في ندوة العولمة بمركز الامارات للدراسات ، الف مليار دولار تبحث يوميا عن العوائد المرتفعة

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الوقت الذي تزداد فيه الهوة بين الدول الغنية والدول الفقيرة توجد اكثر من الف مليار دولار في صورة مبالغ وارصدة تنتقل حول العالم يوميا تبحث عن عوائد وفوائد مرتفعة. ويؤكد المشاركون في ندوة العولمة وتأثيرها في المجتمع والدولة والتي بدأت بأبوظبي امس بان الركيزة الاساسية للعولمة اقتصادية في طبيعتها بينما انعكست اثارها في نمو الاعتماد المتبادل بين الدول والتكتلات المختلفة. واشار الباحثون المشاركون في الندوة والتي ينظمها مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بان تداعيات ما يسمى بالعولمة واثارها السلبية ظهرت بوضوح خلال السنوات الماضية والفترة الحالية على الدول النامية والفقيرة وخاصة تداعيات ما يسمى بانتشار ظاهرة الارهاب وانتشار تجارة المخدرات وظاهرة غسيل الاموال والتي اقترنت بانتشار الحاسب الالي والانترنت. واذا كانت دول الخليج لم تتأثر اقتصاديا بشكل حاد مثل الدول الفقيرة بجنوب الكرة الارضية الا انها قد تأثرت ثقافيا واجتماعيا وحتى سياسيا حيث ظهرت مفاهيم جديدة للامن القومي وسيادة الدولة. ويحاول المشاركون في الندوة وضع تصور وآلية عمل تتناسب مع ظروف وتطورات المرحلة الراهنة وتحديد موقعنا كعرب مما يجري حولنا من جهة وظاهرة العولمة من جهة اخرى مع الحرص على الاستفادة مما قد يناسبنا من هذه الظاهرة والتصدي للاثار السلبية والتي لا تتناسب مع قيمنا ومقدساتنا وعاداتنا وتقاليدنا وتطلعاتنا نحو المستقبل فلا يعقل ان يكون مفهوم العولمة لدينا هو مشاهدة الـ السي. ان. ان ولبس الجينز واكل الهامبرجر؟! وفيما يلي تفاصيل الندوة: حقائق جديدة اكد الدكتور جمال سند السويدي مدير مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية بان التحولات التي شهدها العالم خلال العقد الماضي افرزت عددا من التصورات والحقائق الجديدة التي ينبغي التعامل معها وفق اسس منهجية قادرة على استيعاب التحديات التي تمر بها المجتمعات على اختلاف درجات تطورها مشيرا في كلمته الترحيبية للمؤتمر بان الاقتصادات الوطنية والبنى الاجتماعية والثقافية ومفاهيم السيادة والامن القومي والعلاقات الدولية اصبحت قابلة للتحول نحو حالة جديدة. واكد بان السعي الى فهم ظاهرة العولمة وتحليل اثارها والاحاطة بالتحديات التي ترافقها وتنتج عنها والاستفادة من المزايا والفرص التي تتيحها هو الهدف المنشود من هذه الندوة. واشار الدكتور علي العري نائب مدير مركز الامارات لشئون المجتمع الى اهمية عقد هذه الندوة وذلك من منطلق اهمية التوقف لاستقراء هذا الموضوع الحيوي الهام والاحاطة باهم دلالاته وتاثيراته المتشعبة على مختلف نواحي الحياة وعلى صعيد المجتمع والدولة بصفة محددة. وقال في كلمته الافتتاحية للندوة نيابة عن الدكتور جمال السويدي بان محاور الندوة والتي سيتطرق اليها المشاركون ستساعد على تكوين صورة واضحة المعالم لهذا الموضوع والذي بات يتصدر دائرة الضوء في العقد الاخير من القرن العشرين والذي يعد ظاهرة عالمية تؤثر بشكل مطرد في مختلف جوانب الحياة المعاصرة زادها في ذلك الثورة المعلوماتية التي تمتد بتأثيرها لتشمل كافة انحاء العالم متجاوزة الحدود السياسية والاعتبارات الثقافية والقيود الاجتماعية بحجة تعظيم الفائدة المادية والمنافع الاقتصادية والتي تتطلب بشكل ملح كماهو رائج تداخل النواحي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والامنية دون اعتبار يذكر للمعايير التقليدية المتعارف عليها بين الافراد والمجتمعات والدول منذ نشوء مفهوم الدولة الحديثة. اختلاف الاراء ويؤكد الدكتور علي العري على اهمية ظاهرة اختلاف الاراء حول ظاهرة العولمة بين مؤيد ومعارض وقال ان الحديث عن تأثيرات العولمة في مختلف جوانب حياتنا كافراد ومجتمعات ودول يطول وتتداخل ضمنه اصوات مختلفة بعضها يدعونا بالحاح للاقتراب من حيثيات هذه الظاهرة العالمية ومحاولة اقتناص الفرصة لجني ارباحها الطائلة وبسرعة في حين نجد على الطرف الاخر من يدعونا وبشدة لتجنب مخاطر هذا القادم من الغرب لانه سيجلب لنا المشكلات والكوارث لا محالة, بل يعتقد البعض بان هذه الظاهرة تستهدفنا في العالم العربي للنيل من انجازاتنا وثرواتنا وتهدف تجريدنا من كل نقاط قوتنا لنبقى جثثا هامدة.. وهكذا نرى بوضوح اختلاف الاراء والاطروحات التي ترد الينا عبر وسائل المعرفة المختلفة والتي تتضارب فيما بينها تضاربا حادا يصعب بالنتيجة حياله اتخاذ القرار المناسب في ضوء تعدد المعطيات وبالتالي يظل السؤال المطروح علينا جميعا هو: ما طبيعة الدور الذي نتطلع اليه نحن ككيان؟ هل سنكتفي بدور المتلقي الذي يردد ما يلقن في كافة المجالات؟ ام نحاول جاهدين وقبل فوات الاوان دراسة ابعاد هذه الظاهرة العالمية المترامية الاطراف والتي تدعى العولمة بهدف الاحاطة بمفهومها الشامل ذي الابعاد السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والامنية والبيئية وعدم التقاعس والاكتفاء بالاصغاء لما يردده البعض ممن حفظوا ثقافة الاخر باسلوب التلقين الذي يرجون المحافظة عليه.. واكد الدكتور العري بان سعينا نحو التفرد المنشود في عصر العولمة في احد جوانبها الحيوية المتعاظمة التأثير ان لم نتمكن من الاحاطة بها جميعا يجب ان يكون مبرمجا ومدروسا ومخططا له وغير عشوائي او انتقائي منعا من تجاوزنا للوقت المناسب الذي هو اسرع من ان نضيعه في النقاش العقيم. رؤية تحليلية الدكتور احمد صدقي الدجاني رئيس المجلس الاعلى للتربية والثقافة والعلوم تحدث عن العولمة من خلال رؤية تحليلية لواقع الظاهرة ومستقبلها واكد بان مساؤى العولمة تمثلت في انتشار ظاهرة التجارة النووية والمخدرات عبر الحاسب الالي والانترنت وزيادة الهوة بين الدول الغنية والفقيرة وتركز الثروة في ايدي 20% فقط من سكان العالم بينما النسبة المتبقية وهي 80% من السكان يصنفون من الدول الفقيرة واكد الدكتور الدجاني بان اكثر من الف مليار دولار تنتقل حول العالم يوميا للبحث عن عائد مرتفع. واشار الى تداعيات العولمة واثارها الاقتصادية والاجتماعية الطاحنة على دول شرق اسيا وخسارة بعض الشركات في دول نامية من بينها مصر وظهور جمعيات الارهاب والضغط والمافيا. واكد باننا كعرب امام فترة انتقال تتميز بالقلق وبكثرة الاسئلة المطروحة فيها مشيرا الى ان هذه ظاهرة صحية وطالب بان يتفاعل عالمنا العربي مع العالم في صورة التعاون وليس الصراع.. وخصوصا واننا كدول عربية لدينا القيم والفكر والتراث الذي نعتز به. وكان الدكتور الدجاني قد تحدث باستفاضة عن ظاهرة العولمة والاحاطة بواقعها وبتعريفها والتفريق بينها وبين العالمية وبالوقوف امام ابعادها المختلفة وبالنظر في وسائلها وتستنير في ذلك كله بما كتب عن هذه الظاهرة خلال السنوات الخمس الاخيرة. واشار الدكتور الدجاني الى انتقال اثار ظاهرة العولمة على صعيدي الدولة والمجتمع وانتشار الازمات الاقتصادية كما حدث في دول شرق اسيا والانفجار الهائل في ثورة الاتصالات وظهور الشركات العابرة للقارات او المتعددة الجنسيات وطبيعة العلاقة الثلاثية بين امريكا الشمالية والاتحاد الاوروبي واليابان واثر ذلك على مسار الظاهرة. كما اشار الدكتور الى اهمية دراسة البعد الحضاري العربي والاسلامي عند دراسة اثار الظاهرة واهميتها بالنسبة لنا. التفاعل الحضاري الدكتور خلدون النقيب استاذ علم الاجتماع بجامعة الكويت قدم ورقة بعنوان العولمة.. السمات الثقافية للمجتمع ومستقبل التفاعل الحضاري واكد بان التفكير انصب خلال السنوات الماضية على التحديث وان هناك اربعة متطلبات للتحديث في المجتمعات المنقسمة الى تقليدية وحديثة وهذه المتطلبات هي: الاقتصاد الرأسمالي (الحر) ونوع من الديقراطية ونظام للقيم مناسب للتحديث والابتكار في تحويل المجتمعات التقليدية الى مجتمعات حديثة واشار الى ان قوى العولمة استطاعت ان تجمع مجتمعات العالم في شبكة غير متناهية من العلاقات عبر حدود الدول القومية والتقسيمات الجيوسياسية المعتادة واكد كذلك بانه في الوقت الذي يفترض بعض الباحثين ان قوى العولمة تؤثر في المجتمعات مباشرة فان البعض الاخر يعتقد بان قوى العولمة تعمل عن طريق ممثلين محليين بحيث يكون بمقدور المجتمعات ان تتكيف مع تاثير قوى العولمة. واشار الدكتور خلدون الى ضرورة مواجهة الاثار السلبية للعولمة وتطوير نتائج الدراسات التي قام بها لزلي سكلير وجيمس سكوت واللذان يحددان اربعة ميادين تتاثر بشكل غبر مباشر بقوى العولمة وهذه الميادين هي: الممارسات الاقتصادية للمؤسسات المتعددة الجنسيات والطبقة الراسمالية للعولمة والايدلوجية الثقافية للنزعة الاستهلاكية التي يولدها التاثر بوسائل الاعلام الميديا المعولمة واخيرا الصراع بين المواهب المحلية والقدرات الذاتية للثقافات وبين التقنيين والتنميط الذي ينتج عن العولمة. سيادة الدولة الدكتور طلال عتريس الاستاذ بمعهد العلوم الاجتماعية بالجامعة اللبنانية قدم ورقة حول الامن القومي وسيادة الدولة في عصر العولمة حيث تحدث عن مفهوم الامن القومي عقب التحولات الاقتصادية والثقافية والجغرافية والعسكرية والبيئية والاعلامية والاجتماعية وذلك بحث عن العناصر الاكثر تاثيرا بالنسبة الى الامن القومي للدولة وعناصر استمرار سيادتها خصوصا بعد ما بات حتما بالنسبة الى الامم المتحدة حق التدخل الانساني اهم من سيادة الدول. واشار الدكتور طلال الى التفاوت في مستويات العولمة اذ يتقدم احد مستوياتها على الاخر بحيث تتجاهل العولمة بعض ما يفترض انه من شروطها الاساسية مثل الديمقراطية اوحقوق الانسان انسجاما مع مصالح الدول الكبرى. وعرض الدكتور خلال لوحة المحولات التي تجري الان للبحث عن التوازن الصعب بين حتمية العولمة وبين المحافظة على سيادة الدولة النسبية والى حقيقة ما انجزته العولمة على مستوى انهيار سيادة الدولة استنادا الى بعض التجارب والى ظواهر الاحتجاج في الغرب نفسه والى الاوهام التي تنسب اليها. الدول الخليجية اختتم السفير عبد الله بشارة رئيس المركز الدبلوماسي للدراسات الاستراتيجية بالكويت والامين العام السابع لمجلس التعاون الخليجي اوراق عمل الندوة امس حيث تحدث عن مفاهيم الدولة والسيادة في زمن العولمة.. الحالة الخليجية وقال بان العالم صار يقطن حوضا صغيرا يسمى بالقرية الكونية وافرز ذلك ضرورة تفعيل العمل الجماعي الكوني للتغلب على المشكلات الكونية التي يصعب علاجها بشكل فردي لاسيما تهريب المخدرات وقضايا البيئة والمياه والارهاب والديون والتصحر والايدز مشيرا الى نفر قليل من سكان الكرة الارضية في الشمال يملكون 80% من خبرات الاخرين وبعض ساكني الجنوب اسعد حظا من غيرهم فقد وهبهم الله سلعة حيوية جعلتهم في وضع مميز ومن هؤلاء اهل الخليج العربي. واكد بان الدول الخليجية لا تواجه المشكلات التي ارهقت الدول الاخرى لان نسيجها السكاني والعرقي يتشكل من نوع واحد وقضاياها نابعة من واقعها الجيولوجي والاقتصادي والاجتماعي مؤكدا بان الدول الخليجية تواجه الان هموم التعامل مع انحسار دولة الرفاه التي سادت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي منذ اكتشاف النفط والتي بدات تنحصر في منتصف التسعينيات مع تقلص الدخل بسبب انخفاض اسعار النفط وزيادة الطلب على الوظائف والازدياد السكاني وتهميش القطاع الخاص والاسراف في الرعاية والتوسع في مفاهيم الالتزام تجاه الوطن ودخول الدولة في مشهد الاجهاد المالي في عجزها عن تلبية شروط دولة الرفاه. واكد بانه مع بداية تفكك منظومة الدولة الرعوية التي قامت على مفاهيم الغرف المالي الذي لا ينضب برزت الحقائق التي نشاهدها على مسرح الحياة الخليجية ومنها الدعوة الى الخصخصة واغراء الاستثمارات الاجنبية وعلاج هيكلية الاقتصاد والعلاج الجذري لمخرجات التعليم والانفتاح التقني وتوطيد الاستقرار الاجتماعي. واشار الدكتور بشارة الى ان الدول الخليجية تسعى الى تلبية شروط العولمة في مجالاتها الاقتصادية وتعمل على التقليل من تبعاتها الاجتماعية وتفكر بعمق في التناغم مع شروطها السياسية والانسانية والمسلكية واظهار المزيد من سعة الصدر في مفاهيم السيادة كما تواجه هذه الدول اليوم مسئوليات تحقيق التنمية السياسية وتطوير الوضع الاقتصادي وسلامة الاصلاح الاجتماعي وتطوير صيغ العلاقات مع الاطراف الاخرى في العالم. ويذكر ان الندوة ستختتم اعمالها اليوم بالخروج برؤية واضحة حول مواجهة سلبيات الظاهرة وعلاج اثارها المختلفة.

Email