موت الوالدة يتّمهن.. والمعصية تسقط حضانة أبنائهن

ت + ت - الحجم الطبيعي

كما بدأت أمومتهما مبكراً، كذلك انتهت مع انتهاء زواجهما، ولم يكن هذا كل ما خسرتاه، بل أيضاً السمعة والأهل، وحتى الأمل في حياة جديدة، لم تكونا مظلومتين فعلاً في ما قضت به المحكمة بإدانتهما في قضية تحسين معصية، ولكن ربما لم يحصلا على ما يكفي من الرعاية، بعد أن فقدتا أمهما قبل عشرين عاماً.

ولم تبلغ أكبرهما الرابعة من العمر، قال والدهما لوكيل نيابة الأسرة، الذي حقق بالقضية، أنه خاض معارك قضائية طويلة مع والدة زوجته الراحلة حول حضانة اليتيمتين، ولكنه كان يخرج خاسراً في نهاية كل جولة، وها هي النتائج النهائية كما كل الحروب «الجميع خاسر»، هو وبناته وأبناؤهما، وحتى أهل زوجته الذين حاربوا محاولاته الفوز بحضانة بناته.

توفيت والدة الفتاتين وهي في ريعان الشباب، فتركت لدى محبيها حسرة، كما تركت طفلتين في الثانية والرابعة من العمر، فتلمس الجميع بهما العزاء، وتنازعوهما وكأنهما تذكار من الفقيدة، وأراد الكل الاستئثار برعايتهما، وهنا، بدأت المعركة بين أبيهما الذي قال إنه الأحق برعايتهما، وأنه القادر على ذلك، وجدتهما والدة الراحلة التي أكدت أنها الأحق، وأنها تريد تعويض فقد ابنتها بأن ترعى ابنتيها.

وشهدت محكمة الأحوال الشخصية معركة متجددة بين الطرفين، كانت الجدة هي الرابحة دائماً في كل جولة، فهي الجدة للأم، التي تأتي ثانياً بعد الأم في حق الحضانة، كما أن القضاة لم يجدوا مانعاً يحول دون قيامها برعاية الصغيرتين، فكان الحكم دائماً لصالحها.

استأنف الأب على الحكم، وطعن فيه بالنقض، ولكنه خسر، رغم أنه دفع بإقامته في إمارة أخرى، وصعوبة وقوفه على رعاية الطفلتين وبسط الرقابة على تربيتهما، وبعد فترة أخرى، وعند بلوغ الفتاتين سن حضانة الأب، رفع أيضاً قضية ضم.

ولكنه أيضاً خسرها في المراحل كلها، فالجدة كانت تحتاج الصغيرتين كما يحتجن إليها، والقضاة تعاطفوا مع ذلك وسمحوا بمد سن الحضانة، بل، والجميع احتج على رغبة الأب ضم الصغيرتين وحرمان الجدة من العوض عن ابنتها التي رحلت مبكراً، إضافة إلى ما يعرفه الجميع عن شدة محبتها وتعلقها بالصغيرتين.

لم يكن الأب مرتاحاً لأسلوب الجدة بتربية الصغيرتين، وتدليلها المفرط لهما، وكان يحاول أن يتدخل من وقت لآخر، ولكنه لم يتمكن من تغيير الواقع، فلوعة الجدة على ابنتها، كانت تترجمها حناناً وتدليلاً لحفيدتيها، إلى أن اقتصر دور الأب على الرعاية المادية والإنفاق، دون أن يسمح له بالتدخل في حياة البنتين.

وفي ذلك الوقت، كبرت الصغيرتان وأصبحتا شابتين في فوران الصبا، وأصبحت الجدة في عمر لا يسمح لها بمتابعتهما كما يجب، فلم تعرفا أبداً كيف تضعان حدوداً لرغباتهما، وانطلقتا في الحياة بدون موجه أو ناصح، وكانت البداية في مواقع التواصل الاجتماعي، التي عرفتاها مبكراً.

وكان لهما العديد من الأصدقاء، إلى أن تعرفت الكبرى إلى شاب وطلبها للزواج، واضطر الأب تحت ضغط ابنته أن يوافق، رغم أنه لم يكن مقتنعاً، فابنته لم تكن قد بلغت السادسة عشرة بعد، والرجل لم يكن مناسباً تماماً، وبعد عام ونصف تزوجت الصغيرة بذات الطريقة.

لم تكن حياة الفتاتين الزوجية جيدة، فالزوجان لم يعاملا زوجتيهما بما يرضي حاجتهما للحب والاهتمام، بل إن طريقة الزواج كانت تلقي بظلالها على حياتهما، وأصبح الشك وعدم الاحترام هو سمة تلك الحياة، رغم أن الله رزق كلاً منهما بطفلين.

وبدأت الأمور تتدهور سريعاً، حتى حل الانفصال العاطفي بين الأزواج، وهو ما لم تعتد عليه الفتاتان اللتان تربيتا على الدلال والمحبة المفرطين، فكان أن بحثا عن غايتهما خارج حدود المنزل، وأصبح لكل منهما صديق، بنفس الطريقة التي تعرفا بها على زوجيهما.

بدأت الشكوك تساور زوج إحداهما، لكثرة خروجها من المنزل بأعذار مختلفة، فوضع جهاز تتبع على سيارتها، وربطه بهاتفه المتحرك، وصار يتابع تحركاتها، ولاحظ أنها تتردد كثيراً على عنوان بعينه، فتبعها إليه مع أحد أصدقائه ممن لا تعرفه زوجته، وعندما وصلت، كانت برفقة شقيقتها، فطلب من صديقه أن يذهب ويصعد معهما بالمصعد، لمعرفة إلى أي طابق وشقة تتجهان.

ثم طلب الشرطة، وأخبرهم أن زوجته مع آخر في منزل غريب، فجاءت الشرطة على عجل منعاً لحدوث مشكلة أكبر، وفي الشقة، كان هناك شابان، ولم تظهر المرأتان، فتم أخذ إذن النيابة لمداهمة الشقة، ولكنهم لم يعثروا عليهما.

 بالتحقيق مع حارس المبنى، أكد أن السيدتين تحضران دائماً إلى الشقة، وأنهما في الداخل ولم تخرجا، فكان أن تم مشاهدة ما صورته كاميرات المبنى التي رصدت دخولهما، ثم خروجهما قبل المداهمة والاختباء على سطح المبنى، حيث تم العثور عليهما. وبعد التحقيقات، تم إحالتهما مع الشابين بتهمة تحسين المعصية والخلوة غير الشرعية، إلى محكمة الجنح، حيث حكم بتغريم كل منهم مبلغ عشرة آلاف درهم.

لم تكن هذه هي النهاية، فقد قام كلا الزوجين، وقبل صدور الحكم، بطلاق زوجته، ثم رفعا قضية إسقاط لحضانتهما لأبنائهما، بناء على الحكم الجزائي، ورغم أن الحكم بالحضانة لم يصدر بعد، ولكن القانون يعتبر إدانة الأم بقضية مخلة بالشرف، من مسقطات الحضانة.

Email