حفلت الأسابيع الماضية بالعديد من ردود الأفعال عن الإساءة التي حدثت للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكان أبرزها ما قام به مجموعة من دعاة العالم الإسلامي ومنهم الداعية عمرو خالد الذي أعلن عن مبادرة للحوار مع شعب الدنمرك من خلال سفر وفد إسلامي يضم عددا من الدعاة والشباب المسلم وعقد لقاءات مع شباب ومفكرين يمثلون الشعب الدنمركي لتقديم صورة الإسلام الصحيحة والتعريف بشخص الرسول صلى الله عليه وسلم.

وأشار عمرو خالد في مؤتمر صحافي إلى أن طبيعة الشعب الدنمركي مسالمة ولم يحدث خلال تاريخه أي حوادث اعتداء على المسلمين، ونسب عمرو ما حدث إلى عدد قليل تلاعب بمشاعر المسلمين في عقيدتهم ونبيهم.

وتضمن بيان لدعاة المسلمين ثماني نقاط بدأت بالإشادة بهبة المسلمين لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم وأثبتت أنها أمة حية، ودعا البيان الدنمرك حكومة وشعبا إلى الاستجابة للأصوات المنصفة التي خرجت من داخل مجتمعها معتذرة وداعية إلى إدانة هذا التعدي وإيقافه، وأكد البيان أن حرية الرأي مكفولة في الإسلام في القرآن الكريم « وجادلهم بالتي هي أحسن»، ومطالباً بالانضباط بضوابط الشرع الحنيف ورفض مقابلة الإساءة بما لا يجيزه شرعنا من نقض العهود والمواثيق في شريعتنا بالاعتداء على السفارات والاعتداء على الأنفس، ودعا منظمة المؤتمر الإسلامي والدول والحكومات لاستصدار قرار من هيئة الأمم المتحدة يجرم الإساءة إلى الأنبياء.

وآراء العلماء والدعاة يمكن أن تكون برامج عمل تصب في نهاية الأمر في خدمة الإسلام والمسلمين والمجتمعات والشعوب الأخرى، فقد دعت الدكتورة عبلة الكحلاوي حكماء العالم للنظر في الرسومات التي ترسخ ثقافة الإرهاب ومطالبة بوقفة لإحياء قيم الرحمة والعدالة والمساواة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن جانبها رأت ياسمين الخيام أن الغضب للرسول صلى الله عليه وسلم لا يكون إلا بإتباع سنته وإحياء سيرته.

هذا جزء يسير أردت من خلال استعراضه أن نقف وقفة تأمل ودراسة متأنية لما عرضه كل عالم من هؤلاء العلماء ونقاط البيان، فللحق فإن المسلمين مطالبون بوقفة مع أنفسهم، لتأمل واقع حياتهم وواقع علاقاتهم سواء فيما بينهم أو مع غيرهم من الشعوب، ووقفة لطرح السؤال التالي أين نحن من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ومن سيرته، وكما قالت السيدة ياسمين الخيام فإن الغضب له إنما بإتباع سنته وإحياء سيرته، ومن وجهة نظر الدكتورة عبلة الكحلاوي يجب إحياء قيم الرحمة والعدالة والمساواة التي جاءنا بها صلى الله عليه وسلم، وشدد الدكتور علي جمعة على أهمية الانضباط بضوابط الشرع الحنيف عند الغضب وعدم المساس بالعقود والعهود التي بيننا وبين الغير وعدم نقضها بالاعتداء على الممتلكات والأنفس.

والحكومات والمنظمات الإسلامية مطالبة بأن تقوم بدورها المنوط بها ودعوة الأمم المتحدة لتفعيل المادة التي تجرم وتحرم الإساءة للأديان والتعريف المحدد لحرية الرأي والتعبير بما لا يتنافى ومعتقدات الشعوب ليكون كل صاحب رأي على بينة من أمره، وخاصة أن الحرية لابد وان تحدد بضوابط وشروط.

وعلى ذكر حرية التعبير خرجت علينا برامج تلفزيونية ناقشت الحدث بأبعاده المختلفة، وكان من ضمنها برنامج لمذيعة شهيرة في قناة فضائية شهيرة، وللأسف أقول: «مالها ومال النبي صلى الله عليه وسلم»، المهم.. أن برنامجها الذي بث في الأسبوع الماضي كان يناقش الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم من خلال عدد من الضيوف وعدد من العلماء، وللأسف مرة أخرى فإن هؤلاء الضيوف أيدوا رسامي الكاريكاتير المسيء بأغلظ الكلمات وأشدها، معتبرين ذلك حرية تعبير في مواجهة علماء لم يستطيعوا مجاراتهم في الحديث، وضاربين بعرض الحائط خروج الآلاف في مظاهرات للتنديد بهذه الرسوم ومشاعر أكثر من مليار مسلم، عوضا عن أن هذه عقيدة وليست آراء قابلة للأخذ والرد.

وهذه هي دائما بضاعتهم المزجاة؟ الرديئة والتي ليس لها قيمة، يعرضونها علينا في وسائل الإعلام المرئية والمقروءة ليلا ونهارا، وهم يجرون وراء الشهرة من خلال بيع هذه البضاعة الفاسدة، بضاعة الإساءة إلى الدين وإلى العلماء والدعاة وآخرها تأييدهم حملة الإساءة التي قادها رسامو الكاريكاتير وهجمتهم الشرسة على رمز المسلمين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فهل رأيتم بضاعة أفسد من هذه البضاعة، ونأسف مرة ثالثة أننا نجد لها سوقا رائجة في وسائلنا الإعلامية.

؟ جاء ذكر كلمة بضاعة مزجاة في سورة يوسف الآية 88 «فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين»، ومعنى بضاعة مزجاة أي بضاعة ضعيفة أو رديئة.

moc.liamtoh@6002iwatnat