الحّمالون في الاسواق ..خدمات هامشية وأجور عشوائية

الحّمالون في الاسواق ..خدمات هامشية وأجور عشوائية

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يختلف حالهم عن حال بقية البائعين، ودورهم في سوقي السمك والخضار والفواكه لا يقل أهمية عن الآخرين، فيحرصون على التواجد في السوق منذ الصباح الباكر استعداداً لمباشرة العمل والبحث عن لقمة العيش، وتنطوي طبيعة عملهم في ملاحقة الزبائن والإلحاح عليهم لحمل مشترياتهم.

«الحمالون» أو باللهجة المحلية «الحماميل» يندرجون تحت فئة الطبقة العمالية المناضلة، حيث تتطلب مهنتهم قوة بدنية قادرة على حمل البضائع والأحمال سواء في الأسواق وغيرها ونقلها من مكان لآخر، ومن سمات الأسواق تواجد عدد كبير من «الحمالين» الذين يجوبون ثناياه ذهابا وإيابا في البحث عن زبون لإعانته على حمل مشترياته. ويتنافسون في الإلحاح والإصرار على الزبائن لمساعدتهم حتى وان لم تستدع مشتريات الزبون ذلك، وتعتمد أجورهم بالدرجة الأولى على ما يدفعه الآخرون لهم، فلا توجد لخدماتهم تسعيرة معينة في الأسواق، بل بعضهم يرضى بأي مبلغ والبعض الآخر لا يرضى إلا بالمبلغ الذي يحدده بنفسه والذي غالبا ما يكون بحجم كدّه وتعبه وتحمله في حمل مشتريات الزبون، فإذا قل وزنه رضي بمبلغ زهيد، وإن زاد فإن الطرف الآخر مطالب بدفع مبلغ اكبر وهكذا.

وتشهد الأسواق غالباً تنافساً كبيراً بين الحمالين الذين يجرون عرباتهم بحثا عمن يحتاج إلى مساعدة، ووجودهم بالسوق لا يقل أهمية عن البائعين الآخرين، فهم على دراية تامة بالسوق والمحلات، فمنهم من يحرص على التواجد داخل السوق، ومنهم من يترصد المشترين في مواقف السيارات، والبعض الآخر عند مداخل السوق الرئيسية.

ويترصد بعض الحمالين الزبائن في الأسواق لحظة دخولهم مواقف السيارات، ويمضون في سباق الحصول على زبون من خلال عرض خدماتهم أمامه وتبدأ غالبا بـ (يريد حمالي بابا؟) ويتبعونه مرددين تلك العبارة مرات عديدة دون كلل أو ملل.

وفي حال رفض المتسوق عروضهم، فمنهم من ينصرف ومنهم من يلتزم بموقفه في الإلحاح أو متابعته أينما يذهب، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل يظهر حمالون آخرون أمام المتسوق ويمارسون نشاطهم في الإلحاح عليه، ما يخلق تنافسا أمام الحمالين الذين رافقوا الزبون لحظة دخوله السوق، ويثير سخطهم وامتعاضهم باعتبارهم حصلوا على المتسوق في وقت سابق، وتستمر المنافسة.

«حمالي» سوق السمك

ولوجود «الحمالي» في سوق السمك أهمية كبيرة، وبالرغم من كثرة أعدادهم إلا أنه يصعب الحصول على احدهم للمساعدة في أوقات الذروة مثل فترة نزول الرواتب وفي المناسبات كالأعياد والإجازات، أما في الأيام العادية فهم يستقبلون الزبائن عند مداخل السوق.

وفي مواقف السيارات، وهناك عمال يتبعون لبلدية دبي ويرتدون زيا معروفا يدل على الجهة التي ينتمون إليها، وفئة أخرى ترتدي زيا أزرق وهم أغلبهم يعملون في سوق السمك مع البائعين أو بصفة مساندة أصحاب الدكك المواطنين، إلى جانب عمال آخرون يعملون بصورة عشوائية في السوق مع ترصد مسؤولي بلدية دبي لهم وضبطهم في كثير من الأحيان.

وقال أبو عمر - صاحب دكه إن العمال التابعين لبلدية دبي أعدادهم قليلة إذا قورنت بحجم الزبائن الذين يترددون بصورة مستمرة على السوق، وأغلبهم يفضل العمل في قسم الخضار والفواكه، لذا فإن هناك نقصاً في أعداد الحمالين بسوق السمك، ولكن تتم تغطية النقص بقيام عمال لديهم دكك ومهمتهم تتطلب نقل الأسماك من البرادات، فيعملون بمهنة «حمالي» نظراً لوجود عدد كافي من البائعين على نفس الدكة.

ومع مرور الأيام ازدادت أعدادهم، ما أحدث نوعاً من التوازن في توفير عمال يساعدون المشتري على حمل مشترياته، إلى جانب ظهور عمال لا ينتمون إلى السوق وليست لديهم صفة رسمية تخولهم للعمل في السوق، ولكن هناك أساليب يتبعها بعض الآسيويين في العمل كحمالي، ولكن بإمكان أي شخص إبلاغ المسؤولين بالسوق عنهم، باعتبارهم يعدون مخالفين .

ولا يجب تشجيعهم على العمل بطريقة خاطئة، مشيرا إلى أن بعض الحمالين يعتمدون في عملهم على كسب اكبر عدد من الزبائن باعتبارهم يقتاتون من المبالغ التي يتحصلون عليها، فلا يوجد لديهم راتب شهري ثابت، لذا فهم يجتهدون للإلحاح ومساعدة الزبائن في حمل مشترياتهم، فتلك هي وسيلة كسبهم للأموال.

وأضاف أنه من المعروف أن الأجر الذي يحصل عليه الحمالي يتراوح ما بين 5 ؟ 10 دراهم للساعة الواحدة، ولا يوجد نظام معين على ذلك بل يعتمد ذلك على الزبون بالدرجة الأولى، فمنهم من يعطي مبالغ كثيرة تصل إلى 30 أو 50 درهماً.

وقالت أم خليفة ؟ ربة بيت إنه بات من المعروف أن الحمالي يسبب مصدر إزعاج للمتسوقين في كثير من الأحيان، وبالرغم من عدم حاجة المتسوق لهم فإن إصرارهم على حمل مشترياته يجعله يخضع لهم ويسلمهم الأغراض للتخلص من إلحاحهم.

ولا ينتهي الأمر عند هذا الحد بل يمتد ليشمل وجود عدد كبير منهم في أماكن متفرقة في السوق، فيعرضون خدماتهم أمام الجميع وغالبا ما ينسى الشخص الاحتياجات التي أراد أن يشتريها، فلا يهدئون ولا تنفع معهم أساليب التجاهل.

وسيلة كسب

وأشار احد العاملين في المهنة إلى أن العمل في السوق يتطلب جهدا كبيرا وقوة جسدية تعينه على حمل أوزان مختلفة، مؤكدا أن بعض المواطنين يعطون مبالغ كبيرة لقاء مساعدتهم في حمل مشترياتهم، وأحيانا تتطلب مشترياتهم أكثر من حمالي، لذا فالمواطن يعد فرصة لا تسمح للتنازل عنها بالنسبة لعدد كبير من العمال، فيحرصون على ترصد السيارات عند المداخل الرئيسية للسوق ومواقف السيارات أيضا.

خدمات الحمالين تلاحق المتسوقين

اتخذت مهنة الحمالي في الآونة الأخيرة أبعاداً أخرى، فنظراً لتسابق الحمالين في عرض خدماتهم، ولا يتركون الزبون يمشي وحيدا، بل يتسمرون أمام الزبائن بانتظار إشارة منهم على حمل حاجاتهم.

كما لا يرضون بالقليل، وبعد اجتهادهم في ملاحقة الزبون وإصرارهم على حمل مشترياته، يجتهدون في مجادلته حول المبلغ الذي يريدونه، في حين يرضى بعضهم بالقليل لقناعته بحصوله على زبون آخر يعطيه مبلغاً أكبر، ونادرا ما يتصف الحمالي بالهدوء وعدم المبادرة في عرض الخدمات.

مصدر إزعاج

وقال محمد خليفة - موظف إن وظيفة الحمالي تتطلب منه إزعاج الآخرين وملاحقتهم والترصد لهم لحظة دخولهم السوق، ما يعطي طابعا مميزا لحال الأسواق في دبي، ولا يقتصر وجود الحمالي في سوق السمك والخضار والفواكه، بل أن هناك عدداً كبيراً منهم بسوق الجملة، مشيرا إلى أن كثير من المتسوقين يتذمرون من إلحاح الحمالين.

وأحيانا ينزعج المشتري من الحمالي والبائع في آن واحد، فالكل يعرض خدماته لاستقطاب الزبائن في مكان يعج بحركة لا تهدأ من المتسوقين، حيث يرضخ المشتري لهم أحيانا للتخلص من إلحاحهم وشراء احتياجاته والانصراف.

ولا يخلو السوق من وجود مشاحنات تحدث بين الحمالين، وتتعلق أسبابها في تدخل احدهم في شؤون الآخر، كحصوله على الزبون بسهولة بعد أن يأس الآخر من ملاحقته دون الحصول على إذن لمساعدته، فتلك المواقف تعد مألوفة وطبيعية في السوق.

وأوضح احد الحمالين بسوق السمك انه يعمل في هذه المهنة منذ أكثر من عشر سنوات، ويتحصل على الأجر نظير الخدمات التي يقدمها للمشترين، ولكنه يرضى بأي مبلغ يحدده المشتري، وأحيانا يتدخل إذا كان المبلغ قليل جدا، قائلا إن هناك عمال يتكسبون رزقهم من ملاحقة الزبائن والإلحاح عليهم.

دبي - نادية إبراهيم:

Email