احتدم الجدل حولها وتباينت الآراء بشأن أعدادها العام 2005

البطالة هل تبقى «قنبلة موقوتة» في العام 2006 أيضاً ؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

شغلت قضية البطالة الرأي العام المحلي خلال العام الماضي ودارت حولها سجالات واحتدمت حولها نقاشات ساخنة وتداخلت الآراء وتباينت حول خطورة القضية وضرورة مواجهتها واختلفت الأطراف حول أعداد البطالة ونسبها في الدولة ومسؤولية تحمل المشكلة فالبعض رأى أن المشكلة غير مقلقة ونسبتها لا تزيد على 4 ـ 5% فيما يرى البعض الآخر أن المشكلة جد خطيرة ومتفاقمة وقضية عامة إذا لم يتم مواجهتها ووضعها في ترتيب الأولويات خلال الأعوام المقبلة واعتبارها «مهمة قومية» ـ على حد وصف الفريق ضاحي خلفان تميم.

إذن كانت قضية البطالة إحدى القضايا الساخنة التي شغلت الرأي العام خلال العام 2005 ويبدو أن الجدل حولها سوف يتصاعد خلال العام الجاري والمقبل أيضا فالأرقام والإحصائيات غائبة وغير متفق عليها والتوقعات تشير إلى أن أكثر من 100 ألف مواطن من المؤهلين يهددهم شبح البطالة خلال الأعوام القليلة المقبلة بدءاً من العام 2006 لأن نسب التوطين تتم بشكل بطيء ومتواضع ولذلك يرى فريق من المهتمين والخبراء أن نسبة البطالة الحالية والتي يقدرونها بـ 9 ـ 10% مرشحة للتصاعد وفقا لاعداد البطالة التي يقدرونها بنحو 35 ألف مواطن لا يعملون في الوقت الذي يطلبون فيه ضرورة توفر 2000 فرصة عمل سنويا. وقد بدأت الجهات الحكومية مع نهاية العام في التحرك الجدي لمواجهة المشكلة مثل تشكيل مجلس أبوظبي للتوطين كما أن هناك أيضا لجنة التوطين في الفجيرة.

* حديث كل عام

الدكتور محمد مراد عبد الله مدير مركز دعم اتخاذ القرار بشرطة دبي يتفق مع الرأي القائل بان المشكلة مثل القنبلة الموقوتة إذا لم نسرع في مواجهتها خلال السنوات المقبلة فالقطاع الخاص الذي يستوعب 95% من إجمالي العاملين بالدولة مساهمته ضئيلة للغاية حتى الآن في توظيف المواطنين.فهل يجب إجباره على ذلك؟هذا سؤال.

وإذا كنا كما تشير التقديرات نحتاج إلى 2000 فرصة عمل سنويا فهل هذه معضلة أيضا؟ ففي رأيي أن القطاع الخاص لوزاد من تشغيل المواطنين 1% فقط لقضينا على مشكلة البطالة. لأن نسبة التوطين فيه لا تزيد عن 1% فقط في حين تبلغ النسبة في القطاع الحكومي الاتحادي 54% والدوائر المحلية 15%. ويرى أن المشكلة سوف تستمر مطروحة للنقاش في العام المقبل أيضا طالما أن الحل غير موجود رغم أن المقترحات كثيرة للغاية ويمكن بتضافر الجهود مواجهتها ووضعها تحت السيطرة.

ويقول الدكتور مراد ان الكل متفق على ضرورة وضع منهجية علمية لظاهرة البطالة وتعميم الاستفادة من المؤسسات الناجحة في تشغيل المواطنين مثل مؤسسة الشيخ محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب، وضرورة تحديد حجم الوظائف المطلوبة وحجم الطاقات العاطلة عن العمل وتشغيلها في الوظائف المطلوبة وفقا للاحتياجات الفعلية المتاحة والتوسع في برامج التدريس وإعادة التدريب والتأهيل للتخصصات العاطلة غير المرغوبة في سوق العمل لتحويلها لتخصصات مطلوبة،ودعم وتشجيع القطاع الخاص في مجال الصناعات التصديرية والأنشطة الخدمية التي توسع من نطاق فرص العمل،وخلق فرص عمل منتجة من خلال زيادة حجم الاستثمار سواء المحلي أو الأجنبي في مشاريع استثمارية جديدة.

ويؤكد على ضرورة اعتماد برامج ملائمة للتنمية البشرية والاستفادة من الخبرات الأجنبية الوافدة الموجودة على أرض الإمارة في تأهيل عدد من المواطنين وإعادة النظر في سياسات التعليم والتدريب بحيث تلبي احتياجات سوق العمل وتشجيع إقامة مشروعات صغيرة صناعية وبيئية تتكامل مع المشاريع الكبيرة بالإمارة وتشجيع القطاع الخاص على توظيف العاطلين ودعم مشاريع الشباب وتشجيعهم على إقامة مشاريع جماعية وتوفير الحماية الاجتماعية للعاطلين والتوسع في مشاريع الضمان الاجتماعي.

* مشكلة موجودة

الباحث الاقتصادي الدكتور نجيب عبد الله الشامسي يرى أن نسبة العمالة المواطنة في سوق العمل بالدولة لا تزيد عن 20% على أكثر التقديرات ونسبة البطالة في تزايد وأعداد المواطنين الذين يدخلون سوق العمل سنويا تسجل حوالي 10 آلاف طالب.

مشيراً إلى أن البطالة يجب ان نتناولها من حيث الأسباب والتشخيص والتداعيات والمخاطر ثم تقديم الحلول لأنها قضية مرتبطة بحقوق الإنسان والمفروض وجود سياسة عمالية واضحة المعالم على مستوى الدولة فالقضية وطنية ولها تداعياتها على الوضع الاجتماعي والأمني، كما أن المشكلة ليست في بطالة المواطنين فقط إنما في العمالة الأجنبية في الدولة.

ورغم ذلك نقول ان قضية البطالة ظاهرة عالمية لا تقتصر على مجتمع بعينه لكن في دول العالم المتقدم هناك حرص على الإبقاء عليها في معدلاتها الطبيعية لكن أن تكون مشكلة في مجتمع صغير مثل الإمارات فذلك يتطلب الوقوف عنده بل يثير التساؤل وبالتالي لا نستطيع أن نطمس رؤوسنا في الرمال لأن المشكلة موجودة سواء في الإمارات أو في دول الخليج وتداعياتها موجودة حاليا في عدد من دول المجلس.

وأضاف إذا كان هناك عدة أشكال للبطالة كما هو معروف فإننا يمكن أن نحدد أيضا أشكالاً جديدة مثل بطالة الأجانب والبطالة الأنثوية والذكورية ودستور الدولة نص صراحة على حق العمل والحرص على حماية الإنسان من البطالة والعوز والحاجة.

ويرى الدكتور الشامسي أن هناك نوعين من البطالة وهما البطالة الظاهرة وهي شريحة المواطنين ممن تتراوح أعمارهم من 18-60 عاما والتي تشكل قوة عمل من السكان لديها القدرة والإمكانية والاستعداد للعمل وإذا كان من لا يجد من هؤلاء فرصة عمل يدعى فئة البطالة الظاهرة فإن هناك فئة البطالة المقنعة حيث برزت هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة في المؤسسات والوزارات الحكومية بوجود عدد من الموظفين العاطلين عن العمل أو أولئك الذين تقل إنتاجيتهم عن المعدل المطلوب.

ويكشف الشامسي الذي يشغل أيضاً منصب مدير عام دائرة التنمية الاقتصادية برأس الخيمة أن هناك 5 آلاف عاطل في الإمارة من خريجي الجامعة منذ 6 سنوات معظمهم من النساء وبنسبة 65%.

ويؤكد على ضرورة بناء خطة التوطين والإحلال على أساس تحقيق تنمية بشرية فعلية يراعى فيها نوعية التعليم وتحقيق ركيزة أساسية له ثم تصبح مخرجات التعليم تتسق وأهداف التنمية الشاملة وتفي باحتياجات سوق العمل من القوى العاملة المؤهلة وتحمل تخصصات مختلفة تتناسب مع احتياجات العمل ومتطلباته وأهم من ذلك إزالة كل أشكال الحصار المفروض على العمالة الوطنية.

* خطوات في الاتجاه الصحيح

مصدر مسؤول بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية قال إن الوزارة بدأت منذ فترة في اتخاذ الخطوات اللازمة لتشغيل المواطنين من خلال قرارات خاصة بسوق العمل مثل قرار توطين مهنة المندوب وهو يستهدف تشغيل ما بين 1500 ـ 2000 مواطن كما أن الوزارة عملت على إزالة المعوقات التي تحول دون انخراط المواطنين في العمل وفي القطاع الخاص على وجه الخصوص فأنشأت هيئة تنمية وتوظيف الموارد البشرية الوطنية »تنمية« عام 99 والهيئة العامة للمعاشات والتأمينات الاجتماعية ووضعت نظاماً للضمان المصرفي يجعل استقدام العمالة أكثر جدية ووضعت شروطاً لنقل الكفالة عام 2001.

ووضعت نظاماً لحماية الأجور، واشترطت الثانوية العامة كحد أدنى للتعليم فيمن يسمح له بدخول الدولة للعمل وذلك لرفع كفاءة العمالة بسوق العمل والتقليل من نسبة الأمية بالدولة بين العمالة الوافدة إضافة إلى ان وزارة العمل تسعى حالياً لوضع دراسة من أجل إعادة تنظيم عمل مكاتب جلب العمالة.

وبما يحقق مساهمتها باستقطاب العمالة المؤهلة وتوفير فرص التدريب والاستفادة الفنية وتنفيذ سياسة الوزارة في مجال العمالة والتركيز على تدريب وتوظيف المواطنين وليس كما يجرى حالياً في عمل هذه المكاتب الذي يركز أساساً على استقدام غير المواطنين مشيراً إلى ان كل هذه الإجراءات تهدف إلى تحقيق هدفين أساسيين وهما تنظيم العمالة الوافدة على أسس تضمن تلبية احتياجات سوق العمل ومتطلبات التنمية من جانب وتؤكد على الجانب الآخر حق المواطن في العمل كأسبقية وتزيل المعوقات التي تقلل من دخول المواطنين سوق العمل.

إضافة إلى ذلك فإن الوزارة تقوم بتشجيع الجمعيات التعاونية لتشغيل المواطنين ورفع النسبة التي لا تتعدى 2% من إجمالي العمالة بهذه الجمعيات وبالفعل هناك استجابة من بعض الجمعيات.

وفي مؤسسة الشيخ محمد بن راشد تم دعم 33 مشروعا للشباب حتى الآن كما أن مركز الأعمال يدعم 200 شاب في التراخيص والإجراءات الأخرى إضافة إلى برنامج المشتريات الحكومية.وحاليا هناك مشروعات مشابهة في الإمارات الأخرى لمشروع الشيخ محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب وهناك مشاريع أخرى في المستقبل سوف تطلقها المؤسسة مثل مشروع «أسواق» لإنشاء 25 جمعية تعاونية في أحياء دبي يديرها شباب مواطنون.

ويرى عبدالباسط الجناحي مدير مؤسسة محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب، التي تم إطلاقها في يونيو 2002 أن هناك بطالة جبرية وبطالة اختيارية بمعنى ان هناك فرصاً في السوق تتطلب فقط من المواطن السعي من أجل الحصول عليها وليس انتظارها فإذا لم يحصل على فرصة عمل في القطاع العام أو القطاع الخاص فعليه ان يبدأ بمشروع تجاري مثل المستثمر الأجنبي ومع ذلك كما يقول الجناحي ان الشخص العاطل عن العمل لديه رخصة تكفيل يؤجرها للأجانب ويصبح هو الشريك النائم العاطل عن العمل الحقيقي.

ويؤكد أن الشخص المواطن لديه الفرصة في خلق الوظيفة أو العمل وتغيير ذهنية وطريقة التفكير في الوظيفة التقليدية والاتجاه نحو وظائف غير تقليدية مثل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وأعتقد ان البيئة مهيأة والوقت مناسب لإقامة واحتضان هذه المشاريع أكثر من أي وقت مضى لأسباب عديدة منها ارتفاع المستوى التعليمي والوعي لدى جيل الشباب والاتجاه الحكومي للتوطين والانفتاح على الأسواق الأخرى ووجود جهات عديدة داعمة لمشاريع الشباب إضافة إلى انجذاب الشباب للأعمال الحرة وخاصة في الآونة الأخيرة.

وفي الفجيرة أكدت الفعاليات الاقتصادية بالفجيرة على ضرورة تضافر جهود القطاع العام والخاص وزيادة التنسيق فيما بينهما لتأهيل الكوادر والوطنية إلى سوق العمل، كما توقعت المزيد من القوانين والأنظمة التي ستتخذها الدوائر والمؤسسات المعنية في عام 2006، لرفع معدلات التوطين والقضاء على البطالة لأنها أصبحت خطراً اجتماعياً واقتصادياً يهدد خريجي الجامعات والمعاهد في دولتنا، كما طالبت بإعطاء المزيد من الصلاحيات لهيئة تنمية الموارد البشرية لإلزام القطاع الخاص بتوظيف الكوادر الوطنية لأنه المعني في المرحلة المقبلة بخفض معدلات البطالة.

وقال محمد عبيد بن ماجد مدير دائرة الصناعة والاقتصاد بحكومة الفجيرة ان موضوع البطالة والتوطين يجد اهتماماً ومتابعة حثيثة ومباشرة من صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الفجيرة، حيث أنشئت بتوجيهاته ودعمه لجنة التوطين برئاسة الشيخ صالح بن محمد الشرقي رئيس دائرة الصناعة والاقتصاد وعضوية مديري الشركات والمصانع التابعة لها والدائرة المالية والبلدية، مهمتها إيجاد فرص عمل للخريجين.

موضحاً أنها استطاعت مؤخراً وبفترة وجيزة إيجاد فرص عمل ل116 شاباً وفتاة من أبناء الفجيرة في الدوائر المحلية من أصل 295 شاباً وفتاة تقدموا بطلبات توظيف للدائرة في عام 2005، كما قامت مؤخرا بعدد من الإجراءات والأنظمة لزيادة استقرار عملية التوطين وخفض التسرب من خلال ضم الموظفين بهيئة المعاشات والتقاعد.

وأشار بن ماجد إلى أن اللجنة ستحاول في عام 2006 الضغط على بعض القطاعات الصناعية والفندقية لتستوعب المزيد من الخريجين والخريجات، وستحاول التنسيق مع كليات التقنية بتخريج عدد من الكوادر التي يحتاجها سوق العمل، مشيرا إلى أن سوق العمل بإمارة الفجيرة يحتاج إلى عدد من التخصصات الفنية والتسويقية.

وقال شريف حبيب العوضي مدير هيئة المنطقة الحرة بالفجيرة انه على الرغم من زيادة النشاط التجاري والاقتصادي والصناعي في الدولة إلا أن معدلات البطالة تتزايد بدلا من أن تقل، وهذه ظاهرة غير صحية وتدل على وجود خلل واضح في الخطط والبرامج الرامية لمعالجة هذه الظاهرة حتى الآن. ولا بد من تضافر جهود كل القطاعات والمؤسسات الحكومية والخاصة والتنسيق فيما بينها للقضاء على هذه الظاهرة.

* مهمة القطاع الخاص

وأضاف: لا بد من وازع وقناعة لدى القطاع الخاص للحد من البطالة، لأنه المعني في المرحلة المقبلة بخفض معدلات البطالة ورفع نسب التوطين، مشيرا إلى انه حتى الآن لا توجد سلطة أو هيئة تلزم القطاع الخاص باستثناء البنوك برفع نسب التوطين، حتى المناطق الحرة لا تستطيع ان تلزم الشركات التي تقع ضمن مظلتها في رفع نسب التوطين، لذلك تقوم بعض الشركات الأجنبية الكبيرة منطلقة من قناعتها الذاتية بالاهتمام بتوظيف الكوادر الوطنية فيها، لكن معظم المشاريع والشركات الأجنبية الصغيرة في المناطق الحرة تخلو من المواطنين.

وأشار العوضي إلى انه يتوقع المزيد من القوانين والأنظمة من هيئة تنمية الموارد البشرية ووزارة العمل للحد من هذه الظاهرة في عام 2006، والمزيد من الصلاحيات لرفع معدلات التوطين والقضاء على البطالة.

وقال أحمد خليفة الشامسي نائب رئيس غرفة تجارة وصناعة الفجيرة ان معدلات البطالة المتزايدة في الأعوام السابقة تنذر باستمرار الزيادة في العام المقبل ما لم تتخذ إجراءات وحلول عاجلة تحد من الزيادة في كل عام، أبرزها تأهيل العنصر المواطن لسوق العمل من خلال تكثيف الدورات والتدريب، وبمساعدته وتشجيعه على اختيار التخصص الذي يطلبه سوق العمل، ووضع خطة وآلية للإحلال تتسم بالشفافية والجرأة، ويجب البدء أولاً بالمؤسسات الاتحادية والمحلية لأن الكثير منها غير مشبع بالعنصر المواطن، فلا زالت بعض المؤسسات الاتحادية تنخفض فيها نسب التوطين عن 70%، وكذلك في المؤسسات المحلية لا زالت تنخفض فيها معدلات التوطين عن 40%.

وأوضح الشامسي أن على القطاع الخاص دوراً بارزاً في المرحلة المقبلة في عملية التوطين والقضاء على البطالة، لذا يجب إلزامه بتوظيف عدد معين من المواطنين العاطلين عن العمل، ومن الممكن أن تتحمل الدولة جزءاً من رواتب المواطنين في القطاع الخاص لضمان حصولهم على رواتب عالية ومغرية تدفعهم للانخراط بالقطاع الخاص.

وأشار الشامسي إلى أنه على ثقة بأن المواطن أصبح لديه الكفاءة والقدرة على العمل في جميع القطاعات فقد أصبحت جامعاتنا المنتشرة في كل أنحاء الدولة وكليات التقنية تؤهل الشباب إلى سوق العمل من أوسع أبوابه، لكن ينقص بعضهم الثقة بالنفس، والجد والمثابرة على إيجاد وظيفة تضمن له مستقبلاً زاخراً.

وقال الدكتور عبدالرحمن الشايب مدرس بكلية الاقتصاد جامعة الإمارات ان مشكلة البطالة تعد القضية الوطنية الأبرز للعام المقبل، فما زالت معدلات البطالة في الارتفاع وخاصة في صفوف خريجي حملة الشهادات العليا وهذه طامة كبرى، ولذلك فقد أصبح الأمر يحتاج إلى وقفة ومراجعة وشفافية وصراحة في النظر إلى أرقام البطالة في الدولة وتضافر جهود كل المؤسسات الوطنية لحل هذه المشكلة، فدور وزارة العمل غير كاف في الحد من نسب البطالة، حتى وان فرضت توطين المندوبين أو بعض القطاعات أو التخصصات.

وأضاف: انه لا بد في المرحلة المقبلة من إعطاء صلاحيات أوسع لهيئة تنمية الموارد البشرية في استخدام مبدأ العصا والجزرة مع القطاع الخاص ليزيد من نسب التوطين في شركاته ومؤسساته فما زالت هيئة تنمية تقوم بدور استشاري وتأهيل الكوادر الوطنية لسوق العمل لكن ليس لها سلطة إلزامية على القطاع الخاص لرفع نسبة التوطين.

موضحاً أنها يجب أن تعنى بتوفير فرص عمل لخريجينا، ورفع نسب التوطين، ووقف التسرب الكبير من قطاع المصارف والبنوك، إضافة إلى وضع آلية وهيكل جديد للرواتب وضمانات تشجع العنصر المواطن على الانخراط بالقطاع الخاص، مشيراً إلى أن ذلك يجب أن يدعم بقرار سياسي من أعلى سلطة في الدولة من خلال مجلس الوزراء لتفرض نسب التوطين على القطاع الخاص على غرار قانون رفع نسب التوطين في البنوك.

وعبر خالد الجاسم مدير غرفة تجارة وصناعة وزراعة الفجيرة عن تفاؤله في ان تساهم النهضة والتطور اللذان تشهدهما الدولة في المجال الاقتصادي في فتح آفاق جديدة للمواطنين في دخول سوق العمل وتوفر فرص عمل لهم وحل مشكلة البطالة، مشيراً إلى ان ذلك يجب ان يدعم بقوانين وأنظمة وتشريعات وصلاحيات أوسع لهيئة تنمية الموارد البشرية في إيجاد فرص عمل للمواطنين وتأهيلهم لسوق العمل.

وأشار الجاسم إلى دعم صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الفجيرة لمشروع حاضنة الفجيرة للمشروعات المصغرة والتي ستقوم بتشكيلها غرفة تجارة وصناعة وزراعة الفجيرة في عام 2006 لمساعدة الشباب وتمويل مشروعاتهم، وإعداد دراسات الجدوى لعدد من المشاريع الصغيرة والتي ستحل جزءاً كبيراً من مشكلة البطالة وبنفس الوقت ستساهم وتعزز الاقتصاد الوطني.

ويجمع عدد من المسؤولين وجمع من العاطلين عن العمل على ان توجيهات سمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي ولي عهد ونائب حاكم رأس الخيمة في دعم التوطين وتشجيعه الدائم على إقامة معارض التوظيف سوف تساهم تدريجياً في الحد من ارتفاع نسبة البطالة وبتوفير أكبر قدر ممكن من الوظائف للخريجين والخريجات من أبناء الوطن، متمنين ان يشهد هذا العام حلولاً جذرية أو جزئية لهذه القضية.

وقال النقيب مروان عبدالله جكه رئيس قسم العلاقات والتوجيه بالإنابة في شرطة رأس الخيمة ان اهتمام المسؤولين وعلى رأسهم سمو ولي عهد ونائب حاكم رأس الخيمة بهذه القضية ودعمهم لها من العوامل الرئيسية التي تدعو إلى الحد من البطالة مؤكداً ان شرطة رأس الخيمة تعطي تعليمات الشيوخ والمسؤولين جُل اهتمامها في هذا الجانب.

وذكر ان هناك توجيهات سامية من الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان وزير الداخلية والعميد الشيخ طالب بن صقر القاسمي مدير عام شرطة رأس الخيمة من أجل توفير فرص وظيفية مناسبة لأبناء الوطن، وانطلاقاً من هذه التوجيهات تنتهج شرطة رأس الخيمة سياسة توطين الوظائف خاصة إذا ما علمنا أن نسبة التوطين فيها بلغت 80%.

وأضاف النقيب مروان جكه ان دور شرطة رأس الخيمة لا يقتصر على توظيف المواطنين لدى إداراتها وأقسامها فحسب بل يتعدى ذلك بكثير، فشرطة رأس الخيمة أصبحت تمثل حلقة وصل بين أبناء الوطن من جهة والدوائر والشركات الخاصة بالإمارة من جهة أخرى، وذلك بهدف التفتيش لهم عن فرص مناسبة للتوظيف. وأبدى رئيس قسم العلاقات والتوجيه بالإنابة في شرطة رأس الخيمة تأييده لمعارض التوظيف التي تقام في الإمارة، وقال عنها بأنها تخلق فرصاً واسعة للتوظيف وطالب باستمرار تنظيمها.

* البطالة زائدة

ويضيف أحمد بن حماد النعيمي مدير الشؤون الإدارية والتوظيف في شركة «ضمان» للأوراق المالية أن الشركة والتي تتخذ من مركز دبي المالي مقراً رئيسياً لها، من الشركات الوطنية التي تحارب البطالة وترفع دائماً شعار «نعم للتوطين» فهذه الشركة حريصة على التواجد في جميع معارض التوظيف في كل أنحاء الدولة، وكانت لمشاركتها الأخيرة والفاعلة في معرض التوظيف برأس الخيمة الأثر الإيجابي في نفوس أبناء رأس الخيمة، حيث استقبلت جميع الطلبات بلا استثناء ووعدت بدراستها دون تمييز.

ويرى أحمد محمد بن حماد النعيمي مدير الشؤون الإدارية وشؤون الموظفين في «ضمان»: للأسف أن نسبة البطالة في رأس الخيمة مرتفعة جداً، وذلك حسبما شاهدناه ولمسناه على أرض الواقع، ونحن نعد أبناء رأس الخيمة أن ننظر في طلباتهم بكل جدية، فنحن والحمد لله لنا تجارب رائدة في التوطين، و«البيان» خير شاهد على هذه الحقيقة، وهنا أخرج لنا بن حماد النعيمي نسخة من خبر سابق نشر في «البيان» ومفاده أن نسبة التوطين في «ضمان» وصلت إلى 40%.

ويضيف النعيمي: إن المدير العام للشركة شهاب قرقاش حريص على توفير الفرص الملائمة لأبناء الوطن ويتمنى أن يرتقوا أعلى الدرجات والمناصب. وعندما سألنا النعيمي، هل تنتهج «ضمان» مبدأ التمييز في اختيار موظفيها، وبمعنى آخر هل تفضل الشركة مواطني دبي على حساب المواطنين من الإمارات الأخرى.

أجابنا على الفور: لا يوجد في قاموسنا ما يسمى بالتمييز فالأولوية عندنا للمجتهد والمثابر والطموح والكفء، ويكفينا ان نفخر بأن أحدى بنات رأس الخيمة تفوقت على الجميع وهي تتبوأ الآن مكانة مرموقة في الشركة وهذا أكبر دليل على ان الأولوية في التوظيف تكون للمجتهدين بغض النظر عن الإمارة التي ينتمون إليها أو أي اعتبارات أخرى.

ويؤكد النعيمي أن «ضمان» ساهمت في توطين الوظائف لأنها لا تهمل أي طلب اطلاقا بل تدرس جميع الطلبات لاختيار الأصلح والأجدر. ورداً على استفسارنا حول ما إذا كانت هناك أولوية للعاطل على حساب المتقاعد في التوظيف بالشركة قال أحمد النعيمي: إننا لا نفرق بين العاطل والمتقاعد فمن لديه الاستطاعة والخبرة والكفاءة تظل فرصته في التوظيف أكبر من غيره، وليس معنى ذلك أننا لا نمنح الأولوية للعاطلين ولكننا يمكن ان نستفيد من خبرة المتقاعد الذي ربما لم تسمح له ظروفه الصحية والخاصة في خدمة مجال عمله السابق فلماذا نحكم عليه بالإعدام وهو قادر على العطاء.

* شركات للترويج فقط

علي عبدالله الشحي منسق السلامة وخدمة المجتمع في فرع مواصلات الإمارات برأس الخيمة يقول ان نسبة البطالة في رأس الخيمة جداً مرتفعة والدليل اننا تلقينا 300 طلب خلال يومي معرض التوظيف الذي أقيم مؤخرا في رأس الخيمة والأدهى من ذلك هو أن يطلب منا عدد كبير من الجامعين.

العاطلين عن العمل البحث لهم عن أية وظيفة بغض النظر عن طبيعتها وتخصصها وكل ذلك من أجل الحصول على أية فرصة للعمل.

ويرى الشحي ان معارض التوظيف يمكن ان يكون لها مردود ايجابي في القضاء تدريجياً على ظاهرة البطالة ولكن بشرط ان تكون هناك متابعة ورقابة من الجهات المسؤولة والمختصة مثل «تنمية» أو الحكومة المحلية على النتائج التي تخرج بها معارض التوظيف ولابد من الاطلاع على مصير طلبات التوظيف والتأكد من جدية الجهات المشاركة في الاهتمام بهذه الطلبات.

وانتقد علي الشحي بعض الجهات المشاركة في معارض التوظيف والتي قال عنها بأنها تشارك فقط لإثبات تواجدها وتلميع صورها امام المسؤولين وأجهزة الإعلام كما انتقد بعض الشركات والبنوك المشاركة والتي تستغل مثل هذه المناسبات لاستعراض عضلاتها والترويج لبضاعتها مثل البنوك التي تروج لنسبة الربح والفائدة والقروض والخدمات الأخرى لديها ضاربة بالأهداف والغايات التي قامت عليها معارض التوظيف عرض الحائط.

* 500 طلب في يومين

ويؤكد سهيل بن طراف مدير الموارد البشرية بمصرف الإمارات الإسلامي أن نسبة البطالة مرتفعة على مستوى الدولة لافتاً إلى ان رئيس مجلس إدارة بنك الإمارات أحمد حميد الطاير يترأس حالياً هيئة للتوطين في القطاع الخاص والجميع ينتظر نتائج إيجابية من هذه الهيئة خلال المرحلة المقبلة.

ويشير بن طراف إلى أن البنك تلقى 500 طلب للتوظيف خلال يومي معرض التوظيف برأس الخيمة ما يدل على تفاقم هذه المشكلة التي لابد من وضع حلول لها بتكاتف جميع الجهات المعنية بالدولة.

ويؤكد بن طراف ان إدارة مصرف الإمارات الإسلامي وبنك الإمارات ملتزمة بتوطين الوظائف حيث بلغت نسبة التوطين على مستوى جميع الفروع بالدولة 72%، وفي مصرف الإمارات الإسلامي برأس الخيمة 60%، مضيفاً أن لدى الإدارة خطة متكاملة بدراسة جميع الطلبات وتوزيعها على جميع فروع الدولة مع منح الفتاة المواطنة المقيمة في رأس الخيمة أولوية التوظيف في إمارتها وذلك بحكم طبيعتها وعدم مقدرتها على ترك أسرتها والتوجه إلى إمارة أخرى.

* وعود كاذبة

عبدالرحمن الطنيجي «موظف» ينتقد معارض التوظيف التي يراها أنها تنظم فقط من أجل الشكليات حيث لا توجد لديها نتائج إيجابية في الحد من نسبة البطالة وكلها مجرد وعود كاذبة من أجل الاستعراض وتجميل الصورة في عيون الجمهور والمسؤولين ووسائل الإعلام. ويقول الطنيجي، للأسف لا تشارك جهات ومؤسسات كثيرة في معارض التوظيف وتفضل الابتعاد وعدم تفعيل واجبها الوطني الذي يحتم عليها الوقوف مع أبناء الوطن.

ويضيف، ان معارض التوظيف في رأس الخيمة لا ترتقي إلى مستوى المعارض التي تنظم في دبي حيث هناك مشاركات كثيرة وفعالة من القطاعين الحكومي والخاص وهذا ما نفتقده في رأس الخيمة وعن الجهة المخولة في دراسة ووضع الحلول لمشكلة البطالة يرى الطنيجي أن هذه القضية من أولويات الحكومة الاتحادية حيث يقع على عاتقها الدور الأكبر في وضع الحلول اللازمة بشتى الطرق والامكانيات.

ويعتبر أن إمارة رأس الخيمة ممثلة بدوائرها المحلية من أكثر الإمارات التزاماً بالتوطين ويقول: يكفينا فخراً أن تكون نسبة التوطين في الدائرة الاقتصادية برأس الخيمة 99%.

أما أحمد علي البلوشي رئيس قسم الشؤون المالية في الدائرة الاقتصادية في رأس الخيمة يقول بالرغم من أن نسبة التوطين في الدائرة الاقتصادية 99% إلا أنني أرى أن نسبة البطالة في إمارة رأس الخيمة تفوق 100%. ويؤكد البلوشي اهتمام الدائرة بجميع طلبات التوظيف التي ترد إليها وإضافة إلى ذلك فإنها تقوم بتوزيع الطلبات على جهات حكومية وخاصة أخرى لإيجاد فرص عمل لأصحاب الطلبات التي تتزايد يوماً بعد الآخر.

* خريجون: نتمنى حلولاً العام الحالي

مختار عاطف وعلي سعيد الدلال وعلي حمد السكران من الخريجين المدرجة أسماؤهم على لائحة الانتظار، اتفقوا جميعاً على أن نسبة البطالة في رأس الخيمة مرتفعة، لكنهم تمنوا أن تكون هناك حلول إيجابية لهذه المشكلة خلال العام الجديد 2006.

* مدير «تنمية»: المسؤولون يتابعون

من جهته، أكد علي يوسف بن سلمان مدير مكتب «تنمية» في رأس الخيمة أن توجيهات سمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي ولي عهد ونائب حاكم رأس الخيمة بتشغيل المواطنين وإقامة معارض التوظيف المختلفة ساهمت في الحد من ارتفاع نسبة البطالة، مشيراً إلى أنه في حالة استمرار التوجيهات والمتابعات الرسمية من قبل المسؤولين سوف تُحل هذه المشكلة تدريجياً.

وتمنى ابن سلمان أن تكون نتائج المرحلة المقبلة مشجعة. لافتاً إلى أن مكتب «تنمية» في رأس الخيمة لا يألو جهداً في متابعة وتوجيه الباحثين عن العمل وذلك بالتنسيق مع الجهات والمؤسسات الحكومية من أجل تدريبهم وتوفير الفرص الملائمة لهم للحصول على وظائف مختلفة سواء كانت إدارية أو فنية أو مهنية.

تحقيق: عادل السنهوري ـ وليد الشحي ـ فراس العويسي

Email