أربعة تماثيل في لندن تفتح ملف الآثار المنهوبة

أربعة تماثيل في لندن تفتح ملف الآثار المنهوبة

ت + ت - الحجم الطبيعي

جرى، أخيرا، سحب أربعة تماثيل رومانية قديمة ومنع بيعها في مزاد علني في لندن، وسط جدل محتدم حول تعرضها للسرقة من مواقع أثرية يعتقد الخارج.

وافترض الخبراء، من خلال الصور الفوتوغرافية للتماثيل التي احتجزتها الشرطة البريطانية، أن هذه التماثيل الجنائزية النصفية، وأحدها مصنوع من الرخام، والتي تمثل شابا عاش في القرن الثاني الميلادي، تم استخراجها من المواقع الأثرية بصورة غير مشروعة.

وذكر ناطق باسم صالة «بونهامز» للمزادات في لندن أنه عندما يثار سؤال جاد بشأن مصدر أية قطع أثرية معروضة للبيع بالمزاد، فإنه يتم سحبها فورا ومنع بيعها، بانتظار إجراء تحقيق داخلي فيما يتعلق بها، مشيرا إلى أنه يجري اتباع أقصى قدر من الحذر لضمان بيع القطع الأثرية المنتمية إلى موقع أثري واضح.

وذكر خبراء متخصصون بآثار البحر الأبيض المتوسط، في جامعة سوانسي البريطانية، أن التماثيل الأثرية تحمل آثار تربة، مما يشير إلى أنه جرى استخراجها خلال عمليات تنقيب غير مشروعة. وقد أظهرت صور التماثيل في كتالوجات الصور، الموجودة في قاعة المزادات، التماثيل نفسها بعد ترميمها، وتنظيفها، وإزالة الأتربة العالقة عليها.

ويشعر علماء الآثار بالقلق من التجارة غير المشروعة بالآثار والتحف القديمة، ويعتقد بعضهم أن عمليات الفحص التي تجري، للتحقق من المصدر الأصلي لتلك الآثار والتحف، غير كافية.

وحذر عالم الآثار البارز في جامعة كامبردج اللورد رينفرو من أن مزادات البيع التي تنظم لتلك الآثار تلحق بسمعة لندن وصمة كبرى وتصفها بأنها بيت تصفية الآثار المنهوبة.

وعملية السحب الأخيرة للتماثيل ليست الأولى التي تتم في لندن، فقد جرت في أوقات سابقة سلسلة من عمليات السحب للآثار المعروضة للبيع بالمزاد العلني هناك.

وجمع خبراء آثار في جامعة كامبردج أدلة تظهر أن التماثيل تم استخراجها بصورة غير مشروعة، حيث قيمت بصورة معتدلة، وقدر ثمنها بنحو 40 ألف جنيه إسترليني. غير أن الذي يثير قلقهم ليس ثمنها، وإنما التأثير الذي تحدثه عمليات التنقيب غير المشروعة عن التماثيل.

ويقول هؤلاء الخبراء إن التلف الذي يلحق بالآثار، أثناء استخراجها سراً، يجعلها غير صالحة للعرض، وتفقد قيمتها الحقيقية، حتى لو كانت تحفا فنية أصلية، وأن من واجبهم إطلاع الناس على التاريخ القديم بشكل صحيح، بعيدا عن التشويه. وهذا الرأي يعبر عنه معظم علماء الآثار.

يشار إلى أنه بدءاً من عام 2003 اعتبر الاتجار بالتحف الحضارية التالفة جناية في بريطانيا، يعاقب عليها القانون بالسجن مدة تصل إلى سبعة أعوام. وطالب علماء الآثار صالات المزادات بالتعرف على الآثار المنهوبة وإبلاغ الشرطة فور الاشتباه بها، معتبرين أن ذلك يمثل خطوة للأمام تجاه بلورة هذه المشكلة، وحلها بصورة شاملة.

ويفترض علماء الآثار، من خلال أسلوب نحت التماثيل، أن مصدرها الأصلي ينتمي إلى منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، وأنه ربما استخرجت من سوريا، أو اليونان. أما التمثال الرخامي فربما يعود مصدره الأصلي إلى ايطاليا.

وذكر متحدث باسم صالة «بونهامز» للمزادات أن الشركة أرسلت كتالوجات صورها إلى سجل الفنون المفقودة، وهي قاعدة معلومات كمبيوترية، وذلك لتدقيقها وضمان بيع الآثار الأصلية، ذات المصدر الشرعي في المزاد العلني. وأوضح أنه إذا أثيرت أية شكوك في مصدرها فإنه يتم سحبها على الفور، ومنع بيعها.

عمر حرزالله

Email