بعد التحية : بقلم د. عبدالله العوضي

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا ندعو إلى وجود وزارة التربية والتعليم في ثوبها الكامل المكمل من كل نقص لاننا ندخل بهذا خارج اطار الممكن وهذا ينطبق على كل المؤسسات في الدولة, ولكن ما نتمناه ان يحصل فعلا من قبل وزارة التربية عملية استدراك دقيقة وعلمية لكافة نواقصها المعتادة ومحاولة التغلب عليها في الامور الجوهرية كحد ادنى . ونعتقد ان الحديث عن نقص المدرسين امر جوهري لا يمكن انتظار حله لمدة طويلة من الزمن, فوجود احصائية من الان واقصد به من بداية العام أو من اول يوم دراسي لحاجتي إلى العدد الحقيقي من المدرسين ولو باستخدام اسلوب الاسقاط السريع لسنة واحدة, وترتيب اوراقي مبكرا يعطيني فرصة كبيرة للبحث عن البدائل المناسبة فيما لو ظهر ان الميدان عاكس الاسقاط بصورة أو بأخرى. واطمئن التربية هنا بأن مشكلة نقص المعلمين لا تخص الامارات وحدها من دون الامم وهي من المشاكل الكارثية والتي يمكن ان تواجه اكبر دولة في العالم ولكن الفرق بيننا وبين امريكا في اسلوب العلاج العملي والمبكر حتى لا تقع هذه الكارثة التعليمية في السنوات التي هم على دراية في هدوئها لا محال. نحن اليوم في سنة 1999 وفي الشهور الاخيرة منها وقد صرنا قاب قوسين أو ادنى من الالفية الثالثة ولا نعلم هنا في الداخل عن حاجة التربية والتعليم إلى عدد المدرسين وفق خطتها العشرينية ولا كذلك حاجتها في السنة المقبلة. اما امريكا فهي تعرف حجم مشكلتها في نقص المعلمين من الان إلى سنة 2001م يعني خلال ثلاث سنوات مقبلة على اقل تقدير ولا اعني بالمقارنة هنا حرفية التطبيق في الفارق الزمني بين التطور عندهم وعندنا ولكن الذي يعنينا هنا هو الاسلوب الذي يمكن اتباعه وهذا لا علاقة له بالتعجيز ولكن له علاقة مباشرة بالتخطيط السليم وكفى. اعود إلى حجم المشكلة واعني بها نقص المدرسين في الولايات المتحدة الامريكية وامرر الحديث من لسانهم ومصادرهم التي تقول إن مدينة نيويورك الامريكية تعاني من نقص حاد في المدرسين مع حلول العام الدراسي الجديد الامر الذي دفعها إلى اللجوء لتوظيف مدرسين من النمسا وبورتوريكو واسبانيا لسد النقص في اعداد المدرسين. وقالت شبكة الاخبار (سي إن إن) ان متوسط الاجر الشهري للمدرس في نيويورك يصل إلى ثلاثين الف دولار فقط مقابل اربعين الف دولار لنظيره في الولايات المتحدة الامريكية الاخرى, وقالت الشبكة ان نقص المدرسين يسير من سيء إلى اسوأ وسوف يصل الامر إلى حد الكارثة خلال العامين المقبلين حيث سيعتزل 17 الف مدرس من بين 75 الف مدرس خلال العام المقبل وما يتراوح بين 30 إلى 40 الف مدرس بحلول العام 2001 اي اكثر من نصف عدد المدرسين العاملين. واظن ان السبب الرئيس لهذا الهروب الجماعي من ميدان التربية والتعليم وفق هذا الاحصاء الامريكي مادي بالدرجة الاولى بفارق عشرة آلاف دولار بين نيويورك وبقية الولايات. الان نريد ان نعرف هل للسبب المادي دور مباشر في هروب المعلمين والاداريين من هذا المجال الذي يمكن ان يتحول إلى كارثة اذا استمرت التربية في بخلها على العاملين فيها ولا يخفى عليها عدد مرات المطالبات الملحة عن ساعة الصفر لصدور مشروع 30% زيادة على كادر المدرسين المواطنين حتى يصل راتبه فورا إلى راتب زميل المهنة في امريكا دون ان ينتظر عشرين عاما أو اكثر.

Email