تم تشييده على نفقة حمدان بن راشد ويضم المئذنتين الأعلى في أوروبا

افتتاح مسجد السلام في روتردام

ت + ت - الحجم الطبيعي

افتتح مساء أول من امس مسجد السلام في روتردام بهولندا والذي جرى تشييده على نفقة سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي وزير المالية وتولت هيئة آل مكتوم الخيرية بدبي برئاسة الشيخ راشد بن حمدان آل مكتوم عملية الإشراف عليه والتخطيط له وتنفيذه.

حضر حفل الافتتاح أبناء الجاليات العربية والإسلامية الذين احتشدوا في جنبات المسجد منذ الصباح الباكر رغم العواصف الثلجية الكثيفة التي اجتاحت روتردام حيث عبر الجميع عن فرحتهم باكتمال انجاز هذا الصرح الإسلامي الكبير الذي طال انتظاره.

كما شهد حفل الافتتاح أحمد أبو طالب عمدة روتردام وعلي ثاني السويدي سفير الدولة لدى مملكة هولندا وميرزا الصايغ مدير مكتب سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم عضو مجلس أمناء هيئة آل مكتوم الخيرية ومحمد عبيد بن غنام الأمين العام لهيئة آل مكتوم الخيرية بدبي وأبوطاهر عبدالرزاق المسؤول عن المشروع والدكتور نوح القدو مدير المركز الإسلامي في دبلن وعبد الله الأنصاري ومسعود صالح بالإضافة الى الشيخ الدكتور حسين حلاوة امام وخطيب المركز الإسلامي في دبلن والذي أدى خطبة الجمعة وأم المصلين في أول صلاة جمعة تقام في هذا المسجد الفاخر حيث دعا الشيخ في خطبته الى التمسك بالقيم الصحيحة للدين الحق وانتهاج الوسطية والإعتدال والبعد عن الفرقة والشتات.

وقد استغرق انجاز مشروع المسجد عقدا كاملا ويعتبر صرحا حضاريا وثقافيا والذي أصبح اليوم ثاني أهم معلم في مدينة روتردام الساحلية بعد مبنى مجلس المدينة الذي يضم البرلمان والبلدية.

بداية المشروع

وقد بدأ العمل في تطوير مسجد السلام بروتردام في أبريل عام 2000 على قطعة أرض جديدة منحتها البلدية مبادلة مع قطعة الأرض المقام عليها المسجد القديم والمملوكة لجمعية السلام مع دفع فرق السعر بين القطعتين اذ تطلب الأمر أربع سنوات للحصول على الموافقات المطلوبة ليس من الجهات الرسمية فحسب بل حتى من السكان في المنطقة المحيطة بالمسجد.

وجرى قبل يوم الافتتاح الإيفاء بكافة المتطلبات الرسمية وتوقيع الإتفاقية النهائية لتبادل الأراضي مع البلدية التي لا يسمح لها القانون ببيع الأراضي المملوكة لها ..وبعد اكتمال المبنى والوفاء بجميع اشتراطات السلامة تسلمت اللجنة رخصة استخدام المكان مما سمح بإقامة حفل الافتتاح وتأدية الصلاة الأولى فيه.

ويتألف المبنى من ثلاثة طوابق تعلوه ثلاث قباب على الطراز المغربي الفاسي ويضم مئذنتين هما الأعلى بأوروبا بإرتفاع يصل الى 50 مترا ويضم المبنى قاعتين للصلاة بالطابقين الثاني والثالث للرجال والنساء فيما تخصص القاعة الأرضية للمناسبات العامة والإحتفالات لسكان المدينة من مسلمين وغيرهم مما يؤكد على دور المسجد في الإنفتاح على محيطه المحلي خاصة وأنه يضم أيضا حديقة عامة مقامة على أرض تابعة للمسجد وتقع تحتها مواقف عامة للسيارات «200 موقف»80 منها فقط خاصة بالمسجد والبقية للسكان .

ويضم المسجد أيضا مكتبة عامة وقاعات للمحاضرات والندوات مجهزة بأحدث وسائل الإتصال ..كما ان المبنى مزود أيضا بكاميرات للمراقبة الأمنية ونظام متطور للإنذار ومكافحة الحريق متصل بالشرطة ونظام للتكييف والتدفئة الى جانب مرافق اخرى تشمل دورات مياه حديثة وأماكن متعددة للوضوء في كل طابق ومصعد كهربائي وغرفة خاصة بالأطفال ومكاتب للإمام واللجنة والنساء لكن يسمح بالسكن داخل المسجد ..ويعتبر هذا الصرح بحق إضافة مقدرة للمنجزات الحضارية في مدينة روتردام وبشهادة أهلها.

يشار الى أن المسجد لم يكتمل بشكله النهائي ولا تزال بعض الأعمال تتطلب إنجازا لا سيما التشطيبات النهائية وأعمال الديكور والزخرفة وغيرها والتي ينتظر أن تكتمل خلال ستة أشهر.

افتتاح عصري

وأقيم حفل افتتاح مسجد السلام باسلوب عصري يجسد قيم الانفتاح والتواصل ويؤكد على سياسة «الأبواب المفتوحة» التي يتبناها المسجد شعارا له حيث اقيم مؤتمر صحافي مفتوح بحضور أبناء الجاليات الإسلامية والعربية ومسؤولي مدينة روتردام يتقدمهم العمدة الذي هو أيضا رئيس الشرطة والبرلمان المحلي بالإضافة الى بعض ممثلي الديانات الأخرى وممثلي وسائل الإعلام .

وتوجه عمدة روتردام أحمد أبو طالب «من أصل مغربي» خلال المؤتمر الصحافي بالشكر الى سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم على إهداء مدينة روتردام معلما حضاريا مميزا أصبح يشكل أحد العناوين البارزة في المدينة .. وقال «نحن فخورون بهذا الصرح الحضاري والذي عملنا جميعا لإنجازه حتى رأى النور بعد أن كان أقرب الى الحلم والخيال».

وأوضح ان التحدي الحقيقي الذي يواجهنا جميعا يتمثل في الكيفية التي سيؤدي بها المسجد رسالته والتي نأمل أن تكون رسالة متوازنة ومعتدلة تقوم على التسامح والانفتاح على الآخرين وتعكس الجوهر الحقيقي للدين الإسلامي الحنيف وأن تجعل من هذا المسجد مركزا حقيقيا للتعاون والتآخي لإحداث التقارب المنشود ليس بين أبناء الجاليات الإسلامية فقط بل مع معتنقي الديانات الأخرى ..وأوصى بأن يعمل المسجد ممثلا في إدارته ومرتاديه على الاندماج التام والانسجام مع محيطه المحلي حتى يكسب ثقة واحترام السكان الأصليين.

شكر وتقدير

واعرب المشاركون في حفل الافتتاح وعلى رأسهم عمدة روتردام ومجلس إدارة جمعية السلام وأبناء الجاليات وممثلي الديانات المختلفة عن الشكر والتقدير والامتنان لسمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم على اسهاماته المقدرة في تشييد هذا الصرح الإسلامي المتكامل الذي أدخل الفرحة في قلوب أبناء الجاليات الإسلامية ونال الإشادة والتقدير من ممثلي الأديان الأخرى الذين يأملون في أن يشكل جسرا للتواصل بين أتباع الديانات المختلفة وأداة للتواصل الفكري والثقافي والإجتماعي بين المسلمين وغيرهم من أصحاب الديانات الأخرى في مدينة روتردام.

من جانبه أشاد علي ثاني السويدي سفير الدولة لدى مملكة هولندا بالعطاء السخي والدعم المتواصل الذي يقدمه أبناء الإمارات لخدمة القضايا الإنسانية والخيرية ومد يد العون والمساعدة لكافة المحتاجين لاسيما لأبناء الجاليات العربية والاسلامية في بلاد المهجر ..مثمنا الدعم الكبير والمساهمة السخية من سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم في تشييد هذا الصرح الاسلامي المتميز والذي يثلج الصدر ويقف شاهدا على عطاء وسخاء أبناء الإمارات وحبهم للعمل الخيري بمختلف أشكاله وأنواعه.

وقال السفير السويدي في تصريح له بالمناسبة ليس هذا بغريب على أبناء الإمارات قيادة وشعبا والذين تثمر أياديهم البيضاء صروحا للخير وجسورا للتواصل ومنارات للعلم حيث نشهد اليوم افتتاح هذا المسجد الفخم الذي نأمل ان يشكل لبنة قوية لإرساء علاقات راسخة مع أبناء الشعب الهولندي تنهض على الثقة المتبادلة وتؤسس لمرحلة جديدة من التعاون المشترك الذي يعود بالنفع على الجميع .

ودعا السفير أبناء المسلمين في روتردام وغيرها الى الاندماج في المجتمع المحلي وعدم تمييز أنفسهم والانزواء بعيدا عن هموم المجتمع الهولندي الذي يعيشون فيه ..مشيرا الى ان الاسلام يدعو الى الإنفتاح على الآخرين والتواصل معهم في شتى ضروب الحياة بصرف النظر عن معتقداتهم.

واكد ان تشييد هذا المسجد بالرغم مما فيه من مصاعب ومشاق يمثل الجزء الأسهل من المهمة الملقاة على عاتق أبناء الجالية الاسلامية هنا والذين ينتظرهم تحد كبير يتمثل في تغيير الصور النمطية السالبة عن الاسلام والعمل على تقديم صورة مشرقة تحبب الناس في هذا الدين الحنيف وتجعل من أبناء المسلمين سندا لمجتمعاتهم لا عالة عليها.

ونقل ميرزا الصايغ مدير مكتب سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم عضو مجلس امناء هيئة ال مكتوم الخيرية التحية باسم دولة الامارات رئيسا وحكومة وشعبا مقرونة بتحيات وأماني سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي وزير المالية الى أبناء الجالية الإسلامية في روتردام وتهاني سموه لهم بافتتاح هذا المسجد ومتمنيا أن يصبح كما أريد له منارة تشع بالعلم والأخلاق الفاضلة وتبرز سماحة الاسلام ووسطيته واعتداله بما يحقق التواصل مع معتنقي الديانات الأخرى في المجتمع المحلي بمدينة روتردام.

وأشاد الصايغ بالعلاقات الراسخة التي تربط بين دولة الإمارات ومملكة هولندا في شتى المجالات ..مثمنا دور السفارة والسفير علي السويدي في رعاية وتوطيد تلك العلاقات حتى بلغت مرحلة متقدمة من الثقة والتعاون المشترك حسب رغبة وتوجيهات المسؤولين وكان من ثمرتها الموافقة على تشييد هذا الصرح الحضاري المتميز.

وقال الصايغ في كلمته خلال الحفل «يجب أن يعلم الجميع بأن المسجد ليس للصلاة فحسب بل إن له رسالة خالدة تجاه المجتمع المحلي وتنتظره تحديات عظيمة تتمثل في تكاتف أبناء الجاليات الاسلامية والعمل سويا لبناء جسور التواصل والثقة مع أبناء الديانات الأخرى» ..

وأهاب بأبناء الجالية الاسلامية نبذ الفرقة والشتات والالتزام بسماحة الإسلام ومنهج الوسطية والاعتدال ودعاهم الى البعد عن التطرف والتشدد وكل ما من شأنه الإساءة الى الدين الحنيف ..كما دعا أبناء الجالية الاسلامية لأن يؤدوا واجباتهم قبل المطالبة بحقوقهم لأن من يعمل باخلاص ويتفانى في خدمه مجتمعه يكون مستحقا لأن ينال حقوقه كاملة.

وأعرب محمد عبيد بن غنام الأمين العام لهيئة آل مكتوم الخيرية بدبي عن سعادته باكتمال العمل في تشييد هذا المسجد الحديث حتى أصبح معلما اسلاميا واضحا يجلل سماء مدينة روتردام ..وقال «نحن فخورون بمساهمة الهيئة في هذا العمل الجليل وذلك تتويجا لتوجيهات راعي الهيئة سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم الذي لا يألو جهدا في تلبية احتياجات أبناء المسلمين في مختلف الدول من مساجد ومدارس ومستشفيات ومراكز صحية ودعوية فضلا عن أعمال الإغاثة التي تقوم بها الهيئة وتقدمها للمنكوبين والمعوزين والمحتاجين من المسلين وغيرهم».

رسالة المسجد

وعن رسالة المسجد ودوره في تقديم صورة مشرقة عن الإسلام الذي يتعرض حاليا لهجمة إعلامية شرسة تعمل على تقويض سمعته والتنفير منه أوضح بن غنام ان الإسلام هو دين المحبة والسلام والإخاء وهو يجمع ولا يفرق ويدعو الى التكافل والتراحم ولم الشمل وهو دين الفطرة ولا يضره ما يقوم به بعض المنتسبين له من أعمال لا يقرها الدين لذلك فإن من واجب المسلمين العمل انطلاقا من المسجد لتصحيح جميع المفاهيم الخاطئة التي تسود عن الاسلام وذلك لا يتم إلا بصلاح المسلمين أنفسهم وتمسكهم بقيم الدين وعاداته السمحة والابتعاد عن العصبية والتطرف والحرص على الوسطية والاعتدال وذلك هو السبيل الى تقوية الصف وتوحيد الكلمة وإعادة قيم الدين الاسلامي الى مكانتها السابقة من حيث التقدير والتبجيل والاحترام في كل المجتمعات .

.مشيرا الى ان الهيئة لن ينقطع دورها باكتمال البناء فقط بل ستعمل أيضا على مساعدة أبناء الجالية الاسلامية هنا على عمارة هذا المسجد على ضوء الرسالة التي اتفق عليها الجميع.

ثقة وانفتاح

من جانبه أعرب حفيظ بن شمسي قنصل المملكة المغربية الشقيقة في مدينة روتردام عن سعادته باكتمال هذا الصرح الحضاري الذي جادت به الأيادي الخيرة لأبناء الإمارات ممثلة في رجل البر والإحسان سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم ..وقال ان هذا المسجد يمهد لعلاقات جديدة بين أبناء المسلمين والمجتمعات المحلية ملؤها الثقة المتبادلة والانفتاح والإنسجام من أجل المصلحة العامة.

وأضاف «نحن فخورون حقا بحالة التنوع والثراء الديني والثقافي والإجتماعي التي تنتظم الشعب الهولندي حيث ننظر الى هذا التنوع كمصدر للقوة والثراء» ..مؤكدا ان المسجد يمثل إضافة حقيقية للحياة الإجتماعية والثقافية والدينية في روتردام «ونحن على ثقة من أن القائمين على أمره يدركون أهمية ذلك ونحن من جانبنا سوف نقدم لهم لكل ما شأنه تسهيل مهمتهم في التواصل مع محيطهم بصورة إيجابية».

وأشاد الشيخ أبو طاهر عبد الرزاق المشرف على المشروع بدعم سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم السخي لبناء هذا المسجد حتى يلتئم شمل أبناء الجالية الإسلامية وقد تواصل عطاء سموه حتى اكتمل هذا البناء الذي نتشرف اليوم بافتتاحه وسط فرحة كبيرة سائلا الله عز وجل أن يجعل هذا العمل في ميزان حسنات سموه وأن يجزي خيرا كل من ساهم وسعى في كل مرحلة من مراحله الطويلة والشاقة.

وقد عاهد الجميع بأن يبقى المسجد رمزا للتسامح الديني والتواصل بين الشعوب والمجتمعات وأن يعمل على لم الشمل وتوحيد الكلمة ونبذ الفرقة والشتات ومكافحة الانحراف والتطرف بشتى الوسائل.

وتضم لجنة المسجد الشيخ محمد بورديم ونجله الشيخ عبد القادر سكرتير جمعية السلام المسؤولة عن المسجد.

(وام)

Email