تفاخر بالتعاطي فاصطادته «الأشباح»

ت + ت - الحجم الطبيعي

لقاءات متفرقة جمعت أبو شهاب بالعديد من مروجي المخدرات والمدمنين المحترفين، خلال رحلات السفر المتعددة إلى إحدى الدول الخليجية، حيث صارحهم بدافع التفاخر والتباهي أنه مدمن على المخدرات منذ أكثر من 24 عاماً.

كان أبو شهاب يعتاد الجلوس مع مجموعته الصغيرة يومياً، وخوض المغامرات المثيرة والتي ترفع من سقف فضولهم للعديد من التجارب السحرية، التي كانت تمتلك القدرة على تغييبهم عمن حولهم لساعات طويلة ومن ثم تهبط بهم إلى أرض الواقع وبين الناس دون أن يتذكروا أين كانوا أو ماذا فعلوا.

يسرد أبو شهاب تفاصيل هذه الليلة ويستحضرها وفي القلب غصة أين كان عقله حين تلقى ممتناً «هدايا السموم»، وأخذ لفافة بيضاء مليئة بالهيروين وبكامل إرادته، «اليوم معنا بلغت مستوى آخر من مستويات الإدمان، لا يمت لذكريات طفولتك بصلة»، هذا ما قاله صاحب اللفافة مجاملاً وتأكيداً على دخوله هذا النفق لسنوات، والذي فقد في ظلامه الدامس، شخصيته وتجرد من مشاعره الحقيقية المحبة للعائلة والأهل والأصدقاء، وانضمم إلى فريق الأشباح!

متنقلاً بين حقول المواد المخدرة بداية من الهيروين أو الكوكايين، إلى حبوب السعادة المحظورة قانونياً ويطلق عليها اسم «إكستاسي»، خسر أبو شهاب الكثير من الأصدقاء وبات ضيفاً ثقيلاً في مجالس العائلة ومنبوذاً في كثير من الأحيان بإرادته عن «جمعة العائلة».. زوجته أثقلتها الهموم ولكنها قابلت جفاءه بالصمت، فهي تسمع أن المدمنين مجانين فاقدون العقل والدين، فكانت تقابله حين يعود إلى المنزل بالكثير من الدموع والصبر والقليل من الكلام لحماية نفسها ومن في المنزل.

لم يتعرض أبو شهاب للسجن كثيراً، فقد كان حريصاً على ألا يبحث بنفسه عن المخدرات بين الأوكار والموزعين العشوائيين، وفضل التعامل مع مروج محترف يقبض أموالاً أكثر، فهذا يضمن له سرعة وسلامة وصول الشحنة المطلوبة، ولكن للأسف كانت بقايا إنسانيته تهاجمه من حين إلى آخر حين ينظر إلى أطفاله، أو يحاول أن يقترب منهم فينفروا ويتحاشوا النظر إلى أبيهم، فقرر في مرات متعددة وعن غير اقتناع كغيره من المدمنين أن يهجر المخدرات وتردد على العديد من مراكز العلاج في الدولة، وكان في كل مرة يعود إلى نقطة الصفر، بالبحث عن حيل جديدة للحصول على المخدر.

أخيراً قرر أن يتعافى بجدية، لأن الجميع بات يكرهه ويرفضه، فقرر بحزم هذه المرة أن يخوض رحلة التعافي بصحبة مركز إرادة لعلاج الإدمان، هناك تعلم مبادئ التعافي، كما كان الأخصائيون يعقدون معه جلسات تأهيلية يومية، وعلى مدار 6 أشهر، كان يجاهد نفسه ساعياً لطرد بقايا ذلك الكابوس الذي دمّر حياته، وبعد انضمامه لفريق المتعافين الجدد وبفضل القائمين على المركز، استعاد أخيراً حياته وعائلته.

Email