إصدار دراسة محلية حول الحوار بين الأديان

ت + ت - الحجم الطبيعي

الخميس 14 ربيع الاول 1424 هـ الموافق 15 مايو 2003 أصدر مركز زايد للتنسيق والمتابعة دراسة تناولت موضوع «الحوار بين الأديان: أهدافه وشروطه والموقف الإسلامي منه». وهذه الدراسة تأتي في إطار مساعي المركز لإظهار الرؤية الإسلامية حول قضية الحوار بين الأديان، والتأكيد على قابلية الإسلام من خلال قواعده وسماحته المعهودة على التعايش والتحاور مع غيره من الديانات السماوية الأخرى في جو من الود والصفاء . وأول ما أكدته الدراسة أن الحوار الديني له تأثيره في سياسات الدول، لأن الدين لا يزال هو المحرك للعلاقات، ولذلك فالحوار بين الأديان إذا كان جاداً قد يؤدي إلى علاج بعض المشاكل السياسية والاقتصادية، وهذا يظهر أهمية الحوار الديني في التأثير في مسيرة العلاقات السياسية والاقتصادية فضلاً عن توجيه العلاقات الدينية بين الشعوب . وأكد الفصل الأول من الدراسة أن الهدف من الحوار بين الأديان هو التقريب بينها وذلك بالوصول إلى صيغة تقريبية، أو إلى دين مشترك أو عقيدة مشتركة كما حدث مع بعض الحركات الدينية التلفيقية وهي كثيرة في تاريخ الأديان والتي هدفت إلى تأسيس دين جديد أو مذهب جديد بتلفيق بعض المعتقدات والمفاهيم الدينية الموجودة في عدة أديان ومذاهب والخروج من هذه العملية التلفيقية بدين أو مذهب جديد . فالحوار بين الأديان يحافظ أولاً على استقلال كل دين من الأديان، ولا يطالب أهل الأديان بالتنازل عن بعض عقائدها من أجل التقريب بينها، وإلى جانب هذا الهدف الرئيس للحوار بين الأديان حددت الدراسة أهدافاً أخرى تتمثل في: التقريب بين المذاهب والفرق، ودعم قاعدة الاتفاق والتعددية الدينية، وتطوير أسلوب الخطاب الديني، ودعم الاعتدال في التدين، وتحقيق الفهم والتفاهم بين الأديان. وأبان الفصل الثاني من الدراسة شروط نجاح الحوار بين الأديان متمثلة في: استقلالية الحوار بين الأديان، وفي سبيل تحقيق هذه الاستقلالية وتحرير الحوار من التبعية لدين معين يجب وضع بنية للحوار بين الأديان وتنظيم مستقل عن الأديان ذاتها وبخاصة في مؤسساته العليا، وديمقراطية الحوار وتنبع من استقلالية الحوار وعدم تبعيته لدين من الأديان كما أنها ترتبط أيضاً باستقلالية الأديان ذاتها، وشعور أهل الأديان جميعاً بأنهم متساوون في علاقاتهم بعضهم ببعض، وأنه ليس لدين معين الحق في فرض السيادة على الأديان الأخرى في أية صورة من الصور ؛ واستمرارية الحوار، فهو حوار متصل لا ينقطع، لأن موضوعات الحوار لا تنتهي، ومجالات الحوار مفتوحة بصفة دائمة، وآخر الشروط أن الحوار يجب أن يتسم بالروحانية كي يتمكن من توصيل القيم والمبادئ الدينية والأخلاقية التي تحتوي عليها ديانات العالم إلى كل المؤمنين بهذه الأديان . وأوضح الفصل الثالث من الدراسة أن الإسلام هو أكثر الأديان انفتاحاً على الحوار. لاتصافه بالتلقائية الشديدة والقبول الفوري والإيجابية التامة إلى حد يمكن معه وصف الإسلام بأنه دين الحوار . فكل الأديان تقريباً أقامت حواجز بينها وبين الآخرين، وشاع فيها استخدام مصطلح الآخر الذي ليس له وجود في الإسلام إذ لا توجد مصطلحات الأنا والآخر الموروثة عن الحضارة الغربية أصلاً ولا تعرفها الحضارة الإسلامية. وقد خلصت الدراسة إلى أن الموقف الإسلامي من الحوار بين الأديان تحكمه أمور عدة، وهي تتجلى في: أن الإسلام يقوم على قاعدة التسامح وأن اختلاف العقائد لا يمنع من التعامل بين البشر ولا يقيم عازلاً بين إنسان وإنسان أو بين جماعة وجماعة؛ وأن هدف الحوار في الإسلام ليس إجبار أهل دين على ترك دينهم والدخول في الإسلام، وأنه لنجاح الحوار يلزم أن تبتعد الأديان المشتركة فيه عن مواطن الخلاف، وأنه يلزم كشرط لنجاح الحوار أن يتم بين متدينين من أهل الأديان على قدر من العلم والثقافة بالآخر دينياً وثقافياً . وتواصلاً مع القضية بما ثار حولها من جدل حاد يقدم مركز زايد للتنسيق والمتابعة للقارئ الكريم هذه الدراسة التي تجيء كرد فكري عميق الطرح يظهر مدى ارتباط الحوار الديني بما تشهده المجتمعات الإنسانية من أزمات طاحنة.

Email