السبت 10 شوال 1423 هـ الموافق 14 ديسمبر 2002 تعد المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة مشروع استراتيجية تربوية جديدة تتلاءم مع التطور الذي شهده الميدان التربوي حديثا، وطلبت المنظمة من وزارة التربية والتعليم والشباب اعداد دراسة تعبر عن وجهة نظرها للاستفادة منها ، في صياغة الاستراتيجية الجديدة خاصة ان الاستراتيجية او الوثيقة المطروحة حاليا اعدت عام 1990 ولابد ان يتم تجديدها بما يتلاءم مع المستجدات في جميع المجالات. وقد اعدت كل من الدكتورة هند القاسمي الخبيرة في مكتب التخطيط التربوي بوزارة التربية والدكتورة الجوهرة الميمان الخبيرة التربوية في مكتب التخطيط دراسة بعنوان نحو استراتيجية لتطوير التربية في البلاد الاسلامية عرضتا فيها الملاحظات العامة حول الاستراتيجية السابقة التي اعدت عام 1990 وتتلخص فيمايلي:ان الاحصائيات الموجودة في الوثيقة قديمة وتحتاج الى تحديث مثلا تشير الى نسبة التمدرس لعام 1970 والى 1983 وجداول نسبة الامية حسب الجنس لعام 1985 الى غير ذلك من الاحصائيات داخل مواضيع الوثيقة. تطالب الوثيقة وهي صادرة سنة 1990 بتحسين المستويات والطرق التربوية ببلداننا ضمن منظور يراعي القيم الخالدة للاسلام، وايضا تحسين العلاقة بين التعليم العام والتعليم التقني والمهني من جهة وبين العلوم والتكنولوجيا من جهة اخرى، ولكن هذه الاستراتيجية تفتقر الى التكتيك وتؤكد التنظير فهي لم تجد الوسائل والطرق لتحقيق الاهداف المرجوة مع الاخذ بعين الاعتبار الموارد المتوفرة والمشاكل المطروحة لهذا يتضح لنا ان هذه الاستراتيجية هي مخطط معياري لما يجب ان تكون عليه التربية في العالم الاسلامي ولهذا كان لابد من القيام بدراسة اكثر عمقا للظروف الثقافية والاجتماعية والاقتصادية قبل اعداد الاستراتيجية فلا نستطيع ان نقوم بالتنظير قبل مراعاة جميع الاحوال لاخذ فكرة عما يمكن تحقيقه وما لايمكن، قبل تحديد الاجراءات والاصلاحات التي يمكن اعتمادها على المستوى التطبيقي لتحقيق النتائج المنشودة. تطالب الوثيقة بتمويل التربية، الامر الذي يشكل عبئا لاغلب الدول التي تعتمد على الموارد القومية لتمويل برامجها ولكن لم تشمل الوثيقة كلفة هذه الاستراتيجية وحاجاتها من ايد عاملة والفترة الزمنية لتطبيقها والمراحل التي سيمر بها تنفيذ كل جزء من هذه الاستراتيجية وعلينا ان نميز بين مستوى الامة ككل والمستوى الاقليمي ومن ثم المحلي ثم تحدد الاولويات مع الاخذ بعين الاعتبار مدى التخلف الذي يعانيه العالم الاسلامي في مجال التربية ومدى التفاوت في الانجازات الامر الذي يجعل من المستحيل التخطيط لمختلف الاهداف في نفس الوقت. ويفضل عند وضع استراتيجية على مستوى الامة ان نقوم بتخطيط دقيق لاهدافها ومراحلها الزمنية واطوارها ثم نقيم كلفتها ونتائجها بالاضافة الى وضع اجهزة لمتابعة تنفيذها كما يلاحظ في الـ َفيء (مجموعة الدول الآسيوية) وغيرها من المنظمات التي تخطط لامة ولما كانت الامة الاسلامية تتميز بتنوع الاجناس واللغات والثقافات والنظم التعليمية والتجارب الاستعمارية التي مرت بها وتتحد في العقيدة، علينا ان نجد السبيل لخلق وحدة تربوية بين شعوب هذه الامة الاسلامية ويقترح الدكتور غلام نبي ثاقب فكرة تقسيم العالم الاسلامي كمناطق لتكون مجالا للتعاون بين المسلمين في التربية، وحدد في كل منطقة عدة دول حسب وقوعها جغرافيا حتى يسهل امر تنفيذ مثل هذه المشاريع وهذه المناطق المقترحة من قبله هي: منطقة الشرق الاقصى، وجنوب آسيا، ومنطقة الخليج، والهلال الخصيب، وشمال افريقيا، وغرب افريقيا، وشرق افريقيا ووسطها، اخيرا الاقليات المسلمة الموجودة في البلاد الغير اسلامية. عند اعادة النظر في الانظمة التربوية تصورا وتنفيذا لابد ان تنطلق من واقع العصر اي من الحقائق العلمية، والافاق المستقبلية، فالعالم الاسلامي جزء من نظام عالمي هائل يتحكم في فكر المسلمين ويخضع العالم الاسلامي لتأثيراته القوية، فلابد لنا كمسلمين من الاخذ بايجابيات هذا النظام العالمي. ولتنفيذ مخطط استراتيجي كهذا لابد ان يتضمن حلولا لمشاكل المسلمين وان تكون استراتيجية سليمة لاصلاح التربية على المستوى النظري التطبيقي، اصيلة في مقوماتها وديناميكية في جانبها العملي. ان نظام العولمة المتشدد لايتناسب مع روح الاسلام رغم عالمية رسالة الاسلام، لذا علينا ان نستوعب طبيعة هذا الخطر المحدق بنا وان نقوم بالاصلاحات اللازمة ولا نحمل غيرنا اخطاءنا ونحاول اكتساب مهارات العصر وتقنياته لنتخلص من التخلف، وان تقوم الايسيسكو بوضع مخططات مشاريع، مخططات خاصة للخروج من التخلف وان تحدد الحقول التي يمكن ان تتعاون فيها الايسيسكو مع بقية المنظمات الدولية حتى تتجنب ازدواجية المشاريع مع هذه المؤسسات الدولية الاخرى، ولتحظى الايسيسكو بنفس الثقة والقبول لمشاريعها مثلما حظيت المنظمات العالمية الاخرى من حكومات الدول. اما بالنسبة لعملية ما يسمى بالاسلمة على وزن العولمة، اي اسلمة المعرفة وهي من ابرز الاهداف لتطوير التربية في العالم الاسلامي، نجد ان هذه الكلمة استعملت بشكل فضفاض في هذا المشروع دون ان يتم توضيح المواد والمواضيع التي يجب اسلمتها وان كنا نعرف المضمون من كلمة اسلمة وهو اعادة تصنيف المعرفة على اساس مفهوم الاسلام للمعرفة وربط كل العلوم بتعاليم الاسلام مع صياغة مختلف المواد في منظور اسلامي، وهذا يتطلب تحديد ثوابت للعمل انطلاقا من الفرضيات التي تقوم عليها قضية الاسلمة، وعند القيام بعملية الاسلمة لابد ان نبتعد عن العموميات والسطحيات والغموض، وليس من الضروري الاستدلال بالآليات والاحاديث الشريفة لمجرد اعطاء الكلام نكهة اسلامية، حتى ولو كانت علاقة هذه النصوص الدينية بالموضوع بعيدة فلا يجب استعمال المصادر المقدسة بطريقة عشوائية وغير محكمة. يلاحظ ايضا على مشروع الوثيقة الافراط في الوصف والافتقار الى المزيد من التركيز على القضايا التي تطرق اليها هذا المشروع مع دعم الاستنتاجات بالاحصائيات اذ لم يتعرض لمسألة جودة التعليم بعمق اكثر اذ لابد من التركيز على المشاكل واوجه الفشل واثار التمدن السلبية على التربية في العالم الاسلامي. باختصار ان اهم ما يلاحظ على المشروع «نحو استراتيجية لتطوير التربية في البلاد الاسلامية» هو انه رغم تغطيته لمجالات عديدة الا انه يكتفي فقط بذكر ما يجب ان يكون دون توضيح او وصف منهجية او طرق معينة لتحقيق هذه الاهداف فتحديد الاهداف والاحتياجات دون تدعيمها بالوسائل الكفيلة للوصول اليها وتحقيقها لايؤدي الى نتيجة، لان الاستراتيجية الفاعلة هي التي تحدد الاهداف وتضع في نفس الوقت السبل لتحقيق النتائج المطلوبة. اما فيما يتعلق بالبنود والفقرات التي ينبغي اضافتها والبحث فيها لتصبح الاستراتيجية الجديدة ملبية لطموحات الامة الاسلامية والعربية فنجد ان الوثيقة طبعت في 1990 ونحن الآن في اواخر عام 2002 وبعد مرور 12 عاما فانه لاينبغي اضافة بنود وفقرات فقط بل ان هذه البنود تفرض نفسها علينا اثناء كتابة هذا التقرير وفي عصر تتسارع فيه المتغيرات. في البداية لابد من تحديد المتغيرات العالمية، طبيعتها وحدودها والتي تشكل تأثيرا مباشرا على المجتمع الاسلامي: ـ العولمة وتأثيراتها الايجابية والسلبية. ـ قضية الارهاب العالمي وهي قضية يتعامل معها بأفكار مشوشة. ـ قضية صراع الحضارات والتركيز على الاسلام كأساس فيها. ـ تخلف بلداننا في مجالات العلوم والتقنيات. ان موضوع التخطيط لمستقبل التربية واستشراف افاقها يحظى باهتمام عظيم على المستوى الخليجي والعربي والعالمي وهذا الاهتمام بهدف مواكبة التربية لما يحدث في العالم من تطوير مذهل في كافة مجالات الحياة ومناحيها. وتلبية لهذه الحاجة الملحة، وجب الاهتمام بالامر في دول الخليج التي استعانت خلال عملها لتخطيط المستقبل التربوي في هذه الدول بمجموعة من الخبراء والباحثين والمتخصصين من الدول العربية ودول العالم. وشكلت عدة لجان وعقدت ندوات ومؤتمرات وانتهى الامر بوضع اتجاهات استراتيجية للعمل التربوي من المأمول منها ان تكون ملبية لآمال وطموحات الدول الخليجية وقد قدمت وثيقة (استشراف مستقبل العمل التربوي في الدول الاعضاء بمكتب التربية العربي لدول الخليج) لما لدور التربية والتعليم من اهمية في اتساع دائرة التنمية وتعميقها واستدامتها بحكم اسهامها المباشر في تنمية القوى البشرية التي تعتبر المصدر الاول للتنمية الشاملة وطاقاتها المتجددة ومن المتفق عليه بين وزراء التربية في دول الخليج ان ينطلق العمل في المرحلة المقبلة من رؤية بعيدة المدى واسعة الافق تطلع على متغيرات العصر وتحدياتها وفرصها لترسم المسارات الكبرى للعمل التربوي وتحدد اولوياته. وتعرض وثيقة الاستشراف هذه الى رؤية لجنة استشراف مستقبل العمل التربوي في الدول الاعضاء لتوجيهات العمل التربوي خلال العقدين القادمين وقد مثلت دراسات المشروع واوراق الخبراء المشاركين في الندوات الفكرية المتعلقة بهذا الموضوع والمناقشات المستفيضة التي دارت حولها روافد لصياغة مشروع وثيقة استشراف مستقبل العمل التربوي ويستدل من الدراسات المستقبلية على ان من ابرز التحديات التي سيواجهها العمل التربوي في المرحلة القادمة الارتفاع المتصاعد في نفقات التعليم نتيجة عدة متغيرات والتي تمثل انعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية تحديات اخرى، قد تفوق في نوعها وحجمها طاقة الكثيرين على التكيف معها مالم يتهيأوا للعيش في عصر المعلومات الذي سوف يشكل بيئات وظروف عمل جديدة تتطلب نوعا من الخبرات النامية باستمرار بحيث تمكن صاحبها من استيعاب المعلومات المتجددة واستخدام معرفته ومهاراته بشكل ابتكاري للتمكن من المحافظة على هويته وثقافته والارتقاء بادائه باستمرار واداء دوره على الوجه الاكمل. وازاء هذه المتغيرات والاثار الناتجة عنها والتحديات المصاحبة لها واستنادا الى ما كشفت عنه الدراسات وما اسفرت عنه مناقشات الخبراء في مختلف المجالات تبرز اهم اولويات العمل التربوي خلال المرحلة المقبلة في ثلاث امور: ـ احداث تطوير نوعي في مدخلات نظام التعليم وعملياته كي تتحسن مخرجاته وذلك بتطوير عملية التعليم والتعليم ذاتها وبالتنمية المهنية للقوى البشرية المشاركة في التطوير وربط عمليات التطوير بالبحث العلمي المتواصل وبادارة عملية التطوير بما يكفل فهم اهدافه من قبل كل المعنيين به وقدرتهم على تطبيقه بصورة فاعلة تضمن حدوث التطوير واستدامته. ـ ضبط مستوى جودة التعليم من خلال تقويم مخرجات التعليم واداء المعلمين والمؤسسة التربوية وادارة نظام التعليم وفق المعايير العالمية والارتقاء بها بصورة مستمرة. ـ تعزيز الموارد اللازمة للتطوير النوعي في التعليم بمعالجة اسباب الهدر في الانفاق وابتكار اساليب ووسائل اجدى في العمل وتنويع مصادر التمويل عن طريق مشاركة مؤسسات المجتمع وهيئاته وافراده. وتهدف وثيقة الاستشراف الى نمو متكامل للنشء يسهم في تحقيق قدر اكبر من التنمية الشاملة المستدامة لمجتمعاتهم ودولهم وذلك باتقان مهارات التواصل وحل المشكلات وكذلك التمكن من فهم علوم العصر وتقنياته المتطورة واكتساب مهارات تطبيقها في العمل والانتاج وقبل كل ذلك التحلي باخلاق الاسلام وآدابه في معاملة الآخرين وخدمة الوطن والعمل من اجل تقدمه وسلامته. كما يتوقع ان تنعكس نواتج تربية الغد على مجالات النمو الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للمجتمع بحيث يرشد الاستهلاك ويزيد الانتاج، بفعل الاستقرار الاسري والتنشئة الاجتماعية المتوازنة، المبنية على حسن التعايش مع الآخرين والقائمة على فهم طبيعة متغيرات العصر والتفاعل الايجابي معها بحيث يقوى الوعي بالهوية الثقافية وبجذورها ومصادرها وان تتعزز القدرة على تنمية ثقافة الامة واغنائها بالتجارب المتجددة للاسهام بها في حضارة العالم. رؤية التعليم 2020 وانطلاقا من وثيقة الاستشراف هذه قامت الدول الاعضاء بمكتب التربية العربي لدول الخليج باستشعار اهمية الاسراع في عملية التطوير المقترحة في وثيقة الاستشراف، فقد وضعت وزارة التربية والتعليم والشباب في دولة الامارات العربية المتحدة استراتيجية ترتكز على خطط لخمس سنوات وتصل الى العام 2020 بهدف تطوير الخدمات التعليمية في الدولة، فقد استشعرت الوزارة اهمية توجيه الجهد لتنمية العنصر البشري من القوى العاملة التي تؤثر على امن المجتمع في وقت الازمات ومما ساعد على هذا التحول في النظرة الى التعليم المتغيرات التي طرأت على دول الخليج في التسعينيات ولعدم وجود العنصر البشري الكفء القادر على التعامل مع التحديات بكفاءة ومهارة وبدأت القيادة السياسية في دولة الامارات العربية المتحدة خاصة تدرك ان الاستثمار في البشر هو افضل انواع الاستثمار على المستوى البعيد وان التعلم الجيد هو اداة تنمية المجتمع ووسيلة صناعة نهضته على اعتبار ان قوة الامم تقاس بما لديها من عقول مفكرة ومبدعة تصنع التغيير وتقود التطوير ولذلك تكونت رؤية التعليم 2020 وهي محصلة عمليات متعددة في التخطيط الاستراتيجي تهدف الى تحقيق تعليم افضل لاعداد اكبر بتكلفة اقل وهي تعني صورة ما نرجو ان يكون عليه التعليم في دولة الامارات العربية المتحدة بحلول عام 2020 فهي تتطلع نحو مستقبل تعليمي وتدريبهم تدريبا مستمرا قادرا على استيعاب التقانة واستخدامها الى جانب توفير المعلومات وتوظيفها وكذلك تحمل المسئولية وقبول المسائل مهنيا واجتماعيا والرؤية تعني دعوة للمشاركة في كل الفئات المجتمعية ومن كل المستويات العاملة في مؤسسات التعلم، لان اصلاح التعليم انما هو بالاساس شأن مجتمعي. ومجال الرؤية متنوع ومتكامل وشامل، يصدر عن عدة امور اهمها الوعي بالمجتمع وبفلسفته ومبادئه، وتوجيهات القيادة الرشيدة لهذه البلاد واغراض التنمية الشاملة، وبيئة النظام التعليمي الداخلية والخارجية معا. ويلعب التقويم في الرؤية دورا محوريا لان تقويم الانجازات يؤدي الى مزيد من تحديد الاولويات والاهداف الاستراتيجية الجديدة. ان تطوير التعليم يعتبر عملية مخططة وليس جهدا عشوائيا ونظرا لان دولة الامارات تسعى الى اصلاح جذري لاهداف وهياكل ومضامين وعمليات التعلم لاحداث نقلة نوعية في مخرجاته مع الاخذ في الاعتبار ان الجودة النوعية بعناصرها المختلفة هي قلب التطوير في هذه الرؤية. ان عملية تطوير التعليم ليس حدثا بل عملية مستمرة مخططة تتوسل بمنهجية التخطيط الاستراتيجي المعتمدة على مجموعة من العمليات من ضمنها ان الاسس التي تركز عليها عملية التطوير مثل الدين الاسلامي، التراث الحضاري العربي التاريخي وتوجهات القيادة العليا. ولما كان التعليم اليوم في العالم الاسلامي في مقعد خلفي في قاطرة التنمية، فان رؤية 2020 تطمح في وضعه في موقع قيادة القاطرة. ولكي تنجح طموحات هذه الرؤية لابد من توافر مجموعة من الضوابط والضمانات واهمها: ـ ان تكون مستقبلية التوجه اي تواجه تحديات المستقبل ولا تقف عند مشكلات الحاضر فقط. ـ احداث تغيير جذري في المفاهيم والممارسات الخاصة بالعملية التعليمية وفي ومقدمة ذلك نقل بؤرة الارتكاز من التعليم الى التعلم ومن المعلم الى المتعلم وتصميم مناهج جديدة تكون بحق فرصا للتعلم وليس خبرات من الماضي للحفظ والاسترجاع. ـ توفير البيئة البحثية والقيادة الفاعلة والملتزمة بتطوير التعليم والتكامل والتعاون والتنسيق مع مؤسسات التعليم العالي بوصفها المؤسسات المستقبلية لمخرجات التعليم العام. ـ اعلام ايجابي يعبيء الرأي العام من اجل دعم تطوير التعليم. ـ بناء الشخصية المسلمة المؤمنة بدينها والواعية بمصير أمتها العربية والقادرة على فهم دينها السمح فهما سليما لتكون قادرة على التكيف مع التغير والتثاقف والتحاور مع ثقافة الآخرين. ويتضح من اهداف الرؤية الاستراتيجية 2020 الشمول والتكامل والترابط وهي تسعى في جملتها لتحقيق نقلة نوعية في النظام التعليمي تزيد من المردود الاقتصادي والاجتماعي والثقافي فاهداف الرؤية مرتبطة ببيئة معينة وواقع تعليمي لايمكن تجاهله وهي اهداف ليست كمية فقط ولكنها تسعى لتطوير الكيف ايضا (المعلم والمنهج واساليب التدريس والتقويم والمواد التعليمية وما الى ذلك). وارتكازا على هذه الرؤية فقد بادرت وزارة التربية والتعليم والشباب في اتخاذ الخطوات الفعالة والمؤدية الى تحقيق اهداف هذه الرؤية فقد بدأت في عام 2001 ـ 2002 بتطوير وتحديث لمناهجها التعليمية وفقا لنا يتماشى مع متغيرات العصر الحديث وما يتسق مع تعميق وتأصيل الاخلاقيات الاسلامية في المجتمع الاماراتي المسلم وذلك بنسب متفاوتة حسب طبيعة كل منهج تعليمي في المواضيع ذات الصلة مثل مناهج التربية العامة كالتربية الاسلامية، والمواد الاجتماعية، والمواد العلمية، والدروس ذات العلاقة بالبيئة والتغذية الصحية. وحتى في التربية البدنية بما يوصي به الاسلام، وايضا تعلم اللغة المنشئات اللامنهجية في كل المراحل التعليمية الاساسية والمتوسطة والثانوية. وقد فرضت الدولة الزامية التعليم حتى نهاية المرحلة الاعدادية ومجانية التعليم في كل المراحل وفتحت مراكز محو الامية وتعليم الكبار لتصل خدمتها الى المضارب النائية فضلا عن المدن والقرى. ان الامارات في حملتها ضد الامية لا تفعل ذلك وحدها بل تفيد من تجارب غيرها من خلال دوائر تبدأ بالدائرة العربية التي تتولى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم مع الجهاز العربي لمحو الامية مسئولية التنسيق والتكامل مع هذه الدائرة ثم الدائرة الاسلامية من خلال المنظمة الاسلامية للتربية والعلوم والثقافة واخيرا الدائرة العالمية من خلال منظمة (اليونسكو). وحرصا من الوزارة على التطوير والتحديث حتى مجال محو الامية فقد بدأت ايضا في 2001 ـ 2002 بتنفيذ مشروع التطوير الشامل لكل مكونات برامج محو الامية وتعليم الكبار في الدولة مستندة في ذلك الى رؤية الوزارة للتعليم 2020. اما بالنسبة للانفاق على التعليم فنجد انه بالمقارنة مع البلدان الصناعية انخفض الانفاق على التعليم لكل فرد في البلدان العربية من 20% مما كانت تنفقه البلدان الصناعية في عام 1980 الى 10% من انفاق البلدان الصناعية في منتصف التسعينيات وقد حدث تباطؤ في معدل زيادة الانفاق على التعليم في سياق الصعوبات التي واجهتها الاقتصاديات الكلية لبلدان عربية عديدة وما ترتب على هذه المشكلات في تبني برامجها للتصحيح الهيكلي وتنفيذها احدث ضغوطا كبيرة على الانفاق بما في ذلك معدلات زيادة الانفاق على التعليم. كذلك ارتفعت المبالغ المستثمرة في قطاع التعليم الحكومي من 43 مليارات درهم في العام 1999 الى 46 مليارا في العام 2000. اما بالنسبة للجودة فتوجد دلائل عديدة على تناقص الكفاءة الداخلية للتعليم في العالم العربي، كما تبدو في ارتفاع نسب الرسوب واعادة الصفوف الدراسية، مما يؤدي الى انفاق فترات زمنية اطول في مراحل التعليم المختلفة على ان المشكلة الاكثر خطورة تكمن في جودة التعليم ويتضح تردي نوعية التعليم في البلدان العربية على غلبة سمات اساسية على ناتج التعليم في البلدان العربية: ـ تدني التحصيل المعرفي، وضعف القدرات التحليلية والابتكارية واطراد التدهور فيها وهذا يشكل خللا جوهريا بين سوق العمل ومستوى التنمية من ناحية وبين ناتج التعليم من ناحية اخرى. ـ وبما ان العمل التربوي لابد ان يقوم على استراتيجية محددة الاهداف فقد لمست وزارة التربية والتعليم في الامارات اهمية التدريب في رفع مستوى الاداء المهني واكتساب المزيد من الكفايات التدريبية لمواكبة المتغيرات والمستجدات التي تطرأ على التعليم وقد بدأ العمل في انشاء مركز التخطيط الاقليمي على مستوى دول مجلس التعاون كوسيلة لتلبية احتياجات التدريب ولمواجهة التحديات التي تواجه عمليات تطوير التعليم في منطقة الخليج. ـ ولتشجيع المواطنين على الالتحاق بمهنة التدريس والعمل في المجال التربوي فقد صدر قرار وزاري في 22002 بمنح حوافز تشجيعية لتوعية الطالب بأهمية التحاقهم بكليات التربية مستقبلا للتخصص في منهج التدريس وقد تم الاتفاق مع الجامعات المحلية في وضع دبلومات تربوية للوصول الى هدف الارتقاء بمستوى المعلم والتعليم على حد سواء. توصيات الدراسة وفي نهاية هذه الدراسة لمشروع «نحو استراتيجية لتطوير التربية في البلاد الاسلامية» نستطيع ان نجمل بعض البنود والفقرات والتوصيات التي يمكن اضافتها والبحث فيها لتصبح الاستراتيجية الجديدة ملبية لطموحات الامة الاسلامية على النحو التالي: ـ اذا كانت كثير من برامج التطوير الرامية الى تحسين او تحديث النظم التعليمية قد فشلت فانما يرجع ذلك جزئيا الى عدم كفاية الاعتمادات التي خصصت لتنفيذ تلك البرامج اذ لا يكفي لضمان نجاح هذه البرامج توافر ارادة التغيير بل يجب العمل على وضع تقدير دقيق للموارد المادية والبشرية اللازمة لتنفيذ اية استراتيجية فزيادة الانفاق على التعليم وزيادة كلفته نتيجة الزيادة السكانية والتغيير الذي طرأ على التعليم فمن الضروري زيادة الموازنة بما يتوافق مع متطلبات العصر وهنا لابد من الاخذ بعين الاعتبار عملية تنويع مصادر تمويل مشاريع التربية وما لدور القطاع الخاص والمجتمع من اهمية في تدعيم هذه المشاريع وتحقيق اهدافها فلابد من التأكيد على اهمية المشاركة المجتمعية فرؤية 2020 تدعو للمشاركة المجتمية لان اصلاح التعليم «انما هو بالاساس شأن مجتمعي». ـ ضرورة انشاء قاعدة بيانات تقنية شاملة تدعم القرارات الوزارية والاتجاهات العامة لادارة النظام التعليمي. ـ التأكيد على اهمية تدريس الثقافة الاسلامية في قطاع التعليم العالي فالجامعات تهمش هذه المسألة وهي من الخطورة بمكان فقد حان الوقت لكي تمارس مدارسنا وجامعاتنا مهامها في الدفاع عن تراثنا الثقافي الاسلامي، والمحافظة عليه في جوانبه الدينية والفلسفية واللغوية والفنية والعلمية اذا ما هو حال انسان لا يستطيع ان يحدد انتماءه الثقافي؟ ولما كان الاسلام يدعو الى التربية والتعليم من اول سورة انزلت على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبما ان مجتمعات الامة الاسلامية تؤمن بذلك علينا ان نعمل مجتمعين على تنمية روح انسانية انطلاقا من قيم الاسلام التي لا تخنق الهويات الفردية والاجتماعية بل تسعى الى اعطائها فرص التفتح والنمو، حتى لاتعطى الفرصة للتيارات الايديولوجية والثقافية وكل انواع النظريات والعقائد التي تهدف الى فرض ثقافاتها على الشعوب الاسلامية من خلال ترسيخها في الاجيال الصاعدة خاصة في عصر العولمة عن طريق التقنيات الحديثة. ـ وللاسباب الآنفة الذكر كان لابد من اتخاذ الاجراءات اللازمة لرسم سياسات تأخذ بعين الاعتبار مصالح الثقافة الاسلامية واللغة العربية، لغة القرآن الكريم والاهتمام باللغة العربية في مختلف المراحل التعليمية، بحيث يتم تطور مناهجها واساليب تدريسها فتحسين جودة التعليم امر ضروري ولابد من الاسراع به. ـ ان الاسلام رسالة عالمية حضارية وليبقى كذلك لابد من ان يملك ابناؤه القدرة على الاستمرار عن طريق التجدد الذي يشكل احدى الخصوصيات التي تميز الحضارات الكبرى، ومن ضمنها الحضارة الاسلامية فقد اوضح الاسلام قدرته على تبني كل ماهو مفيد من حضارات امم بائدة سادت من قبل ليمزجها بروح اسلامية تجلت في اروع وابرز حضارات العالم. فاذا كان الاسلام قادرا على فعل ذلك في الماضي فما اروع ان يثبت أبناؤه للعالم مرة اخرى ان الاسلام مازال قلب العالم النابض ومازال قادرا اليوم على التوفيق بين القيم التي تقوم عليها اصالته وتلك التي تتحكم في تقدم الشعوب التي تشكل منها الامة الاسلامية. ـ وبناء على ذلك يجب مضاعفة الجهود الهادفة الى الوقوف بحزم وفعالية في وجه محاولات الغزو الفكري والانحلال الخلقي التي تأتينا من خلال التلفزة ووسائل الاتصال الحديثة ذات التأثير السلبي على الشباب المسلم فعلينا ان نستعين بالتكنولوجيا التربوية الحديثة في التدريس مع الحفاظ على القيم الثقافية للاسلام وتوفير الظروف الملائمة لتكوين الاجيال الصاعدة فكريا وخلقيا وروحيا.
