حولها البعض وسيلة للانتقام

المنظفات والمبيدات.. استخدام مزدوج

ت + ت - الحجم الطبيعي

المبيدات الحشرية والمنظفات وماء النار وغيرها من المواد الكيميائية التي يمكن الحصول عليها بسهولة من منافذ للبيع، نظراً لتعدد استخداماتها اليومية في كثير من الأغراض وصعوبة الاستغناء عنها لفوائدها المتعددة..

 ولكن في بعض الأحيان قد تتحول هذه الكيميائيات إلى مواد شديدة الخطورة تهدد سلامة الأشخاص والمنقولات عند إساءة استخدامها، ودليل ذلك ما حدث أخيراً في حادثة الورقاء التي راح ضحيتها أحد الأشخاص وأصيب فيها آخرون بتشوهات بالغة، فضلاً عن العديد من الحوادث المشابهة التي تعكس جانباً سلبياً لاستخدام هذه المواد.

تقنين التداول

ونظراً لصعوبة تقنين تداول هذه المواد الخطرة، فقد كان من المحتم المطالبة بتكثيف الجهود المبذولة لمنع الاستخدامات السيئة وتشريع قوانين ملزمة للحد من التداعيات السلبية، مع استمرار مراقبة الجهات المعنية لمنافذ البيع، وتوعية الجمهور بأخطار سوء استعمال مثل هذه المواد، وذلك ما أكد عليه كثير ممن استطلعت آراؤهم حول هذا الموضوع.

بعيداً عن الأطفال

إذ قال عباس فرض الله نائب مدير خدمة المتعاملين في إحدى المؤسسات الخاصة، إن استخدام المواد الكيميائية يحتمل الكثير من الفرضيات منها الإيجابي والسلبي، فهناك مواد تستخدم لأغراض النظافة..

وما شابهها، وأخرى لها أكثر من غرض، ولذلك يجب أن نميز بين الاستخدام الآمن منها وغير الآمن، موضحاً أنه داخل أسرته، حريصون جداً على وضع هذه المواد في أماكن بعيدة عن تواجد الأطفال، وغالباً ما تكون في المطبخ أو بحديقة المنزل.

رقابة ملزمة

وأكد أن المواد الكيميائية التي نستعملها بصفة شبه يومية، في كل شؤون حياتنا من المفترض أنه مسموح بتداولها من الجهات المنظمة، ولذلك فهي موجودة وبكثرة على أرفف المحلات..

ولكنه ورغم قانونية تداولها إلا أنه قد يساء استخدامها في الاعتداءات والمشاجرات، وهذا ما نشاهده في بعض الأحيان، لافتاً إلى أنه يجب أن تفرض إجراءات ملزمة لمنافذ بيع هذه المواد، بحيث لا يسمح البيع إلا لأشخاص معينين، بعد أن يقدموا ما يثبت هويتهم، كما يحدث في بلاد كثيرة عالمياً، وهذا من شأنه أن يقنن إلى حد كبير التداول في غير الأغراض المخصصة لها.

مثال حي

وأشار محمد الشوملي مواطن إلى أن أكثر ما يقلقه هو إساءة استخدام هذه المواد أو حتى استعمالها بطريقة خاطئة، وهو ما يدلل عليه بتجربة شخصية مر بها، حيث كان يحتفظ بمادة (الأسيد) وهي مادة حارقة تستخدم لتنظيف مجاري التصريف الصحي من الرواسب، داخل مزرعته، ولم يكن موجوداً على العبوة أي معلومات تدلل على ماهية هذه المادة..

ومع مرور وقت طويل، نسي ماهية السائل داخل العبوة وظن أنه مواد بترولية، ومن ثم استخدمها في مكان تعبئة الوقود بدراجته النارية، وما هي إلا دقائق حتى فوجئ بكمية الأضرار التي لحقت بها، موضحاً أن هذا الموقف هو مثال حي لإساءة الاستخدام، الذي يقع على عاتق ومسؤولية المستخدم.

سلاح للمشاجرات

وأبان علي المهيري (موظف) أن هذه المواد المنظفة، لا يستغنى عنها في المنازل، نظراً لضرورية استخداماتها، لكنه أشار إلى أن الفيصل في تقدير خطورة هذه المنظفات يرجع للشخص نفسه، الذي يعلم جيداً مدى خطورة ذلك عليه، ولذلك فهو يرى أنها مسألة نسبية، موضحاً أن ما يزعجه حقيقة، هو تكرار الحوادث والمشاجرات بين الشباب والتي تستخدم فيها هذه الكيميائيات..

وهذا هو الخطر الحقيقي، إذ أن ذلك يحمل خسارة كبيرة، فضلاً عن الأضرار الكبيرة التي قد تؤدي في بعض الأحيان إلى وفاة المعتدى عليه، أو على أقل تقدير تشوهه، وهذا ما يجب أن تنتبه إليه السلطات جيداً نظراً لتكرار مثل هذه الحوادث.

إجراءات صارمة

وأوضح أن هناك دولاً تضع إجراءات كثيرة ومعقدة عند بيع هذه المواد، وهو ما يمثل خطوة من شأنها تقليل آثار الاستعمال السلبي لهذه الكيميائيات التي في جانب منها جيدة، لكن في نواحٍ أخرى تمثل خطراً لابد من الانتباه إليه والتعامل معه بشدة وحزم من خلال سن قوانين ملزمة.

برامج رقابية

وفي ما يخص الدور الرقابي حول هذه المواد أوضحت الدكتورة نسيم محمد رفيع رئيس قسم المواد الاستهلاكية ببلدية دبي إن البلدية تطبق برامج رقابية على كل المواد الاستهلاكية سواء المستوردة أو المصنعة و التي يتم تداولها في السوق المحلية، وتضم برنامج التقييم والتسجيل لتلك المنتجات والتي من خلاله يتم دراسة المنتجات وتقييمها ..

والتأكد من مطابقتها ومطابقة الشهادات والوثائق الخاصة بها للمواصفات الفنية المعتمدة والتي هي بالأساس مبنية على أفضل الممارسات العالمية، وكذلك برامج الرقابة على الشحنات المستوردة والتي من خلاله تتم الرقابة على جميع الشحنات والتأكد من مطابقتها ومصادرة المنتجات غير المعتمدة والقيام بإعادة تصديرها خارج الدولة أو إتلافها بإشراف البلدية..

كما يتم مراقبة السوق المحلية والقيام بزيارات رقابية روتينية وعشوائية للمؤسسات والمصانع المنتشرة في الإمارة للتأكد من تداول وتصنيع منتجات مطابقة ومسجلة لدى البلدية وخلافه يتم سحب تلك المنتجات ومنع تداولها في السوق المحلية.

تحليل المخاطر

وأشارت رفيع إلى أنه يتم تطبيق معايير عالمية تتعلق بسلامة المنتجات والمواد الاستهلاكية، ويطبق قسم سلامة المواد الاستهلاكية من خلال هذه المعايير والمواصفات المعتمدة أنظمة تحليل المخاطر لتلك المنتجات وتحديد خطورتها على مقياس تحدده عوامل متعددة تتعلق بالمكونات وطريقة الاستخدام وبلد المنشأ..

إضافة إلى سلامة العبوة نفسها والأغطية الخاصة بها التي تتطلب عناية شديدة في تصنيعها وذات جودة عالية لا تسمح بأي تسرب وكذلك تمنع الأطفال من محاولة العبث بها، هذا بالإضافة إلى ضرورة ذكر الطرق الصحيحة والرسوم التوضيحية المعتمدة عالمياً للاستخدام الآمن والمحاذير الصحية الضرورية المتعلقة بخزن المنتج..

وكذلك الإجراءات الوقائية اللازم اتخاذها عند ملامسة المنتج للمناطق الحساسة في الجسم كالعيون، كما على المواد التي تصنع في الدولة الحصول على شهادة التصنيع الجيد المعتمدة عالمياً بالإضافة إلى ضرورة توفير الشهادة الخاصة بسلامة المواد وبياناتها MSDS والتي تحوي على تفاصيل المكونات وعوامل الخطورة فيها وكذلك عوامل السلامة.

عينات عشوائية

وأكدت رئيس قسم المواد الاستهلاكية ومن خلال برنامج الرقابة على شحنات المواد الاستهلاكية في مختلف موانئ الإمارة يقوم بالكشف عن جميع الشحنات الخاصة والتي يتم تحويلها من الجمارك، حيث يتم التأكد أولاً من كون جميع المنتجات مسجلة لدى البلدية ..

ومن ثم يتم الكشف عن بعض العينات العشوائية التي يتم إرسالها من قبل الجمارك وفي بعض الأحيان يتم تحويل الشحنة بالكامل إلى مستودع الشركة مع عدم التصرف، حيث يتم الكشف على الشحنة بالكامل وسحب العينات وإرسالها للمختبر للتحليل يتطلب إجراءه في مختبر معتمد في الدولة.

مواد التنظيف في منافذ البيع مهيأة للتداول الآمن

 

قال بائع في محل لبيع الأدوات الصحية، إنه يبيع بصفة شبه منتظمة مواد التنظيف والكيميائيات، دون التقيد بسن معين لمن يرغب، خاصة أنه لا يوجد ما يمنع من بيعها..

موضحاً أن مسؤولية سوء الاستخدام تقع على عاتق المستخدمين، وأنه من المجحف أن يعمم الجانب السلبي في التعامل مع ذلك، خاصة أن هذه المواد تستخدم في أغراض متعددة، كالتنظيف وشحن بطاريات السيارات، وداخل كثير من ورش التصليح، ولذلك فإن كثرة وتنوع الاستعمالات تحتم وجود هذه المواد وتداولها بسهولة.

دور رقابي

من جانبه أوضح أحمد الخروصي مدير إدارة التعرفة الجمركية والمنشأ بجمارك دبي أن هناك إجراءات قانونية تتبعها الجمارك ..

حيث لا يسمح بإدخال هذه المواد الكيميائية إلى الدولة إلا بعد الحصول على موافقة وزارة البيئة والمياه وبلدية دبي، وفقاً لنوع المادة الكيميائية، خاصة أن هنالك بعض المواد تحتاج إلى موافقة وزارة البيئة والمياه والبعض الآخر يحتاج إلى موافقة بلدية دبي، لافتاً إلى أنه لا يتم الإفراج عن المواد الكيميائية إلا بعد الحصول على موافقة من هذه الجهات الحكومية، وفقاً لنوع المادة الكيميائية المستوردة.

وعن توفر قائمة بأسماء هذه المواد المسموح بها وغير المسموح، أضاف أنه يتم تزويد الجمارك دائماً بقوائم المواد الكيميائية، التي تحتاج إلى موافقات من وزارة البيئة والمياه، وبلدية دبي والتي بدورها تقرر فيما اذا كانت من السلع المسموح استيرادها أم لا، موضحاً أن هذه القوائم يتم تحديثها بشكل مستمر.

وأشار إلى أن هناك مواد كيميائية منتشرة استعمالاتها ولها هامش معين للاستخدام الآمن لها، وأخرى تستخدم للأغراض الصناعية، وفي كل الحالات فإن مواد التنظيف التي تستخدم في المنازل..

 وبعض المواد الكيميائية عادة مهيأة للتداول بين أفراد المجتمع، في حين أن مواد الاستخدام الصناعي غالباً ما تكون من المواد الأولية التي تدخل في الانتاج، ولذلك فإن هذه المواد سواء كانت من المواد الجاهزة أو من المواد الأولية تحتاج إلى موافقات من الجهات المختصة.

ولفت إلى أن كثيراً من المحلات تتعامل مع هذه الكيميائيات، دونما خطورة تقع عليها، لأنهم يكونون حريصين جداً عند استخدامها، فضلاً عن تحذيرهم للمشترين بخطورة هذه المواد وكيفية استخدامها دونما حدوث أي سلبيات.

القصد الجنائي

أما في ما يخص العقوبات التي يتعرض لها كل من يسيء استخدام المواد الكيميائية والاعتداء بها على الغير، فأوضحت المحامية عائشة راشد الطنيجي، أن استخدام المواد الكيميائية أياً كان نوعها، ومدى خطورتها في الاعتداء على سلامة الأشخاص تعتبر من الأفعال التي يجرمها القانون وخاصة اذا كانت ظروف وملابسات الجريمة تتوافر فيها الظروف المشددة للعقوبة سواء كان ذلك بقصد من الجاني أو بدون قصد.

وأشارت إلى أنه إذا توافر القصد الجنائي وانصرفت إرادة الجاني إلى القيام بهذا الفعل الإجرامي فإنه يتعرض للمساءلة القانونية، وفي هذه الحالة يطبق عليه قانون العقوبات الاتحادي، وتتفاوت العقوبة بحسب توافر أركان الجريمة ومدى جسامة الفعل الذي قام به الجاني، والنتائج الضارة المترتبة عليه وقد تصل العقوبة إلى السجن المؤبد،..

وفي بعض الجرائم إذا وجد الظرف المشدد للجريمة قد تصل العقوبة إلى الإعدام وخاصة إذا كانت الجريمة قد وقعت مع سبق الإصرار والترصد، ونتج عنها موت المجني عليه كنتيجة حتمية للاعتداء عليه بمادة كيميائية تم استخدامها للإضرار به أو بسلامة جسمه.

 حروق وتشوهات ومخاطر على الأطفال

 

 

أوضحت الدكتورة رشا إبراهيم أخصائية الأمراض الجلدية في دبي أن العديد من المواد الكيماوية التي تستخدم في المنازل كمادة الكلور والمبيدات الحشرية، وماده الاسيتون، والخل المركز لأغراض الطعام، أو ماء النار المستخدم في صيانة المركبات..

قد تسبب مضاعفات خطيرة عند التعرض لها، إذ تسبب في حدوث حروق كيميائية عند ملامستها للجسم أو العين أو قد تحدث إصابات للمريء والمعدة في حالة شرب هذه المواد بصورة خاطئة، وخصوصاً على الأطفال نظراً لصغر مساحة الجسم وضعف سماكة الجلد لديهم، لذلك فإن نسبة الامتصاص تكون أكبر مقارنة بالأشخاص البالغين، لافتة إلى أنه من الضروري وضع هذه المواد بعيداً عن متناول الاطفال..

وحفظها في أماكن مخصصة، إضافة إلى عدم وضعها في أوان مشابهة لأواني الطعام وعبوات المشروبات لحماية الأشخاص من الوقوع في هذه الأخطاء الشائعة التي تؤدي إلى عواقب وخيمة.

وأشارت إلى أن تعرض الجسم لمواد حارقة قد يسبب حروقا وتشوهات عميقة وملوثة، تعتمد على مساحة انتشار هذه المواد ومدة التعرض لها، لافتة إلى أنه عند تعرض الشخص لمواد كيميائية حارقة ينصح بنزع الملابس الملامسة لها وغسلها بالمياه، وعدم وضع مواد كيميائية أو أدوية لتخفيف نسبة الحروق لأن ذلك قد يؤدي لحدوث تفاعل وزيادة الامتصاص من قبل الجلد.

وأضافت إنه فور وصول الحالة للمستشفى يتم تقييم الحالة مبدئيا من حيث درجة الوعي وسلامة مجرى التنفس، وبعد التأكد من سلامة العلامات الحيوية يتم نزع الملابس الملامسة إذا لم ينزعها المصاب أو مسعفيه مسبقاً، ثم غسل الجسم بماء معقم وتنظيف الجرح، ومنح المصاب مُسكنا ومضادا حيويا ويوضع تحت الملاحظة لحين التأكد من استقرار الحالة..

وبعد ذلك يوصف له علاجات خاصة بالتئام الجروح وتجديد انسجة الجلد، وفى حالة اصابة العين يتم غسلها جيدا بالماء ووضع قطرة مسكنة ومضادا حيويا وعرضه على أخصائي العيون.

أما في حالات شرب المواد الحارقة، أوضحت الدكتورة رشا إبراهيم أنها أشد خطورة من الحروق الخارجية، نظرا لأثرها على المريء والمعدة ومجرى التنفس والتي قد ينتج عنه تهيج والتهاب شديد أو ربما يتسبب ذلك في حدوث ثقب تختلف شدته حسب تركيز المادة وقوتها، كما قد تسبب توابع هذه الاصابات حدوث تليف وضيق للمرئ والمعدة والتصاقات تنتج عنها مشاكل في البلع والهضم..

وقد يحتاج المريض لإجراء عمليات جراحية لتصحيح هذه المشاكل، منوهة إلى أنه في مثل هذه الحالات يجب التوجه بصورة عاجلة الى المستشفى أو طلب الإسعاف وتجنب احداث القيء الذاتي لأن ذلك قد يؤدي إلى التعرض للمواد الحارقة مرة أخرى.

Email