بلدية دبي تبدأ ترميم عدد من المباني التاريخية للحفاظ على ملامحها المعمارية

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاحد 4 صفر 1424 هـ الموافق 6 ابريل 2003 تواصل بلدية دبي اعمال ترميم واعادة بناء عدد من المباني التاريخية في منطقة الشندغة لتخصيصها لمختلف الاستعمالات التي تعيدها الى حيز التفاعل الاجتماعي مجددا، كما تعمل على اعادة بعض الملامح المعمارية المميزة لعمران مدينة دبي القديمة، مثل الاسوار والمربعات التي أحاطت بها للدفاع عنها وتأمينها من خطر الاعتداءات الخارجية. واكد المهندس رشاد محمد بوخش مساعد مدير ادارة المشاريع العامة في بلدية دبي ان امارة دبي تتميز بكثرة المباني التاريخية والتي تتنوع أشكالها وتختلف في وظائفها، فمنها: المباني السكنية والتعليمية والدفاعية والدينية والاقتصادية، ونظراً لأهمية المحافظة على تلك المباني من الاندثار، فقد عملت بلدية دبي على ترميم جميع المباني التاريخية ضمن النطاق العمراني للامارة، وفي مناطق متعددة منها : منطقة الشندغة والبستكية والراس وحتا وبعض المناطق الأثرية الأخرى. واستعرض مساعد مدير ادارة المشاريع العامة مشاريع الترميم واعادة البناء الجاري تنفيذها لبعض المباني في منطقة الشندغة حالياً، مشيرا الى الاهمية الاستراتيجية التي تكتسبها منطقة الشندغة حيث تطل على الخور مباشرة، كما أن الأسرة الحاكمة كانت تستقر فيها، بالاضافة الى تنوع مبانيها من حيث مواد البناء، اذ شيدت بعض المباني من الأحجار البحرية والجص، والبعض الآخر شيد المباني من سعف النخيل والنوع الثالث شيد من بيت الشعر. وأكد انه من ناحية الأهمية الجغرافية للمنطقة فانها تمثل أحد المعالم المعمارية التي تتميز بها مدينة دبي بطابعها العمراني والمعماري، حيث البراجيل الشاهقة والبيوت ذات الساحات والزخارف المتنوعة الأشكال، والتي تركت انطباعات ذهنية لدى رواد تلك المنطقة. وذكر ان منطقة الشندغة تعتبر من المناطق السكنية القديمة على مستوى امارة دبي، التي تتميز بنسيج عمراني تميزه السكك الضيقة الأمر الذي يدل على عمق العلاقات الاجتماعية بين قاطني المنطقة، ووفقاً للبحوث والدراسات التاريخية، يبلغ عدد المباني التاريخية فيها حوالي مائتي مبنى تاريخي مختلف الحجم والتصميم، حيث تم وضع خطة متكاملة عن المدة الزمنية اللازمة لاعادة انشاء جميع المباني التاريخية فيها، ومن ثم العمل على تأثيثها حسب الاستخدام المخصص بغرض التنمية السياحية للمنطقة، وقد خصصت للمتاحف والمعارض التراثية والمطاعم التقليدية والأسواق الشعبية. بيت الهجن واستعرض المهندس رشاد بوخش مشروع ترميم المبنى المقام على قطعة الأرض 1/192 في منطقة الشندغة، والذي خصص للاستعماله كبيت للهجن حيث اكد ان المبنى يعتبر من المباني المهمة في المنطقة فقد أنشئ المبنى على ثلاثة مراحل تاريخية مختلفة، وقد توالى على انشائه العديد من البنِائين القدامى، فقد بدأت المرحلة الأولى في عام 1920م تقريباً، تليها المرحلة الثانية في عام 1945 تقريباً، وفي عام 1968م كانت المرحلة الثالثة والأخيرة. وأوضح ان المبنى يتكون من دور أرضي فقط، وتتصف واجهاته بوجود عناصر تراثية بسيطة متنوعة من نوافذ مربعة الشكل تقريباً وتجاويف ولوحات زخرفية من الداخل، وللمبنى مدخلان أحدهما رئيس وكبير ويقع في الجهة الجنوبية الغربية من المبنى والمجاور لبيت الشيخ سعيد أما الآخر يقع من الجهة الشمالية الغربية وهو الأحدث والأصغر. وقال ان الدور الأرضي يحتوي على مجلسين أحدهما كبير الحجم، يطل على ايوان في الجانب الشمالي الشرقي، أما الآخر فهو في الجانب الجنوبي الغربي، كما تتوزع المرافق الأخرى في الجوانب المختلفة من المبنى مع وجود ساحة وسطى، حيث يضم الدور الأرضي خمس غرف للنوم واحدة منها صيفية، متصل بحمام خاص بها، وتحتوي تلك الغرف على عناصر تراثية منها النوافذ والتجاويف والعديد من الأبواب في كل غرفة وذلك بغرض التهوية بالاضافة الى اللوحات الزخرفية المفرغة، كما تحتوي الغرفة الصيفية الشمالية الشرقية على منفذ هوائي اضافي يعلو الغرف الشتائية وهو يطلق عليه محليا البارجيل، كما يحتوي الدور الأرضي على غرفة صغيرة تحتوي برج هواء صغير،وتقع في الجهة الجنوبية الغربية خصصت لتعليم القرآن ومبادئ ديننا الحنيف، كما يحتوي هذا الدور على ثلاثة غرف تقع في الجهة الشمالية الشرقية، وهذه الغرف مطلة على الحوش الداخلي، والغرض من وجود هذا الكم من المستودعات هو : حفظ المؤونة والجمال والخيل والأغراض الخاصة بالضيوف التي تستضاف لدى بيت الشيخ سعيد. وحول مشاريع الترميم واعادة التأهيل ذكر مساعد مدير ادارة المشاريع العامة في بلدية دبي ان قسم المباني التاريخية بدأ أعمال ترميم مبنى آخر ليستخدم بيتا للخيول في يوليو من عام 2002م وفقاً لخطة الترميم وذلك بجهود وخبرة المهندسين والمصممين الأكْفاء بالقسم، ومن المخطط للمبنى أن ينتهي في فبراير من عام 2004م. وأضاف ان المبنى خصص ليستخدم بيتا للخيول نظرا لما تتمتع به الخيل من أهمية على مر التاريخ العربي حيث استخدم كوسيلة الترحال قديما ودليلا على الأصالة التي يتميز ويعتز بها الانسان العربي. ونظرا لما تحمله رياضه الفروسية الآن من بريق حيث أصبحت محور جذب للسياحة والسياح على مستوى العالم. انطلاقاً من هذه الأهمية فقد قام قسم المباني التاريخية وفقا للمخطط العام لاستخدام منطقة الشندغه بادراج المبنى رقم 1/192 كمبني مخصص لشرح تاريخ الجمال وصورها ومكانة الابل عند العرب ووصف وشرح لفوائد الخيل وجسمه، وأسمائه. بيت السجاد كما تطرق المهندس بوخش الى اعمال ترميم مباني السوق التقليدي بمنطقة الشندغة والمخصص كبيت الفخار وبيت السجاد، حيث أفاد انه تم تخصيص سبعة مبان لتستخدم سوقا تقليديا في منطقة الشندغة وهذه المباني شيدت في فترة العشرينيات وحتى فترة الستينيات وبعدة مراحل زمنية متفاوتة، وتتكون من دورين، ومن عدة مداخل، تتصف هذه المباني بافتقار الواجهات الخارجية لها الى الزخارف، فيما عدا التجاويف والنوافذ وبعض المرازيب الخشبية. تتكون الأدوار من العديد من الغرف التي تحتوي على اللوحات الجصية المزخرفة والمفرغة من الداخل، وعدد من التجاويف والنوافذ التقليدية، كما توجد غرفة البئر، وكذلك المطبخ والحمام المستقل بالاضافة الى حظيرة للحيوانات، و ايوان لكل مبنى تطل عليه الجلسات، الى جانب العديد من المستودعات. وأوضح ان قسم المباني التاريخية في بلدية دبي بدأ بترميم المشروع في ديسمبر الماضي ومن المخطط انجاز المشروع في نوفمبر من عام 2004م. وذلك بخبرة مجموعة من الكوادر المحلية من المهندسين والباحثين والفنيين، مشيرا الى انه بالتعاون مع البنَائين القدامى وكبار السن من مواطني الامارة أمكن تحصيل بعض المعلومات حول اعمال الترميم واعادة بناء العديد من المباني التاريخية، وبنفس المواد التقليدية التي كانت تستخدم في انشاء المباني في النصف الأول من القرن العشرين، مثل الأحجار المرجانية، الأحجار الصدفية، أحجار الصلافة، النورة «الجير » الجبس الصاروج، الرمل، أخشاب الشندل، وأخشاب الميرنتي الأحمر الذي استخدم في تزويد المباني بالمربعات والرفوف، وخشب التيك الهندي للنوافذ والأبواب والشرباك الخشبي، وسعف النخيل «الدعون »، والحصير، وحبل الكمبار، الى جانب بعض المواد الاسمنتية التي وجدت في فترة الستينات، لافتا الى انه تم تخصيص المبنيين لاستخدمهما كبيت لبيع السجاد والفخار التقليدي، حيث ستعرض فيهما أهم أنواع السجاد والفخاريات التاريخية العربية المحلية والاسلامية التي كانت متداولة الى جانب شرح تاريخ تداولها في دولة الامارات، المربعات الدفاعية وذكر ان اهتمام بلدية دبي بالتراث العمراني لم يكن وليد حدث أو موقف، ولكنه كان ولا زال تعبيراً كاملاً عن القناعة بأن تاريخ المجتمع هو عنوان حاضره ومقدمة لمستقبله، ومن هذا المنطلق فقد قام قسم المباني التاريخية في بلدية دبي بدوره البارز في الحفاظ على الموروث المحلي، وجذب السياح الى الدولة،و الحفاظ على التراث لدولة الامارات العربية المتحدة، المتمثل في الأبراج والمربعات الدفاعية والأسوار. وقال ان الأسوار بحد ذاتها تعتبر من الملامح المعمارية المميزة لعمران المدن القديمة، حيث أحاطت بها للدفاع عنها وتأمينها من خطر الاعتداءات الخارجية، ويحتوي التاريخ على نماذج كثيرة من تلك الأسوار التي لعبت دورا مهما في حماية المدن كما في القاهرة ودمشق وبغداد ولعل سور دبي القديم له تلك الأهمية البالغة باعتباره كان يحمى المدينة من غارات الأعداء. وذكر ان لدبي القديمة سوران حددا نطاقها العمراني، أقدمها سور بر دبي الذي شيد حوالي عام 1800م ليحيط بالمدينة القديمة أما السور الثاني في بر ديره فقد بني في الخمسينات من القرن التاسع عشر. بني سور بر دبي من الحجارة البحرية و الجص بسمك 50سم و بلغ طوله حوالي 600 متر و بارتفاع 5,2 متر. وقال ان سور دبي كان ممتدا من حافة الخور بمنطقة البستكية والتي شهدت فيما بعد الزحف العمراني وصولاً إلى نهاية السوق في بر دبي بالقرب من بيت الوكيل حاليا. وكان يتضمن عددا من الأبراج، منوها بان بعض الأبراج وقفت شامخة ضد عوامل الطبيعة منذ أمد بعيد بشكليها الدائري والمربع، وقامت البلدية بترميمها أو اعادة انشائها حسب تصميمها الأصلي منها: البرج الغربي، والذي يقع في ساحة العبرة بمنطقة بر دبي، وهو عبارة عن بناء أسطواني الشكل، القاعدة عريضة كلما ارتفعنا الى الأعلى كلما ضاق في العرض. ويتألف البرج من ثلاثة طوابق حيث يتخلل البرج وعلى الصفين فتحات مربعة الشكل، صغيرة الحجم، و ما بينها فتحات طولية، و يفصل بين الصفين السابقين حزام حول البرج عبارة عن بروز جصي، ويتخلل الصف العلوي أربع مزاغل طولية، أما الأطراف العلوية من الجدار المطل على السطح فمزخرف على شكل مسننات، كما أن جزء من السطح مظلل بالعريش التقليدي. وحول اعادة الانشاء و التأهيل ذكر ان قسم المباني التاريخية في بلدية دبي بدأ بجهود الخبراء المهندسين المختصين باعداد كافة المخططات والمسوحات والوثائق اللازمة بهدف الحفاظ على الأصالة التاريخية وذلك لاعادة انشاء البرج ليستخدم كصالة عرض توضح تطور وسائل النقل بالعبرات ومكاتب لادارة العبرة الى جانب اعادة انشاء جزء من سور دبي الملاصق للبرج وفقاً للأصل، ومن المتوقع انتهاء الأعمال بنهاية عام 2003. مكتبة عامة كما تعمل البلدية حاليا على ترميم المبنى رقم 68 والمقرر تخصيصه كمكتبة، حيث شيد المبنى في عام 1958م من سعف النخيل ثم جرى بناءه في عام 1968م ويتكون من دورين، ويعتبر هذا البناء من المباني المميزة في منطقة البستكية لاحتوائه على عناصر معمارية تقليدية مميزة، حيث توجد الغرف الفسيحة المطلة على الفناء الداخلي الغنية بالزخارف الجميلة وكذلك الليوان وهناك على السطح الدروات الخشبية وكذلك الغرف التي لها شرفة تميز المبنى وتطل على الخارج وكذلك البارجيل الجميل، اضافة الى أن المبنى مستقل من جميع جهاته مما أظهر واجهاته الأربع الجميلة والتي تتضمن العديد من العناصر المعمارية التراثية التي أعطت هذا البناء ميزة مهمة له. الى جانب ذلك يعمل قسم المباني التاريخية على اعادة تأهيل المبنى رقم ألف و359 لاستخدامه وفق ما كان عليه قبل الترميم، حيث يعتبر المبنى من أهم المباني التاريخية في السوق الكبير ببر دبي ويتميز بأهمية موقعه، حيث يطل مباشرة على الخور وساحة الديوان وكذلك واجهاته المفتوحة من جميع الجهات، وقد بني في الثلاثينيات من القرن العشرين ويتألف من دور أرضي ذو ارتفاع عالي وقد تم اضافة سقف وسطي ليصبح مؤلفاً من دورين حسب استخدامه التجاري الأخير. كتب خالد درويش:

Email