الإعلام العربي بين رهان المنتديات وممارسة الحرية

الإعلام العربي بين رهان المنتديات وممارسة الحرية

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

حول مدى تحقيق منتدى الاعلام العربي للأهداف التي تأسس من أجلها قال الكاتب عبد الوهاب بدرخان إنه يعتقد أن الرهان الأساسي وهو مكافأة العمل الصحافي الجيد قد نجح، لكن هناك دائما مآخذ وانتقادات وهذا أمر طبيعي لأن هذا النشاط تأسس منذ البداية على مبادرة شخصية تقريبا ومن ثم أصبح مؤسسة الآن وطالما أن العمل الصحافي في العالم العربي يواجه بكثير من نكران الجميل، فإن أي جميل حتى لو كان صغيرا سيكون مقبولا ومرحبا به.

وأضاف بدرخان قائلا: الأمر لا يقتصر على الجوائز وإنما هناك طرح لمواضيع متنوعة ولإشكاليات الاعلام العربي بمستوى جيد وبعمق بغض النظر عن كيفية إدارة الندوات إلا أن الأسئلة والقضايا الصحيحة هي المطروحة، وهنا أعطي مثلا وهو أن مواضيع الندوات من سنة إلى سنة تطورت وتواكب التغييرات وتحاول أن تطرح القضايا الدولية والعالمية التي تواجه الاعلام وخصوصا الاعلام المكتوب.

تحاول أن تعكس تطور الإعلام الإلكتروني والإعلام المتلفز وتأثيره في الساحة الاعلامية، وبالتالي يمككنا القول إن المنتدى استطاع أن يصنع لنفسه أسلوبا ومنهجا وطريقة تفكير لكن وبغض النظر عما يمكن أن يحدثه ذلك من نتائج، فإنه يجب ألا نتطلع دائما إلى معادلة فورية ما بين ما يصنع أو ما يقال أو أي نشاط يبذل وما بين النتائج أو المردود الذي يمكن أن يتأى عنه.

وحول موضوع الاستفادة من مخرجات هذه المنتديات كما يجب رأى بدرخان «حتى المؤسسات التي تقوم بمثل هذا النشاط في العالم الغربي وتقدم جوائز للصحافة وتطرح على بساط البحث الوسائل المتعلقة بمهنة الإعلام لا تتم عبر مؤتمر سنوي واحد، بيد أن الملاحظ في المؤتمرات الغربية هو أنها تعترف ببعضها بعضا وكل مؤتمر يحاول الذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك.

أو أن يكمل ما ذهب إليه مؤتمر آخر، أي أن ما يقوم به منتدى دبي يمكن أن يستكمل في منتدى آخر في الكويت أو القاهرة أو بيروت وهذا يعود إلى أصحاب الشأن في نهاية المطاف وهذه مجرد فكرة أطرحها، لكن النقاش مفتوح أمام الجميع. عندما تطرح فكرة في منتدى دبي، فإننا لا يمكن أن نقول إنها منتهية بحثا وحلولا».

الارتقاء هو الهدف

وبسؤاله هل يكفي طرح نتائج هذه المؤتمرات في وسائل الإعلام فقط، قال بدرخان ذلك ممكن، لكن المسألة تختص بمهنة الاعلام وبالتالي فإن الهدف منها هو الارتقاء بهذه المهنة وإذا لم يتحقق الهدف فمعنى ذلك أن أحدا لا يريد الوصول إلى الهدف والتواصل مع الوسائل التي تحفل بها هذه المنتديات، لا اصحاب الصحف ولا أصحاب القرار السياسي ولا حتى صناع القرار في الميادين الإدارية.

أعتقد أن هناك استفادة أكاديمية مباشرة أو غير مباشرة مما يحدث في هذه المنتديات لأن هذه المنتديات تناقش قضايا تهم الباحثين وبالتالي فإني أعتقد بان المستوى الأكاديمي يستفيد من دون شك وأنا أعرف أن هناك أكاديميين يحضرون الندوات ويسجلون ملاحظات خصوصا عندما يتعلق الأمر بأبحاث يجرونها في الجامعات.

بيئة سياسية

من الطبيعي أن منتدى من هذا القبيل أو اي منتدى آخر يتحرك ضمن بيئة سياسية معينة وسقف سياسي محدد، وحول ما إذا كانت تلك البيئة أو ذلك السقف يشكل نوعا من العائق أمام معالجة بعض القضايا التي قد تكون مهمة وحساسة في آن وتشكل رافعة للإعلام العربي، قال بدر خان «لا شك في ذلك، يعني أنه كلما كان السقف السياسي عاليا.

كان النقاش منفتحا وعميقا أكثر وكان مرشحا لأن يؤثر ويكون له بالفعل مردود معنوي على مهنة الصحافة وعلى الصحافيين أنفسهم، لكننا كلنا نعلم أن السقف السياسي العربي منخفض عموما وبالتالي فنحن نشتغل كلنا ونناقش ونتحرك تحت هذا السقف المنخفض من دون أن نعتبره لا هدية ولا نعمة وإنما هو واقع، وبالتالي فإن أي مساحة حرية تتاح تحت هذا السقف لابد من استغلالها».

مستقبل الإعلام العربي

المفكر المصري الدكتور فهمي هويدي قال حول منتدى الاعلام العربي بدوراته التسع المتعاقبة والتي يتابعها ويحضرها دائما وحول مدى عكس هذه الفعالية الإعلامية الكبرى لواقع الاعلام العربي وهمومه إنه ليس من المحبذين للمبالغات، التي يتصور من خلالها البعض أن مشاكل الإعلام العربي قد حلت بمجرد أن مضى على المنتدى تسع سنين.

فالمسائل لا تحسب على هذا النحو، لكن لا شك بأنه أعطى دفعة جيدة، فلقد شجع مجموعة غير قليلة من الشباب وكافأهم وهذا عنصر مهم أتاح فرصة للتواصل بين الكتاب والصحافيين وهذا موضوع مهم أيضا، أما الندوات والجلسات وحلقات الحوار التي تعقد في كل دورة من دورات المنتدى فإنها تتيح فرصة لاستيعاب أكبر لحقائق الواقع السياسي والاعلامي القائم في العالم العربي فهي تتكلم عن العولمة وعن المشرق والمغرب وعن القضايا الحيوية وعن أمور كثيرة أخرى.

أي أن فكرة أن يساعد المؤتمر على الفهم والتفاهم والتواصل بين الصحافيين وأن يؤدي رسالته في تشجيع أجيال من الشباب الصحافيين الذين يعانون من أن الصحافة تجري عادة وراء النجوم بينما هذا المنتدى يحاول تسليط الأضواء على شباب ليسوا نجوما ولكنهم واعدون ويمكن التعويل عليهم في المستقبل وهذا أمر جيد ضمن الحدود المتاحة.

قضايا الناس

فيما يتعلق بمدى مقدرة منتدى الاعلام العربي على طرح قضايا وهموم الناس أوضح المفكر المصري أنه لا يستطيع القول إن هذا قد تحقق، لكنه أكد ضرورة عدم إغفال فكرة أن الإعلام لا يتحرك وحده وأنه يتحرك ضمن بيئة سياسية وثقافية واجتماعية معينة، ما يعني أنه لا بد من مراجعة دور الإعلام ضمن السقف المتاح والبيئة المتوفرة في العالم العربي وهي بيئة ليست مضيافة أو مرحبة باعلام جيد ومستقل على حد تعبير هويدي.

الذي أضاف أن الإعلام والإعلاميين يتحركون ضمن حدود الموجود وأن المنتديات الإعلامية لا تسطيع وحدها تغيير البيئة السياسية في العالم العربي، لكن هذه المنتديات تشجع ناسا وتتيح فرصا للتواصل وتثبت قيما وهذا أمر إيجابي بحد ذاته، لكننا لا نستطيع القول إن هذا هو الحد الأقصى لأن الحد الأقصى يحتاج إلى مناخ آخر مختلف، فهذه ليست إنجلترا ولا أوروبا، نحن نعيش في قلب العالم العربي ومحكومون بواقع العالم العربي.

كما أكد الهويدي أن مستقبل الإعلام العربي المكتوب منه وغير المكتوب مرتبط بمستقبل الحرية والديمقراطية في العالم العربي، والإعلاميون لا يشتغلون في صحراء وإنما في بيئة سياسية وثقافية تفتقر للحرية وللديمقراطية وللحرية الإعلامية ولفرص إصدار الصحف ولحرية الاختلاف ولحرية تأسيس أحزاب وحرية، ما يعني أن مستقبل الإعلام مرهون بمستقبل الديمقراطية في العالم العربي.

دبي ـ باسل أبوحمدة

Email