استخدام العوازل الحرارية أصبح أساسياً في قطاع التشييد

استخدام العوازل الحرارية أصبح أساسياً في قطاع التشييد

ت + ت - الحجم الطبيعي

شهد قطاع البناء تطوراً هائلاً في مجال مواد التشييد ومنها الخرسانة المسلحة التي تتميز بسهولة العمل بها وقدرة تحملها العالية، ولكن تلك المواد صاحبها بعض السلبيات المرتبطة بخصائصها. فالخرسانة المسلحة لها خاصية التوصيل السريع للحرارة وكذلك سرعة فقدانها، مما يجعل استخدامها في بناء المباني دون عوازل حرارية أو أجهزة تكييف غير مريح للإنسان، على العكس في حالة استخدام مواد البناء التقليدية (الطين والحجر) التي لها خاصية عالية في تخزين الطاقة الحرارية من البيئة المحيطة وتباطؤ كبير في معدل توصيلها وذلك مقارنة بالتقنيات المعاصرة وغير المعزولة حرارياً.

ونظراً لما يسود إمارة دبي من مناخ قاري، بحيث تتفاوت فيه درجات الحرارة بشكل كبير، مما يؤثر على عناصر المبنى وعلى درجات الحرارة داخل وخارج المبنى، ويؤدي إلى الاستعانة بأجهزة التبريد لتأمين درجة الحرارة المناسبة داخل المباني، لذا فإن عدم عزل المباني جيداً يؤدي إلى ارتفاع في معدل تشغيل أجهزة التكييف، مما يؤدي إلى زيادة الأعباء المادية على المواطن.

وعليه برزت أهمية إعداد دراسة عن العزل الحراري للمباني لما في ذلك من آثار إيجابية على تقليل عدد ساعات تشغيل أجهزة التكييف، وبالتالي تقليل الاستهلاك في الطاقة الكهربائية.

«البيان» التقت رئيس شعبة التدقيق الهندسي المهندس احمد سعيد البدواوي لإلقاء الضوء والتعريف بأهمية استخدام العوازل الحرارية في المباني بيئياً وصحياً واقتصادياً، فقال: إن العزل الحراري، هو عبارة عن استخدام مواد لها خواص عازلة للحرارة، بحيث تساعد في الحد من تسرب وانتقال الحرارة من خارج المبنى إلى داخله صيفاً، ومن داخله إلى خارجه شتاءً. تنقسم الحرارة التي تخترق المبنى، والتي من المفروض إزاحتها باستعمال أجهزة التكييف للحفاظ على درجة الحرارة الملائمة إلى ثلاثة أنواع هي: الحرارة التي تخترق الجدران والأسقف، والحرارة التي تخترق النوافذ، والتي تنتقل كذلك عبر فتحات التهوية الطبيعية.

وتقدر الحرارة التي تخترق الجدران والأسقف في أيام الصيف بنسبة 60 -07% من الحرارة المراد إزاحتها بأجهزة التكييف، وأما البقية فتأتي من النوافذ وفتحات التهوية. وتقدر نسبة الطاقة الكهربائية المستهلكة في الصيف لتبريد المبنى بنسبة حوالي 66% من كامل الطاقة الكهربائية. ومن هنا تنبع أهمية العزل الحراري لتخفيض استهلاك الطاقة الكهربائية المستخدمة في أغراض التكييف، وذلك للحد من تسرب الحرارة خلال الجدران والأسقف لتحقيق المسكن الوظيفي الملائم وتقليل التكلفة.

فوائد العزل الحراري

تكمن فوائد العزل في ترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية، حيث أثبتت التجارب العلمية أن تطبيق استخدام العزل الحراري في المباني السكنية والمنشآت الحكومية والتجارية والصناعية يقلل من الطاقة الكهربائية بمعدلات تصل إلى نسبة 40%، ويحتفظ بدرجة الحرارة المناسبة للمبنى لمدة أطول دون الحاجة إلى تشغيل أجهزة التكييف لفترات زمنية طويلة، ويؤدي إلى استخدام أجهزة تكييف ذات قدرات صغيرة.

وبالتالي تقل تكاليف استهلاك الطاقة والأجهزة المستخدمة، ويرفع مستوى الراحة لمستخدمي المبنى، كما يقلل من استخدام أجهزة التكييف مما يقلل من التأثير الصحي والنفسي على الإنسان بسبب الضوضاء الناتجة عن تشغيل تلك الأجهزة. ويعمل العزل الحراري على حماية وسلامة المبنى من تغيرات الطقس والتقلبات الجوية.

حيث إن فرق درجات الحرارة الناتجة عن ارتفاع الحرارة بسبب أشعة الشمس نهاراً، وانخفاض درجة الحرارة ليلاً، وتكرار حدوث ذلك، يؤدي إلى إحداث اجهادات حرارية تجعل طبقة السطح الخارجي لأجزاء المبنى تفقد خواصها الطبيعية والميكانيكية، ويحدث تشققات بها، وتسبب تصدعات وشروخ في هيكل المبنى، وكذلك يؤدي إلى تقليل سماكات الحوائط والأسقف اللازمة لتخفيض انتقال الحرارة لداخل المبنى، وتوفير العبء عن محطات إنتاج الطاقة وشبكات التوزيع.

خصائص مواد العزل

وعن خصائصه قال البدواوي إن اختيار مادة عازلة معنية يستلزم معرفة خصائصها الحرارية وقابليتها لامتصاص الماء والاحتراق وصلابتها أيضاً، ومن خصائص هذه المواد قدرتها على العزل، ويتم قياس هذه القدرة عادة عن طريق معامل التوصيل، فكلما قل المعامل دل ذلك على زيادة مقاومة المادة لنقل الحرارة والعكس صحيح، ومن ذلك يتضح أن المقاومة الحرارية تتناسب عكسياً مع معامل التوصيل الحراري.

ويتم انتقال الحرارة خلال المادة العازلة عادة بواسطة جميع وسائل الانتقال المعروفة وهي (التوصيل، ولحمل، والإشعاع) ويلاحظ أن المواد العاكسة تعتبر مواد فعالة في العزل لقدرتها العالية على رد الإشعاعات والموجات الحرارية بشرط أن تقابل فراغاً هوائياً.

وتزداد قدرة هذه المواد على العزل بزيادة لمعانها وصقلها، وغالباً ما تكون المادة العازلة متكاملة مع الجدران والأسقف، ولمعرفة المقاومة الكلية للانتقال الحراري لا بد من جمع المقاومات المختلفة لطبقات الحائط أو السقف بما فيها مقاومة الطبقة الهوائية الملاصقة للأسطح الداخلية أو الخارجية.

كما أن جمع هذه المقاومات يشبه تماماً جمع المقاومات الكهربائية، فهي إما أن تكون على التوازي أو التوالي، ويعتمد هذا على موضع المواد في الحائط أو السقف. وإضافة لما ذكر من خواص حرارية فإن هناك خواص أخرى كالحرارة النوعية والسعة الحرارية ومعامل التمدد والانتشار والتي يلزم معرفتها لكل مادة عازلة.

وأضاف أنه توجد خصائص عدة ميكانيكية، فبعض المواد العازلة تتميز بمتانة وقدرة عالية على التحمل، ولهذا ليمكن أحياناً استخدامها للمساهمة في دعم وتحميل المبنى، وذلك إضافة لهدفها الأساسي وهو العزل الحراري. لذا يؤخذ في الاعتبار قوة تحمل الضغط والشد، وهناك خصائص امتصاصية، إذ أن وجود الماء في صورة رطبة أو سائلة أو صلبة في المادة العازلة يقلل من قيمة العزل الحراري للمادة، أي يقلل المقاومة الحرارية، كما أنه يساهم في إتلاف المادة بصورة سريعة، وتأثير الرطوبة على المادة يعتمد على خواص تلك المادة من حيث قدرتها على الامتصاص والنفاذية، وعلى الأجواء المناخية المحيطة بها كدرجة الحرارة ونسبة الرطوبة.

مميزات أمنية وصحية

إضافة إلى هذه الخصائص توجد مميزات أمنية وصحية، بحيث يكون لبعض المواد العازلة خواص معينة منها ما قد يعرض الإنسان للخطر سواء وقت التخزين، أو أثناء النقل أو التركيب، أو خلال فترة الاستعمال، فقد يتسبب في إحداث عاهات في جسم الإنسان دائمة أو مؤقتة كالجروح، والبثور، والتسمم، والالتهابات الرئوية، أو الحساسية في الجلد والعينين، مما يستوجب أهمية معرفة التركيب الكيميائي للمادة العازلة، كذلك صفاتها الفيزيائية الأخرى من حيث قابليتها للاحتراق والتسامي وغيرها من الصفات. وأكد أن المواد العازلة لها خصائص صوتية كذلك قد تستخدم لتحقيق المتطلبات الصوتية مثل امتصاص الصوت، أو تشتيته، وامتصاص الاهتزازات.

لذا فإن معرفة الخواص المرتبطة بهذا الجانب قد يحقق هدفين بوسيلة واحدة نتيجة لاستخدام تلك المواد، وهما العزل الحراري والعزل الصوتي. إضافة إلى ما سبق من خواص فإن هناك خواص أخرى قد تكون ضرورية عند اختيار المادة العازلة المناسبة كمعرفة الكثافة والقدرة على مقاومة الانكماش وإمكانية الاستعمال لمرات عديدة، وسهولة الاستعمال، وانتظام الأبعاد، ومقاومة التفاعلات الكيميائية، والمقاسات والسماكات المتوفرة، بالإضافة للعامل الاقتصادي، الذي يلعب دوراً مهماً في استخدام أو عدم استخدام تلك المواد العازلة إذ إن سعر المادة العازلة كبير عند الاختيار.

اختيار العازل المناسب

وعن كيفية اختيار العازل الحراري المناسب قال إن من أهم العوامل التي تؤثر على اختيار مواد العزل الحراري المناسبة، أن تكون المادة العازلة ذات مقاومة توصيل حراري منخفض، وعلى درجة عالية المقاومة لنفاذ الماء والإشعاع، وأن تكون على درجة عالية في مقاومتها لامتصاص بخار الماء.

وكذلك يجب أن تكون ذات درجة عالية في مقاومتها للاجهادات الناتجة عن الفروقات الكبيرة في درجات الحرارة، وأن تكون ذات خواص ميكانيكية جيدة كارتفاع معامل المقاومة الانضغاطية ومعامل المقاومة للكسر، ومقاومتها للتفاعلات والتغيرات الكيميائية، والبكتيريا، والعفن، والحريق خاصة في الأماكن المعرضة للحريق بسهولة، وأن تكون ثابتة الأبعاد على المدى الطويل قليلة القابلية للتمدد أو التقلص، ولا ينتج عنها أي أضرار صحية، وأن تكون مطابقة للمواصفات القياسية المعترف بها، وسهلة في التركيب.

كما تنقسم مواد العزل الحراري حسب مصادرها إلى أربعة أقسام وهي، المواد العازلة من أصل حيواني، مثل صوف وشعر الحيوانات، ويعتبر استخدامها كمواد عازلة محدوداً، والمواد العازلة من أصل جمادي ومنها، الصوف الزجاجي، وهو من أفضل مواد العزل، وكذلك المواد الصناعية، وتضم المطاط والبلاستيك الرغوي، وهو الأكثر شيوعاً، ومواد عازلة من أصل نباتي، والتي تحتوي على الألياف أو المواد السيلولوزية، مثل القصب والقطن وخلافه.

استخداماتها ومحتوياتها

يمكن أن توجد المواد العازلة على صور عدة، منها اللباد الذي يوجد على شكل لفائف طويلة وسماكات مختلفة، وأغلبه مغلف بالورق أو برقائق معدنية مزودة بإطار من الجانبين لإحكام الجوانب، ويمكن أن تكون الرقاقة المعدنية على وجه واحد من تلك اللفائف، كما يمكن أن يكون أحد الأوجه مغلفاً بالورق المغطى بالأسفلت أو البيتومين ليعمل كحاجز للبخار أو الرطوبة أو طبقة من الورق الرقيق المثقب على الوجه الآخر، وغالباً ما يصنع من مواد عضوية تشتمل على ألياف زجاجية. وكذلك يمكن توفر الألياف السليولوزية على هيئة اللباد، ويوضع على الحائط الداخلي للبناء، وغالباً ما يستخدم في عزل الأسقف والحوائط.

أما حبيبات الحشو الخفيف، فتتكون من حبيبات صغيرة، وعند استخدامها، فإن معدات الشفط الموجودة في الناقلات الحاملة لها تقوم بشفط الحبيبات وتوجيهها للمكان المطلوب عزله.

وهناك السائل الرغوي البخاخ، وهو نوعان أحدهما ألياف غير عضوية من النوع اللاصق، والآخر يكون من الرذاذ العضوي المكون من ألياف الصوف المعدني، ويتم تركيبه بواسطة آلات خاصة مصممة لهذا الغرض، أما النوع الثاني فيتكون من عبوتين مناسبتين لأغراض الرش، رغوي صلب على شكل لوائح أو شرائح، وهي واسعة الانتشار، وتستخدم في المباني لعزل الأسطح والخرسانات الرغوية.

واستطرد قائلاً إن تصنيع المواد العازلة له طرق عدة منها: أولاً الألياف الزجاجية العازلة، والتي تصنع من ألياف زجاجية رقيقة، ونظراً لأن أحد الألياف الزجاجية يغطى بالأسقف أو الرقائق المعدنية الورقية، وهي مادة قابلة للاشتعال، لذلك يجب ألا تتعرض هذه الطبقة لدرجات حرارة تزيد على 180 درجة فهرانهيت، ومن مميزات الألياف الزجاجية العازلة أنها لا تنكمش بمرور الوقت، كما أن مقاومتها للحريق لا تتأثر بعمرها أو الاختلاف العادي في درجات الحرارة.

والثانية هي الصوف الصخري، الذي يؤخذ يتم من الصخور الطبيعية، كما يمكن صناعة الصوف الصخري من خبث الحديد، أو النحاس، أو الرصاص، ويستخدم بدلاً من الصخور الطبيعية كمادة خام، ويتم صهر الخبث باستخدام الفحم كوقود، ويغزل في ألياف بصب المادة المنصهرة في وعاء دوار، وتجفف الألياف بواسطة البخار وتبرد بسرعة لدرجة الغرفة.

والمواد العازلة المصنوعة من الصوف الصخري (الخبث) ليس لها مرونة الجسم المصنوع من الزجاج. ويتم رش تلك الألياف مع مادة صمغية من الفنينيل والتي تعمل كرابط وتضغط، ثم يتم معالجتها بتمريرها في فرن، ويتم تقطيع الشرائح الناتجة بالحجم المناسب، ويمكن إضافة مادة أخرى هي الزيوت المعدنية لتقي السطح ضد الأتربة والمياه، ولا تتأثر خواصها من حيث الثبات ومقاومة الحريق بمرور الوقت أو تغير درجات الحرارة.

أما الطريقة فهي الثالثة البولي سترين الرغوي الممدد، والذي يتم تصنيعه بطريقتين هما، الحقن أو الصب في أعمدة ممددة، والبولي سترين الرغوي الناتج بالحقن يكون ذا كثافة عالية ومظهر موحد، وله قدرة تحمل الضغط وشدة استطالة أكبر من البولي سترين الناتج بطريقة الصب، ومن مميزات البولي سترين عند استخدامه في تغليف هياكل المباني أنه يعطى عزلاً لكامل هيكل المبنى، وبذلك يقلل تأثير العناصر الإنشائية الأكثر توصيلاً.

أهم الاعتبارات التي يجب مراعاتها مع مواد العزل

أن تخزن المواد العازلة في أماكن جافة غير مكشوفة وتجنب تهشمها أو ثقبها، ويراعى تغطية مواد الأسطح من كلا الجانبين، ويوضع حاجز فاصل (غلاف) من أعلاها وحاجز (غلاف) مقاوم لتسرب المياه من أسفلها أو العكس بالعكس، وذلك حسب طريقة التركيب المناسبة لذلك، وتغطية مواد عزل الجدران من الجانبين بحاجز (غلاف) عازل للرطوبة.

وذلك حسب طريقة التركيب المناسبة لذلك، تجنب إمكانية تهشم المادة عند البناء أو خلال عملية تركيبه، وأن تكون جميع أسطح المادة خالية من الغبار أو الشحوم قبل تركيبه، وأن تنطبق قيمة وحدة معامل الانتقال الحراري القصوى الموصوفة للسطح على السقف الكرتوني (سوليتكس) خصوصاً إذا كانت مادة العزل قد وضعت عليه، إذا كان سطح المباني فوق السقف الكرتوني (سوليتكس) من نوع سقوف (الجالونات) فيجب توفير تهوية ميكانيكية للفتحة الكائنة بين السطح والسقف الكرتوني، وفي المباني الخفيفة كالمخازن وغيرها التي تستعمل الصفائح المعدنية أسقفها وجدرانها، من الضروري استعمال (الفيرجلاس) أو الصوف الزجاجي أو الصخري للعزل الحراري لأنها تقاوم الحريق والحرارة.

وهناك وسائل أخرى للعزل الحراري تساهم في البناء منها، استخدام الأسقف المستعارة في الأدوار العلوية، وزيادة منسوب ارتفاع سقف المبنى، واستخدام الزجاج المزدوج أو العاكس في جميع النوافذ وخاصة في الأماكن التي تتطلب مساحات كبيرة من الزجاج، إضافة إلى عزل النوافذ باستخدام الستائر، وزراعة الأشجار حول المبنى.

دبي ـ سمانا النصيرات

Email