يجوز للمرأة ممارسة الرياضة في اطار الشرع

يجوز للمرأة ممارسة الرياضة في اطار الشرع

ت + ت - الحجم الطبيعي

بين الحين والآخر تثير وسائل الإعلام قضية ممارسة النساء للرياضة، والضوابط التي تحكم ذلك، في ظل توجه المرأة المتزايد نحو ممارسة الألعاب على اختلاف أنواعها، خاصة الجديدة منها، وكما هو معلوم فإن الإسلام حث أتباعه على ممارسة الرياضة، وجعلها من الأعمال الفاضلة.. لكن إذا كان هذا مباحًا للرجل، فهل ينطبق نفس الأمر على المرأة التي أقر الإسلام بحقها في ممارسة الرياضة؟

وهل يختلف حكم الرياضة حسب نوعها، وما حكم ذهابها إلى الأندية التي تسمح بالاختلاط بين الرجال والنساء، أو أن يقوم على تدريبها سيدة مثلها، أو أن تنقل وسائل الإعلام المرئية والمسموعة صورتها وهي تمارس الرياضة.. وأخيرًا ما الآداب العامة التي يجب عليها الالتزام بها في لباسها وزينتها؟.. تساؤلات عديدة تم طرحها على عدد من علماء الدين الإسلامي.. فإلى التفاصيل.

ففي رأي الدكتورة آمنة نصير أستاذ الفلسفة والعقيدة فإنه لا يوجد في الإسلام ما يمنع مشاركة المرأة في المسابقات الرياضية مادامت ملتزمة بالاحتشام ولبس الحجاب ولا يتعرى منها عضو من أعضائها، لافتة أنه بإمكانها ممارسة الرياضة الخفيفة التي لا يترتب عليها كشف أجزاء من جسدها، وأن تبعد كل البعد عن الألعاب العنيفة والمؤذية التي قد تعود عليها بالسلب.

من هذا المنطلق حذرت نصير من ذهاب المرأة إلى الأندية التي تسمح بالاختلاط بين الرجال والنساء في حال تأديتها لبعض التمارين الرياضية، الأمر الذي قد يترتب عليه خدش حيائها أو التحرش بها، وتصبح عرضة للقيل والقال؛ فلابد أن تمارس الرياضة بعيدًا عن أعين الرجال، خصوصًا في فترة التمارين التي قد تحتاج فيها من وقت لآخر أن تبدل ملابسها، كما يشترط أيضًا أن تمارس المرأة التمارين الرياضية تحت قيادة مدربة حتى لا يلمس المدرب جزءًا من جسدها أثناء التمرين، أو تعرفه على جزء من جسدها حتى تستطيع المرأة أن تحافظ على عفتها وشرفها وحشمتها بما شرع لها الإسلام.

وفيما يتعلق بمشاركة المرأة في أي نشاط رياضي خارج بلدها ووجود محرم لها أوضحت أستاذ العقيدة أن العلماء اختلفوا فيما بينهم حول ذلك، فمنهم من تمسك بألا تسافر المرأة إلى بلد أجنبي عنها إلا ومعها زوج أو محرم، بينما قال البعض الآخر بجواز أن يرافقها نساء مقربات إليها تكون معهن بحيث يلازمنها في كل مكان تذهب إليه، لأنه في حالة وجود رفيق رجل معها لا يستطيع أن يكون بجوارها في حال تبديل ملابسها أو غيره، خاصة أنه كثيرا ما نسمع بحدوث أمور كثيرة في مثل هذه المباريات بين اللاعبين واللاعبات لا داعي لذكرها، ولأنها لا تقام للإناث فقط بصفتها مسابقة دولية يشترط فيها أن تكون البعثة من الجنسين دون الاقتصار على جنس واحد فقط.

أما الدكتور عبدالمعطي بيومي عميد كلية أصول الدين الأسبق فقال: لا يوجد مانع من ممارسة المرأة للرياضة ومشاركتها في المسابقات الرياضية مادام لا يترتب على ذلك تبرجها أو ظهور أي عضو من أعضائها، وأن تمارس الرياضة في أندية مغلقة ليست إلا للنساء فقط.

لكنه شدد على ضرورة عدم نقل مثل هذه المباريات أو المسابقات على وسائل الإعلام المرئية ؛ فإذا كان يراها ألف شخص في النادي فسيراها مليون أو أكثر على شاشة التليفزيون، كما لا يجوز أن توصف فعاليات هذه المباريات عن طريق المذياع ونحوه أيضاً.

ويضيف: يجوز للمرأة ممارسة الألعاب الرياضية والمشاركة في المسابقات الدولية والمحلية ضمن ضوابط شرعية لأن الأصل في الرياضة الإباحة، وقد تنتقل للوجوب أو التحريم والكراهية بحسب الدافع إليها.. لافتا أن الرياضات بالنسبة لمشروعيتها للمرأة تنقسم إلى رياضات مشروعة مثل رياضات اللياقة البدنية وألعاب الفروسية والدفاع عن النفس، أما الرياضات غير المشروعة فمتمثلة في المصارعة الحرة والملاكمة وسباقات السيارات والدراجات النارية عالية السرعة، لأن في مثل هذه الرياضات إهانة لأنوثة المرأة وتشبهها بالرجال.

ورفض بيومي فكرة مشاركة المرأة المسلمة في الألعاب الأوليمبية الدولية بما يستلزم فيها مشاركة الرجال والنساء في الألعاب الرياضية، ونقل فعاليات هذه الأوليمبيات عبر التلفاز بما يسمح الفتنة بها، كما أنه في مثل هذه الألعاب قد تتخلى المرأة عن زيها الإسلامي، ولبس ملابس تفرضها عليها اللجنة الأوليمبية بما يكشف عورة جسدها أمام الرجال؛ فهي بالتالي تخرج على الضوابط الشرعية التي وضعتها الشريعة الإسلامية الخاصة بحشمة المرأة وعفتها وبعدها عن التبرج.

وقال الدكتور عبدالله ربيع ـ أستاذ أصول الفقه بكلية الدراسات الإسلامية: إن الإسلام حث على ممارسة الرياضة النافعة للجسد، وجعلها من الأعمال الفاضلة، والمسلمون عرفوا بعض الرياضات كالعدو وسباق الخيل والرماية واللعب بالسلاح، موضحًا أن مبادئ الإسلام لا تمنع ممارسة المرأة للرياضة شريطة أن تحاط بالضوابط الشرعية التي تمنع الرجال من ملامستها أو مشاهدتها أو الاختلاط بها أو ظهورها في وسائل الإعلام، والإسلام نظم هذه الضوابط بقواعد عامة لحماية المرأة والمجتمع من الوقوع في التبرج والاختلاط.

وتابع قائلاً: الخطاب القرآني خاطب المرأة والرجل في جميع الأمور من الإيمان والمعاملات المختلفة في نواحي الحياة، وبالتالي الإسلام لا يمنع أن تلعب وتشارك المرأة بالألعاب الرياضية التي تناسبها، وذلك لأن ممارستها للرياضة لا تتنافى مع شخصية المرأة المسلمة مادامت ملتزمة بالزي الإسلامي الذي يستر عورتها بحيث ألا يكون شفافا وبوجودها في نادٍ مخصص للنساء فقط بما يسمح لها بممارسة الرياضة بعيدًا عن أعين الرجال التي ترصد النساء، وتحاول أن تكشف ما تظهر به المرأة، ولا يجوز لها أن تمارس رياضة السباحة بلبس مايوه وخلافه مما يكشف جزءًا من جسدها.

وأوضح ربيع أنه لا يجوز للمرأة أن تتمرن أو تتدرب على يد مدرب رجل ما قد يخدش ذلك حياءها أو عفتها أو شرفها، بل يجب أن تتدرب تحت قيادة مدربة بحيث يكون النادي في مكان بعيد عن الأماكن العامة، وفي حال مشاركتها في أي مسابقة رياضية خارج بلدها يلزم ذلك وجود محرم معها يلازمها لحين انتهاء هذه المسابقة.

من جهته بدأ الدكتور عبد الغفار هلال عميد كلية الدراسات العربية سابقًا حديثه قائلاً: إن الله سبحانه وتعالى جعل للمرأة كيانًا خاصًا، وجعلها في منزلة عالية عظيمة حيث جعل منها أمًا صالحة، وزوجة ودوداً، وبنتًا بارة بوالديها.

وأوضح أن الإسلام لا يحرم ممارسة المرأة للرياضة لتنمية قدراتها العقلية والجسدية فقد كانت السيدة عائشة تسابق الرسول r في الجري؛ فسبقته مرة وسبقها مرتين، وكان هذا في خلوة من الناس، كما أن المرأة خرجت لتحارب في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا دليل على جواز مشاركة المرأة في الألعاب والمسابقات الرياضية، ولكن في إطار شروط شرعية وضعتها الشريعة الإسلامية، ومنها أن تلتزم بالزي الإسلامي الذي يستر جسدها، وأن يكون المدرب من النساء، وألا يحضر تدريبها أو هذه المباريات إلا النساء من نفس جنسها.

وفرق هلال بين الألعاب التي تناسب المرأة في ممارستها قائلاً: يجب أن تتخير المرأة الألعاب التي تناسبها مثلما يناسبها من العمل مثل التمريض، الحياكة، والتدريس وغيرها، فهناك ألعاب مناسبة للمرأة مثل الجري والتنس الطاولة والتنس والشطرنج وشيش السلاح، أما ألعاب الملاكمة ورفع الأثقال والمصارعة والسباحة هذه أمور لا يجب أن تتطرق إليها المرأة في ممارستها للرياضة.

القاهرة ـ دار الإعلام العربية

Email