بعد التحية، بقلم د. عبدالله العوضي

ت + ت - الحجم الطبيعي

من قراءتي للاحصاءات المنشورة عن جرائم المخدرات بامارة الشارقة لسنة1998مقارنة بالسنة السابقة لها1997م خرجت بخلاصة تقول بان العامل المؤثر والواضح في ارتفاع او انخفاض نسبة الاشخاص المشاركين في ارتكاب جرائم المخدرات كان يتركز على عنصر العزوبية , بمعنى ان الاعزب او العزب نسبة مشاركته في هذا النوع من الجرائم اكبر من المتزوج, والحكم هنا فيما ورد ينتمي الى الاحصاءات الخاصة بامارة الشارقة والتي ذكرت بان 51% من مرتكبي جرائم المخدرات بالشارقة عزاب مقارنة بنسبة 49% في المئة للمتزوجين. ولست هنا بصدد ذكر التفاصيل الاخرى التي وردت في الاحصاء السنوي الخاص بالامارة والذي يمكن للمهتم الرجوع اليه اذا احتاج, ولكن ما اود التنبيه اليه هو ان عامل العزوبية له تأثير ما في ارتفاع نسبة الجرائم بشكل عام في الدولة وذلك عائد الى ضغوط هذه الحالة النفسية لمن يجد نفسه وحيدا وبعيدا عن تحمل المسئوليات الاجتماعية بعكس المتزوج الذي على الاقل ان لم يفكر في نفسه فلا بد وان ضميره اذا صحا قبل ولوجه الى عالم الجريمة ايا كان نوعها فلا بد وان هاجس الاسرة, سوف يطغي عليه والتفكير في مستقبلهم على اقل تقدير سوف يردعه عن اتمام هذا المشوار القذر. وعليه يمكن القول بان للاستقرار الاسري دورا هاما في الوقاية من الوقوع في الجرائم الخطيرة وعلى رأسها المخدرات سواء كان الامر يتعلق بالتعاطي او الجلب والتجارة فالامر في كل هذه الحالات سيان لانه جريمة لابد وان تنالها العقوبة المقررة. وهذا يذهب بنا الى ان التفكير في قضية سكانية هامة جدا نحن نواجهها وهي خاصة بغلبة العزاب في التركيبة السكانية للدولة والخاصة بالعمالة الوافدة, فكلما زاد عدد العزاب او حتى عدد الافراد الذين لايتمكنون لاسباب مادية او غيرها من اصطحاب اسرهم معهم والتي تعيش بعيدة عنهم سرعان ما يقعون في المحظور عند اول تجربة قاسية يعانون منها وذلك لفقدان عنصر الوقاية الخارجية بعيدا عن مرماه فلو كان قريبا لكان رادعا معتبرا فكم من الزوجات العاقلات انقذن الازواج من الوقوع في شر اعمالهم وفي اللحظات الاخيرة. فالعزوبية من هذا الجانب شر, من هنا يمكن ان ينطبق القول المأثور (شراركم عزابكم) ففيه معنى الشخص الذي يفتقد الى عنصر الامن الداخلي في نفسه مما قد يجره في حالة الضعف البشري العام الى هذا العالم الاسود او الرمادي سواء أكان من اصحاب الياقات البيضاء او الحمراء لانه في النهاية مهما ارتفع بجرائمه الى الاعلى كما يتصور له وبالذات في عالم المخدرات والصفقات او القفشات السريعة والمغرية ماديا الى اقصى درجة فان مصيره المحتوم الوقوع من ذلك العلو الشاهق الى الدرك الاسفل من السلم الاجتماعي . فكلما كان افراد المجتمع المحلي محاطين بسياج من الأمن الاسري كان الوقوع في وحل الجريمة ابعد مما لو فقد احدهم هذا العنصر, وكلما استفردت الجريمة واختلت بالانسان الوحيد او العزوبي كانت ضربتها قاصمة لعقله قبل ظهره. د. عبدالله العوضي

Email