انتقدوا استخدام «الحذاء» لردع الطالب المشاغب في أبوظبي

تربويون يرفضون الضرب في المدارس ويتهمون الأسر بالتساهل

ت + ت - الحجم الطبيعي

اجمع تربويون على رفض استخدام الضرب كعلاج لحل المشاكل الطلابية لما يترتب عليه من اضرار كثيرة وكبيرة أهمها اهتزاز شخصية الطالب وفقدانه الثقة في نفسه وتعطل ظهور مهاراته وفكره الإبداعي، إلى جانب عدوانيته وبروز سلوك الضدية لديه وكرهه للمدرسة .

وتأصل السلوك غير المرغوب به من باب التحدي في بداية الأمر ثم يصبح سمة شخصية وطرح البعض على أثر تعرض طالب مشاغب في أبوظبي للضرب بالحذاء بدائل ووسائل أخرى للضرب يمكن إتباعها من خلال سيطرة المعلمين على فصولهم ومعاقبة طلابهم بأساليب تربوية حديثة.

واتهموا الأسر بالتفكك وتسيب بعضها وتساهلها مع الأبناء، واقترحوا وسائل تربوية أخرى للعقاب وضرورة التعامل مع المرحلة العمرية الحرجة للطالب وما يصاحبها من تغيرات.

ويرى محمد الحوسني مدير مدرسة ان الضرب في المدارس واقع لا يرقى إلى مستوى الظاهرة في مؤسساتنا التعليمية، رافضاً استخدام العنف مع الطلاب بأشكاله المختلفة.

وقال انه لا مجال لاعتماده مع أبنائنا مهما كانت الدوافع كونه لا يعطي النتائج المتوخاة، بل ربما ينعكس سلباً على واقع حياته أو حياة الآخرين ممن يعايشه فالعنف قد يخلق عقدة حادة في حياته تجعل كل الواقع لديه معقداً صعباً.

ومن الطبيعي أن المطلوب في مجال «التربية» هو تحقيق النتائج من خلال الدخول إلى نفس الطالب وترويضها خلقيا، لا بطريقة العنف، وهذا ما اعتمدته رسالة الإسلام في منهجها.

وينظر الحوسني إلى مبدأ الثواب والعقاب كأداة تعليمية إضافية لتعويض الفرد التكيف مع مجتمعه بكامل تقاليده رافضاً لمبدأ الضرب في المدارس مشيراً إلى أهم الآثار المترتبة عليه وهي اهتزاز شخصية الطالب وفقدانه الثقة في نفسه، وتعطل ظهور مهاراته وفكرة الإبداعي، إلى جانب عدوانيته وبروز سلوك «العناد» لديه.

ويقترح الحوسني بدائل للضرب منها تكليف الطالب المشاغب بأعمال تخص الفصل الدراسي لإشعاره بقيمته والرفع من شخصيته حيث ان سلوك المشاغبة أو أي انحراف يصدر من التلميذ الهدف منه في اغلب الأحيان هو إثبات الذات ومحاولة لفت الانتباه.

ومحاولة المعلم تعليم الطالب السلوك المرغوب فيه ومكافأته عليه وشكره وشكر ولي أمره لإشراكه في العملية التربوية، واستخدام أسلوب تجاهل المعلم للطالب «المشاغب» وعدم إشراكه في الأنشطة.

العوامل المحيطة

ويؤكد الدكتور حسن احمد الحوسني مدير مدرسة الأحنف بن قيس للتعليم الأساسي ان العديد من المشاكل تكون لدى الطلبة وإن أكثرها خطورة المشاكل السلوكية والتي يجب تفهمها من قبل إدارة المدرسة والاختصاصي والمعلم وولي الأمر الذي هو جزء من هذه الحلقة العلاجية لأنه يساعد في كشف الأسباب..

كذلك متابعة العلاج في المنزل، ولان معظم المشاكل السلوكية تعود لخلل ما في الأسرة، إلى جانب مشاكل ترتبط بطبيعة المرحلة العمرية للطالب، حيث أن المرحلة الإعدادية والتي تتزامن مع عمر المراهقة تعد من اخطر المراحل وأكثرها حرجا للطالب الذي يكون بحاجة ماسة لقرب والده منه لنصحه وتوجيهه،.

فالطالب في هذه المرحلة أكثر تشتتا واضطرابا ولابد من وجود القدوة والمثل الجيد الذي يهديه ولا يتركه عرضه للسلوكيات والمعلومات المغلوطة، لان ما لم يجده في البيت سوف يبحث عنه خارجه، وهنا يقع فريسة رفاق السوء والتوجهات الخاطئة.

ويوضح الدكتور الحوسني أن الطالب عندما لا يجد من يحاسبه وتوفر له الأسرة كل متطلباته المادية تصبح المدرسة هي البيئة الطاردة له لأنها تحاول تقويم سلوكه السلبي ونصحه، لذلك لابد من التأكيد على أهمية دور أولياء الأمور في متابعة أبنائهم والاقتراب من تفكيرهم ودخول عالمهم ومصادقتهم.

ويلفت د. الحوسني إلى أن سلوك الطالب بشكل عام يتأثر سلبا وإيجابا بالعوامل المحيطة به كالتفكك الأسري والتدليل أو القسوة الزائدة من الوالدين، عدم متابعة الأسرة للأبناء أو نتيجة للضغوط الاقتصادية.

ويعزو د. الحوسني بعض حالات الشعب والمشاكل التي تحدث في المدرسة إلى رفاق السوء والنزعة إلى السيطرة على الغير إضافة إلى انه قد يكون السبب من المعلم نفسه لغياب القدوة الحسنة وضعف ثقة الطلاب في بعض المدرسين، ممن يمارسون هواية اللوم المستمر، وعدم اهتمامهم بمشكلات الطلاب ومحاولة التواصل بود معهم.

ويرى ان الضرب لا يصلح أن يكون وسيلة للعقاب في المدارس لأضراره الكبيرة والكثيرة، مطالبا اللجوء إلى وسائل وبدائل أخرى مثل التوجيه والحوار والمناقشة وخصم الدرجات، إلى جانب إعداد المعلم المتفاعل مع مهنته والمستمتع بها والمخلص لها.

التوجيه المستمر

ويشير إبراهيم الطنيجي مساعد مدير مدرسة زايد الثاني إلى أن حزم الإدارة المدرسية وصرامة القوانين المطبقة داخل الحرم المدرسي مع التوجيه المستمر والتوعية، تساهم في التقليل من حدة مشاغبة الطلاب لخوفهم من العقاب.

ويقول إن جميع الآثار المترتبة على استخدام عقوبة الضرب تحط على أرضية مشتركة تتمثل في هدر كرامة «الطالب» ففي أجواء التعليم والتعلم يعتبر استخدام العقاب البدني هدرا لكل مقومات التربية السليمة، وإعلانا صارخا في وجه المجتمع عن ضحالة سبل التربية في المؤسسات التعليمية.

مؤكدا أن اللجوء إلى الضرب يرسخ مبدأ القمع الذي يقتل الطموح والمبادرة ويضفي على نفس المتعلم قدرا من الإحباط يجعله يخشى التفاعل مع المادة الدراسية، وبالتالي يكرهها ويكره القائمين عليها، إلى جانب ما يترتب عليه من إصابات بدنية يخلف البعض منها آثارا غائرة في جسد الطالب أو نفسه بقية العمر.

ويعتبر الطنيجي الضرب ليس خيارا تربويا أصلا حتى تبحث بدائله، بل انه طارئ غريب على جسد التعليم، وتهدر باستخدامه أمور كثيرة، ولا يحفظ شيئا لا للطالب ولا لنظام المدرسة موضحاً انه لا يرقي إلى مستوى الظاهرة في المؤسسة التعليمية.

عقوبة الطالب

ويرفض الاختصاصي الاجتماعي خالد بوهندي المنصوري فكرة الضرب في المدارس ويقول ان عقاب الطالب ليس الغاية والهدف في العملية التعليمية والكلمة تحمل في طياتها معان كثيرة، فمنها المرفوض جملة وتفصيلا، ومنها المناسب في بعض المواقف، فالنظرة تكون عقابا أحيانا، فإذا كنا نرفض العقاب للطالب فمن الأولى رفض معاقبة المعلم، لان كسر المعلم معناه القضاء على إبداعه ومواهبه.

ويضيف: المعلم معنى أصيل وليس مجرد وظيفة، فكيف نريد منه جيلا واثقا من نفسه متحديا صعوبات الحياة ومروضا لها مع تهميش دوره وهو أساس العملية التربوية، وإذا أردنا أن نؤمن انه لا مجال لعقاب الطالب في المدرسة فأي الطلاب الذي لا يعاقب فهناك اسر متهالكة تربويا وثقافيا.

وتلقي بأبنائها في أحضان المدرسة التي تعاني بكاملها من ويلات هذه النوعية، إدارة ومعلمين، لافتا انه بالمقابل لا يوجد حل تربوي تقوم به المدرسة، فيضطر المعلم لتحمل تلك النوعية، فاذا حدث خطأ من ذلك المعلم، وقف الكل يندد ويستنكر، فأين هم من هذه القصة سلفا؟

ولتكتمل العملية التربوية يرى خالد المنصور انه لابد من توافر أربعة عناصر لا يمكن الاستغناء عن أحدها وهي: الأسرة المترابطة بعضها ببعض والمتواصلة مع المدرسة والمعلم، والمعلم القدوة تربويا المتعاون والمتسامح مع طلابه والمخلص في عمله، الإدارة المدرسية بكافة موظفيها.

حيث أنها حلقة الوصل بين الطالب والمعلم والأسرة، والاختصاصي الاجتماعي ودوره البارز، والمجتمع المدرك لأهمية المعلم والتعليم المدرك لكل ما يحيط بالطالب من مؤثرات إعلامية واجتماعية أو غيرها وبالذات الإعلام الذي هو بدوره يعتبر منبر عقل الطالب.

وسائل بديلة للضرب

ويقول الاختصاصي الاجتماعي عبد الباسط صلاح الدين إن سلوك الطالب بشكل عام يتأثر بالسلب أو الإيجاب بالعوامل المحيطة بها، كالتفكك الأسري والتدليل، وعدم متابعة الأسرة لأبنائها.

تحقيق ـ عبد الرزاق المعاني:

Email