يفتقر كثير من سائقي المركبات وخاصة النساء إلى الثقافة الميكانيكية التي تساعدهم على تجنب الأعطال المفاجئة، ومعرفة قدرات مركباتهم وإمكانياتها على الطرقات ومدى الأمان الذي تتمتع به لتجنب الحوادث المرورية، لكن الحقيقة التي لا مفر منها أن بعض السائقين يجهلون تماما مثل تلك المعلومات ولا يعرفون أي شيء عن مركباتهم، بل قد نجد من النساء من تستنجد بأهلها لتوقف سيارتها وسط الطريق ولا تعلم أنها أهملت النظر إلى لوحة القيادة لتلاحظ حرارة السيارة وخزان الوقود.

ويبدو أن معظم الأميين في الثقافة الميكانيكية هم من النساء حيث تقول سارة الزرعوني ـ طالبة ـ إنها لا ترغب في معرفة تفاصيل السيارة لأنها ليست من اهتمامات الفتيات فالشباب هم الذين يعنون بهذا الأمر، وهي لا تعرف عن سيارتها سوى قيادتها لها بينما يتابع أخوها صيانتها وتبديل زيتها وفحص إطاراتها، وحتى لو تعطلت عندي في الطريق تتصل بأحد من أهلها ليتكفل بالموضوع، فمن غير المعقول ـ على حد قولها ـ ان تقف في الشارع لتصلح السيارة أو تبدل الإطارات.

بينما تبرر جميلة سالم ـ موظفة ـ ذلك الجهل بقولها: لم تعد السيارات تتعطل كالسباق فنحن نقتني أنواعا حديثة ومتطورة من السيارات وهي تخضع لصيانة دورية فما الذي يجعلنا نحتاج إلى الثقافة الميكانيكية؟، ونحن في بلد تتوفر فيه جميع الخدمات، ولا أعتقد أني سأقف في الشارع لأغير إطار سيارة لأني حينها سأجد أكثر من متطوع يقوم بالعمل.

وفي بعض الحالات يمكنني الاتصال بدورية المرور التي تقوم بمساعدتنا في جميع الأمور، ولو ذهبت إلى محطة البترول لتعبئة الإطارات بالهواء فسأجد بعض العاملين هناك يقومون بالمهمة على أكمل وجه، وبصراحة أقول المرأة لا تحتاج إلى تلك المعلومات.

حكايتي مع الإطار المثقوب

وتروي صباح جاسم ـ موظفة ـ موقفا حدث معها عند قيادتها للسيارة:هذه القصة مرت بي حقيقة وليس بها أية مبالغة، فقبل سبع سنوات اشتريت أول سيارة لي من إحدى الوكالات، وكنت أجهل تماما أي شيء عن تفاصيلها ما عدا قيادتها على الطريق، وصادف أني كنت أسير في أحد الشوارع وصار أحد الأشخاص يشير لي بالتوقف ويستخدم بوق سيارته لتنبيهي.

وحين فتحت نافذة سيارتي أخبرني الرجل أن لدي (بنشراً) في أحد الإطارات فسارعت للاتصال بصيانة الوكالة لأسألهم ماذا أفعل، ورد علي الرجل بهدوء ان علي أن أذهب إلى أقرب محل لتصليح الإطارات، وبالفعل ذهبت إلى محل تصليح الإطارات وطلبت منه أن يستبدل إطارات سياراتي، فضحك وقال ليس لديك سوى ثقب صغير يمكن إصلاحه بعشرة دراهم فكيف أغير جميع إطاراتك، وضحكت من جهلي وقررت أن أتعلم بعض الأشياء الضرورية عن السيارة.

وتختلف هيام شهاب ـ موظفة ـ عن سابقاتها بقولها إن المعرفة الميكانيكية للأمور المهمة تساعد الرجل والمرأة على معرفة مدى صلاحيات سياراتهم للسير في الطرقات وما تحتاجه من صيانة أو إصلاح، وقد تعلمت بعض الأمور عن طريق التجربة ومنها ما تعلمته من زوجي فصرت أستطيع تقدير مدى قوة الفرامل وصلاحيتها وتقدير حرارة المحرك أو حاجة الإطارات إلى الهواء خاصة أن سيارتها من النوع رباعي الدفع وتحتاج إلى «فحص وميزانية».

وتشير أسماء محمد - موظفة - إلى أن ظاهرة حوادث المرور الناجمة من الخلل الفني المتصل بأجهزة السلامة في المركبات، نتيجة جهل كثير من السائقين بأبسط الأساسيات للتعامل مع المركبة و يجب على السائق التأكد من صلاحية المركبة قبل القيادة وإصلاح الأعطال التي قد تظهر بها مباشرة عند أول توقف واستعمال الإشارات الضوئية دائما عند التجاوز أو الوقوف قرب الطريق العام والتأكد من أنها تعمل بشكل جيد واستعمال المرايا الداخلية والجانبية خصوصا عند التجاوز وأخذ الحيطة.

وأوضحت أن هناك كثيرا من الأمور التي يهملها السائقون منها فحص الفرامل بشكل دوري فهي أهم أجزاء المركبة، فحص إطارات السيارات بشكل دوري والتأكد من سلامتها لأنها تمثل نقاط الاتصال الوحيدة بين المركبة التي نركبها وبين سطح الشارع التأكد من صلاحية الإضاءة و من صلاحية مساحات الزجاج الأمامي وماء التنظيف ومن الوضع الصحيح للمرايا.

ومن زيت المحرك وأضافت أن الحملات والجهود حول الثقافة المرورية التي تقوم بها القيادة العامة لشرطه دبي مشرفه لكن ينقصها التعاون الجاد من قبل السائقين.

الشباب والثقافة الميكانيكية

ويبدو أن كثيرا من الشباب يمتلك معرفة جيدة بميكانيكا السيارات، لكن مشاكلهم تأتي من الإهمال فقد أوضح محمد عبد الرحمن المنصوري ـ مهندس أن بعض الشباب لديهم خلفية ثقافية عن السيارات بشكل جيد، والمشكلة الحقيقية أن قسما منهم لا ينتبهون إلى لوحة القيادة والتحذيرات التي تقدمها، ولكني شخصيا درست ميكانيكا السيارات والطائرات في الجامعة وعملت في مجال تخصصي.

لذا كان هذا الأمر ذا فائدة كبيرة في تعاملي مع سيارتي الخاصة وحتى في كيفية انتقائها، فكثير منا يتبع ما يقال عن السيارات فيقتني السيارة التي لا تناسب متطلبات تنقله، كذلك منهم من يهتم بالشكل على حساب قدرات المحرك أو تفاصيل القيادة، وأعتقد أن على كل شخص يقود سيارته أن يتعلم كيفية التصرف في حالات الأعطال المفاجئة وبشكل قد يمكنه أحيانا من تداركها قبل وقوعها.

وقال المهندس زكريا الشحي إن الثقافة الميكانيكية تتفاوت من سائق إلى آخر ويختلف الرجل عن المرأة فيها وعادة لا تمتلك المرأة معرفة جيده بميكانيكا السيارات وابسط المهارات الأساسية لمواجهة الأعطال.

ودعا إلى ضرورة أن تقدم معاهد تعليم القيادة برامج تعتني بأهمية الثقافة الميكانيكية والفحص الدوري لكل من زيت المحرك والإطارات ومكيف الهواء وأهمية التعرف على كيفية استخدام طفاية الحريق وكيفية إجراء الإسعافات الأولية وصيانة بطارية المركبة مشيرا إلى ضرورة التنسيق التام بين هذه المعاهد وشرطة المرور.

وأضاف الطيار محمد المرزوقي انه من احد أسباب الحوادث المرورية جهل الكثير من السائقين بالمعرفة الميكانيكية وعدم الصيانة الدورية للمركبات وصلاحيتها وكفاءتها وهذا أيضا له دور في وقوع الحوادث المؤلمة. ويرى المرزوقي أنه للحد من الحوادث المرورية الناتجة عن إهمال المركبة يجب أداء صيانة دورية للمركبة وقيام شرطة المرور بالدور الإرشادي والتوعوي للسائقين والمواطنين على أهمية الثقافة الميكانيكية.

وقال إن أغلب السائقين يهملون فحص الإطارات التي غالبا ما تكون السبب الرئيسي للتدهور والحوادث الخطيرة مشيرا إلى أن تجاوزا بسيطا في مواصفات الإطار يكون سببا في حادث.

وأضاف أن قيادة المركبة تتطلب كيفية التعامل مع المركبة من خلال مقدار السرعة من خلال حزام الأمان وما تتطلبه السيارة من صيانة وتفقد دوري، ومن خلال التعامل مع الآخرين في الطريق مشاة أم أصحاب سيارات.

وقال محمد خليفة ـ موظف ـ إن على قائد المركبة مسؤولية تجاه المركبة والاهتمام بها ومدى ملاءمتها للاستخدام، وإن الفحص الدوري يرفع من مستوى السلامة في المركبة، ويقلل الحوادث المرورية وان نسبة قليلة، من السائقين فقط هم من يعون أهمية هذا الأمر وهذا يدل على ضعف ثقافتهم الميكانيكية، مشيرا انه تعتبر السيارة مثلها كأي آلة أخرى أداة طيعة في يد مستعملها، ويظل السائق هو المسؤول الأول عن الاستفادة منها وتسخيرها في خدمة سلامته وسلامة باقي مستعملي الطريق.

وأشار راشد المفتول ـ طالب ـ إلى أن لديه معرفة لا بأس بها بالتعامل مع تفاصيل السيارة، لكنه لا يعتقد بضرورة أن يدرس المرء تلك التفاصيل في معاهد أو دورات تدريبية إذ يكفي أن يتعلم تفاصيل السيارة التي يقودها عن طريق المحيطين به أو عن طريق الكتاب المرفق للسيارة والذي تقدمه الشركة المصنعة، وفي الغالب تكون لدى الشباب الرغبة في تعلم ميكانيكية السيارات من باب الهواية والمتعة.

وقال ماجد المنصوري ـ موظف ـ باعتقادي أنه على كل سائق سيارة أن تكون لديه على الأقل ولو بعض المهارات الميكانيكية الأساسية لتكون لديه القدرة على مواجهة الأعطال التي من الممكن أن يواجهها أثناء قيادته للمركبة على سبيل المثال في حال حدوث ثقب في أحدى عجلات المركبة.

من جهة أخرى على كل سائق قبل البدء بقيادة المركبة أن تكون لديه المعرفة في كيفية فحص أساسيات المركبة قبل قيادتها من حيث فحص هواء العجلات، زيت المحرك، ماء الردياتير وماء منظف الزجاج الأمامي.

مدارس تعليم القيادة

وأضاف هاني كمال محمدي مدير قسم الفحص في مركز بالحصا لتعليم قيادة السيارات عن أهمية الثقافة الميكانيكية للسائقين أنه يجب أن يكون لدى حاملي رخص القيادة معرفة بالأمور الضرورية في ميكانيكية السيارة.

إذ ينبغي معرفة كيفية تبريد السيارة في حال ارتفاع درجة حرارة المحرك، كما ان عملية تبديل الإطارات يمكن أن تسبب مخاطر كبيرة للسائق والمركبة في حال عدم معرفته الطريقة الصحيحة للتبديل، ومثل تلك المعارف أصبحت تدرس في بعض معاهد تعليم قيادة السيارات في الجانبين العملي والنظري حيث يقوم مدرب القيادة بتعليم المتدربين الأساليب التي تعرف بمدى أمان السيارة عن طريق فحص زيت المحرك واستخدام ماسحات الزجاج وغيرها من الأمور التي تحتاجها السيارة لتعمل بشكل صحيح.

وفي الحقيقة لم تكن تلك الدروس مقررة على المعاهد من جهات الترخيص لكنها اجتهادات خاصة بكل معهد ليقدم خدمات أفض للمتدربين، فعنصر التنافس أظهر البحث عن التميز والجودة، بينما لم تكن كثير من مدرس تعليم قيادة السيارات في الماضي تقدم تلك المحاضرات أو تهتم بالثقافة الميكانيكية لدى المتدربين.

ثلاث وفيات و18 إصابة أول من أمس

بلغ مجموع الإصابات التي نجمت عن حوادث السيارات في إمارة دبي، والتي تم إدخالها لمركز الإصابات والحوادث أول من أمس 21 إصابة منها ثلاث وفيات وثلاث حالات بليغة وحالتان متوسطتان و13 حالة بسيطة.

وقال حسن كاظم رئيس شعبة سجلات والحادث في مستشفى راشد بأنه تم إدخال ثلاث حالات لمستشفى راشد بانتظار مزيدا من الفحوصات والتحاليل فيما غادرت 15 حالة المركز بنفس اليوم بعد تلقي الإسعافات والعلاج المناسب.

«فاعتبروا يا أولي الألباب»

مناظر المصابين في مركز الحوادث والإصابات في مستشفى راشد تقشعر لها الأبدان، شباب يتحركون على كراسي متحركة، وآخرون مسجون على ظهورهم لا يسمح لهم بالحركة وأمهات يذرفن الدمع على من كانوا بالأمس القريب اسودا في عرائنهم. أحلام تحطمت ومستقبل أضاعته لحظات اندفاع وتهور ولكن هل ينفع الندم. في هذه الزاوية اليومية من حملة المرور سنتوقف فيها مع شباب أصيبوا بحوادث السيارات لنستمع منهم علها تكون عبرة.

بسام جميل شاب أنهى دراسته الجامعية والتحق بالعمل في إحدى شركات المقاولات بدبي أملا في مساعدة والده في تعليم إخوانه الصغار، واشترى سيارة صغيرة تقضي له حاجته وبينما هو عائد من دوامه صدمته شاحنة على شارع الإمارات نجا من الموت بأعجوبة، ولكنه أصيب بكسر بإحدى فقرات العمود الفقري مع جروح بسبب تهشم زجاج السيارة.

ويقول بأنه دخل أمام الشاحنة معتقدا بان سائق تلك الشاحنة الكبيرة يراه ولولا بطء الحركة على الشارع لداسته الشاحنة تحت عجلاتها. الدرس الذي تعلمه من الحادث وينصح زملاءه الآخرين به، التأكد قبل الانتقال من مسرب إلى آخر من عدم وجود سيارات والتاني دائما لان بالتأني السلامة وفي العجلة الندامة والفارق كما يقول بينهما دقائق معدودة ومن الأفضل أن يصل الإنسان إلى وجهته سليما بدلا من أن ينقل بسيارة إسعاف.

دبي ـ خولة محمد ودلال جويد