نظمتها مؤسسة دبي للإعلام بمناسبة يوم المعاق بصرياً

ندوة «العصا البيضاء» تحتفي بتجارب المكفوفين المشرفة وتناقش مشكلاتهم الحياتية

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يحتفل العالم في 15 أكتوبر من كل عام بيوم المعاقين بصرياً والذي يعرف باسم «يوم العصا البيضاء»، تلك العصا التي أصبحت تمثل رمزاً لحرية المعاقين بصرياً واستقلالهم، خاصة وأنها ساهمت في تعميق ثقتهم بأنفسهم، وفي هذا اليوم يجدد العالم أجمع دعمه لأبناء هذه الشريحة ويطلع فيه على أبرز إبداعاتهم، ويحاول فيه إبراز طاقاتهم ومواهبهم.

وبمناسبة هذا اليوم نظم قسم المجتمع في مؤسسة دبي للإعلام ندوة بعنوان «العصا البيضاء»، بهدف مناقشة أبرز المشكلات التي يعاني منها المعاقون بصرياً، والاطلاع على تجاربهم مع العصا البيضاء، وإبراز انجازاتهم في هذا المجال. أدارت الندوة فضيلة المعيني، رئيس قسم ديارنا في صحيفة «البيان».

وحضرها كل من فاطمة الرميثي، مدربة نظم المعلومات للمكفوفين، وملكة نواف عز الدين، مدرسة مختصة في مركز العين لرعاية وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة، ونجاة شرف، ضابط إداري أول بقسم الإعلام بهيئة صحة دبي، وعادل الزمر، نائب رئيس مجلس الإدارة بجمعية الإمارات لرعاية المكفوفين.

وأحمد حسن الملا، مدير العلاقات الخارجية بمركز تمكين، وعواطف أكبري، مديرة العمليات الداخلية بمركز تمكين، وفتحية قاسم النظاري، مديرة إدارة الإسعاف وخدمة المجتمع بهيئة الهلال الأحمر الإماراتي، وسلوى أحمد، متطوعة في الهلال الأحمر، والطالب عبد العزيز نجم، طالب في مدرسة الحميدية، وعدد من مسؤولي قسم المجتمع في مؤسسة دبي للإعلام.

وفي بداية كلمتها رحبت مريم المر، رئيس قسم المجتمع في مؤسسة دبي للإعلام بالحضور، وأكدت على دور مؤسسة دبي للإعلام في الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة، وذكرت أن قسم المجتمع يعمل جاهداً على تسليط الضوء على أبرز القضايا المجتمعية ويركز في عمله على خدمة المجتمع المحلي من خلال دعم قضايا شرائحه خاصة شريحة ذوي الاحتياجات البصرية.

أما فضيلة المعيني فقد أشادت في كلمتها بكافة المبادرات والبرامج والمشاريع التي صاحبت صدور قانون ذوي الاحتياجات الخاصة في العام 2006، كما أشادت بتجربة وزارة التربية والتعليم التي ساهمت بدمج المعاقين في مراحل التعليم المختلفة عبر «برامج الدمج بينهم وبين الطلبة المبصرين».

الندوة النقاشية طرحت ابرز المشكلات التي يعاني منها المعاقون بصرياً، واستعرضت ابرز التجارب والتطورات التي استطاع المعاقون بصرياً انجازها في الفترة الماضية، وقد خرج المشاركون في الندوة بعدد كبير من التوصيات والدعوات التى تؤكد على حقوقهم في المجتمع.

وأبرزها ضرورة تعليم المعاقين بصريا على طرق استخدام العصا البيضاء منذ الصغر، وضرورة المحافظة على لغة «برايل» التي أصبحت تعاني من الهجران في ظل التقدم التكنولوجي والتقنيات التي يستخدمها المعاقون بصريا، بالإضافة إلى ضرورة سن قوانين وتشريعات جديدة تؤمن حقوق المعاقين بصريا في الحصول على الخدمات المالية والتوظيف وتسهل حياتهم العملية.

ومن خلال المناقشات التي جرت في الندوة قامت «البيان» باستعراض عدد من تجارب المشاركين مع العصا البيضاء، وتعاملاتهم مع التقنيات التكنولوجية الحديثة.

في البداية قال عادل الزمر نائب رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات لرعاية المكفوفين عن عصاه البيضاء: تلقيت دورة في عام 1986 على مدار عام دراسي كامل في معهد النور في البحرين، وتعلمت هناك كيفية استخدام العصا البيضاء على يد مدرب متخصص، كان يدربني مع مجموعة من المكفوفين في الفترة المسائية وأوقات الفراغ.

أما عن حياته مع الإعاقة البصرية والتحديات التي واجهته، فقال الزمر: حياتي طبيعية والحمد لله، ولكنني أتمنى أن يكون هناك مدربون متخصصون في الدولة حتى يتعزز وجود واستخدام العصا البيضاء في حياة المكفوفين في مرحلة مبكرة من حياتهم، ويتم تعريف بقية أفراد المجتمع بالمكفوفين، وضرورة احترام حقوق هذه الفئة ومراعاتها.

أهمية العصا

أما نجاة شرف، ضابط إداري أول بقسم الإعلام بهيئة صحة دبي، فأوضحت أنها تدربت على استخدام العصا البيضاء في بريطانيا عام 1977، ضمن دورة تأهيلية استمرت 26 أسبوعاً، وقالت: تعلمت مصطلحات معينة أثناء التدريب.

كما تعرفت على أنواع العصي ومقاساتها، حتى أفهم كيفية استخدام العصا عند النزول على الدرج، أو عند البحث عن باب للدخول أو الخروج، سواء في المنزل أو في حال أردت الذهاب إلى الأسواق، والحمد لله لم أواجه أي صعوبات أثناء التعلم، كما أنني لا أستغني عن العصا حتى أتفادى كسر أي شيء، أو الاصطدام بشخص ما.

واعتمدت شرف على العصا طوال فترة إقامتها في بريطانيا للدراسة، حيث كانت تعيش لوحدها وتتنقل بمفردها، وحول اعتمادها على كلب القيادة أثناء فترة تواجدها في بريطانيا، قالت شرف: على المكفوف تعلم استخدام العصا أولاً، ثم بإمكانه الاعتماد على كلب القيادة، وأنا لم أعتمد عليه، لأنه يعادل العصا فعلياً.

وعندما عادت نجاة إلى الدولة فوجئت بخجل نسبة كبيرة من فاقدي البصر من استخدام العصا، وقالت: المكفوفون في الإمارات محرجون من استخدام العصا، ويعتقدون أنها تقلل من شأنهم ولا تتناسب مع مظهرهم الخارجي، وهذا أدهشني جداً، لأن من حق بقية أفراد المجتمع المبصرين أن يعرفوا أن لدينا إعاقة بصرية، حتى تكون لنا معاملة خاصة.

وعن التحديات اليومية التي تواجهها في العمل، خاصة وأنها تقوم بمتابعة شكاوى الناس وطلبات العملاء، قالت شرف: أفتقد الأجهزة والتقنيات والبرامج الحديثة والمتطورة الخاصة بالمكفوفين، التي تساعد على أداء العمل بشكل أسرع وأدق.

معاناة مع البنوك

ومن ناحيته ركز أحمد حسن الملا، مدير العلاقات الخارجية بمركز تمكين في دبي، عن الصعوبات التي تواجه المكفوفين في البنوك، وقال: لا يجب التركيز في اليوم العالمي للعصا البيضاء على كيفية حركة المكفوفين وتنقلهم فقط، بل يجب أن نسلط الضوء على القضايا الجوهرية للإعاقة البصرية بشكل عام والتي تشمل فئتين هما: فاقدو البصر كلياً وضعاف البصر، وأن نعرض فيه ما تم إنجازه من الحلول، وهنا لا بد من الإضاءة على معاناة ذوي الإعاقة البصرية في البنوك.

حيث يتظاهرون بالإبصار، ويحاولون إخفاء كافة الدلالات التي تدل على أنهم من تلك الفئة، حتى لا يفتحوا على أنفسهم أبواباً من المشكلات، أبرزها ضرورة إحضار الوكيل حتى يتم فتح حساب بنكي له.

وعدم قدرة المعاق بصرياً على الاقتراض، أو التصرف بأمواله، أو حتى الحصول على دفتر شيكات أو «كريدت كارد» إلا بموافقة الوكيل، وقد تكون البنوك على حق في تشريع تلك القوانين لأنها في النهاية مؤسسات مالية تحرص على تأمين وضمان حقوقها، ولكن يجب أن تتم مراعاة حقوقنا كأفراد نعاني من الإعاقة البصرية، وأن نعامل كما يعامل بقية المبصرون في المجتمع، من خلال لوائح تنفيذية معينة تحمي حقوقنا، حتى لا نضطر للتمثيل.

وأشار الملا إلى أهمية تعليم ضعاف البصر القراءة والكتابة العادية بالإضافة إلى طريقة «برايل»، لأن كل إنسان معرض أن يفقد بقاياه البصرية أو حدة بصره عندما يتقدم بالعمر أو لأي ظرف آخر.

وقال: يعامل ضعيف البصر في ميدان التعليم للأسف مثل الأشخاص المكفوفين بشكل كلي، وهذا ظلم كبير يجب أن يرفع عنهم حتى تسير حياتهم بشكل طبيعي.

وتساءل الملا عن أسباب حرمان المكفوفين من فرص الاندماج في الدورات التدريبية في المؤسسات والشركات التي يعملون بها، وقال: لا أنكر أن هناك مساواة بين المبصر والكفيف في الراتب، والميزات، والمكافآت في مجال العمل.

ولكن ما لاحظته أن نسبة كبيرة من الموظفين المعاقين بصرياً محرومون من فرص الحصول على الدورات في مجال عملهم، لسببين الأول: عدم القدرة على التعامل مع المعاق بصرياً مع أنه شخص طبيعي، وإهمال المعاق بصرياً وإرضائه بأقل الحلول وليس أنصافها على الأقل، فالمبصر يتلقى تدريباً يؤدي إلى ترقيته أما المعاق بصرياً فيظل في مكانه دون حراك.

الخجل مرفوض

وقالت عواطف أكبري، مديرة العمليات الداخلية بمركز تمكين في دبي، عن طبيعة عمل المركز: يعنى مركز تمكين بتأهيل وتدريب المعاقين بصريا، ولدينا حالياً 150 طالباً تقريباً، حيث نقوم بتدريب طلاب المراحل الإعدادية في المدارس والجامعات في فترة الصيف على كيفية استخدام الحاسب الآلي، ومهارات اللغة الإنجليزية.

ورفضت أكبري توجيه أي لوم للمسؤولين أو المجتمع، وقالت: خجل المعاقين بصرياً من الاعتراف بإعاقتهم، يمنع المسؤولين من التقرب منهم أكثر، ووضع الحلول المناسبة للمشكلات التي يعانون منها، كما يحرمهم من المطالبة بحقوقهم.

كما أن خجلهم من استعمال العصا البيضاء سيحرمهم من الاستقلالية في الحياة، لأن المبصر لن يتواجد دائما إلى جانبهم في جميع الأوقات، وبالنسبة لي فأنا أستخدم العصا في حياتي اليومية وقد تدربت على استعمالها في الدولة على يد عدد من زملائي المكفوفين.

ظهور التقنيات الحديثة أدى إلى تطوير حياة المعاقين بصرياً ومكنهم من التواصل مع العالم الآخر.. هذا ما أكدته أكبري، وقالت: باستطاعة المعاق بصرياً اليوم تصفح المنديات، ومعرفة أخبار العالم، ومراسلة أصدقائه بسهولة، ولكن عليه ألا يهمل تعلم طريقة برايل لأنها تكمل ما تعلمه المعاق بصريا في مجال التكنولوجيا الحديثة.

وعقبت أكبري على حديث الملا الذي دار حول معاناة المكفوفين بصرياً في البنوك وقالت: أتمنى أن يضع البنك المركزي قانونا يحمي حقوق البنوك والمكفوفين في الوقت نفسه، فهناك بنوك تمنع المكفوف من سحب المال من حسابه الخاص، وقد مررت بتجربة لا أنساها.

حيث كانت مديرة فرع أحد البنوك تقوم بتسهيل إجراءاتي البنكية، ولكن عندما تم تغيير هذه المديرة، قامت المديرة الجديدة بوضع قوانين تمنع المعاقين بصريا من سحب أي مبالغ حتى لو كان درهماً واحداً من حساباتهم الخاصة، وهذا جعلني ألجأ إلى سحب المبالغ المالية الكبيرة على عدة أيام من آلات السحب، وفي حال أردت فتح حساب جديد فيتحتم أن أحضر وكيلا وشاهدين.

وتحدثت ملكة نواف عز الدين، مدرسة مختصة بمركز العين لرعاية وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة، عن مهامها داخل المركز، وقالت: أقوم بمتابعة الطلاب المكفوفين الذين تم دمجهم في مدارس الدولة خلال هذا العام وحتى الأعوام السابقة الذين لا يزالون بحاجة إلى دعمنا كفريق للخدمات الخارجية والمساندة، والتواصل مع المدرسين.

والإجابة على أسئلة الطلبة المبصرين التي تدور عادة حول أسباب عدم قدرة زملائهم المكفوفين على الإبصار، وأسلوبهم في المذاكرة والتمييز بين الكتب، وتعليمهم كيفية مساعدة زملائهم المكفوفين على الحركة والتنقل والإمساك بهم بالطريقة الصحيحة.

وحول ما إذا كانت تواجه مشكلات كالتي تواجهها عواطف أكبري في البنوك، نفت ملكة وجود أي عقبات معينة، وأوضحت أنها تعامل بأسلوب راق جداً كما لو كانت مبصرة، وقالت: أعتمد على الماكينة عادة لسحب النقود، وقد اعتدت على استخدامها لأن أزرارها تشبه أزرار الهاتف.

حلاوة التحدي

وحظي عبد العزيز نجم، طالب متفوق في مدرسة الحميدية في عجمان، بإعجاب الحاضرين جميعاً، نظراً لتميزه في مجال الدارسة والتمثيل والعزف، وحبه لتطوير نفسه، والاعتماد على نفسه بالدراسة، وقال: عندما تم دمجي مع الطلاب المبصرين في المدرسة قبل أربع سنوات شعرت بسعادة كبيرة، وأحسست بحلاوة التحدي والاجتهاد ومنافسة زملائي المبصرين.

وعن مناهج الدراسة ومشكلات الدمج قال عبد العزيز: لا توجد مناهج خاصة بالمكفوفين، وكتبي عادية كبقية كتب الطلاب، ولكن هناك مشكلات لا أدري متى سيتم وضع حلول مناسبة لها بخصوص الدمج.

على الرغم من طرحها أكثر من مرة في المؤتمرات والبرامج التلفزيونية، وهي عدم توفير المستلزمات الدراسية الخاصة بالمكفوفين، كالأدوات الهندسية، والسبورة الخاصة على سبيل المثال، وعدم تدريب المدرسين على التعامل مع فاقدي البصر بشكل جيد. وعن استخدامه للعصا البيضاء في المدرسة، قال عبد العزيز: أستخدمها في المدرسة ولكنني أحرج أحياناً بسبب كثرة تساؤلات الطلاب، لذلك أتمنى ألا يتم حصر التوعية حول العصا البيضاء فقط في 15 أكتوبر من كل عام.

وطالبت فاطمة الرميثي، مدربة نظم معلومات للمكفوفين في الهيئة العامة للمعلومات- بضرورة وجود جهة رسمية مسؤولة عن شؤون ذوي الإعاقة البصرية في الدولة، وقالت: لم تصل دولتنا الحبيبة بعد إلى المستوى المناسب الذي وصلت إليه الدول الأوروبية في تحسين الظروف الحياتية للمعاقين بصرياً، لذلك أطالب بوجود مؤسسة تعنى بشؤون المكفوفين وضعاف البصر كاملة على مستوى الدولة، وتقوم بتشكيل لجان لتوعية الأفراد حول قدرة المكفوفين على إفادة المجتمع بشكل جيد.

«العناية بالحياة»

أما فتحية قاسم النظاري، مديرة إدارة الإسعاف وخدمة المجتمع بهيئة الهلال الأحمر الإماراتي، فقد أشارت إلى جهود سمو الشيخ حمدان بن محمد في إصدار قانون المعاقين الذي أثر بشكل إيجابي في حياتهم، وقالت: شعارنا في مؤسسة الهلال الأحمر الإماراتية «العناية بالحياة»، وقد اعتنينا بهذه الفئة منذ عام 1999-2000، ولدينا شراكة مع بعض الجهات المسؤولة في الدولة كوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وجمعية الإمارات للمكفوفين، والهيئة العامة للمعلومات، والأجهزة الإعلامية، وهيئة تنظيم الاتصالات.

كما نعتمد على المتطوعين في تخطيط وتقييم البرامج التدريبية التي تستهدف تثقيف جميع أفراد وشرائح المجتمع حول كيفية التعامل مع الصم والبكم والمكفوفين، ونعتمد عليهم أيضاً في المختبر الخيري المتنقل الذي تأسس في سنة 2000، والذي يقدم دورات متنوعة لتطوير مهارات المكفوفين وصقلها من خلال الأجهزة التكنولوجية الحديثة.

نتائج مشرفة

وعن دورها كمتطوعة في الهلال الأحمر الإماراتي قالت سلوى أحمد: عملت لعشرين سنة في هذا المجال وقد التقيت بمكفوفين أثاروا إعجابي بشكل كبير ومنهم فاطمة الرميثي، مدربة نظم المعلومات للمكفوفين، التي كانت تبهرني بقدرتها على استخدام الكمبيوتر بمهارة، وحبها لتعليم المكفوفين.

كما أشرفت بنفسي على تعليم عدد كبير من المكفوفين في الدولة في ما يتعلق بكيفية استخدام الحاسوب، والتعامل معه بالشكل الصحيح من خلال المختبر الخيري المتنقل إلى أن حصلوا على شهادة «آي سي دي ال»، وقد تمكنا بفضل الله من التواصل مع مؤسسة الرخصة الدولية في دبي، والحصول على موافقة لاختبار هؤلاء المكفوفين وضعاف البصر الحاصلين على شهادة «آي سي دي ال»، وقد كانت النتيجة مشرفة جداً.

وقالت سلمى علي الكعبي، خبيرة في وزارة الشؤون الاجتماعية في مجال الدمج المجتمعي للمعاقين، التي تطمح إلى أن تصبح سفيرة للمكفوفين حتى تتمكن من مساعدتهم بشكل فعال ومؤثر، عن وضع المكفوفين في الدولة: التوظيف مشكلة تواجه المكفوفين الجامعيين في جميع أنحاء الدولة، مع أنهم بشر ومن حقهم أن تعطى لهم الفرص لخدمة دولتهم وإثبات أنفسهم من خلال إنجازاتهم.

وبالنسبة لي فقد عملت في قسم تأهيل المعاقين في الفجيرة في الوزارة منذ عام 1998، ولكن لم يلتفت أحد لي أو حتى لجهودي التي بذلتها في سبيل دعم المكفوفين إلا بعد تكريم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، حيث أصبحت الجوهرة التي أبهرت الجميع في الفجيرة بشكل خاص والدولة بشكل عام.

توصيات ودعوات

تضمنت مداخلات المشاركين في الندوة العديد من التوصيات والمطالبات التي تدعو إلى الاهتمام بشريحة المكفوفين والمعاقين بصرياً، ومن أبرز هذه المطالبات:

الاهتمام بتدريب الكفيف الموظف وإخضاعه لسلسلة من الدورات التدريبية المتخصصة التي تمكنه من تطوير نفسه والحصول على ترقية سريعة في مكان عمله أسوة بالأسوياء.

ضرورة وجود جهة واحدة في الدولة تكون مسؤولة بشكل رئيسي عن المكفوفين وتعمل على تهيئتهم نفسياً واجتماعياً وحل مشكلاتهم وتذليل الصعوبات التي يواجهونها في حياتهم العملية والعلمية.

ضرورة تعليم المكفوفين منذ الصغر على طرق استخدام العصا البيضاء، وتعريفهم بأنواعها بحيث تكون عوناً لهم في كل مكان يتواجدون فيه، كما دعا المشاركون إلى ضرورة تكثيف الحملات التوعوية لتعريف المجتمع بالعصا البيضاء واستخداماتها.

دعا الجميع إلى ضرورة قيام البنك المركزي بسن قوانين تفرض على كافة البنوك العاملة في الدولة التعامل مع المكفوفين وتسهيل إجراءاتهم المصرفية.

توفير كافة المستلزمات التي يحتاجها الطالب الكفيف في المدارس، وكذلك تهيئة المدرسين للتعامل مع الطالب الكفيف بإخضاعهم لدورات تدريبية تمكنهم من تقديم المساعدة للطلبة المكفوفين.

إعداد وتجهيز كافة الحافلات العامة بحيث تكون متوافقة لاستخدام المكفوفين على غرار مترو دبي، وهو ما سيشجع المكفوفين على رفع نسبة استخدامهم لهذه الحافلات.

الاهتمام بتعليم لغة «برايل» للمكفوف منذ الصغر إلى جانب ما توفره التقنيات التكنولوجية الحديثة، بحيث يؤدي ذلك إلى المحافظة على هذه اللغة من الاندثار في المستقبل.

علاقة المكفوفين أو المعاقين بصرياً مع البنوك كانت واحدة من النقاط البارزة التي تطرق إليها المشاركون في الندوة، حيث ذكر بعضهم أن المعاقين بصرياً سواء المكفوفون أو ضعاف البصر يواجهون مشكلات عدة في التعامل مع البنوك التي لا تقبل التعامل معهم.

ومن أبرز هذه المشكلات أنها تشترط عليهم إحضار كفيل في حالة أرادوا فتح حساب بنكي لهم، ولا يمكن له أن يتصرف بأمواله إلا بإذن من الوكيل، كما ترفض بعض البنوك منحهم كافة الامتيازات التي يحصل عليها الفرد المبصر مثل بطاقات الصراف الآلي والبطاقات الائتمانية «كريدت كارد»، ودفاتر الشيكات، وليس من حق الكفيف الحصول على قرض شخصي، ولا يمكنه الحصول على تمويل سيارة وغيرها بحجة أنهم مكفوفون.

وبالتالي فلا يمكنهم استخدام هذه الميزات والتعامل معها، وقال البعض «خاصة ضعاف البصر» إنهم يضطرون عند دخولهم إلى البنك للتظاهر بأنهم لا يعانون من إعاقات بصرية، حتى يسهل لهم مندوب البنك معاملاتهم البنكية.

وقال بعض المشاركين بأنهم يدركون بأن هذا التعامل من قبل البنوك مبني على أساس أنها تسعى إلى تأمين حقها كونها مؤسسة مالية، ولكن ذلك لا يمنع وجود تشريعات تؤمن حقوق الطرفين «البنك والمعاق بصرياً»، وهو ما حدى بالبعض إلى مطالبة البنك المركزي الإماراتي إلى ضرورة التدخل لحل هذه المعضلة، عبر سن قوانين أو تشريعات تجبر إدارات البنوك العاملة في الدولة على مساواة الكفيف مع الأسوياء.

في المقابل، قال بعض المشاركين إنهم لم يواجهوا مثل هذه المعضلة مع بعض البنوك التي يتعاملون معها، وذلك نتيجة لتفهم مديري فروعها لمشكلة المكفوفين، ولذلك يحاولون تقديم كافة التسهيلات لهم في حالة رغبتهم بفتح حسابات بنكية أو أثناء تعاملاتهم البنكية.

علامة فارقة

في افتتاحيتها للندوة قالت فضيلة المعيني: يعتبر 15 أكتوبر علامة فارقة في حياة المعاقين بصرياً، إذ يحتفل العالم أجمع بيوم العصا البيضاء ليعبر عن مشاركته ودعمه لمن فقدوا حاسة البصر. وأشارت إلى أن هناك العديد من البرامج المهمة للمكفوفين قد لاقت الاستحسان والاهتمام من الهيئات الدولية والعربية.

حيث وضعتها الأمم المتحدة ضمن برنامجها الخاص بالتنمية في الفترة ما بين 1970 - 1980، أما عربياً فقد تم في العام 1970 إعداد استراتيجية للتربية العربية، أصدرتها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، وركزت فيها على ضرورة الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة وتوفير الخدمات لهم ضمن الإعلان الخاص بحقوق المعاقين.

وذكرت المعيني في كلمتها أن عام 2006 كان مميزاً لهذه الفئة على مستوى الدولة، وذلك بعد إصدار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة «حفظه الله»، لقانون ذوي الاحتياجات الخاصة، وما صاحب ذلك من مبادرات وبرامج ومشاريع عدة في هذا الجانب، كان آخرها دمج المعاقين في المدارس، وفي هذا الصدد أشادت المعيني بتجربة وزارة التربية والتعليم التي ساهمت بدمج المعاقين في مراحل التعليم المختلفة عبر «برامج الدمج بينهم وبين الطلبة المبصرين».

ونوهت إلى الاهتمام المتنامي بذوي الإعاقة البصرية من خلال إدخال التكنولوجيا في مجال تأهيلهم وطباعة المناهج والقرآن الكريم بطريقة «برايل»، كما أشادت بدور وسائل الإعلام التي أعطت المكفوفين اهتماماً لافتا ضمن برامجها.

تبرعات

خدمات جليلة من الهلال الأحمر

احتل المعاقون بصرياً مكانة مهمة في أجندة الهلال الأحمر الإماراتي، ففي مداخلتها تطرقت فتحية قاسم النظاري، مديرة إدارة الإسعاف وخدمة المجتمع في الهلال الأحمر الإماراتي إلى أبرز النشاطات والدورات التي يقوم بها الهلال، وكذلك البرامج الخاصة التي يقدمها المتطوعون.

ومنها برنامج المختبر الخيري المتنقل الذي ينفذه الهلال الأحمر مع هيئة المعلومات، وما زال هذا البرنامج يستقطب التبرعات الخيرية وتوظيفها لخدمة المكفوفين، وقالت النظاري إن دور الهلال الأحمر لا يقتصر على المختبر الخيري المتنقل، وإنما نظم مسابقة لرصد إبداعات المعاقين بشكل عام، والمعاقين بصرياً بشكل خاص، تحت اسم مسابقة الهلال الأحمر الإبداعية لذوي الاحتياجات الخاصة.

وتحظى هذه المسابقة برعاية أم الإمارات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك حفظها الله، وبدعم المصارف والجهات الخيرية وأصحاب الأيدي البيض لدعم الكتيب الذي يصدره الهلال الأحمر سنوياً لأجل هذه المسابقة وتقديم الهدايا للفائزين، وتهدف المسابقة إلى تحريك الميدان لرصد هموم وإبداعات ذوي الاحتياجات الخاصة وتعريف الميدان بها. وخلال هذا العام تهدف المسابقة إلى قياس مدى رضا المتعاملين مع المؤسسات التي تتعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة، وفي شهر مارس المقبل سيتم إقامة حفل التكريم وتوزيع الجوائز على الفائزين.

استخدامات

تعدد أنواع العصا البيضاء

للعصا البيضاء أنواع عدة منها العصا الرمزية والتي يستخدمها المكفوفون وضعاف البصر للدلالة على أن صاحبها لديه مشكلة في البصر دون أن تتوافر فيها المعايير اللازمة للعصا البيضاء الخاصة بالحركة والتنقل. والعصا الإرشادية التي يستخدمها المكفوفون لمعرفة نوع الأرضية التي يسيرون عليها. أما النوع الثالث فهو العصا الطويلة وهي الأكثر استخداماً في التنقل بصورة مستقلة، ويستطيع الكفيف من خلالها اكتشاف العقبات التي قد تعترض طريقه، وتأخذ أطرافها عدة أشكال منها المدبب أو الكروي أو المخروطي.

وهناك عصا السير العادية ويستخدمها المكفوفون وضعاف البصر وليس لها مواصفات خاصة، وعادة ما تصنع من مواد خشبية صلبة، وكذلك عصا «هبل» وهي عصا مقوسة تشبه مضرب التنس إلى حد كبير، وتستخدم في الأرضيات غير المناسبة للعصا الطويلة، مثل المناطق الوعرة والطرق الصخرية، وهناك العصا الالكترونية وهي مصممة على شكل العصا البيضاء الطويلة، وهي تقدم للكفيف ترددات فوق صوتية يشعر بها تحت يده عندما تصطدم بعقبة معينة في طريقه، كما أنها تستطيع استكشاف العقبات في كل الاتجاهات على مسافة خمسة أمتار وتصنع أطرافها من الرصاص.

ريما عبد الفتاح - غسان خروب

Email