حميد بن راشد النعيمي:

العيد الوطني تجديد للعهد بالتماسك وإخلاص النوايا

ت + ت - الحجم الطبيعي

وجه صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان كلمة عبر مجلة «درع الوطن» بمناسبة الذكرى الرابعة والثلاثين للاتحاد.

وفيما يلي نص الكلمة.

يطيب لي بمناسبة الذكرى الرابعة والثلاثين لعيدنا الوطني أن أتقدم بأجمل التهاني مقرونة بأصدق الأماني بالصحة والعافية والسعادة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، وإلى صاحب السمو الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ولإخوانهما أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، حفظهم الله جميعاً، وإلى شعب الإمارات بدوام الرفعة والازدهار. نحتفل اليوم بذكرى الاتحاد، ومؤسس الاتحاد لم يعد بيننا، اليوم يمتزج الفرح بالحزن، جمال الذكرى بألم الفراق، روعة الإنجاز بالفقد العظيم.

إن المغفور له بإذن الله الشيخ زايد رحمه الله قد تميز طوال فترة حكمه منذ أن تولى في عام 1946 حكم العين وإلى رحيله في الثاني من نوفمبر 2004 بالزعامة الفذة والقيادة الاستثنائية والسياسة الرشيدة والفكر المستنير والعقل الراجح والتجربة الخاصة والعزيمة القوية والرأي المعتدل والعطاء المشهود والإنجازات الكبيرة والمدهشة التي شملت مختلف نواحي الحياة.

وإن هذه المسيرة المباركة سوف تستمر إن شاء الله تحت قيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، الذي تتلمذ على يدي والده في القيادة والسياسة والفكر، ونهل منه مكارم الأخلاق والكرم والشجاعة ورجاحة العقل وبعد النظر، فمنذ صغره احتك صاحب السمو الشيخ خليفة بالمواطنين في مدينة العين مما هيأ له فرصة واسعة للاحتكاك الميداني بهموم المواطنين جعلته قريباً من تطلعاتهم وآمالهم، ونحن نعتبر الشيخ خليفة نموذجاً مشرفاً لآل نهيان بكل أصالتهم ومعدنهم النفيس وتواضعهم الجم.

إن الحديث عن الاتحاد سيظل من أحب الأشياء إلى قلبي ونفسي لأنه مرتبط بالمغفور له بإذن الله صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، ففي هذا اليوم نجدد العهد بأن تتماسك سواعدنا وتتشابك أيادينا وتخلص نوايانا، وإن مسيرة الانطلاق والعمل الصادق والمخلص ستتواصل بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة رئيس الدولة وهو العهد الذي قطعناه معه.

إن الاتحاد الذي تأسس قبل أربعة وثلاثين عاماً ظل إنجازاً عظيماً وفريداً من نوعه، بهر العالم كله بروعته وشموخه على مختلف الأصعدة، وفي شتى مناحي الحياة، وأصبح نموذجاً للوحدة التي أصبحت اليوم أمل كل بلاد العالم، وحلم شعوبها، جاء الاتحاد ولما يشهد العالم ما يشهده اليوم، ولكن النظرة البعيدة والرؤية العميقة واستشراف المستقبل بكل ما يحمله من آمال وطموحات جعل من خيار الاتحاد طريقاً لابد منه، وهدفاً واجب بلوغه، وغاية يتحتم إدراكها، وإن كل متابع أو مراقب لابد أن يقف بكل التقدير والاحترام لما حدث، يتمعن في الشواهد ويأخذ العبر، وفي ثنايا حديث المغفور له الشيخ زايد، رحمه الله، عبرة، وهو القائل: «إن الاتحاد هو طريق العزة والمنفعة والخير المشترك، وإن الكيانات الهزيلة لا مكان لها في عالم اليوم، فتلك عبر التاريخ على امتداد العصور».

وتعد تجربة الإمارات الوحدوية من أنجح التجارب في الوطن العربي، والتي فتحت الباب واسعاً لقفزات غير مسبوقة في جميع المجالات خاصة إذا أخذنا عنصر الزمن في الاعتبار، فقد تحولت الإمارات خلال ثلاثة عقود من قيامها إلى دولة عصرية مزدهرة ينعم مواطنوها بالرخاء والرفاه.

إن ما تحقق عبر أربعة وثلاثين عاماً الماضية هو إنجاز آخر لا يقل روعة عن إنجاز الاتحاد، وإن كان الاتحاد هو المعبر لهذه الثورة الحقيقية. إن أهم كسب للتجربة الاتحادية هو بناء الإنسان، فكل ما أنجزناه من مشروعات خلال العقود الماضية كان هدفه الإنسان الذي كان الأساس، واستطاع إنسان الإمارات أن يكون على قدر هذه الثقة وعلى حجم التحدي.

وخلال فترة زمنية قصيرة حققت الدولة منجزات كبيرة وتحولات جذرية على مختلف المستويات، فإذا كانت الدعوات إلى الديمقراطية باتت حديث الدول الكبرى، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة ومنذ ما يزيد على عقود ثلاثة تنتهج نهج الشورى، فقد اعتمدت دولتنا سياسة الأبواب المفتوحة بين الحاكم والرعية وإتاحة الفرصة الواسعة أمام المواطنين للمشاركة في مسؤوليات العمل الوطني في كافة المستويات كالمجلس الوطني والمجالس الاستشارية والمجالس التنفيذية ومجالس الإدارات والجمعيات والأندية.. الخ.

إن المؤشرات تؤكد أن بلادنا قد سجلت أرقاماً قياسية من التحضر والتقدم والرخاء على كل صعيد جعلتها اليوم من الدول المتقدمة التي تتميز باقتصاد متطور ومزدهر، وأوضاع سياسية مستقرة وتنظيمات إدارية وإنتاجية متطورة. وقد برزت القطاعات غير النفطية كركيزة مهمة لعملية التنمية الاقتصادية ولعبت دوراً مهماً في هيكل الناتج المحلي لتحقيق سياسة تنويع مصادر الدخل، فانعكس ذلك على المواطنين، واهتمت الدولة بتشييد الطرق الحديثة، وتطوير مجالات الزراعة والري والصناعة، وإقامة المطارات وهيكل الاتصالات والموصلات، وغرست الرقعة الخضراء في كل مكان لمحاربة التصحر حيث أشرفت على زراعة ملايين الأشجار والنباتات، ونقلت البدو من حياة البداوة والترحال إلى حياة الحضر والاستقرار، وبسطت الأمن في ربوع البلاد.

وأمنت السكن المناسب لكل مواطن، وقدمت المعونات الاجتماعية لكل من يستحقها، ويسرت الزواج للمواطنين عبر صندوق الزواج، ووفرت العلاج للجميع مواطنين ومقيمين، وعنيت دولة الاتحاد بالقضايا الخليجية والعربية والدولية بشكل ايجابي. واتبعت في سياستها الخارجية نهجاً متوازياً قوامه احترام حق الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، واحترام سيادة الدولة ووحدة أراضيها، وعدم اللجوء للقوة أو التهديد في حل المنازعات، ونبذ العنف والإرهاب.

ويؤكد دائماً المغفور له صاحب السمو الشيخ زايد أن الإسلام دين المحبة والغفران والتسامح والرأفة والتأكيد على أن الإسلام دين المحبة والتسامح، وأن المسلم لا يجوز أن يقتل أخاه مسلماً أو غير مسلم، كما أكد ذلك في كلمته بمناسبة العيد الوطني الحادي والثلاثين في ديسمبر 2002 بقوله: لقد أكدنا مراراً وقبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 بوقت طويل إدانتنا للإرهاب وضرورة التصدي له ومحاربة كل أشكال القمع والعنف ضد الإنسانية التي ترفضها كل الأديان السماوية، فالإسلام دين التسامح والموعظة الحسنة ينبذ الإرهاب والعنف والتعدي على البشر ويدعو إلى الرحمة والمودة.

وقد اكتسبت دولتنا احترام وتقدير العالم كله بما اختطته من نهج معتدل ومواقف ثابتة في سياستها الخارجية تتسم بالحكمة والاعتدال والتوازن ومناصرة الحق والعدل، وأسلوب الحوار والتفاهم بين الأشقاء والأصدقاء لحل الخلافات والنزاعات بالطرق السلمية، والتفاهم بين الحضارات، ومساندة مسيرة الكفاح العادل التي يخوضها الشعب الفلسطيني لنيل حريته واستقلاله وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وامتد عطاء الإمارات إلى دول خارج المنطقة العربية، فما أن تأتي استغاثة من هنا أو هناك حتى تسير الطائرات تحمل الغذاء والكساء والدواء، وللإمارات اليوم في معظم دول العالم مشاريع زراعية وصناعية وتعليمية ودعوية تقدمها خدمة للإنسان دون تعصب لطائفة أو جنس أو دين أو تدخل في شؤون الغير.لذلك حظيت الإمارات باحترام دولي كبير، وتعززت مكانتها وسط دول العالم. (وام)

Email