أسرة المغدور تبكي «فرحاً وألماً».. والمدان سليم عقلياً

الإعدام لقاتل عبيدة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أصدرت الهيئة القضائية في محكمة الجنايات في دبي، أمس، حكمها في قضية نضال أبو علي، المتهم بقتل الطفل عبيدة، وقضت بإعدامه بعد إدانته بالتهم الموجهة إليه وهي الخطف والاغتصاب والقتل والتخلص من الجثة في الخلاء، مؤكدة أن المدان سليم عقلياً ما يستوجب هذا الحكم، كما قضت بإلزامه بدفع التعويضات المدنية المقدرة بـ 21 ألف درهم.

مشاعر مختلطة

وفور صدور الحكم دخل أبو عبيدة وأعمامه وعماته وأقاربه في حالة بكاء شديد داخل قاعة المحكمة، مخلوطة بمشاعر الفرح بهذا الحكم الذي «أنصفهم، وأشفى غليلهم، وطبّب آلامهم وأحزانهم تجاه فقدان ابنهم»، وسط هتافات بأصوات مرتفعة «يحيا العدل.. الله اكبر».

أما القاتل فلم يبد أي ردة فعل بعد سماعه الحكم، وغادر القاعة بأعصاب باردة وسط حراسة أمنية مشددة، علما أن رئيس الهيئة القضائية وجّه فور دخوله قاعة المحكمة بعدم مغادرة أي شخص إلا بعد رفع الجلسة للحفاظ على الهدوء والنظام.

حكم متوقع

من جانبه عبَّر والد الطفل عن سعادته بصدور حكم الإعدام بحق قاتل طفله، مشيرا إلى أن هذا الحكم أثلج صدره وصدر زوجته والعائلة والأقارب وجميع أفراد المجتمع الذي كانوا يترقبون هذا اليوم بفارغ الصبر منذ اللحظات الأولى لوقوع الجريمة، وفقدان فلذة كبدهم، في وقت تمنى فيه أن يكون تنفيذ الحكم شنقاً حتى يتعذب القاتل ويتألم مثلما تعذب وتألم عبيدة أثناء خنقه وقتله والاعتداء عليه.

كما أشاد في حديثه لـ«البيان» بعدالة ونزاهة القضاء الإماراتي، ووقوفه إلى جانب أصحاب الحقوق، مؤكدا ان دولة الإمارات هي دولة قانون ومؤسسات، وحاضنة للجميع ولا تضيع فيها الحقوق، وأنه كان على ثقة مطلقة بأن الحكم الذي ستصدره المحكمة بحق قاتل ابنه سيكون الإعدام، خصوصا وأن «جميع شهادات الإثبات اتفقت على إدانته بارتكاب الجريمة بما في ذلك اعترافاته الطوعية التي أقر بها أمام النيابة العامة دون إكراه، الى جانب ثقته بالقضاء الإماراتي».

وقال: نشكر الله ثم هيئة المحكمة بصدور هذا الحكم الذي سيكون عبرة لمن يفعل أو يفكر بفعل الجرائم والمشاكل، أثلج صدورنا، وشفى غلنا، وأراح قلوبنا بعد عذابات متواصلة منذ وقوع هذه الجريمة البشعة التي آلمتنا كثيرا، ليس على مستوى العائلة، وإنما على صعيد المجتمع كله، نظرا لبشاعتها، وقسوتها، وصعوبتها، خصوصا وأنها اقترفت بحق طفل بريء لا يملك من القوة ما يمكنه للدفاع عن نفسه أو مقاومة الخطر الذي يواجهه.

وأضاف: كما نخص بالشكر قيادة الدولة وشيوخها الذين وقفوا إلى جانب الأسرة المكلومة، مضيفاً: «لن يهدأ لنا بال إلا بعد تنفيذ العقوبة التي نتمنى من الله ومن عدالة المحكمة ان تكون شنقاً حتى يشعر القاتل بما شعر به عبيدة من العذاب والقهر والظلم أثناء الاعتداء عليه وقتله».

الى ذلك لفت أبو عبيدة الى أنه توجه فور الخروج من قاعة المحكمة إلى قبر ابنه المغدور، «لإبلاغه بأن حقه قد عاد له مع صدور الحكم، وأن القاتل سيلقى جزاءه وهو الإعدام، وليؤكد له أنه لا يضيع حق في دولة العدالة والقانون».

قوة القانون

من جانبها أكدت محكمة الجنايات ان المدان لا يعاني من اي امراض عقلية او نفسية ، ومسؤول عن افعاله وجريمته التي اقترفها، وارتكبها وهو في كامل قواه العقلية، مشدّدة على ان هذه الجريمة النكراء ترفضها النفس البشرية ولا تقبل الرحمة او الرأفة بمرتكبها ، في وقت رفضت طلب محامي الدفاع بتغيير التهمة إلى الاعتداء المفضي إلى الموت، مشيرة الى أن الادلة والاعترافات اكدت نية الجاني قتل المجني عليه، وانها مطمئنّة الى عقيدتها وإدانتها وادلتها التي بينتها اوراق القضية واعترافات شهود الاثبات والتقارير الفنية بجانب اقرار المدان نفسه بارتكابه الجريمة.

وقالت المحكمة: «لقد هالنا ما ارتكبه المتهم من جرائم ترفضها النفس البشرية السوية وتنم عمّا يضمره وبالتالي لا تتوفر في حقه استعمال الرأفة» واعتبرت المحكمة «جريمة القتل العمد المقترن بخطف الطفل بقصد الاعتداء الجنسي عليه، وتعاطي المشروبات الكحولية والقيادة تحت تأثيرها، جريمةً واحدة مقترنة الاركان وتستدعي عقوبة مشددة لا رأفة فيها»، مبينة ان القاتل كان ينوي ارتكاب جريمته من خلال خطف الطفل، والاختلاء به داخل المركبة، واغتصابه قبل خنقه بيديه، والاصرار على قتله من خلال الغترة التي لفها حول رقبته لإزهاق روحه، وهو ما يؤكد مسألة وقوع النية والقصد في ارتكاب الجريمة بكل تفاصيلها.

عدالة وشفافية

إلى ذلك قال عبيد المازمي محامي أسرة الطفل عبيدة إن الحكم يؤكد قوة وعدالة وشفافية القانون في الامارات، ويثبت ان الحقوق لا تؤخذ بشكل شخصي، وانما من خلال القضاء، مقدما تهانيه الى جميع افراد المجتمع بصدور هذه العقوبة بعد موجة كبيرة من الاستنكار والرفض للجريمة البشعة التي قام بها المتهم. كما وجه المازمي شكره وتقديره الى الهيئة القضائية في محكمة الجنايات، والى النيابة العامة، والقيادة العامة لشرطة دبي، والى شهود الاثبات، مثمنا دورها في التوصل الى الحقيقة، وتحقيق العدالة، وتعزيز صورة القضاء المشرقة في دولة الامارات.

حجج واهية

ولفت المحامي الى أنه جاء في حيثيات حكم الهيئة القضائية في محكمة الجنايات امس، ان «المتهم حاول اقناع المحكمة بأنه غير مسؤول عن تصرفاته، او عن جريمته بخطف واغتصاب وقتل الطفل عبيدة، من خلال الادعاء بانه مريض نفسياً وعقلياً، وان لديه ملفا طبيا في احدى المستشفيات الاردنية، ولكنه فشل في ذلك لعدم تقديمه أي قرائن او اوراق تثبت صحة ادعائه» وهو ما يؤكد أنه لا يعاني أمراضاً نفسية كما قال، وانه ارتكب جريمته بكامل قواه العقلية، خصوصا وانه لم يشر الى هذه النقطة طوال جلسات محاكمته السابقة والتي التزم فيها الصمت، الى ان جاء موعد الجلسة الختامية التي ترافع فيها المحامي المنتدب للدفاع عنه، حيث وقف امام الهيئة القضائية، وادعى انه مريض، وانه لا يتذكر أي تفاصيل تخص الجريمة، إضافة إلى انه لو كان يعاني اي من الأمراض كما يدعي لتعالج منها في مستشفيات الدولة، خصوصا وانه يقيم فيها منذ فترة من الزمن، وهو ما يدحض ادعاءه، ويؤكد تورطه في الجريمة.

محامي المدان: القضية إلى «الاستئناف»

قال عمران درويش المحامي المنتدب للدفاع عن المتهم لـ«البيان» إن الحكم الصادر بحق نضال أبو علي محلَّ احترام وتقدير، ومثّل كل صور الخصومة الجنائية، مؤكدا أن الإمارات دولة قانون ومؤسسات، وأن محكمة الجنايات مكّنت النيابة العامة من مرافعتها وطرح أدلتها، مثلما مكّنت المتهم من إبداء دفعه ودفوعه.

وأضاف: لكل أطراف الدعوى أو الخصومة الجنائية الحق في ممارسة حقوقهم الدستورية والقانونية والمضي بالخصومة أمام محكمة الاستئناف كون محكمة أول درجة استنفذت ولايتها القانونية، وفي حال استئناف أي الأطراف للقضية، وطرحها مجددا أمام محكمة الاستئناف سوف تطرح النزاع بآثاره القانونية، وتكون صحيحة طبقا لمبدأ التقاضي على درجتين.

وقال في سياق تعقيبه على الحكم: ستعيد محكمة الاستئناف النظر في القضية، وستمارس سلطتها، بصفتها محكمة موضوع، وستبدي رأيها إذا ما طرحت على طاولتها.

وبيَّن المحامي المكلف بالدفاع أن محكمة الجنايات مكَّنت الطرفين من إبداء الدفاع ووجهات النظر، ومارست حقها القانوني في إبداء الحكم وفق الأسباب والمسببات والنتائج، ووفق ما قام به من فعل، وما تحقق من نتيجة، مع ربط النتيجة والفعل مع العلاقة السبية، وهو ما كون لديها عقيدة واضحة بإدانة المتهم وفق أمر الإحالة.

وأضاف: وفق ما هو ثابت بالأوراق، وشهادات الشهود، وتقرير المختبر الجنائي، ووفق قناعة المحكمة فإن حكمها قد أصاب صميم القانون، ومن حق المحكمة اعتبار طلبات نضال محاولة للتهرب من العقوبة، أو لا أثر لها أو هدراً للوقت، كونها لا تصل الى الأهداف المرجوّة منها، وربما رأت أن هذه الطلبات لا أثر لها، ولا تثبت ما هو خلاف الواقع والثابت في الأوراق.

وجدد درويش تأكيده على أن محكمة الموضوع هي السلطة المختصة الوحيدة في توقيع العقوبة القضائية، وأن لأطراف الخصومة الجنائية ممارسة المكفول لهم بالقانون والدستور واللجوء إلى محكمة الاستئناف لمن يرى أنه ممارسة لحقه.

خلفية

تردد اسم نضال أبو علي مع انتشار خبر اختطاف الطفل عبيدة من أمام ورشة والده في المنطقة الصناعية بالشارقة، إذ تم ضبطه من قبل شرطة دبي بعد الاعتداء على الطفل وقتله خنقاً ومحاولته التخلص من جثته برميها أسفل شجرة في إحدى مناطق دبي. وكان المتهم أنكر خلال حديثه إلى رئيس الهيئة في الجلسة السابقة، التُّهمَ الموجهة إليه، مدعياً أنه يعاني من أمراض عقلية ونفسية، وأنه لا يتذكر أي تفاصيل حول الجريمة، مطالباً بإحالته إلى لجنة طبية للتأكد من حالته، والاطلاع على ملف علاجه في أحد المستشفيات الأردنية، في وقت قال فيه إنه في حالة ثبوت تورطه في الجريمة، فإنه يتحمّل أي عقوبة بشأنها حتى لو كانت الإعدام.

Email