القلب السليم

القلب السليم

ت + ت - الحجم الطبيعي

الله تعالى اختار القلب من بين أجزاء البدن مستقرا للعقيدة، وهي أعظم ما في الدين، وما دلالة ذلك إلا على عظم هذه المضغة التي في البدن (القلب). وإنه ليمكنك القول موجزا إنَّ الله جعل أعظم ما في البدن مستقرا لأعظم ما في الدين، وهي (العقيدة)، وليس أدل على عظم مكان القلب بين أجزاء البدن إلا وورد اصطلاح «القلب السليم» في القرآن الكريم في موضعَين: قوله تعالى: ولا تُخْزِني يومَ يُبْعَثُونَ يومَ لا يَنفَعُ مالٌ ولا بَنونَ إلاّ مَن أتى اللهَ بقلبٍ سليم (الشعراء: 87 ـ 89) . ..وقوله عزّ وجلّ: (وإنّ مِن شيعتهِ لإَبراهيم إذ جاء ربَّهُ بقلبٍ سليم) (الصافّات: 83 و 84).

والمراد بالقلب في هاتين الآيتَين ليس البَضعة الصنوبريّة الشكل المودَعة في الجانب الأيسر من الصدر، وإنّما اللطيفة الربّانيّة الروحانيّة المتعلّقة بهذا القلب، ويُعبَّر عنها بالقلب تارةً، وبالنَّفْس أخرى، وبالروح ثالثة. وجاء في تفسير «قلب سليم» في الآيتين: قلب سليم خالص من الشِّرك، بريء من المعاصي والغِلّ والغشّ . وسُئل رسول الله صلّى الله عليه وآله عن القلب السليم ما هو ؟ فقال: دِينٌ بلا شكٍّ وهويً، وعملٌ بلا سُمعة ورياء.

وسُئل الإمام جعفر الصادق عن القلب السليم في الآية: إلاّ مَن أتى اللهَ بقلبٍ سليم، فقال: الذي يلقى ربَّه وليس فيه أحد سواه؛ وكلّ قلبٍ فيه شِرك أو شكّ فهو ساقط(6). من أعظم فضائل القلب السليم أنها المنجية يوم القيامة، قال تعالى:«إلا من أتى الله بقلب سليم» .. وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اخبر عن رجل من أهل الجنة فلما تتبعه عبد الله بن عمرو لم يجده بكثير صلاة ولا بكثير صيام لكنه إذا نام على جنبه قال : « اللهم إني قد عفوت اللهم فاعفو» إن سلامة الصدر والقلب منجاة في الدنيا منجاة في الآخرة.

إن نجاة المرء من الفتن إنما يكون بسلامة القلب لأنك تجابه نوعين اثنين من الفتن، فتنة الشهوة وهي كل انحراف عن الحلال في الأشياء، فالانحراف عن الحلال في شأن المال فتنة شهوة، والانحراف عن الحلال في شأن الجنس فتنة شهوة.

وثمة نوع آخر من الفتن... فتنة الشبهة وهي كل تبديل لمفهوم في الدين وتحريف لمعنى عن مقصده، فتسمية الربا بالفائدة فتنة شبهة، وتسمية التبرج وخروج المرأة شبه عارية تمدنا وتحررا فتنة شبهة، وتسمية الخمر بغير اسمها كأن تُسمى الخمر بالمشروبات الروحية أو بالمشروبات الحديدية فتنة شبهة، وكأن يُسمى الالتزام بأحكام الشرع تزمتا فتنة شبهة، وكأن تُسمى الصدقات بالضرائب من الضرب والإيلام فتنة شبهة.

احمد عبد المجيد

Email