الإنسان بين العلم والإيمان

القسم الرباني السباعي في سورة الشمس

ت + ت - الحجم الطبيعي

أقسم الله العظيم في سورة الشمس بسبع آيات بينات عن مخلوقاته حيث جاء القسم الأول «والشمس وضحاها» صدق الله العظيم.

ومدلول هذا القسم هو أن الله عز وجل أقسم بالشمس ونهارها وهذا يدل على أن أهل كوكب الأرض مرتبطون بالشمس حيث أنه مع انتهاء الشمس تنتهي الحياة لجميع الخلائق على كوكب الأرض حيث يموت عالم الإنسان وعالم الحيوان وعالم النبات وذلك لأن الشمس تعطي استمرارية الحياة على الكوكب ومن العلامات الكبرى لقيام الساعة هو انطفاء الشمس وبما أشارت إليه الآية الأولى في سورة التكوير «إذا الشمس كورت» صدق الله العظيم.

ومعنى «كورت» أي أظلمت وذهبت بنورها وجواب الشرط لكلمة «إذا» هو «علمت نفس ما أحضرت» أي أنه بإظلام الشمس وانطفائها يكون في علم الإنسان سواء أكان كافراً أو مؤمناً وسواء أكان ظالماً أو مظلوماً، الكل يعلم أنه قد أزفت الساعة ولا هروب منها فالأحداث متتالية من الزلزلة الكبرى إلى الصيحة الهالكة إلى الريح العقيم.

وللشمس مهام حياتية فنحن نستفيد منها بالطاقة الشمسية وبنهارها وبقوة جذبها التي تسيطر بها على كواكب العائلة الشمسية كما أن لها مهام عقابية فإذا أمرها الله بزيادة حرارتها كان عذاب الحريق على جميع الخلائق على كوكب الأرض.

وجاء القسم الثاني في الآية الثانية من سورة الشمس «والقمر إذا تلاها» صدق الله العظيم. ولم ينتبه أحد إلى أن غروب القمر حينما يأتي تاليا لغروب الشمس فإن هذا لبدء الشهر العربي الذي من شروطه أن يأتي القمر من غروبه تاليا لغروب الشمس بمقدار 20 دقيقة

حتى يمكن رؤيته بالعين البشرية كما وأنه يوجد شرط آخر للرؤية البصرية وهو أن يولد القمر الوليد قبل غروبه بحد أدنى أربع عشرة ساعة ولهذين الشرطين يمكن الرؤية البصرية للهلال الوليد عند غروبه فإذا فقد أحد الشرطين فإنه يمكن رؤيته البصرية وتكون رؤيته الحسابية وهي الرؤية الفلكية التي يكون فيها الشرط الأول أن يغرب القمر تاليا لغروب الشمس بأي دقائق ولو دقيقة واحدة وأن يولد الهلال الوليد قبل غروبه وبديهيا في الحالة الأخيرة لا يمكن رؤيته البصرية وتكون فيه الرؤية الفلكية والحسابية فقط.

ومن الآية الكبرى التي خلقها الله في علاقة القمر بالشمس أننا لا يمكن رؤية سوى وجه واحد للقمر وهذا يعني أنه يوجد حساب دقيق فيما لا نهاية للعلاقة بين الشمس والقمر وهو ما أشارت إليه الآية 5 في سورة الرحمن «الشمس والقمر بحسبان» صدق الله العظيم.

ولقد قامت مركبة الفضاء لونا 3 سوفييتية الصنع برحلة في يوم 4 أكتوبر 1959 لتدور حول القمر وتصور وجهه المخفي فجاء أن ظهر القمر شكلاً يخالف وجهه المرئي وبهذا يكون إتقان الحساب في العلاقة بين الشمس والقمر وبما أشارت الآية سالفة الذكر حيث لا يمكن رؤية سوى وجه واحد للقمر وإلى قيام الساعة وأن الله هو العليم الخبير.

وجاء القسم الثالث في الآية الثالثة من سورة الشمس «والنهار إذا جلاها» صدق الله العظيم. والنهار لا يأتي بغتة بل يأتي بتسلسل صباحاً من شفق فلكي أي الفجر إلى شفق بحري وهو الذي نرى فيه خط الأفق البحري الذي يفصل بين السماء والبحر ثم يأتي الشفق المدني وهو الشفق الذي نرى فيه شكل بنايات المدن واضحة

كما يرى فيه الأفق البري وهو الخط الفاصل بين السماء والبر ثم تبزغ الشمس وترتفع ليبدأ النهار الظاهري والذي يبدأ من شروق الشمس فوق الأفق وينتهي عند غروب الشمس أما النهار الفلكي فإنه يبدأ من لحظة انفجار الضوء عند الفجر

وينتهي عند بداية الغسق حيث يكون الليل المعتم أما نهار الصائم فإنه يبدأ من وقت الفجر الصادق إلى وقت غروب قرص الشمس عن الأفق الظاهري والمعروف أن «آية النهار مبصرة» وقد لفتت هذه الآية الكريمة عقل ابن الهيثم

حيث إنه كان المعلوم قديماً أن العين يخرج منها شعاع لترى الأشياء التي يقع عليها ضوء النهار فقط أما التي تكون في الظلام فلا يمكن رؤيتها ومن ثم صحح ابن الهيثم النظرية الضوئية بعد فهمه العلمي لهذه الآية الكريمة والتي معناها أن بالنهار نبصر وليس بشعاع خارج من العين، والآية من العليم الخبير وبالتالي هو الأعلم بخلقه فسبحان الله.

أما القسم الرابع في الآية الرابعة من سورة الشمس فهو «والليل إذا يخشاها» صدق الله العظيم. في هذا الليل المظلم المعتم يحتاج الإنسان فيه إلى النوم حتى تشحن الغدة الصنوبرية الواقعة في مؤخرة الرأس وهذه الغدة هي المسؤولة عن النشاط اليومي

ومن خصائص هذه الغدة أنها لا تعمل في تنفيذ الشحن إلا مع الظلام المعتم وأن أي ضوء يتسرب إليها يكون شحنها ضعيفاً بما يجعل الإنسان نهاراً في حالة تراخ وكسل ولا يمكنه القيام بواجباته الوظيفية على الوجه الأكمل، وقد كان جهاز التلفاز ينتهي عمله قبل منتصف الليل ولكن اليوم يعمل جهاز التلفاز على مدار 24 ساعة ليلاً ونهاراً،

مما يتسبب عنه عدم إمكانية الغدة الصنوبرية من العمل الجيد، وقد أقسم الله العظيم أكثر من مرة بالليل وكان القسم في سورة «الانشقاق» و«الليل وما وسق»، هو توجيه إلى عالم الإنسان لخطورة الليل وما يحتويه من بلاء، إذ أن السرقة والقتل والاغتصاب تحدث أكثر ما تكون ليلاً،

ولهذا ولأكثر من ذلك يقسم الله العظيم بالليل وما وسق، أي ما يحتويه من مشاكل بل ويكون الأمر أكثر وضوحاً عند اكتمال البدر، فلا يتم إلا ليلاً وفي داخل هذا البدر الذي يتم دائماً ليلاً ويستمر في سيره بدراً طوال الليل، فإن الإحصائية العلمية تقول إن 70% من حالات الزلازل لا تحدث إلا ليلاً ونضيف في ذلك إلى ارتفاع مياه البحار والمحيطات إلى أعلى ماء مع هذا البدر،

وبما يشكل فيه خطورة على المدن الساحلية، والليل آية من آيات الله العليم، ولننتبه إلى ما جاء في صورة الأنعام الآية 13 «وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم». صدق الله العظيم.

وجاء القسم الخامس في الآية الخامسة من سورة الشمس «والسماء وما بناها» صدق الله العظيم فليسأل كفار اليوم أنفسهم من الذي بنى هذه السماء التي تغطي كوكب الأرض من جميع الجهات فقد وضع العلماء تخيلا بأن الكرة الأرضية لها كرة أخرى سماوية تشتركان في المركز واحد لكليهما

وأن هذه الكرة السماوية تحيط بالكرة الأرضية لتحميها من جميع الجهات فهذه الكرة السماوية تحتفظ ببخار الماء من التسرب إلى الفضاء الخارجي فتتصحر البحار وتموت جميع الخلائق لأن الله جعل من الماء كل شيء حي ثم أن هذه الكرة السماوية والتي يعرفها الناس بأنها الدنيا تحفظ لنا الجاذبية الأرضية من التسرب إلا إذا وضعت السماء الدنيا وتسربت الجاذبية الأرضية

فإن سكان استراليا وأميركا الجنوبية سيسقطون في الفضاء الخارجي لأن الذي يمسكهم ويمنعهم من السقوط في الفضاء الخارجي هذه السماء الدنيا وهي التي تحفظ الأكسجين من التسرب وهو ما عليه القمر الآن حيث لا يوجد به جاذبية سوى 6/1 الجاذبية الأرضية ولا يوجد أكسجين. وجاء القسم السادس في الآية السادسة من سورة الشمس «والأرض وما طحاها» صدق الله العظيم.

هذه الأرض التي نعيش عليها مسطحة بما يسمح للحياة العادية أن تستمر عليها دون حاجة إلى جهد جهيد وبهذه الأرض صدوع لتسمح بخروج المزروعات من الشقوق وإلا لو كانت الأرض صماء لانفجرت فجأة بما هو موجود بداخلها من براكين داخلية وبما فيها من سائل ملتهب وبما تحتويه من نيران ولكن برحمة الله جعل الأرض تنفث وتتنفس لتستمر عليها الحياة إلى قيام الساعة وهي مسخرة من الله تعالى ببشر وهو ما أشارت إليه الآية 65 في سورة الحج «ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض....» صدق الله العظيم.

فالإنسان على الرغم من استمرار ضربه للأرض بكافة أنواع الأسلحة وعلى رأسها القنابل الذرية سواء في تجاربه أو في غيرها كما في اليابان قلا تملك الأرض سوى أن تكون ذلولاً هي في طاعة الله ومن ثم طاعة الإنسان ولكن لنحذر غضب الله علينا فإنه إذا رفع أمر التسخير عن الأرض فإنها ستقوم بابتلاع كل ركابها بالزلزلة الكبرى التي لا تأتي إلا بأمر الله لا شريك له في ملكه.

وجاء القسم السابع في الآية السابعة من سورة الشمس «ونفس وما سواها» صدق الله العظيم. الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق النفس وخلق لها هذا الجسد لتنمو فيه وجعل أمامها طريق الله وهو الطريق المستقيم ثم طريق الشيطان

وهو الطريق المتعرج المملوء بالمخاطر ولكنه خلق لك العقل لتختار ما تشاء فأنت تملك حق الاختيار تماماً بين فجورها وتقواها بهدا العقل الذي وهبه الله للإنسان وجعل جميع خلق الله يسبحون لسيدنا آدم ومهما حدث من أحفاد آدم فمازال الشيطان لا يملك سلطاناً على المؤمنين وهو ما أشارت إليه الآية 42 من سورة الحجر «إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين» صدق الله العظيم.

قاسم لاشين

Email