البيت الأبيض يستميت في مقاومة الضغوط الداعية للانسحاب بـ «استراتيجية نصر»

بوش : لن ننهزم أمام الانتحاريين في العراق

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أعلن الرئيس الأميركي جورج بوش أمس أن بلاده لن تنهزم أمام الانتحاريين، وذلك في محاولة مستميتة لمقاومة الضغوط المطالبة بالانسحاب من العراق، وفي خطاب ألقاه في الأكاديمية البحرية الأميركية في مدينة أنابوليس بولاية ميريلاند أعلن استراتيجية لـ «النصر» في العراق من ثلاث مراحل، طالباً دعم وصبر شعبه لإنجازها ورفض تحديد جداول زمنية «مصطنعة» للانسحاب، لكنه لم يستبعد خفضاً مشروطاً لقواته، وهو ما توافق مع تقديرات البيت الأبيض، في وقت قرر وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد نزع صفة «المقاومين» عن المسلحين العراقيين ناعتاً إياهم «بأعداء الحكومة الشرعية» في بغداد.

ودشن بوش في الخطاب حملة لإقناع الرأي العام ان لدى الولايات المتحدة استراتيجية قوامها ثلاثة عناصر: سياسي وأمني واقتصادي. وأكد بوش «اننا لن نقبل بأقل من النصر الكامل»، وأن لذلك النصر «استراتيجية شاملة» وأشار إلى العنصر السياسي منها بقوله: ان الولايات المتحدة ستساعد العراقيين لبناء مجتمع حر بمؤسسات قوية ديمقراطية. أما العنصر الاقتصادي فقال إنه يتمثل في مساعدة العراق على بناء مؤسساته الاقتصادية وقال ان الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والشركاء في التحالف يسعون لمساعدة العراقيين على بناء مستقبلهم.

وأكد أن أميركا لن تتخلى عن العراق، وأنه سيكون حليفاً قوياً لها، وأشار إلى ان اليابان وألمانيا اليوم حليفتان للولايات المتحدة بعدما كانتا عدوتين. وقال ان عراقاً ديمقراطياً سيعزز الديمقراطية في الشرق الأوسط من «دمشق إلى طهران» وأن وضع أسس الحرية في العراق سيضع أسس السلام في الشرق الأوسط. وقال بوش موجهاً الحديث إلى كل من يلبس الزي العسكري الأميركي: «أميركا لن تنهزم أمام الانتحاريين والقتلة طالما بقيت أنا القائد الأعلى للقوات المسلحة الأميركية». وقال، وسط تصفيق الحضور في الأكاديمية: «سنخفض قواتنا من دون أن نفقد القدرة على إيقاع الهزيمة بأعدائنا».

واستعرض الرئيس الأميركي في كلمته مراحل تطوير القوات العراقية، فاعترف بوقوع انتكاسات خلال العامين الماضيين، بإشاراته إلى ان «جاهزية القوات العراقية لم تتقدم في البداية على النحو المطلوب». وتابع: «هدفنا هو تدريب القوات العراقية بحيث تكون قادرة على تولي القتال من دون مساعدة أجنبية كبيرة.. وهذا سيستلزم وقتاً وصبراً. والأمر يستحق الوقت ويستحق الجهد».

وشدد على أن استراتيجيته في العراق لما وصفه بـ «الانتصار على العدو الوحشي» «واضحة وأنها تتغير وفق تغير الظروف، وليس بناء على أهواء السياسيين في واشنطن، في نقد مبطن للانتقادات المتزايدة ضد مجريات الحرب في العراق في أوساط النواب والشيوخ الأميركيين، معتبراً ان الانسحاب الذي يطالبون به مخطئ».

ولتعزيز أفكاره، قال بوش ان محاولة دمج السنة في العراق في العملية السياسية تلقى المزيد من التأييد، وأن أهل السنة يتجهون إلى المشاركة في انتخابات 15 ديسمبر الجاري، مؤكداً ان المسلحين باتوا يشعرون بعزلة.

وأكد الرئيس الأميركي ان العراق هو «الجبهة المركزية في الحرب على الإرهاب»، مشدداً على أن العراق سيكون دولة حرة وديمقراطية» وهذا سيحقق الأمن لأميركا والشعب الأميركي». وأضاف: «من شوارع المدن الغربية إلى جبال أفغانستان مروراً بجزر جنوب شرق آسيا والقرن الإفريقي ستشهد هذه الحرب تحولات كثيرة. ويجب ان يهزم العدو في كل ساحة معركة.. أميركا لن تهرب من أمام واضعي السيارات الملغومة والقتلة».

وخيب الرئيس بوش في خطابه أمل الأميركيين الذين كانوا ينتظرون منه أن يعلن شيئاً تفصيلياً عن انسحاب القوات الأميركية حسب جدول زمني تقريبي. وأصدر البيت الأبيض في وقت متزامن مع إلقاء الخطاب وثيقة من 37 صفحة بعنوان «الاستراتيجية القومية للنصر في العراق»، وأشار إليها الرئيس في خطابه ودعا الأميركيين إلى قراءتها.

وتؤكد الوثيقة أنه لم يحدث أبداً ان تم كسب أي حرب وفقاً لجدول زمني معين وهذا ينطبق على هذه الحرب. وأكدت الوثيقة ان العراق سيكون في نهاية المطاف «مسالماً وموحداً ومستقراً وآمناً ومندمجاً بشكل جيد في المجتمع الدولي وشريكاً كاملاً في الحرب على الإرهاب». وأكدت انه «رغم اننا واثقون من النصر في العراق، إلا اننا لن نحدد موعداً لاستكمال كل مرحلة من مراحل النجاح لأن توقيت النجاح يعتمد على الإيفاء بشروط معينة وليس على جداول زمنية اعتباطية».

وتابعت الوثيقة: «نتوقع، ولكن لا نستطيع أن نضمن، ان وضع قواتنا سيتغير خلال العام المقبل مع تقدم العملية السياسية وزيادة عدد قوات الأمن العراقية وازدياد خبرتها».

واعترف مسؤولون في البيت الأبيض ان الخطاب والاستراتيجية جاءا نتيجة الضغط المتزايد على الإدارة من الكونغرس، حتى من الجمهوريين فيه لإحداث تغيير في سياسة الإدارة تجاه العراق، وتقديم تقرير دوري مفصل عما يجري هناك. والأهم وضع خطة للانسحاب التدريجي من العراق.

وفي خضم هذا الزخم، قرر وزير الدفاع دونالد رامسفيلد التوقف عن استخدام لفظة «مقاومين» أو «متمردين» لوصف العراقيين الذين يقاتلون القوات الأجنبية في العراق، معتبراً أن هذه اللفظة تضفي عليهم شرعية.

واقترح رامسفيلد في مؤتمر صحافي ليل الثلاثاء استخدام عبارة «أعداء الحكومة العراقية الشرعية». وتساءل: «لماذا نطلق على الزرقاوي ومقاتليه صفة مقاومين فيما هم يحاربون الحكومة العراقية الشرعية.وهل يستفيدون من دعم شعبي في العراق؟ كلا».

وأضاف: «كان أمامهم طريق سلمي لتغيير تلك الحكومة.. من خلال الدستور ومن خلال الانتخابات. انهم لا يحاولون إحداث شيء سوى زعزعة الاستقرار والسيطرة على ذلك البلد وتحويله إلى نظام خلافة ثم نشر الأمر في أنحاء العالم».

واشنطن ـ محمد صادق والوكالات:

Email