في وصفه للمرأة المسلمة قال الدكتور محمد راتب النابلسي ان المسلمة امرأة تقية نقية حرة أبية، قوية ذكية، داعية واعية، عاقلة صادقة، صابرة سخية رحيمة، ودود ولود، رفيقة معينة.. جاء ذلك في بداية إلقائه محاضرته أمس ضمن محاضرات جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم التي حملت عنوان «الاستقامة»، وذلك في مقر جمعية النهضة النسائية بدبي.

وأشار إلى أن النبي عليه الصلاة والسلام قال (الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة، التي إذا نظرت إليها سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في مالك ونفسها)، والله تعالى حينما قال ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب بالنار) أوضح النابلسي أن بعض المفسرين أشاروا إلى أن حسنة الدنيا هي المرأة الصالحة، وأن الله عز وجل حينما قال في كتابه العزيز (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات. قانتات

تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا)، مشددا على أن هذه الآيات والأحاديث تؤكد علو مكانة المرأة في الإسلام.

وأضاف أن الإسلام كرم المرأة بقوله تعالى في الآيتين الكريمتين (ومن آياته خلق السماوات والأرض) وقوله (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً) حيث انه في اللغة العربية أن العطف يقتضي التماثل، فكما أن الكون اللامتناهي من آيات الله الكونية الدالة على عظمته، كذلك الحياة الزوجية ونظام الذكر والأنثى دليل عظمته أيضا، ويقول عليه الصلاة والسلام (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، وكأن النبي صلى الله عليه وسلم ربط الإيمان بأن تحب لأخيك ما تحب لنفسك، فكيف بالزوجة التي هي أم الأبناء وأقرب إلى الزوج بأشواط من الأخ، والله تعالى يقول عن العلاقة بين الزوجين (وأخذن منكم ميثاقا غليظا)، فأعظم عقد في تاريخ البشرية هو عقد الزواج.

وأضاف النابلسي بأن المرأة المسلمة مستقلة في دينها وفي إيمانها عن زوجها، بمعنى أن الله ضرب خير مثال بصديقة النساء آسيا زوجة فرعون الجبار الطاغية في قوله تعالى (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) ففرعون لم يستطع أن يحمل زوجته آسيا على أن تؤمن به كإله، مؤكدا على أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق وأي امرأة مسلمة إذا أمرها زوجها بمعصية فلا تطعه، وقال تعالى (ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين).

وجاء في السيرة النبوية أن النبي عليه الصلاة والسلام خطب امرأة فاعتذرت أن تكون زوجة له، فسألها عن السبب، فقالت : يا رسول الله لي خمسة أولاد ، أخاف إن قمت بحقهم أن أقصر في حقك، وأخاف إن قمت بحقك أن أقصر بحقهم)، والشاهد أن الإسلام ربى المرأة على طاعة الله ومحاسبة نفسها أشد الحساب، وفي الدين الإسلامي فإن المرأة مساوية للرجل في التكليف والتشريف والمسؤولية، إلا أنه لكل منهما خصائصه في قوله تعالى (وليس الذكر كالأنثى)، فخصائص المرأة الفكرية والنفسية والاجتماعية والجسدية كمال مطلق للمهمة التي أنيطت بها وكذلك الرجل.

وللحياة الزوجية متكاملة باستقلال دور كل منهما، واستشهد النابلسي بقصة خولة بن ثعلبة، وكانت تحت أوس بن الصامت فغاضبت زوجها وقال لها كما ثبت في سنن ابن ماجة (أنت علي كظهر أمي)، فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشكي حالها فقالت إني كنت عند أوس بن الصامت وكنت شابة مرغوبا في فلما خلا سني وفرط بطني قال أنت علي كظهر أمي وإن لي منه أولادا، إن ضممتهم إلي جاعوا وإن ضمهم إليه ضاعوا ).

وذكر النابلسي خلال المحاضرة عددا من الأحاديث الشريفة حول أخلاق المسلمة، ومنها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم (خير النساء الولود الودود المواسية المواتية)، وفي حديث آخر (خير النساء من تسرك إذا أبصرت، وتطيعك إذا أمرت، وتحفظ غيبتك في نفسها ومالك)، وذكر أن طاعة الله مرتبطة بطاعة الزوج والمسلمة تدخل الجنة بطاعتها لزوجها.

وقال عن حصين بن محصن ان عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة ففرغت من حاجتها، فقال لها رسول الله أذات زوج أنت؟ قالت نعم، قال كيف أنت له؟ قالت، ما آلوه إلا ما عجزت عنه، قال، فانظري أين أنت منه؛ فإنه جنتك ونارك)، فالمرأة ترقى إلى أعلى عليين عند طاعتها لزوجها وهو يعادل الجهاد في سبيل الله.

ويقول عليه الصلاة والسلام (لا تؤدي المرأة حق الله حتى تؤدي حق زوجها )، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها دخلت جنة ربها)، فالإسلام رفع مكانة المرأة وأرقاها حتى تبلغ أعلى درجات الجنة حين تعبد ربها فيما أقامها كزوجة أو أما أو بنتا.

دبي ـ سامية الحمودي