المرض يضعف قابلية التعلم لدى الابناء والبنات، 60% من تلميذات الأول الابتدائي يعانين من فقر الدم

ت + ت - الحجم الطبيعي

الجمعة 27 رجب 1423 هـ الموافق 4 أكتوبر 2002 التغذية السليمة هي الركيزة الاساسية لحياة صحية وصحيحة، كما ان تأثيرها في حياة الناشئة عميق وكبير من الناحيتين الجسمانية والعقلية علاوة على انعكاساتها الايجابية على التحصيل الدراسي للطلبة ورغم الاهمية التي تمثلها التغذية بكل عناصرها المعروفة الا ان الواقع الذي يعيشه ابناؤنا وبناتنا يكشف لنا عن حالات مرضية لدى بعض الطلبة والطالبات تعود اسبابها الى سوء التغذية التي تسبب لهم بالتالي ضعف القابلية للتعلم وهبوط القدرة على مواجهة ما تتطلبه الحياة المدرسية من انشطة وفعاليات. ويظهر ذلك بشكل واضح من خلال بيان احصائي عن الحالات المكتشفة خلال الكشف الشامل في العام الدراسي الماضي والذي اعدته ادارة الصحة المدرسية بدبي، ومنه يتضح ان نقص التغذية يشكل نسبة كبيرة بين تلاميذ وتلميذات الصف الاول الابتدائي، اما الاصابة بفقر الدم نتيجة لنقص الحديد فقد اظهرت الاحصائيات تزايد حالات الاصابة به بشكل مثير للقلق على الصحة الجسمانية والعقلية لتلاميذ وتلميذات المدارس. انتشار فقر الدم ونبدأ تحقيقنا بالتعريف بمرض فقر الدم واسبابه وطرق العلاج منه من خلال لقاء مع الدكتور طارق محمد ممدوح بادارة الصحة المدرسية بدبي، حيث يقول: ان اسباب الاصابة بمرض فقر الدم متعددة منها نقص المواد الغذائية مثل الحديد وبعض الفيتامينات وهناك سبب آخر يعود الى تكسر كريات الدم الحمراء مما ينتج عنها انيميا الفول والثلاسيميا والانيميا المنجلية مضيفا الى ان هناك سببا آخر لمرض فقر الدم الذي يحدث نتيجة لاضطرابات الغدد الصماء. ويوضح الدكتور طارق محمد بأن اكثر هذه الانواع انتشاراً في المدارس هو مرض فقر الدم الناتج عن نقص العناصر الغذائية مثل الحديد وبعض الفيتامينات، واكثرها يعود الى نقص الحديد، وترجع اسباب الاصابة به الى عدة اسباب منها نقص الغذاء المحتوي على الحديد، او نقص امتصاص الحديد، ووجود بعض انواع الديدان في البطن، ولذا فإنه يتم عمل تحليل دم وبراز للطلبة لمعرفة نوع الانيميا ودرجة الاصابة بها، وكذلك السبب المؤدي للاصابة ولذا فإنه يتم العلاج في الصحة المدرسية عن طريق العلاج الدوائي اولاً الى جانب تنظيم محاضرات تثقيفية للطلبة وذلك من اجل تعريفهم بأهمية التغذية السليمة، والاغذية الغنية بالحديد مثل السبانخ والتفاح والحليب واللحوم والكبدة، والتي من الضروري تناول اغذية غنية بفيتامين سي التي تساعد على امتصاص الحديد، وينصح بعدم شرب الشاي بعد الاكل لأنه يقلل من امتصاص الحديد. ويشير الدكتور طارق محمد الى ضرورة ان تكون هناك متابعة للتحاليل كل شهر او شهرين، مؤكداً على ان لفقر الدم اعراضاً من السهل على ولي الأمر او المعلمة في المدرسة اكتشافها وهي ان الطالب يكون شاحب الوجه وقليل النمو، ولا يستطيع التركيز بدرجة كبيرة في الصف الدراسي، اضافة الى انه يشتكي من صداع دائم وارهاق عند بذل اقل مجهود، او ان يشتكي من دوخة ودوار سواء كان ذلك في الطابور الصباحي، او حصة التربية الرياضية،اضافة الى ظهور تغيرات جلدية نتيجة لنقص الحديد، وهذه امور ترشدنا وبدون تحاليل الى ان هناك اصابة بفقر دم، ومن المفروض ان ينتبه لها اولياء الامور. ويؤكد الدكتور طارق محمد على ضرورة الاهتمام بوجبة الافطار والتي يجب ان تتوفر فيها انواع الجبن والحليب والبيض والعصير، واما وجبة الغذاء فيجب ان تحتوي على طبق سلطة وقطعة من اللحم والخضار، وبعد الغداء يمكن تناول الفواكه التي يتوفر فيها فيتامين ج مثل البرتقال والليمون والجوافة، اما وجبة العشاء فمن الافضل ان تشتمل على الاغذية المماثلة مما تضمه وجبة الافطار. ويحذر الدكتور طارق من شرب المياه الغازية التي يفضل ابتعاد الصغار عنها، وحتى سن الثانية عشرة لأنها تتسبب في الاصابة بفقر الدم ويدعو طبيب الصحة المدرسية الى منع بيعها في المقصف المدرسي والابتعاد عن منتجات «البطاطا» لأنها تحتوي على مواد ملونة وحافظة تحول دون الاقبال على الاغذية المفيدة، وكذلك الابتعاد عن الوجبات السريعة والتي تحتوى على سعرات حرارية عالية اضافة الى ان الدهون فيها عالية، والفائدة فيها قليلة جداً، كما انها تحتوي على مواد حافظة، وهذه كلها مجتمعة تؤثر على صحة الطفل، حيث نشاهد طالبا بدينا ولديه فقر دم. ثقافة صحية حول الغذاء ويؤكد الدكتور عباس حسين اخصائي طب اطفال ومدير ادارة الصحة المدرسية بدبي على ضرورة تعاون اولياء الامور فيما يخص هذا الموضوع للقضاء على السلوكيات الخاطئة في التغذية، وذلك من اجل تنمية صحية سليمة للأبناء والبنات وهنا لابد من وجود قدر كاف من الثقافة الصحية حول الغذاء بحيث يستطيع من خلاله اتخاذ القرار المناسب بشأن صحته، مضيفاً انه وبالرغم من الجهود المبذولة بخصوص هذا الجانب الى ان صحة الطالب تبقى في المقام الأول مسئولية الاسرة بينما الصحة المدرسية تقوم بدور مساعد مشيراً الى ضرورة التغذية السليمة للطلاب والطالبات خاصة وانهم يكونون في مرحلة بناء جسماني تلزمه التغذية السليمة. وحول الدور الذي تقوم به ادارة الصحة المدرسية اوضحت بدرية امان نائبة مدير ادارة الصحة المدرسية ورئيسة التثقيف الصحي بمنطقة دبي الطبية انه يقوم على خدمة الطلاب والطالبات عيادتان مركزيتان و 90 عيادة مدرسية، ويوجد في كل مدرسة عيادة يقوم بالاشراف عليها ممرض مقيم او ممرضة مقيمة لمساعدة طبيب المدرسة في اعماله العلاجية والوقائية والتثقيف الصحي والاشراف على البيئة المدرسية والتغذية وما يتعلق بالقضايا الصحية الاخرى داخل محيط المدرسة. وتضيف: انه لكل 4 الى 5 عيادات مدرسية طبيب واحد يقوم باجراء الفحص الطبي الشامل والمساهمة مع الاخصائيين في اجراء الفحوصات التخصصية والمسوح الميدانية وعلاج الحالات المرضية المعدية وغير المعدية والاسعافات الاولية واجراء الطعوم المقررة ومراقبة السجلات الصحية، مشيرة الى ان الصحة المدرسية وضعت خطة سنوية للتثقيف الصحي والتوعية الصحية بمدارس منطقة دبي التعليمية وذلك حسب الاحتياجات المختلفة للفئة العمرية للطلاب والطالبات مراعية بذلك مختلف المراحل الدراسية ونموها ومختلف المناسبات الصحية والمحلية والعالمية والاقليمية مركزة على الدور الوقائي لقسم الصحة المدرسية والهدف منه لرفع الوعي الصحي لدى طلبة المدارس للتقليل من حدوث اصابات كان ممكناً منع حدوثها وتحسين السلوك الصحي والتخلص من العادات غير الصحية، وشملت الخطة جميع فئات طلبة المدارس وأولياء الأمور والهيئة التدريسية. واستكمالاً لتحقيقنا قمنا بزيارة للميدان التربوي للتعرف على آراء العاملين به بخصوص هذا الموضوع، حيث تقول عائشة اسحاق مديرة مدرسة المستقبل اننا نرى الطالبات عادة وهن قادمات الى المدرسة في الصباح يحملن أكياس البطاطا والحلوى وهو ما يدل على وجود خلل في متابعة المنزل للأبناء والذي قد يرجع الى عدة أسباب منها، الجهل أو الاهتمام أو قلة الوعي الصحي، خاصة كما ان هناك العديد من الاسر التي تقدم لأطفالها قبل ذهابهم الى المدرسة يومياً نفس النوعية دون محاولة التغيير، كما ان النوعيات الغذائية الموجودة في المقاصف المدرسية في حاجة الى تغيير. وتضيف: اننا في هذا الجانب في حاجة الى تعاون دوائر الصحة مع المناطق التعليمية في وضع قوائم بالتغذية السليمة والصحية، اضافة الى ذلك فإننا ايضاً في أمسّ الحاجة لتضافر جهود أولياء الأمور معنا لتصبح الحلقة كاملة وذات اتصال وتكامل. وعن الدور الذي يمكن القيام به في هذا الجانب، قالت: ان هذا الدور ليس قوياً بما فيه الكفاية، فنحن نقوم بتنظيم محاضرات التوعية التثقيفية وعقد لقاءات بين الممرضة وأمهات الطالبات لتوعيتهن بضرورة الاهتمام بتغذية أطفالهن بشكل سليم حتى لا يصاب بفقر الدم أو غيره من الأمراض، اضافة الى كل ذلك فإننا نتقيد بالتغذية المسموح بها في المدارس، مؤكدة ان ذلك لا يكفي إذ تبقى الحاجة لحملة توعية قوية خلال العام الدراسي. وتشير خلود محمد الممرضة بالمدرسة نفسها الى ان سبب الاصابة بفقر الدم ترجع الى سبب مهم هو ان نظام التغذية خاطيء، وفي العام الماضي قمنا باجراء كشف طبي على تلاميذ الصف الأول فوجدنا ان أكثر من 60% من الطالبات يعانين من الانيميا، مؤكدة انه سيتم خلال هذا العام الدراسي التركيز على هذا الجانب بشكل أكبر. وللتعرف على نوعيات الغذاء لدى الطالبات قالت شيخة محمد سلطان تلميذة بالصف الثاني الابتدائي انها لا تفطر في بيتها في معظم الأحيان، وعند سؤالها عن نوعية الافطار الذي تتناوله احياناً أوضحت انه خبز وجبن دائماً، وهي في المقابل تحب تناول الحلاوة بكثرة وكذلك منتجات البطاطا. وتوضح ميثاء محمود تلميذة بالمرحلة نفسها انها تأتي الى المدرسة دون تناول الافطار وذلك لأنها لا تجد من يهتم بتقديم الافطار لها، وهي ايضاً كزميلتها السابقة تحب الحلوى أكثر من الفواكه والخضروات. وتقول التلميذة لطيفة أحمد (الصف الخامس الابتدائي) انها تتناول الطعام بكميات قليلة، وهي تحب ان تتناول خلال الفسحة المدرسية العصير والبطاطا. أما زميلتها مرورة خلفان التلميذة بالمرحلة نفسها فأكدت انها تتناول أحياناً الافطار الذي يتكون من الخبز والجبن اضافة الى انها كزميلتها لطيفة تأكل بكميات قليلة. تحقيق: علياء سعيد

Email