د. بالهول: الإجراءات الاحترازية وحملات التوعية تحقق نتائج إيجابية

الثلاسيميا مرض وراثي بامتياز ويمكن تجنبه بسهولة

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

حتى وقت قريب كان مرض الثلاسيميا من اكثر امراض الدم انتشارا في الدولة، حيث وصلت نسبة الاصابة به الى 8%، وهناك بعض العائلات لديها ثلاثة او اربعة اطفال مصابين بالمرض، الامر الذي يكلف المرضى واهاليهم معاناة لا يمكن وصفها، وطالت ابعاد هذه المشكلة ايضا منظومة الرعاية الصحية في الدولة التي تكفلت بعلاجهم وفقا لاعلى المعايير العالمية، حيث تشير بعض المصادر الطبية الى ان علاج المريض الواحد يتراوح شهريا بين 25 و30 الف درهم.

وقد نجحت التشريعات التي سنتها الدولة منذ سنوات ومنها الزامية الفحص الطبي للمقبلين على الزواج، اضافة الى حملات التوعية بالحد من انتشار المرض، ولم تسجل اي حالة في دبي خلال العام الماضي. ولضمان الاستمرار في ذلك يرى مسؤولو المركز انه ينبغي إجراء الفحوص في مراحل عمرية مبكرة «مرحلة الثانوية» اي قبل التفكير في الزواج، لان اكتشاف المرض لدى اي من الطرفين قبل الزواج بايام يمكن ان يقف عقبة امام استكمال مراسيم الزواج. ولكن ما الثلاسيميا؟ وما أنواعها ومسبباتها وطرق علاجها؟ وهل يمكن تجنبها؟ هذه التساؤلات وغيرها يجيب عنها الدكتور عصام ظهير اختصاصي أمراض الدم الوراثية في مركز الثلاسيميا في دبي:

أصل التسمية: ما الثلاسيميا؟ ومن أين جاءت التسمية؟ الثلاسيميا كلمة يونانية الأصل تعني فقر دم منطقة البحر الأبيض المتوسط وتعرف أيضا باسم أنيميا البحر المتوسط وهي عبارة عن مجموعة من الاعتلالات الوراثية تمنع الجسم من إنتاج نوعية الدم الطبيعية التي يحتاجها الإنسان للبقاء على قيد الحياة، ولا تنتقل الثلاسيميا عن طريق الدم والهواء أو الماء أو الاتصال الجسدي أو الجنسي كما انها لا تحدث بسبب التغذية أو الظروف المعيشية والطبية السيئة وإنما تنتقل فقط بالوراثة.

وينتشر المرض في مناطق عدة من العالم ولكنه يكثر في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط «اليونان، مالطا، قبرص، تركيا و«إيطاليا»، ومنطقة الخليج العربي ومنطقة الشرق الأوسط «إيران والعراق وسوريا والأردن وفلسطين»، وشمال أفريقيا «مصر وتونس والجزائر والمغرب وبعض من الدول الأفريقية الأخرى».

أنواع الثلاسيميا

ما أنواع الثلاسيميا؟

الثلاسيميا نوعان هما «ألفا ثلاسيميا» هي مرض وراثي يحدث فيه حذف واحدة أو أكثر من الجينات الأربع المسؤولة عن تصنيع «الفلوبين ألفا»، ويتناسب عدد الجينات المحذوفة مع شدة الأعراض السريرية. وهناك 4 أعراض سريرية لألفا ثلاسيميا حسب عدد الجينات المحذوفة فإذا حذفت جينة واحدة بقي عند المريض 3 جينات ودعيت هذه الحالة الحامل الصامت وتكون المظاهر السريرية طبيعية.

أما إذا حذفت جينتان فإن المريض يعاني من فقر دم خفيف الشدة وإذا حذفت ثلاث جينات حدث لدى المريض ما يدعى الثلاسيميا الوسطى وتتميز بفقر دم متوسط الشدة، أما الحالة الأخطر فهي حذف الجينات الأربع كلها وهي حالة تؤدي إلى وفاة الأجنة أو موتهم مباشرة بعد الولادة نتيجة قصور القلب وتضخم الكبد والطحال.

والنوع الثاني «البيتا ثلاسيميا» وتنقسم أيضا إلى عدة أنواع مثل الثلاسيميا الصغرى، وهنا يحمل الشخص المصاب مورث «ألبيتا جلوبين» سليما وآخر معطوبا وفي هذه الحالة لا تظهر أية أعراض للمرض عند حامل هذه الصفة ولكن التغيرات في الدم قابلة الحصول، والثلاسيميا المتوسطة يوجد عند الشخص المصاب بها عطب في كل من المورثين للبيتا جلوبين والنقص الذي ينتج عن ذلك يكون متوسط الشدة لمستوى الهيموجلوبين في الدم.

أما الثلاسيميا الكبرى فهي أكثر أنواع الثلاسيميا شدة وتأثيرا في المريض وفي هذه الحالة يتواجد عند الشخص المصاب عطب في كل من المورثين للبيتا جلوبين والنقص الذي ينتج عن ذلك يكون أكثر شدة ويؤدي إلى نقص شديد في مستوى الهيموجلوبين في الدم بحيث يحتاج المريض إلى نقل الدم الدوري كل 3 الى 4 أسابيع للمحافظة على نسبة عالية من الهيموجلوبين في الدم.

طريقة الانتقال

كيف ينتقل المرض؟ وكم عدد المرضى الذين يتلقون العلاج في المركز حاليا؟

الثلاسيميا تنتقل بالوراثة من الآباء إلى الأبناء. فإذا كان أحد الوالدين حاملا للمرض أو مصابا به، فمن الممكن أن ينتقل إلى بعض الأبناء بصورته البسيطة «أي يصبحون حاملين للمرض». أما إذا صدف ان كان كلا الوالدين يحملان المرض أو مصابين به، فإن هناك احتمال بنسبة 25% أن يولد طفل مصاب بالمرض بصورته الشديدة.

وكنتيجة لهذا يقسم الأشخاص المصابون إلى قسمين: نوع يكون الشخص فيه حاملا للمرض ولا تظهر عليه أعراضه، أو قد تظهر عليه أعراض فقر دم بشكل بسيط، ويكون قادرا على نقل المرض لأبنائه. ونوع يكون فيه الشخص مصابا بالمرض، وتظهر عليه أعراض واضحة للمرض منذ الصغر.

عدد الحالات

أما ما يتعلق باعداد المرضى فيوجد لدينا في المركز حوالي 428 مريضا يحتاجون إلى نقل دم مستمر، منهم 200 مواطن و228 من غير المواطنين يتلقون العلاج بشكل منتظم في المركز وهناك حالات تأتي من بعض الإمارات الشمالية والدول المجاورة لتلقي العلاج في المركز لاعتباره الأول والوحيد على مستوى الدولة الحاصل على شهادة الاعتماد الدولية من قبل اللجنة الدولية لاعتماد المستشفيات.

هل هناك أعراض يمكن من خلالها معرفة إذا كان الشخص مصاباً بالثلاسيميا؟

نعم هناك عدة أعراض تظهر خلال السنة الأولى من العمر. وكنتيجة لتكسر كريات الدم الحمراء المبكر تظهر أعراض فقر الدم شديدة على النحو التالي: شحوب البشرة، مع اصفرار أحيانا، التأخر في النمو، ضعف الشهية تكرار الإصابة بالالتهابات ومع استمرار فقر الدم، تظهر أعراض أخرى مثل التغير في شكل العظام، وخصوصا عظام الوجه والوجنتين، وتصبح ملامح الوجه مميزة لهذا المرض. كما يحدث تضخم في الطحال والكبد، ويتأخر الطفل في النمو.

أما في الحالات البسيطة لدى حاملي المرض فقد يحدث فقر دم بسيط بدرجة لا يكون المرض فيها باديا للعيان. ويعيش صاحبه بشكل طبيعي جدا ولا يحتاج إلى أي علاج. وقد لا تكتشف هذه الحالات إلا بالصدفة.

وفي دولة الإمارات وبفضل الرعاية الصحية المتميزة التي توليها الدولة لمرضى الثلاسيميا يصعب على الشخص التعرف الى مرضى الثلاسيميا نتيجة لاختفاء الأعراض الجانبية بل ان العديد من مرضى الثلاسيميا وصلوا إلى مراتب قيادية عليا في بعض المؤسسات وتزوجوا وأنجبوا أطفالا أصحاء.

العلاج

هل هناك علاج لمرض الثلاسيميا؟ وهل يمكن للمريض أن يعيش حياته الطبيعية؟ وكيف يمكن الوقاية من المرض؟

مريض الثلاسيميا بحاجة إلى نقل دم بشكل دوري لتعويضه عن كريات الدم التي تتكسر، وللمحافظة على مستوى مقبول من «الهيموجلوبين» في دمه. كثرة نقل الدم إلى المريض تسبب ترسب الحديد بشكل يحمل الضرر لأعضاء جسمه ولذلك، من المهم أن يحصل المريض على أدوية تساعد على طرد الحديد الزائد من الجسم ويتم علاج المضاعفات التي قد تظهر لدى المريض حسب كل حالة.

وتعتبر العناية والرعاية السليمة تحت الإشراف المستمر في مراكز متخصصة والمتابعة والالتزام بتناول الأدوية التي تعطى تحت الإشراف الطبي المتواصل بالإضافة إلى المساعدة النفسية لحاملي هذا المرض حتى ينظروا لأنفسهم كأشخاص وليس كمرضى وتشجيعهم على أن يكونوا أعضاء فاعلين في المجتمع وتعويدهم على الصبر وقوة الاحتمال، ليستطيعوا التغلب على التحديات التي قد تواجههم في هذه الحياة وذلك عن طريق المراكز المتخصصة التي تكون مؤهلة من الناحية الطبية والإنسانية.

قرار ملزم

هل يمكن الوقاية من المرض؟ وكيف؟

للوقاية من أمراض الدم الوراثية بشكل عام والثلاسيميا بشكل خاص ينبغي على جميع المقبلين على الزواج القيام بإجراء الفحص الطبي قبل الزواج، فبفضل التقدم العلمي والطبي يمكن حاليا فحص كل من يرغب لمعرفة إذا كان الشخص يحمل الجينات المسببة لبعض الأمراض الوراثية.

على مستوى دولة الإمارات صدر العام الماضي قرار لمجلس الوزراء بإلزامية الفحص الطبي للمقبلين على الزواج من الجنسين من المواطنين والمقيمين وتم التعميم على كافة المحاكم الشرعية بالدولة بعدم قبول توثيق أي عقد زواج ما لم يكن مرفقا معه الفحص الطبي.

والتقليل من ظاهرة زواج الأقارب، لأن مرض الثلاسيميا، كسائر الأمراض الوراثية، يزداد انتشارا في حالة التزاوج بين الأقارب، إذ يزيد ذلك من احتمال نقل الصفات الوراثية غير الحميدة إلى الأبناء.ولكن هذا لا ينفي ضرورة أن يقوم المقبلون على الزواج الذين لا تربطهم صلة قرابة بإجراء الفحص الطبي قبل الزواج.

وكما هو معروف فان احتمال أن يلتقي شخص حامل للسمة الوراثية بأخرى تحمل أيضا السمة 0.13% وهي نسبة متدنية يمكن متابعة نتائجها النفسية والاجتماعية بسهولة تفوق متابعة أبنائهم المرضى في حالة زواج الحاملين لسمة المرض الوراثية، إذ تصل احتمالات ولادة الطفل المريض لديهما إلى 25% لكل حمل.

دبي ـ عماد عبدالحميد

Email