في مؤتمر صحافي عقد في المكتب الإعلامي لحكومة دبي

شرطة دبي تعلن فك طلاسم جريمة اغتيال المبحوح وتلاحق 11 متهماً أوروبياً

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

كشف الفريق ضاحي خلفان تميم قائد عام شرطة دبي، في مؤتمر صحافي عقده في المكتب الإعلامي لحكومة دبي بحضور أحمد عبد الله الشيخ المرافق الإعلامي لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي عضو مجلس الإدارة المنتدب لمؤسسة دبي للإعلام مساء أمس، التفاصيل الكاملة لعملية تورط فريق اغتيال محترف ومدرب يضم فرنسياً وثلاثة ايرلنديين وستة بريطانيين وألماني لقتل قيادي حركة حماس محمود عبد الرؤوف محمد حسن ، المشهور باسم محمود المبحوح، في فندق البستان روتانا يوم 19 يناير الماضي، وذلك في انتصار أمني جديد يضاف إلى سجل شرطة دبي المشرف الحافل بالإنجازات.

وأوضح الفريق ضاحي مجمل التفاصيل التي أفضت إليها التحريات المكثفة الجارية بشأن قضية مقتل قيادي حماس محمود المبحوح حيث أفصحت شرطة دبي عن أسماء وهويات العناصر المتورطة في ارتكاب الجريمة، وعرضت شريطاً مصوراً رصد تحركات المتهمين بارتكاب الجريمة والمطلوبين دولياً وهم 11 شخصاً يحملون جوازات سفر أوروبية سليمة «إلى أن يثبت العكس» وبينهم امرأة.

وصرح الفريق ضاحي خلفان تميم قائد عام شرطة دبي بأن الإنجاز الذي تمكنت شرطة دبي من تحقيقه يعد مصدر فخر واعتزاز لأجهزة الأمن في المنطقة، وذلك نظراً لدقة النتائج التي أسفرت عنها التحريات في غضون وقت قياسي لفك خيوط جريمة شغلت الرأي العام العربي والدولي بتحديد هوية العناصر المتورطة فيها بأسلوب علمي لا يقبل تفنيداً أو تشكيكاً.

وأضاف انه رغم السرعة الخاطفة التي نفذت بها الجريمة والتي لم تستغرق أكثر من 20 دقيقة منذ لحظة دخول المجني عليه المبحوح إلى الفندق حتى مغادرة الجناة موقع الجريمة قبل توجههم مباشرة إلى المطار، فإن شرطة دبي نجحت في جمع قرائن مهمة في مقدمتها أشرطة المراقبة التلفزيونية التي تم من خلالها رصد تحركات المتهمين منذ لحظة وصولهم إلى دبي لحين مغادرتهم البلاد بما في ذلك تحركاتهم داخل الفندق الذي وقعت فيه جريمة القتل، وكذلك كافة المواقع الأخرى التي تنقل بينها المتهمون وضمت عدداً من الأماكن التي نزلوا عليها أو اجتمعوا فيها إمعاناً في التضليل والتخفي خلال فترة تواجدهم في دبي والتي لم تتجاوز 24 ساعة.

وكشف الفريق ضاحي خلفان أن الجناة استخدموا جهازاً إلكترونياً لفتح باب غرفة المبحوح، حيث تشير التحقيقات إلى أن الجناة قاموا باستخدام هذا الجهاز للدخول إلى الغرفة ومن ثم انتظار وصول القتيل لإتمام جريمتهم التي غادروا بعدها مباشرة الفندق، وفقاً لما أظهرته صور كاميرات المراقبة الخاصة بالفندق.

وتمكنت شرطة دبي من رصد تحركات جميع المتهمين بعد تحديد هويتهم خلال زمن قياسي لم يتجاوز 24 ساعة، ونجحت في تحديد تفاصيل تلك التحركات منذ اللحظات الأولى لدخولهم إلى دولة الإمارات وحتى مغادرتهم البلاد، معتمدة في ذلك على الأشرطة المسجلة لكاميرات المراقبة الأمنية المصورة المنتشرة في مختلف الأماكن التي تنقلوا بينها في دبي، وذلك وفق مجهود أمني مكثف تعاونت فيه كافة الأجهزة المعنية، والتي تمكنت من حصر دائرة الاشتباه في مجموعة عناصر من ذوي الجنسيات الأوروبية وصلت إلى دبي تقريباً في نفس وقت وصول محمود المبحوح وغادرت البلاد قبيل اكتشاف جثة القتيل في أحد الفنادق المعروفة في دبي.

اهتمام إعلامي

وأثنى الفريق ضاحي على جهود كافة عناصر وإدارات شرطة دبي التي شاركت في حل طلاسم هذه القضية التي كانت محل اهتمام أجهزة الإعلام العربية والعالمية منوهاً بالقدرات الاستثنائية لشرطة دبي ومستوى التدريب الراقي لأفرادها وسعيها الدائم للارتقاء بمهاراتهم وإمكاناتهم في مختلف المجالات الأمنية الأمر الذي أهلها لتبوؤ مكانة متقدمة بين مصاف أفضل الأجهزة الأمنية في العالم.

وأكد أن شرطة دبي قامت بالواجب المنوط بها كجهة مخولة بحفظ وإقرار الأمن وكجهاز مسؤول عن ملاحقة مخالفي القانون، حيث أولت شرطة دبي اهتماماً كبيراً لهذه الجريمة وعكفت على اكتشاف الفاعلين في وقت قياسي شأن كافة الجرائم الأخرى بغض النظر عن أي انتماءات سياسية أو عرقية للمجني عليه أو للجناة، حيث يبقى مرتكبو هذه الجريمة عناصر مطلوبة أمنياً للمثول أمام القضاء لمحاكمتهم وفقاً لأحكام القانون.

ونوه القائد العام لشرطة دبي بأنه على الرغم من اتباع المتهمين لمجموعة من وسائل المرواغة والتضليل والتنكر المختلفة، مثل استخدام الشعر المستعار وأغطية الرأس «الكابات» والتخفي في أزياء متنوعة ما بين رسمية ورياضية لإخفاء وتغيير هيئتهم الأصلية إلا أن تلك الأساليب لم تفلح في خداع الحس الأمني المرهف والكفاءة المهنية العالية التي تتمتع بها الأجهزة الأمنية في دبي.

المتهمون

وأوضحت مصادر الشرطة أن قائمة المتهمين تضم كلاً من بيتر إيليفنجر المتهم الأول ويحمل جواز سفر فرنسياً وثلاثة متهمين يحملون جوازات سفر أيرلندية، وهم: كيفين دافرون المتهم الثاني وجايل فوليارد المتهمة الثالثة وإيفان دينينغز المتهم الرابع، إضافة إلى ستة متهمين يحملون جوازات سفر بريطانية، وهم: بول جون كييلي وميلفين آدم ميلداينر وستيفين دانيل هودز ومايكل لورانس بارني و جيمس ليونارد كلارك وجوناثان لويس غراهام والمتهم مايكل بودنهايمر الذي يحمل جواز سفر ألمانياً.

وشكل المتهمون أربعة فرق للمراقبة، حيث تكون كل فريق من شخصين، بينما تركزت مهمة المجموعة الخامسة - والتي ضمت أربعة أشخاص- على تنفيذ الجريمة وذلك وفقاً لما أظهرته أشرطة المراقبة التلفزيونية المصورة في كافة المواقع لاسيما في فندق البستان الذي حل عليه المغدور في التاسع عشر من يناير 2010.

تفاصيل

وأوضح الفريق ضاحي أن التفاصيل التنفيذية للمخطط الإجرامي بدأت مع تعاقب وصول المتهمين إلى دبي مساء اليوم السابق ليوم جريمة القتل حيث نزلت عناصر الفرق الخمسة المتورطة في الجريمة في فنادق متفرقة ضمن مواقع مختلفة في دبي ولكنها متقاربة نسبياً بما يضمن سهولة التنقل منها وإليها وفقاً للتحركات المتفق عليها فيما بينهم.

وأظهرت كاميرات المراقبة الأمنية في مطار دبي تعقب أحد أعضاء فريق المراقبة من المتهمين لمحمود المبحوح منذ وصوله إلى أرض المطار، بما يؤكد تتبعهم له ومعرفتهم لميعاد وصوله في الساعة 20 :3 من بعد ظهر يوم 19 يناير الماضي قبيل توجهه مباشرة إلى فندق البستان روتانا بينما كان يتبعه اثنان من المتهمين ضمن أحد فرقهم المعنية بالمراقبة، حيث استقل المتهمان معه نفس المصعد في الفندق ونزلا منه أيضا في ذات الطابق وتبع أحدهما المبحوح للتأكد من رقم الغرفة التي ينزل بها.

وأظهرت تسجيلات المراقبة التلفزيونية في فندق البستان تتبع فرق المراقبة التي شكلها المتهمون لكل تحركات المبحوح داخل الفندق كما أظهرت وصول فريقهم المعني بالتنفيذ إلى الفندق وصعود أفراده على دفعتين اثنان في كل مرة وبفارق عدة دقائق- ودخلوا جميعا إلى الغرفة التي استأجرها بيتر غرفة رقم 237 .

وذكر انه من المرجح أن المتهمين قاموا بمحاولة دخول غرفة المبحوح في الساعة الثامنة مساء عقب انتهاء عمال النظافة من مناوبتهم في نفس الطابق بينما أظهرت أشرطة المراقبة الأمنية في الفندق اثنين من المتهمين وهما يتوليان عملية المراقبة والاعتراض بعد مغادرة عامل النظافة لتسهيل مهمة فريق التنفيذ ومن بين أعضائه العنصر التقني الذي يعتقد أنه استخدم الجهاز الإلكتروني لفك شفرة مفتاح غرفة القتيل للتمكن من الدخول إليها قبيل وصول المبحوح.

ووفقا لما جاء في الشريط المسجل من كاميرات أمن الفندق - وأيضا القراءة المنسوخة من مفتاح الغرفة - وصل المبحوح إلى غرفته في تمام الساعة 25: 8 مساء يوم 19 يناير حيث يرجح أن جريمة القتل قد تمت خلال فترة لم تتجاوز 10 دقائق اعتبارا من دخول المبحوح إلى غرفته.

تحقيقات

وأظهرت التحقيقات أن الجناة حرصوا على ترتيب كافة مقتنيات الغرفة لكي تبدو في صورة طبيعية بهدف إزالة جميع الآثار التي قد تدل على وقوع مقاومة من قبل القتيل ولتضليل الجهات الأمنية وتحويل انتباههم عن أي شبهة جنائية وراء وفاة محمود المبحوح حيث عمد الجناة أيضاً إلى إغلاق سلسلة الأمان الخاصة بباب الغرفة من الداخل إمعاناً في الإيحاء بأن الوفاة تمت بصورة طبيعية.

وقد سارع جميع المتهمين بالفرار من الفندق عقب إتمام الجريمة مباشرة حيث لم يستغرقوا أكثر من 10 دقائق للمغادرة بينما توجهوا على الفور إلى مطار دبي واستقلوا رحلات طيران مختلفة متوجهين إلى عدد من المدن الأوروبية والآسيوية وفقاً لما أظهرته تسجيلات المراقبة التلفزيونية الخاصة بالمطار.

المبحوح لم يحضر إلى دبي لملاقاة إيرانيين والشفافية أسلوبنا

نفى الفريق تميم أن يكون المبحوح حضر إلى دبي لملاقاة إيرانيين أو عقد أي نوع من الصفقات، مؤكداً انه كان بإمكان المبحوح أن يذهب إلى إيران مباشرة، وانه سبب وجود المبحوح في دبي لم يكشف عنه بعد خاصة وانه اغتيل بعد خمس ساعات فقط من دخوله الفندق، معرباً عن أمله في تعاون الجهات المعنية الدولية لتسليم المجرمين. وأكد الفريق تميم أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، علمنا الشفافية.

قادتنا يصدرون أوامرهم للحفاظ على الأرواح

قال الفريق ضاحي خلفان تميم إن قادتنا وحكامنا في الإمارات يصدرون أوامرهم للحفاظ على أرواح المواطنين والمقيمين، في حين يقوم بعض رؤساء الدول بإصدار أوامرهم بإزهاق أرواح الآخرين تحقيقاً لأي مصلحة شخصية، وان القيام بمثل هذه الأفعال أعمال جبانة تخالف تعاليم ديننا الحنيف.

مشيراً الى أن قيام 11 شخصاً بالتكالب على شخص واحد وترتيب قتله عمل جبان ترفضه شرطة دبي جملة ومضموناً، مؤكدا أن المبحوح لم يكن مطلوباً لأي دولة، وانه كان من الممكن أن يسلك من يريدون المبحوح الطرق الإنسانية والقانونية بدلاً من قتله بكل خسة وندالة.

و شدد على أن الدولة لا تقبل أن تستغل أرضها كساحة لتصفية الحسابات مهما كانت أنواعها أو أسبابها أو انتماءات العناصر المتورطة فيها مؤكدا أن دولة الإمارات هي دولة العدل وسيادة القانون وأن كل من تسول له نفسه في أن يعبث بأمنها أو أن يستهدف سلامة أي من أفراد مجتمعها أو زوارها سيخضع للملاحقة وللمساءلة والعقوبة الرادعة.

المتهم الأول وفر الدعم اللوجيستي لفريق الاغتيال

قال الفريق ضاحي إن كاميرات المراقبة الأمنية أبرزت أن المتهم الأول بيتر إيليفنجر لعب دور مسؤول التنسيق اللوجيستي للفريق حيث نزل في أحد الفنادق الفخمة في دبي ثم قام بحجز غرفة في فندق البستان روتانا - موقع الجريمة - وطلب حجز غرفة محددة وهي الغرفة رقم 237 المقابلة لغرفة المبحوح رقم 230 وعلى مرمى حجر منها حيث قام المتهمون باستخدام الغرفة 237 قبيل تنفيذ مخططهم في حين لم يحل إيليفنجر في تلك الغرفة التي حجزها بل غادر البلاد قبيل إتمام رفاقه للجريمة بوقت وجيز.

لقطات

* لم يستبعد الفريق ضاحي خلفان ان يكون وراء عملية اغتيال المبحوح أي جهاز استخباراتي، مؤكداً أن التحقيقات مازالت جارية وان قائمة المطلوبين ال (11) الذين تم التأكد من تورطهم في عملية الاغتيال ستكون على موقع الشرطة، وانه جار رفع مذكرة للانتربول الدولي للقبض على الجناة أينما كانوا. ولم يحدد الفريق تميم جهة بعينها تمتلك مصلحة في مقتل المبحوح، مؤكداً ان أمن المبحوح تم اختراقه منذ خروجه من سوريا، وحتى وصوله إلى دبي، وانه لم يطلب أي تأمين ولم يكن معروفاً لشرطة دبي.

* أفاد الفريق تميم انه جار حالياً التحقيق مع فلسطينيين اثنين تم القبض عليهما واللذين استقبلا اثنين من الجناة في المطار وتحدثا معهما، حيث تم تسلمهما من المملكة الأردنية الهاشمية بعد هروبهما إلى هناك.

* استنكر الفريق تميم مفاخرة حماس بأن المبحوح كان أحد قادتها وانه قام بنقل اثنين من الأسرى الإسرائيليين بعدما اعتقلهما، مؤكداً أن القانون في دبي يعمل على الحفاظ على الأرواح وليس هدراً مهما كانت جنسية الشخص أو ديانته أو اتجاهاته.

* نوه الفريق تميم أن كافة مداخل الدولة مؤمنة تأميناً كاملاً وان دبي فاتحة أحضانها للجميع، وأنها لم ولن تكون مسرحاً سهلاً لتصفية الحسابات من أي جهة كانت مدللا على ذلك بحدوث العديد من جرائم القتل والاغتيالات في اغلب دول العالم وليس في دبي فقط.

* أشار القائد العام لشرطة دبي أن الدول التي لا تتعاون مع دبي سيرد عليها بالمثل، وان قائمة المطلوبين جاهزة من الآن وسيتم العمل على استكمال القضية في أسرع وقت ممكن. وأعلن الفريق تميم أن التنظيم الإجرامي يتضمن فرنسياً وألمانياً و3 ايرلنديين و6 بريطانيين، وان جميعهم دخلوا الدولة في اوقات متفرقة، وخرجوا منها إلى وجهات متعددة.

* كشف الفريق تميم عن وجود أدلة جديدة سوف يتم الإعلان عنها قريباً في القضية، مؤكداً ان فحوصات مخبرية وتحليلات هامة سوف تكشف تفاصيل جوهرية في عملية القتل، مؤكداً أن كافة التحليلات أثبتت عدم وجود سموم في جسم القتيل.

دبي - شيرين فاروق

Email