لاحقتها اللعنات بعد الطلاق الثالث

ت + ت - الحجم الطبيعي

جلست في مكتب المساعدات القانونية في أبو ظبي، تسألهم أن يساعدوها على الامتثال لما قالت إنه رسائل وتحذيرات من الله سبحانه وتعالى، تؤكد أنها وقعت في ما حرم الله دون أن تعلم، فبكت وأبكت كل من استمع لها، فقد كانت الرسائل تصلها عبر ملك الموت لا غيره، حتى جاءت الأخيرة فحطمت قلبها وكسرت ظهرها.

قالت إنها كانت وزوجها كثيري المشاحنة في ما بينهما، وخاصة أنه كان كبير السن وصعب المزاج، وهي صغيرة وعنيدة ذات لسان مكابر وحاد، في إحدى المرات، وبينما يتجادل الطرفان، رمى عليها يمين الطلاق، ثم قام بتوثيقه أصولاً، ولكنه عاد وهدأ فأرجعها إلى عصمته، وبعد فترة تكررت الحادثة مرة ثانية فثالثة، وبالطبع في هذه المرة أصبح الطلاق بائناً، ولم يعد بإمكان الزوجين أن يواصلا حياتهما معاً، فقام بتوثيقه وفصلها عن قيده وعائلته وأعادها إلى أسرتها وبلدها.

بعد فترة هدأ غضب الزوج وتحرك فيه الحنين إلى أسرته الصغيرة، وكذلك أعادت هي التفكير بخطئها، فطلب طليقها من أسرتها إعادتها إليه، وذهب الجميع إلى دار الفتوى في بلدها، حيث شرحوا لهم ظروف الطلاق، فأعطاهم المختصون هناك فتوى بأن الطلقة الثالثة لم تقع، لأنها حدثت في لحظة غضب أغلقت على الزوج. وبناء عليه، تمت عودة الحياة الزوجية بين الطرفين، وعادت مع زوجها وأبنائها إلى الدولة.

بمجرد وصولهم، ذهب الزوج إلى الجهات المختصة ليعيد زوجته إلى بطاقته العائلية، وهناك فوجئ بعدم الاعتراف بعقد الزواج الذي أبرم في دولة الزوجة، فالثابت في الأوراق أن الطلاق الذي تم بين الطرفين هو طلاق بائن بينونة كبرى، وقد تم بحكم محكمة، ولا يلغي حكم المحكمة إلا حكم محكمة، لذلك، عليه أن يأتي بحكم محكمة يلغي الطلاق الثالث. ولكي تزداد الأمور تعقيداً، اكتشفت الزوجة أن جنيناً ينمو في أحشائها، فأصبح توثيق الزواج أكثر إلحاحاً، ولكن ذلك لم يكن ممكناً، فالجهة المختصة بالفتوى في الدولة، أكدت أن الطلقة الثالثة صحيحة، وأن الطلاق أصبح بائناً بينونة كبرى، وبناء عليه، رفضت المحكمة الابتدائية طلب إلغاء الطلاق، وهو الحكم الذي أيدته محكمتي الاستئناف والنقض، وأصبح نهائياً. لكن الزوجين لم يمتثلا لحكم المحكمة، وواصلا حياتهما الزوجية بناء على الفتوى التي حصلا عليها من بلدها.

لم تمضِ أيام على قرارها مواصلة حياتها الزوجية حتى أجهضت الطفل الذي تحمله، فأرجعت ذلك إلى الإرهاق الذي أصابها خلال الفترة الماضية، ولكن الموت كان من نصيب كل طفل يتشكل في أحشائها منذ ذلك اليوم. وفي نفس الوقت كان أبناؤها يكبرون، وأصبح لديها ابنة في السادسة عشرة، هي آية في الجمال والأدب والعقل، وحين جاءها زوج ارتضته ذهب الجميع إلى دائرة القضاء لأخذ موافقة على تزويجها من اللجنة المختصة، كونها لم تبلغ الثامنة عشرة، ولما وجدت اللجنة كمال عقلها ونضجها سمحت لها بالزواج.

بعد أقل من عام، عادت الأسرة مرة أخرى إلى المحكمة لطلب السماح لهم بتزويج نفس الفتاة، فقد توفي العريس الأول في يوم عرسه، عندما كان متوجهاً إلى مكان إقامة الحفل، ليتحول العرس إلى مأتم، وكما المرة الأولى، وجدت اللجنة أن الفتاة لديها من النضج ما يكفي أن تكون زوجة وأماً، وأعطوها الموافقة على الزواج.

وها هي الأم بعد نحو شهر من ذلك اليوم، حضرت إلى مكتب المساعدات القانونية لتطلب منهم مساعدتها على الخروج من اللعنة التي حلت بها، والتي كان آخرها رحيل ابنتها البكر ذات السبعة عشر ربيعاً في ليلة عرسها، بعد خروجها من حفل زفافها متوجهة لقضاء شهر العسل في دولة مجاورة. قالت الأم إنها شعرت عندما سمعت بخبر وفاة ابنتها، أن كل ما حدث ويحدث هو رسائل إلهية تحذرها بأن حياتها مع زوجها لا ترضي الله.

طلبت من قسم المساعدات القانونية أن يعطوها أي مستند يثبت أنها كانت زوجة خلال الفترة الماضية لتطلب الطلاق، ولكن الجميع أكد لها أن ما يجب عليها الآن هو مغادرة حياة ذلك الرجل، ثم التوبة إلى الله الذي لا يغلق باب رحمته وغفرانه في وجه التائبين أبداً.

 

تنشر الصحيفة صباح كل أحد، بالتعاون مع دائرة القضاء في أبو ظبي، قصصاً من أروقة القضاء، بهدف نشر التوعية

Email