تشهد دول الخليج العربي تزايدا ملحوظا في عدد المصابين بداء السكري بين السكان, وقدرت منظمة الصحة العالمية في تقريرها الأخير نسبة المصابين بالمرض في دولة الامارات العربية بـ 10% في العام الحالي سيرتفع الى 12.9% بنهاية عام 2025م. كما قدرت المنظمة عدد المصابين بالسكري في العالم بـ 135 مليون مصاب, سيرتفع الى 300 مليون مصاب خلال نهاية الربع الأخير من القرن الحادي والعشرين. وستشهد البلدان النامية الجزء الاكبر من هذه الزيادة بجعل داء السكري معضلة عالمية ينبغي العمل على الحد من انتشاره وخطورة مضاعفاته. وقد أوصت منظمة الصحة العالمية في تقريرها السنوي لعام 1997م الدول الاعضاء للبدء بقياس معدل انتشار مرض السكري واعتباره مؤشرا أساسيا للصحة, على ان يعتبر هذا الاجراء مقدمة لاعداد برامج صحية وقائية للسيطرة على مرض السكري وغيره من الامراض المزمنة التي تشكل خطرا على الصحة العامة. وعلى ضوء الدراسات الحديثة المتعلقة بداء السكري في دول الخليج والتي كشفت الزيادة المطردة في نسبة المصابين بالسكري وقدرت على انها ضعف المعدل العالمي قرر وزراء الصحة لدول التعاون في اجتماعهم الاخير بجنيف في مايو الماضي شن حملة واسعة النطاق ضد مرض السكري في دول الخليج, فقرروا تشكيل مجموعات عمل على مستوى دول مجلس التعاون لتجميع كل الدراسات والمعلومات ذات الصلة بوبائيات داء السكري في دول الخليج, واعادة تنشيط اللجنة الخليجية لداء السكري ودعوتها هذا العام لمراجعة تقارير الدول ووضع البرامج والانظمة الصحية ووضع نظم للمراقبة الوبائية والرصد والتقييم لداء السكري مع متابعة تحليل هذه المؤشرات وتقصي نتائجها لتخطيط وتطوير البرامج الصحية اللازمة لمكافحتها. وكانت المفاجأة في اجتماع اللجنة الخليجية لداء السكري والذي عقد مؤخرا بأبوظبي حيث أكدت الدراسات الحديثة حول داء السكري في دول الخليج ان جميع الدول متشابهة الى حد ما في نسب الاصابة المرتفعة جدا بمرض السكري, والتي تراوحت ما بين 9 الى 15% وهي نسبة لم تكن متوقعة حتى من قبل منظمة الصحة العالمية. وأجمعت الدراسات المختلفة ان تغير نمط الحياة الاجتماعية في عادات المأكل والمشرب والممارسات اليومية المترفة بالاضافة الى العامل الوراثي وعدم تنوع المصادر الجينية بسبب زواج الاقارب كانت اسبابا قوية في انتشار المرض بهذه الصورة الوبائية في دول الخليج. وطالبت اللجنة بتشكيل لجنة دائمة لبرنامج داء السكري تتولى وضع دليل موحد لدول مجلس التعاون لعلاج ومكافحة المرض ووضع اسس الترصد الوبائي لداء مرض السكري وجمع المعلومات واعداد المؤشرات الصحية حول المرض, كما اوصت اللجنة بأعداد برنامج خليجي موحد يكون قادرا على خفض عوامل الخطورة بين افراد المجتمع, وخفض حالات العمى الجديدة الناتجة عن داء السكري بمقدار الثلث بالاضافة الى خفض حالات الفشل الكلوي المتأخرة والناتجة عن داء السكري بمقدار الثلث ايضا. كما اكدت اللجنة على ضرورة العمل على انشاء مراكز مرجعية متخصصة تتولى مهام علاج مرض السكري ومضاعفاته كما تتولى عملية الابحاث والمكافحة والتدريب والتثقيف الصحي على غرار المراكز المزمع اقامتها في الكويت والسعودية والامارات العربية المتحدة. الى ذلك يبقى الدور المهم لرجل الشارع ورب الاسرة فكل انسان لا يعدو ان يكون في حالة من حالتين اما ان يكون لديه عوامل خطورة المرض كالسمنة والمأكل غير الصحي ذي السعرات الحرارية العالية بالاضافة الى العامل الوراثي وعدم الحركة في الممارسات اليومية, واما الا يكون لديه عوامل خطورة للمرض وفي هذه الحالة يجب ان يحافظ على هذا المستوى وان يبتعد قدر الامكان عن هذه العوامل لينجو من الاصابة بهذا المرض, أما الانسان الذي لديه عامل او عاملان او اكثر من العوامل الخطرة للمرض فهو في المربع الخطر وفي هذه الحالة يجب ان يتخلص الانسان من هذه العوامل او على الاقل التقليل منها قدر الامكان بحيث يكيف الانسان حياته على الحركة والنشاط وممارسة الرياضة او يحاول التقليل من وزنه ان كان بدينا او تناول الغذاء الصحي بحيث لا تتعدى السعرات الحرارية اكثر من 1700 سعر حراري بالاضافة الى تجنب زواج الاقارب للتخلص من العامل الوراثي حيث اكدت الدراسات ان الانسان العادي يكون عرضة للمرض بنسبة 5% واذا كان احد الوالدين مصاب بمرض السكري فان ذلك يكون عرضه للمرض بنسبة 15% واذا كان الوالدان مصابين بالمرض فإن النسبة ترتفع الى 45%. وهنا يبرز دور الانسان المهم في التعاون مع المؤسسات الصحية في القضاء على هذا المرض الفتاك. كتب مصطفى خليفة