«معهد بخاري».. مصنع الأئمة «المروّضين»

«معهد بخاري».. مصنع الأئمة «المروّضين»

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يأتي تركيز المخرج الألماني الباكستاني برهان قرباني، في فيلم «شهادة»، الذي ينافس على «الدب الذهبي»، على دور الأئمة في تشكيل وعي الشباب المسلم، من الجيلين الثاني والثالث، في برلين، من فراغ. فالسلطات الألمانية، كما هو الحال في أوروبا، مشغولة دوما بالدور الذي يلعبه أئمة المساجد في المدن الأوروبية، في تشكيل وعي المهاجرين المسلمين، والتأثير على كيفية تعايشهم مع المجتمع المحيط.

في أحد أحياء شرقي العاصمة، سيتوجب عليك أن تسترشد بصاحب مطعم لبناني يبيع الفلافل، في الجوار، لكي يدلك على طريق المعهد. تصل إلى المبنى المتواضع. بضع نشرات تشرح ما الذي يحصل في الداخل: «أسس المدرسة، التي أطلق عليها اسم معهد بخارى، 300 عضو في مسجد في برلين تابع لإحدى الطرق الصوفية».

معظم المترددين على المعهد من الأتراك الذين هاجروا إلى ألمانيا في الستينات والسبعينات من القرن الماضي لسد النقص في الأيدي العاملة، شأنهم في ذلك شأن مئات الآلاف من مواطنيهم. ومنذ ذلك الحين انتشر أفراد الجالية التركية الكبيرة في الجزء الغربي من البلاد. وفي الآونة الأخيرة اتضح لكثيرين منهم أنه من الضروري إيجاد جيل جديد من الأئمة الذين يجيدون اللغة الألمانية.

يقول مدير المدرسة الكزاندر ويغر، وهو مواطن بافاري اعتنق الإسلام، حوار نشرته «نيوزويك» الأميركية: «نريد تعليم أئمة لهم جذور في هذه المجتمعات. وينبغي أن يكونوا قادرين على الدخول في حوار مع الكنائس والمسؤولين وفئات المجتمع المدني الأخرى». الطلاب الذين تم تسجيلهم في هذه المدرسة هذا العام، وعددهم 29 طالبا، ولدوا جميعهم وترعرعوا في أوروبا (وكلهم من الذكور)، سيدرسون اللغة العربية والديانة الإسلامية بالإضافة إلى اللغة الألمانية والتربية الوطنية. وتجمع دراستهم بين مبادئ الإسلام والثقافة الأوروبية المعاصرة، ولاسيما الديمقراطية وحقوق الإنسان».!

ولكن ما الذي يميز «بخاري» عن غيره من التجارب الشبيهة في ألمانيا وأوروبا خاصة في وجود اتحاد المراكز الثقافية الإسلامية الذي يتخذ من كولون مقرا له، والذي يقوم منذ سنوات بتدريب الأئمة بنجاح كبير. كما أن الأكاديمية الإسلامية في برلين تقدم دروسا في اللغة الألمانية وغيرها من المواد للوعاظ المسلمين والنساء بتمويل من مدينة برلين.

وفي فرنسا تم تأسيس أول كلية للأئمة من هذا النوع عام 2004، وهي تضم نساء بالإضافة إلى الرجال. والجامعات الفرنسية توفر للأئمة المولودين في الخارج مقررات دراسية تشمل اللغة الفرنسية والقانون والثقافة. «معهد بخارى فريد من نوعه لأنه أسس بمبادرة خاصة، وأسسه وموله مسلمون محليون، وليس الدولة أو أي حكومة أجنبية»، تشير البيانات المنشورة عن المعد.

الجالية الإسلامية المحافظة كانت أقل ترحيبا، واعتبرت معهد بخارى وأمثاله انحرافا عن تعاليم الإسلام الأساسية. وأكبر منظمة إسلامية في ألمانيا، وهي الاتحاد التركي الإسلامي للدين، مازالت لا تقبل إلا الأئمة الذين يتلقون تدريبهم في العلوم الدينية في تركيا، وتنوي التمسك بهذا الموقف.

يمسك المخرج الألماني الباكستاني، برهان قرباني، إذا في فيلمه «شهادة» عصبا رئيسيا من حياة مدينة برلين، ومدن أوروبا عامة. لقد بيّنت دراسة أجريت في ألمانيا العام الماضي أن خمس الأئمة الأجانب يتمسكون بمذهب إسلامي أصولي محافظ، كما أن بعض الأئمة اختيروا من بين المتطرفين. تريد «بخاري» أن تجعل الأوروبيين ينظرون إلى الإسلام بوصفه دينا «يؤمن بالقيم الأوروبية». يريد قرباني أن يوصل الفكرة ذاتها في «شهادة». هل ينجحان؟

برلين ـ «البيان»

Email