3٪ نسبة الاستفادة منها عملياً والواقع يمتلىء بالمعوقات

الأبحاث العلمية ثروة مكدّسة في «المخازن» تغرق فــــي الإهمال ويعلوها الغبار

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

 أوراق تتكدس فوق بعضها البعض، يتراكم فوقها الغبار، وتتجمع "للتخزين" في أدراج الجامعات سنوياً. مجهودات كبيرة، يبذلها طامحون راغبون في استشراف المستقبل، ومؤمنون بأن البحث العلمي، هو حجر الزاوية والأساس، في أية مساع تقدمية وتطويرية، غير أن هذه المجهودات تضيع هباءً منثوراً، وتذهب سدى، ذلك لأن نسبة الاستفادة من الأبحاث العلمية في الدولة، لا تزيد عن 3%.

وعلى الرغم من أهمية دور القطاع الخاص في دعم الباحثين وتبني الدراسات وبحث إمكانية تطبيقها، يكشف الواقع أن مؤسسات القطاع الخاص في الدولة، قلما تبادر إلى تأدية هذا الدور، فدعم البحث العلمي، ليس على رأس الأولويات، هذا خلافاً للسائد والمتبع في الدول الصناعية، التي تهتم مؤسساتها غير الحكومية بدعم البحث العلمي، ليس فقط من منطلق مسؤوليتها الاجتماعية، وإنما أيضاً من الإيمان بأن البحث العلمي استثمار مستقبلي مرتفع الربحية.

هذا الواقع غير المقبول، أو بمفردة أدق المختل والمضطرب، يزداد تفاقماً، بالنظر إلى قلة المؤسسات المتخصصة في البحث العلمي، والتي تدعم الباحثين وتيسر لهم سبل إتمام دراساتهم، وتقيم المشروعات البحثية قبيل الشروع فيها، وكذا توجه الباحث نحو المسارات الصحيحة.

البحث العلمي في الدولة، كلمة جميلة، أو حلم يبحث عمن يحققه، لكن هذا الحلم مازال يصطدم بواقع يمتلئ بالعراقيل والأشواك، فكيف تمكن إزالة هذه العراقيل والأشواك من أمام مسيرة البحث العلمي، التي هي مسيرة الشعوب الطامحة إلى مستقبل أفضل، إلى هذا المستقبل؟

السطور المقبلة، تحاول تشخيص العلة، والبحث عن مسبباتها وأعراضها الجانبية، وكيفية التعافي منها.

ولتكن البداية، من سؤال: أين تذهب البحوث العلمية التي ينتجها طلبة الجامعة؟

الطلبة تحديداً، لأن غرس ما يمكن تسميته بثقافة البحث العلمي في نفوسهم، هو ما يكفل أن يكونوا قادرين على الاضطلاع بمهمة السير قدماً على الدرب في المستقبل.

 

 

 

يقول الدكتور سليمان الجاسم مدير جامعة زايد: إن مشروعات التخرج لطلبة الجامعة تعتبر أحد العناصر الرئيسية من متطلبات التخرج وذلك في إطار إستراتيجية الجامعة الأكاديمية.

وتتضمن مشروعات التخرج سنوياً، عدداً لا بأس به من الأبحاث المتميزة التي تخدم المجتمع المحلي بقطاعاته المختلفة والتي يبذل فيها الطلبة مجهودات متميزة.

وتتطور المشروعات المطروحة من عام لآخر، ويمكن أن تستفيد منها قطاعات الأعمال المختلفة نظرا لتنوعها، وتعدد مجالاتها وتخصصاتها، وإمكانية تطبيقها عمليا، لكن بصفة عامة يمكننا القول إنه على الرغم من الاهتمام بهذه المشروعات داخل الجامعة وتوفير الفرص لإبداعات وابتكارات الطلبة وارتباط هذه الأفكار بحاجات واهتمامات المجتمع، إلا أنه لا يتم الاستفادة منها بالشكل المأمول، نظرا لعدم تكامل ثقافة العمل وفقا لنتائج وتوصيات الأبحاث العلمية وضرورة التطوير المستمر المستند إلى الأساليب العلمية.

ويقول: تبذل جامعة زايد جهودا كبيرة للتعريف بهذه المشروعات وذلك من خلال تنظيم الحملات الإعلامية بأساليبها وأشكالها وأنماطها المختلفة المناسبة للجمهور المستهدف، غير أن الاهتمام بما يبذل من جهد ما زال ليس كما يرام.

ويضيف: يتم عرض هذه المشروعات ضمن ملتقى سنوي بفرعي الجامعة في ابوظبي ودبي، وهذا الملتقى يشكل مسابقة أكاديمية وعلمية كبرى، تستعد لها الطالبات كل عام، ويحرصن على الابتكار سواء في أفكار المشروعات أو آليات تنفيذها، و تنعكس آثار هذه المسابقة التنافسية إيجاباً على مستوى الأداء التعليمي و التطبيقي.

ويتم تقييمها من خلال عدة عناصر منها ارتباطها باهتمامات قطاعات المجتمع ومدى إمكانية تطبيقها عملياً وتوافقها مع المستجدات العصرية وتأثيرها على تطوير مستوى الأداء المهني في التخصص المقترح والجهود البحثية والمصادر العلمية والعملية التي اعتمد عليها الطلبة، حيث أن هذه المشروعات تطرح أفكارا بحثية تؤكد مستوى النضج الفكري لدى الطلبة.

 

عدم الاهتمام

ويوضح الجاسم أنه وفي إطار ثقافة البحث العلمي بشكل عام سواء كان من أفكار الطلبة أو أساتذة الجامعات والخبراء نجد أن البحث العلمي في العالم العربي يعاني من عدم الاهتمام الكافي وضعف الميزانيات المخصصة وعدم ارتباط الأبحاث بواقع الحياة.

ورغم زيادة عدد الجامعات في المنطقة العربية إلا أنها تقوم بالجانب البحثي فقط من خلال بعض الاجتهادات الفردية، حيث توضح الدراسات أن الدول العربية ما زالت تعتمد حتى اليوم اعتمادا كليا أو شبه كلي على مصادر المعرفة والخبرة والمعدات والآلات المستوردة من الدول الصناعية التي من مصلحتها عدم تطور البحث العلمي في المجتمعات المحلية وكذلك عرقلة توطين التقنيات في الدول العربية.

 

بداية الطريق

ويرى الجاسم أن دولة الإمارات قامت بإنشاء المؤسسة الوطنية للبحث العلمي والتي بدأت تأخذ طريقها في دعم وتعزيز ثقافة البحث العلمي، تجسيدا لرؤية قيادتنا الرشيدة التي تؤكد على أن الاهتمام بالبحث العلمي هو الأساس الراسخ لكل جهود التطور على مختلف الأصعدة.

ويحرص معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي، رئيس جامعة زايد، على دعم ورعاية البحوث النظرية والتطبيقية لدى المؤسسة الوطنية للبحث العلمي والتي تتولى تمويل أفضل البحوث المختارة على أسس تنافسية، كتلك التي تعتمدها الوكالات الوطنية المتطورة في جميع أنحاء العالم.

ويتابع الدكتور الجاسم: عندما يتم إنجاز البحوث في الجامعات الحكومية سواء في المؤسسات الاتحادية أوغيرها يصبح من المؤكد أن يؤدي التمويل الموجّه إلى تطوير الاستثمار في تلك البحوث، فتستفيد منه المؤسسات ومراكز البحوث والمعاهد التي تتلقـّى الدعم المخصص لأعمال البحث العلمي، بالإضافة إلى تشجيع انجاز البحوث العلمية الجديدة القابلة للتطبيق على الصعيد العالمي.

 

منهجية

ويقول الدكتور عبدالله الخنبشي مدير جامعة الامارات إن البحوث التي يقدمها طلبة الجامعات هي بحوث تدريبية يتعلمون من خلالها منهجية البحث العلمي والتدرب على الدراسات، ولا يمكننا إطلاق كلمة بحث علمي على أي بحث يقدمه الطلبة إلا إذا كان مستوفيا لمعايير البحث العلمي.

مشيرا إلى أن بحوث الماجستير والدكتوراه نوعان، النوع الاول بحوث العلوم الانسانية وهي بحوث تهتم بتوسيع المعرفة ويمكن الاستفادة منها على المدى البعيد، والنوع الثاني بحوث العلوم التطبيقية والتي تركز على التحديات والمشاكل الموجودة في قطاعات مختلفة وتلبي احتياجات المجتمع.

 

المطلوب

ويضيف: المطلوب تفعيل الدراسات في المؤسسات الاكاديمية لما يحتاجه المجتمع وطلبتنا في جامعة الامارات يختارون موضوعات تركز على احتياجات المجتمع ،لافتا إلى أن أكثر من 80% من الأبحاث المحكمة، التي تصدر في دولة الامارات وتنشر في الدوريات العلمية العالمية، هي من انتاج جامعة الامارات.

ويؤكد أن الجامعة تمتلك قاعدة بيانات لجميع الابحاث المحكمة ومتوفرة على موقع الجامعة ويمكن لمختلف مؤسسات المجتمع أن تستفيد منها، ونحن نحتفظ بنسخ منها في مكتبة الجامعة، ودائما تتواصل عنا جهات مختلفة للاستفادة من تلك الابحاث.

ويشير الدكتور الخنبشي إلى أهمية الاولويات البحثية لأي مجتمع والتي يجب تحديدها حتى يلبي البحث العلمي حاجة فعلية في المجتمع، مشيراً إلى ضرورة أن يكون في دولة الامارات قاعدة بيانات موحدة تضم جميع الأبحاث الأكاديمية لمختلف مؤسسات التعليم العالي وتستفيد منها مؤسسات المجتمع كافة.

ويؤكد الدكتور منصور العور رئيس جامعة حمدان بن محمد الالكترونية أن المؤسسات الاكاديمية في دولة الامارات تفتقر إلى المؤتمرات العلمية المشتركة فيما بينها مشيرا إلى أن المؤتمرات العلمية تعتبر ساحة مهمة لتعميم الفائدة من الأبحاث الأكاديمية خاصة وأن هذه المؤتمرات تأخذ ترميزا دوليا والبحث الذي يقدمه الطالب في المؤتمر يعد ورقة عمل وذات طابع دولي.

كما نفتقر إلى عدم وجود قاعدة بيانات للدوريات العلمية التي تصدرها الجامعات.

 

فجوة كبيرة

ويضيف: نعاني من فجوة كبيرة ما بين الجامعات والمجتمع وهذه الفجوة بحاجة إلى تجسير، ونحن لا نزال على أول الدرب، وأمامنا مسيرة طويلة حتى نحقق ما نصبو إليه، وحتى تصبح استفادة مؤسسات المجتمع من الابحاث الاكاديمية على النحو المطلوب.

ويُقدر نسبة الاستفادة الفعلية بما يتم طرحه من أبحاث علمية بما لا يزيد عن 3 %، على الرغم من أن العديد من الابحاث الاكاديمية جيدة وبحاجة إلى أن تخرج من أسوار الجامعات لتتحقق الفائدة للمجتمع.

ويضيف: من المؤسف أنه لا توجد لدينا جهة لديها قاعدة بيانات موحدة للابحاث وإنما ثمة جهود موزعة فكل جامعة أو جهة لديها قاعدة بيانات خاصة بها، مما يؤدي إلى تشتيت الجهد وتبديد الوقت.

ويشير إلى أن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي اتخذت خطوة جيدة فيما يخص انشاء الهيئة الوطنية للبحث العلمي والتي تعتبر مسؤولة عن توحيد قاعدة البيانات للأبحاث على مستوى جميع المؤسسات الاكاديمية الحكومية والخاصة .

وأصدر معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان مؤخرا قراراً بإنشاء "مركز معلومات وإحصاءات التعليم العالي" في هيئة الاعتماد الأكاديمي بوزارة التعليم العالي، ليتولى تنفيذ نظام شامل لجمع وتحليل ونشر الإحصاءات والتقارير عن جميع أوجه وأنشطة التعليم العالي بالدولة وهذه الخطوة تعتبر خطوة رائدة سوف تدعم مسيرة البحث العلمي في الدولة وتعزز مؤشرات الأداء المقررة للجودة والتميز والتي من بينها الابحاث العلمية.

 

زرع ثقافة

ويرى الدكتور العور أننا بحاجة إلى تبني فكر البحث العلمي على مستوى المجتمع، وزرع ثقافة الاهتمام بهذه الابحاث، لما لها من دور في خدمة المجتمع والعمل على نشر هذه الثقافة حتى نحقق ما نصبو إليه.

كما نحتاج إلى بيئة أكاديمية بحثية وتحديدا فيما يتعلق بدرجة الدكتوراه التي بدأت حديثا في جامعات الدولة .

ويقول: إن مسألة مشاركة البحث الأكاديمي في مؤتمر علمي محكم ونشره في دورية علمية ،تعتبر الحاضنة الطبيعية لرعاية الأبحاث الاكاديمية تمهيداً للاستفادة منها في المجتمع، وهذا نوع من التوثيق الذي نحتاجه فأي انجاز في الدولة لا يوثق من خلال ورقة بحثية هو غير محمي وقد ينساه التاريخ واليوم العالم يستفيد من التوثيق ولدينا ابحاث متميزة يجب أن تكون ضمن قاعدة بيانات من قبل جهة متخصصة بهذا الشأن.

ويشير إلى أن جامعة حمدان بن محمد الالكترونية تشجع طلابها الابحاث الاكاديمية وقد أطلقت جوائز عدة في هذا الشأن على المستوى المحلي والاقليمي لحثهم على تقديم أبحاث متميزة، وأصبحنا نملك قاعدة بيانات خاصة بنا ونقوم بنشر هذه الابحاث في دوريات علمية متخصصة.

 

مرجعية

ويدعو الدكتور محمد عبد الرحمن مدير كلية الدراسات الاسلامية والعربية إلى وجود جهة متخصصة تقوم بتأسيس قاعدة بيانات لجميع الابحاث الاكاديمية للجامعات الحكومية والخاصة في الدولة تتضمن ابحاث درجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراه وتصبح مرجعا لكل من يريد الاستفادة منها.

ويشير إلى أهمية استقطاع المؤسسات الاكاديمية مبالغ من ميزانياتها للبحث العلمي وطباعته وتوزيعه على المؤسسات الأكاديمية والجهات المعنية بالأبحاث والمكتبات.

ويؤكد أن الخبرة في كلية الدراسات الاسلامية والعربية تكشف أن المجتمع متعطش للأبحاث حيث طبعت الكلية ابحاث الطلبة ووزعتها على أكثر من جهة وكان الاحتفاء بهذا الجهد كبيراً.

ويؤكد أن البحث الاكاديمي يبقى مجرد أوراق متراصة حبيسة الخزائن إذا لم تقم المؤسسة الاكاديمة المنتجة له بالتسويق الجيد، وثمة مؤسسات أكاديمية لا تقوم بهذا الدور بالشكل الصحيح وتبقى أبحاثها الاكاديمية منغلقة على ذاتها، من دون أية فائدة تذكر باستثناء الدرجة الاكاديمية التي حصل عليها الباحث.

ويوضح أن الكلية لديها تجربة متميزة في تسويق الأبحاث من خلال أخذ مجموعة متميزة منها وعرضها خلال ورش عمل على طالبات الكلية ونحن بصدد طباعة هذه الابحاث على نفقة الكلية وتوزيعها على المؤسسات الاكاديمية والجهات المعنية التي تتحدث الابحاث عنها ونتوقع أن نصدر مجموعة قبل نهاية العام الأكاديمي الجاري وبذلك تجاوزنا الفجوة فيما بيننا وبين مؤسسات المجتمع.

 

 

 

هالة بدري: «دو» تدعم البحث العلمي وتعدّه استثماراً

 

ترى هالة بدري النائب التنفيذي للرئيس للإعلام والاتصال في دو أن تبني المؤسسات للأبحاث وتطبيقها في عملها مازال مجالاً حديثاً على المنطقة والإمارات، وهو مجال واعد تستطيع مؤسسات القطاع الخاص على وجه التحديد الإسهام فيه بفاعلية وجعله جزءاً من استراتيجية عملها، وخاصة أن اهتمام القطاع الخاص بدعم البحث العلمي سيؤدي إلى ربط الدراسات الأكاديمية في الجامعات بمتطلبات سوق العمل والمجتمع ككل، وسيحقق العوائد الاقتصادية من وراء الأبحاث الناجحة.

وتضيف: في دو نؤمن أن دعم المؤسسات الأكاديمية واجب على المؤسسات العاملة في الدولة كل في مجاله، وفي هذا الإطار جعلنا ذلك جزءًا لا يتجزأ من مسؤوليتنا المجتمعية لذا قمنا منذ انطلاقنا خلال العام 2007 بدعم الإبداع والمبدعين من جهة، وتسخير مواردنا سواء من خدمات وتكنولوجيا أو حتى الخبرات المتميزة التي تحتضنها الشركة لدعم التعليم والإبداع في الدولة.

وتقول: على مدار أقل من 5 سنوات نجحنا في بناء شراكات مميزة مع المؤسسات التعليمية في الدولة وحرصنا على الإسهام في توفير ما يتيح لمنتسبيها تحقيق أهدافهم العلمية.

ومن هذه المبادرات: برنامج تدريب طلبة الجامعات المواطنين، على مدار العام، وبرنامج مسار لتوطين وتطوير الكفاءات الوطنية، وبرنامج المتحدثين في الجامعات والكليات الذي يقدم عبره فريق الإدارة في "دو" محاضرات للطلبة لربط ما يدرسونه بالواقع العملي، بالإضافة إلى مد مؤسسات التعليم العالي بالتقنية أو الخدمات اللازمة للعملية التعليمية كخدمة الإنترنت أو تجهيز المختبرات، ودعم المبادرات الرامية لاكتشاف المواهب والموهوبين.

وتقول: إنه انسجاماً مع أهدافنا تحسين الظروف الدراسية للطلاب في كل أنحاء الإمارات وقّعنا اتفاقية شراكة مع الجامعة الأمريكية في دبي وكلية محمد بن راشد للإعلام لتزويد الكلية باتصال سريع بشبكة الإنترنت، ومن خلال شراكتنا مع مايكروسوفت لدعم مسابقة كأس التخيل فإننا نشجع المبدعين أصحاب المخيلات الواسعة.

وتهدف مسابقة كأس التخيل التي أسست في العام 2003 إلى تنافس الطلاب في تطوير تطبيقات خاصة بالهاتف المتحرك، وشارك في مسابقات العام الماضي 325 ألفاً من الطلاب لكونها من أهم الجوائز بالنسبة لهم، ويتبوأ الطلاب الذين يفوزون بها مكانة مرموقة في سوق تكنولوجيا المعلومات.

وتمكن الفائزون سابقاً من الحصول على منح دراسية رائعة، ومنهم من بدأ عمله الخاص في مجال تقنية المعلومات. دبي ـ «البيان»

 

 

حلقة مفقودة بين مؤسسات الدولة والجامعات

 

 

 

يقول الدكتور ابراهيم قرفال عميد كلية التربية والعلوم الأساسية في جامعة عجمان: هناك حلقة وصل مفقودة ما بين الجامعات ومؤسسات المجتمع الحكومية والخاصة فيما يخص الاستفادة من الابحاث الاكاديمية، فالجامعات تنتج ابحاثاً جلها قابل للتطبيق وتهتم بالتطوير والتحسين في قضايا معينة لكنها تبقى حبيسة الادراج ضمن خزائنها ولا يستفاد منها.

وهذه الحلقة المفقودة وعدم وجود رؤية شاملة تربط المؤسسات الاكاديمية بالجهات الحكومية والخاصة التي تهتم بتطبيق الابحاث العلمية والاستفادة منها هي سبب هذا الهدر والخسارة الفادحة.

ويقول: لابد من إيجاد منظومة واستراتيجية لتطوير الاتصال واستمراريته لتقوم الجامعات بدورها التعليمي بالشكل الصحيح فتنتقل من وظيفة المؤسسة الاكاديمية إلى انتاج المعرفة.

ويرى الدكتور قرفال أن الجامعات بيوت حكمة تنتج المعرفة وعليها أن تقتطع جزءًا من ميزانياتها وتخصصه للابحاث العلمية، وأن البحث العلمي مادة خام وطاقة كامنة إذا لم يستفد منه بقيت مهدرة لا قيمة لها.

ويوضح أن الابحاث الاكاديمية على الرغم من أنها ابحاث تدريبية هدفها تعليم الطلبة على منهجية البحث العلمي إلا أن جامعة عجمان تضع معايير يجب أن يحققها الطلبة خلال البحث. ويؤكد الدكتور عبدالله النجار رئيس المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا أن براءة الاختراع تتعلق بجانبين، الجانب الأول يخص الاختراع نفسه.

والجانب الثاني يتعلق بآلية تسجيل الاختراع وتكاليفه، لافتا إلى أن معظم براءات الاختراع في دولة الامارات لا يتم تحويلها إلى مصدر لجني الأرباح أسوة بما يحدث في الدول المتقدمة وذلك لعجز المنظومة الاقتصادية المحلية عن تحويل تلك الاختراعات إلى منتجات ذات عائدية.

ويضيف: يوجد في دولة الامارات جهاز تسجيل براءة الاختراع إلا أن هذا الجهاز يعتمد اجراءات مشددة في التسجيل لا توجد في الولايات المتحدة الاميركية والدول الاوروبية هذا فضلا عن صعوبة وتكلفة التسجيل التي تؤدي إلى انخفاض أعداد براءات الاختراع المسجلة في دولة الامارات ففي عام 2010 لم يزد عدد براءات الاختراع المسجلة لدينا عن 10 براءات اختراع مسجلة باسم دولة الامارات في المكاتب الدولية لبراءات الاختراع.

ويشير إلى أن الاقتصاد الذي لا يشجع على تسجيل المعرفة والابتكار المحلي كونه يعتمد على مقومات خارجية .

ويوضح الدكتور النجار أن العالم اليوم يتسابق نحو المعرفة الجديدة التي يمكن أن تنعكس على تحسين العوائد الاقتصادية، ونحن في الوطن العربي تواجهنا حقيقة مفادها أننا بحاجة إلى آليات تساعد الباحثين على ما يسمى التأكد من أن الاختراع صالح لأن يسجل كبراءة اختراع وكمعرفة جديدة مضافة ذات قيمة أصيلة.

وفي دولة الامارات لا توجد في منظومتنا المحلية لتسجيل براءة الاختراع لدى الجهاز المعني بأن نصل إلى نتيجة أن هذا الاختراع أصيل وبالتالي نضطر إلى الاستعانة بالاجهزة الخارجية للقيام بهذا الأمر، أضف إلى ذلك فإن تسجيل براءة الاختراع في الإمارات يكلف حوالي 3 آلاف دولار ومن المفترض أن تكون هذه التكاليف منخفضة لأنه في النهاية يسجل الاختراع باسم الدولة.

 

 

أكثر من 2000 مواطن يحملون الماجستير والدكتوراه

 

 

على الرغم من وجود جهود في مجال البحث العلمي تبذل في دولة الإمارات، ولا يمكن إنكارها، إلا أن الهوة واسعة بين هذه الجهود وبين الاستفادة منها.

ولا تعاني الدولة من ندرة الكوادر المتميزة القادرة على الاضطلاع بمسؤولية البحث العلمي، حيث يبلغ عدد المواطنين الحاصلين على درجتي الماجستير والدكتوراه أكثر من 2000 مواطن ومواطنة.

هذا ما يؤكده بلال البدور الوكيل المساعد لقطاع الثقافة والفنون في وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع.

ويرى البدور أنه إلى أن يتم ذلك، سنبقى نعاني من الخلل الذي يحدث عند إعداد دراسات تقرير التنمية الثقافية في الإمارات، وذلك لعدم وجود قواعد بيانات محدثة وجادة، وهذا ما تعانيه وزارة الثقافة عندما تقوم بإعداد تقارير حول جهود الإمارات الثقافية خاصة وأن الفعل الثقافي فيها تعنى به مؤسسات عديدة منها ما هو حكومي ومنها ما هو أهلي ومنها ما هو خاص، ولكي نقوم بجمع بيانات من جميع هذه المؤسسات، فإننا نواجه قدراً كبيراً من العناء.

وعلى الرغم من التطور الذي حققه البحثي العلمي في دولة الإمارات، إلا أن الدولة تفتقر إلى مراكز البحث المتخصصة في جميع مناحي الحياة، باستثناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، كذلك بعض مكاتب الدراسات في بعض الوزارات. ويتابع: «هناك جهود تبذلها بعض الجهات من خلال طرح مسابقات متخصصة وجوائز في بعض القضايا، ولعل ندوة الثقافة والعلوم في دبي تأتي في مقدمة هذه المؤسسات من خلال جائزة العويس للدراسات والابتكار العلمي».

ويقول البدور: إن عدد الحاصلين على درجتي الدكتوراه والماجستير من أبناء الإمارات، قد تجاوز الألفين، مما يعني عدم وجود ندرة في الباحثين المؤهلين، بينما تحتفظ ندوة الثقافة والعلوم بأعداد كبيرة من الدراسات العلمية، التي تم تكريم أصحابها بجوائز ومن بينها جائزة راشد للتفوق العلمي، لكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق، هو ما مصير هذه الأبحاث والدراسات؟

 

جائزة العويس

ويتابع: بالعودة إلى جائزة العويس، سنلحظ أن هذه الجائزة اعتمدتها ندوة الثقافة والعلوم منذ عام 1999، وتركز على فروع متعددة منها المسابقة العامة بمحاورها العشرة ومسابقة أفضل بحث عن الإمارات، والفرصة متاحة للمشاركة في هذه الجائزة لأبناء الإمارات وغير أبناء الإمارات ولها كذلك محوران، هما محور الدراسات الإنسانية بأربعة موضوعات، ومحور البحوث العلمية التطبيقية بأربعة موضوعات كذلك، وهناك أفضل بحث في مجال الشباب وأربع مجالات بالإضافة إلى فروع الجائزة الأخرى.

فيما يتعلق بنتائج هذه المسابقة والبحوث الفائزة فيها، فإنها تطبع كما يمكن أن تقدم إلى جهات حكومية، في حين يحصل مؤلف البحث على حقوقه المادية من الجائزة مباشرة، ويعتبر مؤلفه مساهمة علمية في قضية البحث.

فضلاً عن أن بعض المؤسسات ومن بينها ندوة الثقافة والعلوم تعمد إلى نشر عدد من هذه المؤلفات على موقعها الإلكتروني، كما تقوم بطباعة بعض الدراسات والرسائل العلمية، وذلك جنباً إلى جنب مع مؤسسات أخرى مثل دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة وكليات العلوم الشرطية ومؤسسات خاصة أخرى.

 

هيئة البحث:قاعدة بيانات في 2012

 

 

أكد الدكتور حسام سلطان العلماء مدير الهيئة الوطنية للبحث العلمي أن الهيئة بدأت بالتواصل مع مختلف المؤسسات الاكاديمية في الدولة لحصر الأبحاث الأكاديمية التي ينتجها الطلبة وأعضاء هيئة التدريس لتأسيس قاعدة بيانات في الهيئة تكون مرجعا علميا للباحثين والمهتمين بالابحاث العلمية.

وأشار إلى أن قاعدة البيانات لهذه الابحاث سوف تكون جاهزة خلال 2012 ، وثمة الكثير من الابحاث الاكاديمية التي يقدمها طلبة الجامعات في تخصصات دراسية مختلفة وفي مجالات متنوعة تبقى حبيسة الادراج ولا يستفاد منها وتقتصر فائدتها على الدرجة التي ينالها مقدم البحث.

وأكد أن عدم الاستفادة من البحوث يمثل هدراً وخللا لابد من تلافيه وتجنب تبعاته، موضحا أن بعض الطلبة يبذلون مجهودات كبيرة في أبحاثهم التي تكون ذات مستوى علمي متقدم.

وأضاف: إن الهيئة الوطنية للبحث العلمي تشجع الطلبة والباحثين في مختلف المؤسسات الأكاديمية لإجراء أبحاث في العلوم التطبيقية والعلوم الإنسانية التي تركز على مجالات تفيد الدولة شريطة أن تكون هذه الابحاث متوافقة مع متطلبات ومعايير البحث العلمي الذي وضعتها الهيئة.

 

فقدان التنسيق بين الجامعات والمصانع

 

يؤكد الدكتور مروان جريسة مدير معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا في أبوظبي، أهمية توثيق العلاقات بين الجامعات والمعاهد العلمية والشركات والمصانع، لافتا إلى أن السبب الرئيسي لتقدم الدول الأوروبية وأميركا علميا يرجع لقوة العلاقات بين جامعاتها وشركاتها ومصانعها، حيث تستفيد الأخيرة من كافة الأبحاث التي تجريها الجامعات، كما أن الجامعات تجري أبحاثا تحتاجها المصانع والشركات، ولذلك الصلة بينها قوية جدا وإزدادت الجامعات والشركات قوة يوما بعد يوم.

ويضيف: على مستوى منطقتنا وفي دولة الإمارات فإن التنسيق بين الجامعات والمصانع والشركات ليس على الشكل المطلوب أو المأمول ونحن في معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا نسعى إلى إقامة علاقة قوية مع الشركات والمصانع العاملة في أبوظبي بصفة خاصة والإمارات ودول المنطقة بصفة عامة ولدينا لجان للتعاون المشترك مع شركة مبادلة للتنمية وشركة الإمارات للألومنيوم "إيمال".

وشركة آتيك لاستثمار التكنولوجيا المتطورة وشركات أخرى وهذه العلاقة تستهدف تحقيق رؤية أبوظبي 2030 والتي تستهدف تحويل اقتصاد أبوظبي بشكل الراهن إلى اقتصاد يعتمد على المعرفة والتكنولوجيا بشكل كبير.

وينوه إلى أن من أهم مجالات الأبحاث العلمية تطوير البنية التحتية للمصانع والشركات، لافتا إلى أن هناك دولاً كثيرة ترصد ميزانيات ضخمة للأبحاث العلمية بسبب أهميتها القصوى وهذه الميزانيات تخصصها الحكومات أو الشركات والمصانع وفي بعض الحالات الجمعيات المجتمعية والخيرية.

وحول طبيعة التعاون بين المعهد والشركات والمصانع الحكومية والخاصة في الدولة، يؤكد مروان جريسة مدير معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا أن هناك لجانا مشتركة بين المعهد وبعض الشركات الكبرى داخل أبوظبي والإمارات، إلا أنه يطالب بأن يكون هذا التعاون أكبر في المستقبل ويتوافر دعم مالي ومعنوي أكبر للمعاهد البحثية والجامعات، لأن تطوير الأبحاث في مجال التكنولوجيا مهم جدا لدولة الإمارات في الوقت الراهن.

حيث يتجه اقتصادها ليكون اقتصادا قائما على المعرفة. وقال: أعتقد أن التعاون الوثيق مطلوب اليوم وهو فريضة خاصة وأن القطاع الصناعي في الإمارات واعد ويحتاج إلى المزيد من الأبحاث وستوفر هذه الأبحاث الكثير من التكلفة المادية، كما ستطور وتحسن من نوعية الإنتاج بشكل كبير.

 

Email