عشر فوائد

نواقض الإسلام

ت + ت - الحجم الطبيعي

إن الله تعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق، دين الإسلام الذي لا يقبل الله من أحد دينا سواه، قال تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) وقال:( إن الدين عند الله الإسلام)، وقال:(ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين).

ولقد جعل الله لهذا الدين أركانا يقوم عليها هي: الشهادتان، والصلاة، والزكاة، والصيام، وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا، وجعل كذلك لهذا الإسلام نواقض تنقضه وتحبطه، وهي المكفرات المخرجات من الإسلام، وأما ما سواها من الذنوب فليست نواقض، وإنما تنقص الإيمان إنقاصا، فالإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. ونواقض الإسلام كثيرة - أعاذنا الله منها - يذكرها الفقهاء في باب الردة وأحكام المرتد، لكن جماعها عشر نواقض، وتشمل:

1- الشرك: والمراد به هنا: الشرك الأكبر المخرج من الملة الذي لا يغفره الله لمن مات عليه، وهو جعل شريك مع الله في حقه تعالى من العبودية والربوبية، وفي أسمائه وصفاته، قال تعالى: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا)، وقال: (ولقد أوحي إليك والى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين، بل الله فاعبد وكن من الشاكرين).

ومن الشرك الذبح لغير الله ؛ لأنه عبادة لا يجوز صرفهما لغير الله، فمن ذبح لغير الله على وجه التعبد والنسك والتقرب فقد أشرك به غيره، قال تعالى: ( فصل لربك وانحر)، وقال: ( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين)، والنسك هو الذبح على وجه التعبد والتقرب، وقال صلى الله عليه وسلم (لعن الله من ذبح لغير الله) رواه مسلم.

2- ومن نواقض الإسلام، من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم، ويسألهم الشفاعة ويتوكل عليهم دون الله تعالى.

3- ومن نواقض الإسلام، عدم تكفير المشركين، أو الشك في كفرهم، أو الشك أن مذهبهم كفر: لأنه في ذلك شاك في ما هو عليه من الإسلام الذي لا يرتضي الله غيره فمن شك في كفر من عبد غير الله، أو صرف له شيئا من العبادة.

4- ومن نواقض الإسلام، من اعتقد أن غير هدي النبي أكمل من هديه، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه: فهذا كفر، كالذي يفضل حكم القوانين، أو الأعراف على حكم الشريعة الإسلامية، أو يعتقد جواز الحكم بها، أو أنها مثل الشريعة الإسلامية، كل هذا كفر بالله العظيم لقوله تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون)، وقوله: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما).

أما من حكم بهذه القوانين لكنه لا يعتقد أنها أفضل من شريعة الله ولم يستحل ذلك، فكفره دون كفر لا يخرج عن الملة بل من الفسق ومن كبائر الذنوب، كما قال ذلك ابن عباس رضي الله عنه.

5- ومن نواقض الإسلام، بغض شيء مما جاءت به الشريعة سواء في القرآن أو السنة ولو عمل به: فهذا كفر، فمن أبغض الصلاة كفر، ولو عمل بها؛ لأنه لم يحب ما أمر الله به، ومن شروط لا إله إلا الله المحبة لكل ما جاء عن هذه الكلمة من مقتضيات وأوامر وشرائع.

ومن شروطها القبول أيضا، فمن أبغض ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم لم يحقق معنى شهادة أن محمدا رسول الله، لأن مقتضاها التسليم لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وانشراح الصدر به، ولما جاء في الحديث (لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به).

6- ومن نواقض الإسلام، الاستهزاء بشيء من دين الله أو بثوابه أو بعقابه أو برسوله صلى الله عليه وسلم:، فهذا كفر، لأن فاعل ذلك لم يوقر هذا الدين الذي يجب عليه توقيره، وتوقير من جاء به، ولأن الله حكم على أناس - كانوا مؤمنين - بالكفر لما استهزأوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

وقالوا: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا وأكذب ألسنة وأجبن عند اللقاء، فأنزل الله فيهم: (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم)، فالله حكم بكفرهم مع أنهم كانوا قبل ذلك مؤمنين ولكنهم كفروا بسبب الاستهزاء مع أنهم قالوها على وجه اللعب والمزاح والهزل.

7- ومن نواقض الإسلام، السحر: والسحر كفر، وهو عزائم ورقي وعقد يؤثر في القلوب والأبدان فيقتل ويفرق بين المرء وزوجه قال تعالى: (ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق) أي نصيب، وقال قبلها: ( وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر)، وقال تعالى: (ولا يفلح الساحر حيث أتى). وقال صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يارسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر..) متفق عليه، ومن السحر التنجيم، والاستدلال بالأفلاك على الحوادث الأرضية.

8- ومن نواقض الإسلام، مظاهرة المشركين، ومعاونتهم ضد المسلمين: وهو التولي المذكور في قوله تعالى: (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) والتولي غير الموالاة، فإن الموالاة هي في الميل والصحبة والمحبة وهي من كبائر الذنوب ودون الكفر، أما التولي فهو النصرة ضد المسلمين، والكيد معهم ضد المسلمين كحال المنافقين.

9- ومن نواقض الإسلام، من ظن أن أحدا يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم فهذا من الكفر، لأن شريعة الإسلام التي بعث بها محمد مهيمنة على الشرائع كلها ناسخة لها، والله لا يقبل إلا ما كان من الإسلام، فقال: تعالى: (إن الدين عند الله الإسلام)، وقال: ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)، وقال:( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم، قل أطيعوا الله والرسول فمن تولى فإن الله لا يحب الكافرين).

10- ومن نواقض الإسلام، الإعراض عن دين الله جملة وعدم العمل به ، فهو كفر، إذا كان إعراضه كليا عن تعلم الإسلام وتفهمه، أو أعراضا كليا عن العمل بالإسلام، واستغنى بما هو عليه من الكفر، وإذا دعي للإسلام ليتعلمه أعرض ورفض، أو تعلم الإسلام ثم أعرض عن العمل به وقبوله فهذا من الكفر.

وهذه النواقض لا فرق فيها بين الجاد والهازل والخائف إذا وقعوا فيها عن علم وعمد، إلا المكره إكراها ملجئا، وهو المتواصل إلى حد قد يصل إلى موته، أو أذية لولده ونحوه، فينجيهم بلسانه فقط، لقوله تعالى: (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراّ)، فمن أكره على الكفر ثم عمله راضيا به فقد كفر؛ لأنه شرح به صدرا.

ومن فعله لدفع خطر الموت عن نفسه مع اطمئنان نفسه بالإيمان فقد سلم، ولا شيء عليه لقوله تعالى: (إلا أن تتقوا منهم تقاه). وأما الخائف من أذى قليل دون الإكراه الملجئ فلا يجوز له الوقوع في شيء من النواقض المكفرة.

عادل مباشري المرزوقي

رئيس قسم الرقابة والتوجيه

بدائرة الشؤون الإسلامية بدبي

Email