في دراسة علمية بجامعة الامارات ، المرأة شكلت دعامة اساسية لمجتمع الامارات التقليدي

ت + ت - الحجم الطبيعي

في محاولة منه لتجاوز المفهوم المحدود والجزئي لقوة العمل فيما يخص المرأة قدم الدكتور محمد ابراهيم منصور نائب مدير الجامعة لشئون الطلبة دراسة تبحث في عمل المرأة في مجتمع الامارات التقليدي من منظور مجتمعي، شمولي لمفهوم العمل, تناولت الدارسة قضية عمل المرأة باعتبارها من القضايا المجتمعية التي تناولها كثير من الباحثين والدارسين من مختلف التخصصات واسبغوا عليها طابعا اقتصاديا بحتا, بحيث اصبح عملها يقيم من خلال مفهوم ضيق يركز على خروجها من المنزل الى سوق العمل بأجر ويستبعد اي نشاط اقتصادي ومجتمعي آخر تقوم به المرأة داخل منزلها باعتباره جهدا يصعب قياسه وادخاله في الحسابات القومية. استخدم الدكتور محمد المنصور في دراسته عينة من النساء حجمها 139 امرأة عاصرن مجتمع الامارات التقليدي بهدف تحليل الادوار المتعددة وتحديد طبيعة عمل المرأة في هذا الوقت لبلورة المفهوم المجتمعي الشامل لعمل المرأة. استعان د. المنصور بالمنهج التاريخي والوصفي في دراسته واعتمد على المقابلات كأداة حيث توصل من خلال هذه الدراسة الى نقطتين اساسيتين هما: ان عمل المرأة في المجتمع التقليدي يدخل في الأعمال الانتاجية والخدمية في آن واحد, وان نمط تقسيم العمل التقليدي في الاسرة والمجتمع لم يكن عائقا امام قيام المرأة بأعمال ومهام اجتماعية واقتصادية متنوعة في مجتمع الامارات التقليدي, ان المرأة في المجتمع القديم ادت دورا اساسيا في سد الحاجة في السوق المحلي من العمالة من خلال قيامها بأدوار متنوعة في المجتمع. وخلصت الدراسة الى أهمية بلورة مفهوم مجتمعي شمولي لعمل المرأة يتجاوز المفهوم الاقتصادي المحدود الذي ساد في معظم الدراسات المعاصرة لعمل المرأة واجراء معالجات احصائية شاملة ودقيقة للأنشطة التي تقوم بها المرأة لغرض قياس مشاركتها الفعلية في المجتمع وصياغة التشريعات الاجتماعية المنظمة لعمل المرأة بما يتيح لها القدرة على توسيع مشاركتها المجتمعية وخاصة في سوق العمل. اهداف الدراسة استهدفت الدراسة التي اجراها الباحث ابراز الدور الحقيقي الذي قامت به المرأة في مجتمع الامارات التقليدي من خلال تحليل ادوارها المتعددة وتحديد طبيعتها بوصفها اساسا لبلورة مفهوم مجتمعي شمولي لعمل المرأة. وتوفير بيانات ومعلومات تفصيلية للباحثين عن عمل المرأة في مجتمع الامارات التقليدي وبلورة تقييم موضوعي للقدرات والطاقات النسائية في المجتمع التقليدي ليتخذ مسوغا لادخال النشاط المنزلي ضمن حسابات قوة العمل. منهج البحث استخدمت الدراسة المنهج التاريخي والوصفي في دراسة عمل المرأة في المجتمع التقليدي معتمدة على آداة المقابلات مع كبار السن من النساء الموجهة لاستخدام ميزانية الوقت لدى المبحوثات في الماضي بالاضافة الى المصادر المكتبية الثانوية. واعتمدت الدراسة على عينة عشوائية طبقية مراعية انتشار افراد العينة في جميع امارات الدولة السبع اعتمادا على قوائم النساء المسجلات لدى مراكز الاتحاد النسائي والجمعية النسائية ومراكز التنمية الاجتماعية المنتشرة على مستوى الدولة وتم اختيار 20% من النساء اللائي يبلغ عمرهن 45 سنة فما فوق من أصل 695 مقررة ممن لهن من خبرة ودراية بأحوال المجتمع التقليدي ويعتبرن اكثر نضجا واستيعابا لتلك الحقبة واقدر على وصف دورهن وعملهن اليومي في الفترة التي سبقت قيام دولة الاتحاد. تم تصميم استبانة من 40 سؤالا تضمنت اسئلة مغلقة ومفتوحة وشملت الجوانب الاجتماعية والديموغرافية والانشطة اليومية للمرأة. كما تم استخدام مقابلات اعادة تذكر استخدام الوقت مع 39 إمرأة حيث طلب منهن وصف الأعمال اللاتي كن يقمن بها في المجتمع التقليدي منذ بداية اليوم وحتى نهايته وهو امر ضروري للتحليل الاجتماعي في المجتمعات التقليدية خاصة. خصائص العينة تتوزع العينة على جميع امارات الدولة وذلك حسب التوزيع النسبي للمفردات بين الامارات حيث اخذت نحو 2ر 25% من افراد العينة من امارة الشارقة, 7ر18% من امارة الفجيرة, 7ر13% من امارة رأس الخيمة, 9ر12 % من امارة عجمان, 8ر10% من امارة ابوظبي والنسبة نفسها من امارة دبي ونحو 9ر7% من امارة ام القيوين, تركز افراد العينة على ثلاث فئات اجتماعية زواجية 2ر53% من فئة المتزوجات, 7ر36% من فئة الأرامل ونحو 1ر10% من فئة المطلقات ولم تظهر الدراسة اي مفردة عزباء, ونوهت الدراسة الى ان الغالبية من حالات الطلاق وقد وقعت في المجتمع الحديث كما افادت المطلقات. كشفت الدراسة عن انخفاض شديد في المستوى التعليمي للنساء اذ بلغت نسبة الأمية بين مفردات العينة نحو 5ر93 % من الاجمالي وبلغت نسبة اللواتي يعرفن القراءة والكتابة نحو 5ر6% من مجموع النساء ولم يلاحظ اي تعلم نظامي بين النساء يرجع ذلك الى ظروف المجتمع التقليدي الذي بدأ تعليم البنات متأخرا اذ كان افتتاح اول مدرسة نظامية للبنات عام 1954. وقالت الدراسة: يمثل الاطفال الثروة الحقيقية للاسرة الاماراتية في المجتمع التقليدي سواء اكانوا ذكورا ام اناثا وتزيد مكانة المرأة في الاسرة حسب عدد الولادات التي تحققت اذ بلغ متوسط حجم الاطفال نحو 1ر6 اطفال لكل امرأة وبانحراف معياري قدره 59ر2. اظهرت الدراسة ان ما يقرب من 2ر48% من النساء ولدن ما بين 4 ـ 6 اطفال بينما بلغت نسبة النساء اللاتي ولدن 7 ـ 9 اطفال نحو 6ر26% ونسبة اللاتي ولدن ما بين 1 ـ 3 اطفال نحو 1ر15% ونسبة اللاتي ولدن ما بين 10 ـ 12 طفلا نحو 2ر70% ونسبة اللاتي ولدن ما بين 13 ـ 15 طفلا نحو 9ر2%. وتشير الدراسة الى ان الاسرة الاماراتية في المجتمع التقليدي اعطت الوظيفة الانجابية اهمية خاصة لكي توائم بين حجمها وبنيتها ووظائفها واحتياجاتها ولذلك كان حجم الاسرة الكبير ضروريا للاسباب التالية: انجاز العمل المنوط بالاسرة, تحديد مكانة الاسرة ومركزها الاجتماعي, تشكيل دعامة اساسية للقوة الدفاعية للاسرة والقبيلة, تأكيد القيمة الدينية للانجاب. وبما ان الدراسة تتعلق بالمجتمع التقليدي والنقطة الفاصلة بينه وبين مجتمع الدولة الاتحادية هي عام 1971 تاريخ قيام الاتحاد فان الدراسة ركزت على النساء اللاتي عايشن الحياة في المجتمع التقليدي واستبعدت الدراسة اي مفردة لا يتوافر فيها ذلك الشرط. اذ بلغ متوسط عمر المرأة نحو 2ر58 سنة وبانحراف معياري قرده 70ر10 وتتوزع المفردات على مدى عمري حده الادنى نحو 45 سنة وحده الأعلى 85 سنة, وهذه السن كافية لنقل صورة حقيقية ودقيقة عن الممارسات الاجتماعية والانشطة المتنوعة التي كانت تقوم بها المرأة في المجتمع التقليدي. وقد شكلت الفئة العمرية من 45 الى 50 سنة نحو 3ر22% من اجمالي مفردات العينة تلتها الفئة العمرية 45 ـ 49 سنة حيث بلغت نسبتها نحو 1ر20% اما الفئات العمرية 60 ـ 64 سنة, 55 ـ 59 سنة, 70 الى 74 سنة ومن 65 الى 69 و75 فما فوق فقد بلغت نسبتهم 13% و22ر12% و2ر12% و1ر10% و1ر10 % على التوالي. واكدت العينة التي شملتها الدراسة ان معظم الازواج لم يستقروا على مهنة واحدة وارجعت الدراسة السبب في ذلك الى سيادة الاقتصاد المعاشي الذي فرض على السكان من تعدد وتنوع للمهن والحرف. النتائج يمكن وصف عمل المرأة في مجتمع الامارات التقليدي بالعمل المعاشي المعتمد على الانتماء العائلي والقبلي وان المرأة بالنسبة الى المجتمع التقليدي هي عصب الوجود الاجتماعي وكان عطاؤها مرتبطا بشكل رئيسي بانتاج السلع والخدمات الخاصة بالاستهلاك المنزلي اليومي المباشر. كما توصلت الدراسة الى ان المرأة في مجتمع الامارات لم تكن تعرف الفراغ قط حيث كانت تكدح منذ بزوغ النهار وحتى جزء كبير من الليل. وتشير الدراسة الى ان المرأة في البادية شاركت الرجل كثيرا في كافة الأعمال مثل الرعي وسقاية الاغنام ونصب الخيام وحلب الماشية وغزل الصوف اضافة الى أعمالها المنزلية اليومية, وفي حال غياب الزوج فترات طويلة في الغوص مثلا فان المرأة كانت تقوم بمهن تدر دخلا للاسرة تقابل بها طلباتها الضرورية لحين عودة الزوج ومن تلك المهن خياطة الملابس وتطريزها وغزل العباءات وصناعة السلال والحصر. ساعات العمل اليومية. كانت المرأة تقضي في العمل سواء داخل المنزل او خارجه حيث بلغ متوسط ساعات عمل ربة البيت نحو 8 ساعات وبانحراف معياري بلغ ساعة وست وخمسين دقيقة. وبلغ الحد الادنى لساعات عمل المرأة في اليوم 5 ساعات والحد الاعلى لساعات العمل عشر ساعات وخمسين دقيقة. اسهام المرأة باعداد الطعام كانت النساء تعتمد على نفسها في القيام باعداد الطعام وكانت الوجبات الثلاث في المجتمع التقليدي تستهلك وقتا طويلا. واكدت المبحوثات ان كل من في البيت كان يساهم في اعداد الطعام وان 4ر96% من اجمالي افراد العينة كن يقمن باعداد الافطار الذي كان يبدأ عن بعض الاسر قبل آذان الفجر. تدبير شئون المنزل كان هناك تعاونا متفاوتا بين ربات البيوت والنساء الاخريات في العائلة وان النساء كن يقمن بانفسهن بتنظيف المسكن حيث بلغت نسبة اللاتي قمن بذلك 88% من اجمالي افراد العينة بينما بلغت نسبة الاخريات المساعدات لهن 11% فقط ولكن في الغسيل وتنظيف الاواني كانت النسبة مرتفعة حيث بلغت نحو 39% و58% على التوالي. تربية والعناية بالاطفال اسهمت ربة البيت بدور رئيسي في التربية والعناية بأطفالها كما لعبت الطبيعة دورا هاما في تلبية احتياجات الاسرة الاساسية بشكل عام والغذائية بشكل خاص بسبب الظروف البيئية القاسية ويذكر احد الرواة انه خلال الـ 36 سنة التي تلت الحرب العالمية الثانية لم يكن الناس في المنطقة يفكرون سوى في توفير الحد الادنى من الغذاء للحفاظ على حياتهم واصبح الكل يكافحون لهذه الغاية الرجل والمرأة على حد سواء. كما توصلت الدراسة ضمن نتائجها الى ان المرأة لعبت دورا كبيرا في تربية الماشية والدواجن لتوفير اللحوم واستخراج مشتقات الألبان اما للاستهلاك العائلي او لاحتياجات السوق. كما اسهمت المرأة في الخدمات الاجتماعية والقيام بعملية التسوق واقتصرت النساء الشابات على القيام بهذا الدور فيما بقت الأكبر سنا في منازلهن. اهم النتائج لخص الدكتور محمد المنصور في خاتمة دراسته اهم النتائج فيما يلي: ان عمل المرأة في المجتمع التقليدي يدخل في الأعمال الانتاجية والخدمية في آن واحد. وان نمط تقسيم العمل التقليدي في الاسرة والمجتمع لم يكن عائقا امام قيام المرأة بأعمال ومهام اجتماعية واقتصادية. فقد عملت المرأة يوميا بمتوسط 8 ساعات وبحد ادنى 5 ساعات وبحد اعلى 10 ساعات و50 دقيقة في اليوم وقد اظهرت الدراسة ان ربة البيت خصصت نحو 6 ساعات يوميا لاعداد الطعام وتربية الاولاد والتدبير المنزلي ونحو ساعتين يوميا لأعمال الزراعة وتربية الماشية والدواجن والابقار والصناعات الغذائية والصناعات اليدوية وجلب الماء واحضار الحطب, كذلك ادت المرأة دورا اساسيا في سد حاجة السوق المحلي من العمالة وذلك من خلال قيامها بادوار متنوعة في المجتمع. واذا اخذنا في الاعتبار ان العمل في المنزل لا يعد اقتصاديا بمعنى انه لا يدخل ضمن السياسات القومية ولا يدخل في قوة العمل فان الدراسة تكشف عن ان الاستمرار في جعل الاجر محددا رئيسا للعمل سيؤدي حتما الى اضعاف الدور الاسري والمجتمعي للمرأة وفقدها لاهميتها في حيث انها عنصر مهم ومنتج في المجتمع وعلى ذلك فان دورها في المنزل لن يعدو كونه عملا هامشيا. ومن ناحية اخرى اكدت الدراسة على ضرورة ان يوسع مفهوم العمل ليشمل ايضا جميع الأعمال التي تؤديها المرأة داخل المنزل اذ ان لها مايشابهها من انشطة اقتصادية معتمدة في سوق العمل وتقدر بثمن ويتطلب هذا الامر اولا بلورة مفهوم مجتمعي شمولي لعمل المرأة يتجاوز المفهوم الاقتصادي المحدود الذي ساد في معظم الدراسات المعاصرة لعمل المرأة. وثانيا اجراء معالجات احصائية شاملة ودقيقة للانشطة التي تقوم بها المرأة لغرض القياس لمشاركتها الفعلية في المجتمع. واخيرا صياغة التشريعات الاجتماعية المنظمة لعمل المرأة بما يتيح لها القدرة على توسيع مشاركتها المجتمعية وبخاصة في سوق العمل. اعداد ــ محمود عبد الكريم

Email