وصايا نبوية للحياة الزوجية

الرائحة العطرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

الزواج في الإسلام هو رباط مقدس، وعقد مبارك، ورحلة حياة طويلة والزواج الناجح من أهم العوامل التي يعتمد عليها رُقي أي مجتمع وتقدمه وهو لكي ينجح تلزمه عناصر يرتكز عليها. والوصية النبوية التي نتناولها اليوم نتحدث فيها عن شيء طريف ومهم جدا في نفس الوقت، ألا وهو «الرائحة العطرة». يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حُبب إلي من دنياكم الطِيب، والنساء، وجعلت قرة عيني في الصلاة».

فذكر رسولنا الكريم الطِيب، أي الرائحة العطرة كأول الأمور التي يحبها صلى الله عليه وسلم لما لأهمية العطر في حياة الإنسان ولآثاره الإيجابية المتعددة على روحه ونفسه وعقله. ومن المعلوم أن الرائحة الطيبة تجلب كل ما هو طيب، فالملائكة، تلك المخلوقات النورانية التي تأتي عندما يقوم الإنسان بذكر الله وبطاعته، تأتي عندما يمتلئ المكان والزمان بكل ما هو طيب ورائحته زكية فيقول الله تعالى: «والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض» الشورى آية 5.

«كما أن الملائكة تكره كل ما يكره الإنسان من رائحة كريهة، لذلك كان المسلم أولى من غيره بالاهتمام برائحته، بداية من فمه إلى أخمص قدميه. وقد استخدمت الزيوت العطرية والروائح الزكية في الزمن الماضي والحاضر لانتعاش الروح والجسد وكعلاج لكثير من الأمراض النفسية والجسمية. وكان أبوقراط الطبيب القديم المشهور يعتبر أن أساس وسر الصحة الدائمة يعود إلى الاهتمام بالنظافة الشخصية والحمام اليومي والتدليك بالعطور في أماكن الألم.

وللروائح العطرة الزكية تأثير على مركز الدماغ مما يبعث الشعور بالراحة والسكينة، كما أن لها انعكاسات على حركة الدورة الدموية والتنفس، وتدفق الدم، وضربات القلب، وحتى الجهاز الهضمي، ومن الأشياء التي كان أجدادنا يستخدمونها ومازالوا لجعل رائحة الماء زكية هي وضع نقاط من ماء الزهر عليه، كما أن الشبّة مع المسك وخلطهما معا تمنع رائحة العرق تماما، والعطر أصبح له استخدامات كثيرة في وقتنا الحالي، فأصبحت هناك عطور للبيت وأخرى للسجاد وأخرى للدهان والاسترخاء، والبيت المسلم هو الأولى باستخدام كل تقنية تزكي الروح وتسعد النفس، حتى أن علماء المسلمين الأوائل أفردوا مؤلفات خاصة عن العطر وأثره في تنشيط الذاكرة ونماء العاطفة وتفتح العقل.

ومن أهم الأمور التي كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يحرص عليها نظافة الفم فكان يكثر من استعمال السواك وهو صائم. وعن عامر بن ربيعة رضي الله عنه، قال: «رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مالا أحصي يستاك وهو صائم» وذلك لما هو معروف من أن المرء في الصيام تتغير رائحة فمه، وعندما سئلت أم المؤمنين السيدة عائشة ما كان يفعله الرسول الكريم وهو قادم على أهل بيته، قالت «السواك» وذلك لأنه كان حريصا أن يشتم منه أهل بيته الرائحة الطيبة.

وكان صلى الله عليه وسلم يتسوك قبل أكله وبعد أن يفرغ من الأكل. وليس ثمة مبالغة إذا قلنا إن السواك لم يكن يفارق الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أينما ذهب وقد احتذى حذوه واتبع سنته صحابته رضوان الله عليهم جميعاً. لذلك فالأزواج والزوجات المؤمنون هم أولى الناس باتباع سنة النبي الكريم في نظافتهم والاهتمام برائحتهم.

وفى عصرنا الحالي لم يعد السواك هو الوسيلة الوحيدة التي نحافظ بها على رائحة الفم الجميلة، فأصبحت الآن فرشاة الأسنان والمعجون والتي يجب أن نستخدمها مرتين على الأقل في اليوم وخاصة قبل النوم، كذلك معطرات الفم، والخيط الخاص بالأسنان، كما ينصح الأطباء بضرورة تنظيف اللسان كذلك لأنه يعد مرتعا خصبا للبكتيريا، كما أن المضمضة بالمستحضرات المطهرة، ومضغ العلكة من وقت لآخر ضمان لسيولة اللعاب في الفم، وأخيرا زيارة طبيب الأسنان بانتظام أمر ضروري لضمان صحة الأسنان واللثة.

ولا ينبغي أن ننظر إلى موضوع الرائحة العطرة على أنه أمر من الكماليات فقد نتعجب إذا علمنا أن هناك أزواجا كثيرة قد تقل السعادة بينها بسبب هذا الموضوع.

وقد نتعجب أكثر من قول علماء النفس، الذين يؤكدون أن مفعول الرائحة العطرة يؤثر على الإنسان ليس في حالة اليقظة فقط، بل في حالة النوم أيضاً. فقد أثبتت الدراسات أن حواس الإنسان الخمس تتعطل جميعها عند النوم ماعدا حاستين فقط وهما حاسة السمع وحاسة الشم اللتين تعملان حتى والإنسان نائم ولكن بشكل أقل. فإذا تعطرت الزوجة المؤمنة لزوجها، وعطرت فراشها، ظلت هذه الرائحة عالقة في عقل ونفس زوجها حتى وهو نائم، وإذا تعطر الزوج لزوجته كذلك سعدت الزوجة بعطره.

جيهان محمود متولي

Email