البرادعي يلوِّح بالخيار العسكري وتحذير سعودي مصري من انطلاق سباق التسلح

«النووي» الإيراني يطرق أبواب مجلس الأمن مطلع فبراير

ت + ت - الحجم الطبيعي

تحددت أمس بعض معالم الفصول التالية للمواجهة الدولية حيال ملف إيران النووي، فالولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها الأوروبيون أعلنوا «ضمان» التأييد الروسي والصيني لإحالة ملف إيران إلى مجلس الأمن الدولي، ودعت «الترويكا« الأوروبية إلى اجتماع طارئ لمجلس الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 2 و3 فبراير المقبل لبحث هذه الخطوة التي كانت محور محادثات ساخنة في لندن بين الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا..

في وقت لوح مدير الوكالة الذرية محمد البرادعي للمرة الأولى بخيار القوة العسكرية مع إيران ما دفع بالدولتين العربيتين الكبريين السعودية ومصر إلى الدخول بقوة في هذا الشأن محذرتين من انطلاق سباق تسلح في المنطقة ألقت فيه الرياض باللائمة على الغرب لتغاضيه عن امتلاك إسرائيل ترسانة نووية.

وفي مقابل تسارع خطوات التنسيق بين الدول الغربية الأربع (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) من جهة، وروسيا والصين من جهة ثانية، أظهرت إيران، عبر سفيرها لدى موسكو، إشادة غير مسبوقة بالاقتراح الروسي لتخصيب اليورانيوم الإيراني على الأراضي الروسية، ما قد يفتح المجال أمام تنفيس حدة المواجهة، على الرغم من أن الولايات المتحدة اعتبرت أن إيران «تخطت الخط الأحمر».

وأعلنت بريطانيا الليلة الماضية أن دول الاتحاد الأوروبي الكبرى فرنسا وبريطانيا وألمانيا أبلغت الصين وروسيا والولايات المتحدة أنها تعتزم دعوة مجلس محافظي الوكالة الذرية إلى الانعقاد في اجتماع غير عادي في 2 و3 فبراير.

وقال دبلوماسيون بالاتحاد الأوروبي إن الدول الثلاث بدأت في صياغة مشروع قرار لرفعه إلى الوكالة يدعو لإحالة إيران إلى مجلس الأمن. يأتي ذلك فيما قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا إنه واثق من أن الصين وروسيا ستؤيدان الاتحاد في سعيه إلى إحالة أمر البرنامج النووي الإيراني إلى مجلس الأمن.

وفي كلمة أمام مؤتمر في لندن عن الأمن استبق بها اجتماعاً وزارياً مغلقاً للدول الست الكبرى بشأن إيران، حذر جاك سترو من خطورة وصول أسلحة الدمار الشامل إلى أيدي «إرهابيين»، لكنه في المقابل حذر من أي تسرع في فرض عقوبات على إيران.

وقال «إن هذا هو السبب الذي يزيد من أهمية وقوف المجتمع الدولي في وجه استمرار إيران ». وأضاف ان «الكرة في ملعب إيران وعليها أن تتحرك لمنح المجتمع الدولي الثقة بأن برنامجها النووي يهدف إلى أغراض محض سلمية» مؤكداً على أن تلك الثقة «قوضها تاريخ (إيران) من السرية والخداع». وقال سترو في كلمة أمام معهد «رويال يونايتد سيرفيسيز» الفكري إن «إخفاق إيران حتى الآن في الالتزام هو ما يجعلنا نفكر حالياً مع شركائنا في أوروبا والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن في إحالة إيران إلى المجلس».

من جانبها قالت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس أمس إن إيران «تخطت الخط الأحمر» بأنشطتها النووية في الفترة الأخيرة ويتعين على العالم اتخاذ إجراء سريع بإحالتها إلى مجلس الأمن. وأضافت إن بلادها تريد من الوكالة الدولية للطاقة الذرية عقد اجتماع طارئ في أسرع وقت ممكن خوفا من أن يعطي انتظار الدول الأعضاء لاجتماع دوري مقرر في مارس المقبل الفرصة لإيران «للتعتيم» بدرجة أكبر على خططها لإنتاج سلاح نووي.

وفي دخول عربي ملفت على خط الأزمة التي ستكون محوراً رئيسياً في جولة نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني في مصر والسعودية قال وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط إن القاهرة «تتابع عن كثب» تطورات الملف النووي الإيراني مشيرا إلى عدم قبول بلاده «ظهور قوة نووية عسكرية في المنطقة».

وأكد أبوالغيط في تعقيب على اجتماع في لندن أمس حرص مصر على «أهمية عدم المساس بحق الدول في الانتفاع من الاستخدامات السلمية للطاقة النووية باعتباره حقاً مكفولاً لسائر الدول الأعضاء في معاهدة منع الانتشار النووي». وأوضح أن بلاده تتعامل مع الملف النووي الإيراني «من منظور فني وقانوني» لا يحتمل أي لبس. وقال إن مصر لا تزال عند موقفها بأن «الحوار هو أفضل الوسائل للخروج من الأزمة الحالية».

وشدد على أن «الرأي العام المصري يقظ ومتابع نشط لكل هذه التطورات التي أشرنا إليها خاصة إذا كانت ترتبط بأمنه القومي ولن يقبل باستمرار انتهاج سياسة الكيل بمكيالين أو تجاهل مصالحه وإلا كان على المجتمع الدولي تحمل تبعات سياساته».

وعلى الخط نفسه اتهم وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل الغرب بأنه مسؤول جزئياً عن الطموحات النووية الإيرانية معلنا في حديث إلى هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) معارضته لعمل عسكري ضد إيران، داعياً إلى مواصلة المفاوضات الدبلوماسية مع طهران.

وقال « إن مشكلة انتشار السلاح النووي تكمن في أن كل استثناء يحصل يفتح الباب أمام جدل منطقي يقول (ولم ليس أنا)؟». وأضاف «اعتقد أن الغرب الذي سمح لإسرائيل بالتزود بقوة نووية تسبب بأضرار ونحن نعاني كلنا من سير دول أخرى على الطريق نفسه . وتابع «نأمل بأن إيران ستقاوم هذا الإغراء» .ورأى أن الخيار الدبلوماسي هو الخيار الأكثر «حكمة» من اجل حل الأزمة.

وفي حديث آخر إلى صحيفة «تايمز»، دعا الفيصل إلى جعل منطقة الخليج العربي خالية من الأسلحة النووية وأسلحة الدمار الشامل. وقال «إننا ندعو إيران بإلحاح إلى الموافقة على موقفنا القاضي بجعل الخليج، كجزء من الشرق الأوسط، منطقة خالية من السلاح النووي ومن أسلحة الدمار الشامل. ونأمل بأن الإيرانيين سينضمون إلينا في هذا ويضمنون ألا يهدد المنطقة خطر سباق تسلح جديد».

وكان البرادعي أكد أنه لا يستبعد استخدام القوة ضد إيران لإجبارها على الكشف عن برنامجها النووي. وقال البرادعي في حديث لمجلة «نيوزويك» الأميركية الصادرة أمس : «الدبلوماسية لا تعني الكلام فحسب وإنما تحتاج إلى وسائل ضغط وإلى استخدام القوة في حالة الضرورة القصوى. ورفض المسؤول الدولي مد المهلة الممنوحة لإيران لإظهار تعاونها الكامل والتي تنتهي في السادس من مارس المقبل قائلا: «يجب أن نفعل كل ما بوسعنا للحفاظ على اللوائح السارية وإذا فشلنا في ذلك فعلينا أن نفرض أنفسنا وسيكون هذا بمثابة المخرج الأخير الذي قد نضطر للجوء إليه».

على الجانب الروسي الذي يعتبر لاعباً رئيسياً في البرنامج النووي الإيراني، قال الرئيس فلاديمير بوتين، عقب اجتماع مع المستشارة الألمانية انجيلا ميركل التي التقت قبل ثلاثة أيام نظيره الأميركي جورج بوش، إن القضية النووية الإيرانية ينبغي حلها من دون خطوات «خاطئة» مفاجئة.

وأضاف: «نحتاج للتحرك بحذر شديد في هذه المنطقة.. أنا شخصياً لا أسمح لنفسي بأن أصرح بشيء دون حرص ولا أسمح لوزارة الخارجية باتخاذ أي خطوة بغير يقين»، مشدداً على أنه «في كل الأحوال يتعين علينا العمل في المشكلة الإيرانية بحرص شديد»، لأنه لن تتم تسويتها عبر «تدابير مشددة». وتابع أن موقف روسيا من إيران «قريب جداً» من موقف أوروبا وأميركا. وأعلن أن إيران لم تستبعد تماماً قبول الاقتراح الروسي لتخصيب اليورانيوم الإيراني في روسيا.

Email