حج الــ"VIP" في ميزان الشرع

100ألف إلى 110 آلاف درهم قيمة الرحلة في عشرة أيام

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

»الحج الفاخر« أو الحج الــ»VIP« أو »الحج السريع« مسميات لنوع واحد من الحج يتمثل في تقديم خدمات عالية في الجودة والقيمة المادية لبعض التجار ورجال الأعمال والأثرياء.

ويتضمن السكن في فنادق ذات الخمس نجوم في مكة والمدينة وتذاكر طيران على الدرجة الأولى وخيام في منى وعرفات بمواصفات خاصة، وتخصيص سيارة بسائق للانتقال بين المشاعر أو قضاء مشاوير التسوق، وتوفير بعض الخدمات الأخرى، »وكله بثمنه« كما يقول المثل.في البداية نتعرف من أصحاب الحملات على ماهية الخدمات المقدمة حتى يصل المبلغ المدفوع للرحلة إلى 100ألف أو 120ألف درهم في خمسة أيام أوعشرة أيام، فيقول محمد المرزوقي مدير حملة مواكب إن خدمة الــ»VIP« تتركز على ثلاثة أمور وهي: أولا نوعية الفنادق .

وغالبا ما تكون من فنادق الخمس نجوم أو أربع نجوم، وهل سيسكن الحاج في غرفة بمفرده أو مع بعض الحجاج وتؤثر في التكلفة بنسبة 30%، وثانيا خدمة المواصلات وتؤثر في التكلفة بنسبة 10% حيث يتم الاختيار ما بين التنقل بسيارة خاصة أو باص، وثالثا السكن في منى وعرفة ورمي الجمرات.

وهل يحتاج الحاج خيمة خاصة بملحقاتها أم لا وتؤثر بنسبة 40% من النفقات، كذلك التغذية حيث يتم الاختيار ما بين البوفيه المفتوح وما بين الأكل العادي، كما أن الفرق مابين الدرجة الأولى والسياحية حوالي ألف درهم.

ويضيف المرزوقي أن الحاج الذي يسكن في غرفة واحدة وبمفرده في فندق خمس نجوم، وفي منى وعرفات في خيمة خاصة مع تذكرة درجة أولى شاملة المواصلات فتصل التكلفة من 70 إلى 80 ألف درهم فقط، وأما إذا كان السكن في فنادق الدرجة الأولى في مكة فتكون القيمة 45 ألف درهم وفي المدينة 10 آلاف درهم .

والخيمة في منى 35 ألفاً مع سيارة خاصة ترافقه في كل مكان تتكلف 15 ألف درهم ثم تذكرة سفر بقيمة 4500درهم، فتكون التكلفة الإجمالية من 100ألف إلى 110 آلاف درهم.

الخدمات تحدد السعر

ويؤكد محمد المرزوقي أن هناك مبالغة في أن مثل هذه الرحلة تتكلف 150 ألف درهم.

ويقول عادل البح مدير حملة الفجر إن الزيادة في تكلفة رحلة الحج تأتي من أجور الفنادق التي يختارها الحاج من بين فنادق الدرجة الأولى والخمس نجوم وكذلك الخيام ونوعها وهي تتوفر حسب طلب الشخص وهل بها حمام منفصل أم لا؟ وقيمة تذاكر السفر، أو تأجير طائرة خاصة لمجموعة من الحجاج يصل عددهم إلى 15 شخصاً.

ويضيف ان الحج السريع يتوقف على حاجة الشخص حيث يكون مرتبطا بعمل ويكون عدد أيام الحج أربعة أيام يأتي الحاج قبل يوم عرفة للطواف والسعي والوقوف بعرفة.

ترف زائد

ويرى علماء الدين أن هذه المبالغة في أداء فريضة الحج ترف زائد عن اللازم ويؤكدون أن المشقة والتعب تطالان الحاج سواء كان من حجاج الــ»VIP« أو من الحجاج الفقراء أو متوسطي الحال.

ويقول الدكتور سيف الجابري مدير إدارة الإفتاء والبحوث في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي إن أي حاج مجبور على السير في نفس خط وطريق الفقراء، فسوف يطوف حول الكعبة وسط الزحام ويسعى بين الصفا والمروة حتى تتورم قدماه، ويقف بعرفة ويمر بمزدلفة ويرمي الجمرات، وكلها مشاق مفروضة في الحج.

ويرى الجابري أن الحج لا يعتمد على ما يملكه الحاج من مال أو ينفقه في الرحلة وإنما يعتمد على فقهه وعلمه بمناسك الحج، مؤكدا ان شخصا يمكن ان يدفع 100ألف درهم وتشتد معاناته، وآخر يدفع ثمانية آلاف ولا يناله التعب الذي حصل لصاحبه، وكل ذلك يعتمد على طرق المناسك والعلم بها.

وقال إن الأشخاص الذين يدفعون هذه المبالغ لا يحصلون على خدمات تتميز كثيراً عن الخدمات التي يحصل عليها الآخرون من الحجاج، فالطيران درجة واحدة إلا القليل من الطائرات ففيها الدرجة الأولى.

ودعا الدكتور سيف الجابري هؤلاء على عدم المبالغة وقال إن 100ألف درهم يمكن من خلالها إرسال تسعة من الأشخاص للحج والحصول على ثواب مضاعف من الله عز وجل.

في الحج.. الكل سواسية

ويضيف أن الطواف والسعي يضعان هذا الشخص بجانب الفقير ويذهب المال إلى الشركات والفنادق، ولا يستطيع أن يبعد نفسه عن الزحام فلا توجد طائرة »هليكوبتر« تحمله في الطواف أو في السعي.

ويقول الدكتور عمر الخطيب مدير إدارة التوجيه والإرشاد في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي »لا نستطيع القول إن هذا الحج باطل ولكن التساؤل المشروع هنا هو أين مقصد الشريعة من الطواف والسعي والوقوف بعرفة؟«. ويضيف أن المقصد الحقيقي هو أن يحس الإنسان المسلم بالمشقة والتعب في أداء واجبه الديني.

ويتعجب الدكتور عمر الخطيب ويتساءل ما معنى أن تعلن حملة للحج في الكويت عن وجود واحدة من الممثلات التائبات ضمن الحملة، وهل هذه رحلة للحج أم رحلة سياحية؟

وأضاف أن الحاج ضيع المقصد من الشريعة فلم يحس بالتعب ولا اعتبر من هذه المواقف.

وعن الحج السريع قال الدكتور الخطيب إن على الإنسان أن يتفرغ لعبادة الله في هذه الأيام لا تشغله دنيا ولا أولاد، وهل من المعقول أنه لا يستطيع التفرغ لمدة عشرة أيام يترك فيها عمله بالرغم من أن أحدهم يسافر.

ويستغرق في سفره شهرا أو شهرين في رحلة سياحية، ومن يلجأ إلى الحج السريع هو المريض بمرض مزمن مثل مريض الكلى الذي يحتاج إلى غسيل لكليته أو أصحاب الأعذار، أما الذين يتحججون بترك أعمالهم فهم يضنون بأنفسهم عن سبيل الله.

وتقول راية المحرزي داعية إسلامية ومرشدة اجتماعية إن الحج رحلة لا يجب أن يتفاخر فيها الإنسان أو يبالغ في البهرجة والبذخ.

وإنما هو ذاهب لأداء فريضة تكتنفها المشقة والتعب، وهناك الناس سواسية في كل شيء سواء كان المبلغ المدفوع 100 ألف أو 50 ألفاً أو ستة آلاف، فلا فرق بين رئيس ولا مدير أو إنسان بسيط.

أجر أقل

وتستطرد: إذا بالغ الإنسان في هذه الأمور فأجره أقل ويمكن أن يقسم المبلغ على ستة من الأشخاص من الذين لم يحجوا لأداء الفريضة.

وقالت المحرزي: كنت في بعثة الإمارات الرسمية للحج والعمرة ووجدت أن الخدمات التي تقدم للحجاج واحدة ولا توجد أية اختلافات، وعلى الحاج أن يطهر نفسه من الرياء ويقصد الأجر والثواب من الله والابتعاد عن المبالغة، فالتواضع مطلوب في مثل هذه المواقف.

وفي مقابلة مع بعض الحجاج قال »أحمد س« إن اللجوء إلى هذه الخدمة ليست للمباهاة أو الرياء, إنما تأتي تحت ظروف وضغوط متباينة ومنها العمل ورعاية الأسرة، ومادام الله فتح علينا فلماذا نقتر على أنفسنا.

ويقول »سالم م«: الحج به الكثير من المشقة والتعب سواء في الطواف أو السعي أو رمي الجمرات، واختيار الخدمة المتميزة مطلوبة للتغلب على بعض هذه الصعوبات.

ويضيف: الحملة التي كنت فيها قدمت كل ما في وسعها من أجل خدمة حجاجها من جميع الفئات.

ويقول ناصر خميس: أين الزهد والمشقة والتواضع في رحلة الحج هذه الأيام ومع خدمات حج الــ»VIP« التي تبعد الإنسان عن العيش مع حجاج بيت الله الحرام، ويضيف حججت العام الماضي وأتمنى أن أحج كل عام برغم الصعوبات التي قابلتني وكلها تهون من أجل فريضة الحج.

تحقيق السيد الطنطاوي:

Email