العلم يحفظ هوية الأمم ووجودها

العلم يحفظ هوية الأمم ووجودها

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال الله تعالى في كتابه الحكيم: «وقل رب زدني علما» طه 114، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ» لهذا نجد أَنَّ الأُمَمَ لَنْ تَعْرِفَ الطريقَ إلى التقدُّمِ والرُّقِي والرفعة والصدارة، وَلَنْ تَبْلُغَ القمة والصلاح، وَلَنْ تُحَافِظَ عَلَى هَوِيَّتِهَا وَتُرَاثِهَا، وَلَنْ يَكُونَ لَهَا قائمة أو ذِكْرٌ بَيْنَ أُمَمِ العَالَمِ الْمُتَمَدِّنِ، وَلَنْ يَعِيشَ أفرادُهَا معيشَةَ الفخْرِ والاعْتزَازِ إلاَّ بِالعلمِ، فالعلمُ طوقُ نجاةِ تتمسك به الأُممِ ويأخُذُ بيدِهَا مِنَ القاعِ، فيجعلُهَا فِي القمةِ، كما أنه نورٌ يُضِيءُ الطريقَ لَهَا، لِيُخْرِجَهَا مِنْ الجهل على النور بإذن الله تعالى، والعلمُ قوةٌ ومنعةٌ تُحافظُ الأُمةُ بِهِ عَلَى ثرواتها ومقدراتها.

وللعلمُ فضائِلُ كثيرةٌ ومنافع عديدة، فهُوَ يُحْيِي القلوبَ الميتةَ، وبذلكَ وَصَّى لقمانُ الحكيمُ ابنَهُ فقالَ: يَا بُنَيَّ عَلَيْكَ بِمَجَالِسِ الْعُلَمَاءِ، وَاسْتَمِعْ كَلامَ الْحُكَمَاءِ، فَإِنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْقَلْبَ الْمَيِّتَ بنورِ الْحِكْمَةِ كَمَا يُحْيِي الأَرْضَ الْمَيْتَةَ بِوَابِلِ الْمَطَرِ ( الطبراني ).

وعن طريق العلم تُعْرَفُ حقائقُ الأشياءِ ودقائقُ وأمور لم تعرفها الأمم السابقة وَبِهِ نجد الحلول للقضايَا والمعضلاتِ، كما أنه يُعْلِي قَدْرَ صاحِبِهِ عندَ اللهِ وعندَ الناسِ ويومَ القيامةِ، فقدْ قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ثَلاثَةٌ لا يَسْتَخِفُّ بِحَقِّهِمْ إِلا مُنَافِقٌ: ذُو الشَّيْبَةِ فِي الإِسْلامِ، وَذُو الْعِلْمِ، وَإِمَامٌ مُقْسِط.

وينجي العلم مِنَ المهالكِ بإذنِ اللهِ تعالَى، ولنا في قصة سيدنا يوسفُ عليهِ السلامُ عبرة حيث كانَ سَببا فِي نجاةِ أُمةٍ بالعلمِ والأمانةِ، والحفظِ والصيانةِ، والإرشادِ السليم والتوجيهِ القيم، وكيفَ لاَ وقدْ علَّمَهُ اللهُ عز وجل العديد مِنَ العلومِ، مثل علمُ التأويلِ، التخطيطِ، الترشيدِ، التخزينِ، والتوزيعِ، وكذلك الربطِ بينَ ثَرَوَاتِ الأرضِ والناسِ، ولذلكَ قالَ يوسفُ - عليهِ السلامُ - لِلْمَلِكِ عَنْ نفسِهِ فِيمَا أَخْبَرَنَا القرآنُ الكريمُ: (اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ).

وأيضا نبي الله سبحانه وتعالى ذو القرنين فنرى علمه ومعرفته في استخدامِ زُبُرِ الحديدِ حيث أفشل مساعي يأجوجَ ومأجوجَ فِي الحصولِ عَلَى مَا يُرِيدُونَ مِنَ القومِ الذينَ لاَ يكَادُونَ يفقهُونَ قولاً.

ومَا سجودُ الملائكةِ لآدمَ إِلاَّ تكريمٌ لهُ وتقديرٌ لعلمِهِ، وهذَا رسولُ اللهِ مُعَلِّمُ البشريةِ الذِي مَحَا اللهُ بِهِ الجهلَ والظلامَ، وأنارَ بِهِ القلْبَ والدنيَا، وجعَلَهُ اللهُ مُرسلاً بالعدلِ والحكمةِ والكرمِ والرحمةِ قالَ تعالَى: ( قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يهدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إلى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إلى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) وكَفَى أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ سَمَّى نفسَهُ بالعالِمِ العليمِ، فالعلمُ شرفٌ وتاجٌ عَلَى الرؤوس، ورفع اللهَ سبحانه وتعالَى شأنَ العلماءِ، فقالَ عز وجل: ( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ). وما زالَ الناسُ يتبعُونَ عليَ العلمِ والعلماءِ حتَّى غزا الإنسان الفضاء، وتمكنَتِ التكنولوجيَا مِنْ قُلُوبِ الناسِ وعقولِهِمْ، وسُمِّيَ عصرُنَا بعصرِ العلمِ واكتشافاتِ العلماءِ، وكذلك ثورةُ الاتصالاتِ حتى أصبح العالم كله قرية صغيرة وكل هذا ما هو إلاَّ نتاجُ البحثِ العلميِّ من اجل ذلك وجب على الأمة أن تلحق بالرَّكْبِ، ويكونَ لهَا قدم السبقُ فِي مجالِ العلمِ والمعرفةِ، حيثُ لاَ مجالَ للتكاسل، ولاَ للجهلِ، ولاَ قيمةَ لِمَنْ لَمْ يَعْلَمْ ويعمل.

أشرف محمد شبل

Email