء الذي أعادني إلى تعاطي المخدرات والاتجار بها، وللمرة الثانية ألقي القبض علي ووضعت في السجن أعاني من ويلات الانتكاسة»، يتابع أحمد وقد بدت على ملامحه علامات الندم والأسى: «مات أحد أصدقائي الذي جذبته إلى الإدمان أمام عيني بسبب جرعة زائدة وعاهدت نفسي أن أترك الإدمان مهما حصل فقد خسرت حياتي ولم يعد لي مكان أذهب إليه ولا عمل اقتاد منه».

وينهي حديثه قائلاً: «خرجت من السجن مرة أخرى ومزقت الماضي وانتقلت إلى العيش في إمارة أخرى بعيدة، وبحثت عن عمل وكان الله رحيماً معي فقد حصلت على وظيفة بائع في أحد المحال براتب بسيط ولكنه يكفيني، وفي كل ليلة كنت أنظر إلى عمري الذي قارب على الثلاثين بلا هدف ولا أمل ولا حياة أشعر بالندم الشديد وأحاول جاهداً أن أخلق داخلي إنساناً آخر».

Email