بعد التحية، بقلم: د. عبدالله العوضي

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل في مجتمعنا علماء بالكيفية التي نسمع عنهم في الصحف العالمية, اذا كانت الاجابة نعم فأين هم الآن؟ وكيف يمكن لنا الاتصال بهم والاستفادة منهم بالشكل الامثل والانفع لمتطلبات تطوير المجتمع؟!اين مصانع العلم الحقيقي في بلادنا؟ المدارس, الجامعات, المبتعثون, طلاب الدراسات العليا, اصحاب التخصصات الدقيقة , اصحاب المواهب والهوايات التي تصنع العجائب. لا اعتقد ان كل هؤلاء لايخرج بينهم من يمكن ان يصبحوا في يوم نوابغ زمانهم ,ولا اعنى بهم على غرار بحر العلوم ونهر الانهار وبحر البحور واعلم اهل زمانه واعلم اهل الارض كما نقرأ عنهم في موروثاتنا العربية والاسلامية, وذلك لان رتم الحياة المعاصرة لم يجعل لمثل هؤلاء وقتا للظهور المطلوب في الوقت الذي تنشغل كافة وسائل الاعلام في الداخل والخارج بنشر احدث اغنية لمطرب لم يزل يحبو ولم يصلب عوده. ولم يحصل الى الآن ان مقالا معينا او كتابا محددا او بحثا قيما او حتى اكتشافا هاما نال مساحة معقولة من حق النشر العام, وكأن هؤلاء لاعلاقة لهم بوجودهم اصلا في المجتمع, ومن يريد ان يعرف هذه الحقيقة عليه ان يقوم بمسح يومي لصور الشخصيات التي تنشر في صحفنا, فلن يجد جديدا غير التكرار عبر عشرات السنين الى درجة ان غبار السنين لم يطرأ عليهم مع تقدم العمر بالكثيرين منهم. من منا لم يقرأ عن انجازات اغنى رجل في العالم وهو عالم الكمبيوتر (بيل جتس) صاحب ميكروسوفت, وتبلغ ثروته الشخصية حوالي 100 مليار دولار (مائة مليار) وهو الرجل الوحيد في العالم ولا اقول في امريكا وحدها تبرع بالمال اكثر من اي فاعل خير موجود على قيد الحياة. من المنطق ان يكون اغنى الاغنياء من يملك العقارات الممتدة يمنة ويسرة او حتى المحلات التجارية الكبرى او مصانع السيارات المعروفة والضخمة او حتى الطائرات, ولكن هناك حقيقة غائبة تماما عن اذهان المسؤولين عن صناعة العلماء في مجتمعنا ومجتمعات العالم الثالث بشكل عام, وهي ان حسن الاستفادة من العلم والتعلم هو اثمن واغلى من كل الثروات المعروفة. (بيل جتس) هذا ليس كهلا ولم يبلغ من العمر عتيا لان العمر المديد ليس مقياسا ثابتا لغزارة علم فلان او علان لان هناك من يدعي انتظار وصول النابغة الى سن المعاش حتى تتكالب عليه قطاعات المجتمع التي بحاجة الى خبرته العلمية والعملية, وذلك بعد ان تتكالب عليه الامراض من كل الجهات, لايجد يدا معينة تقوم بتوفير سبل العلاج اللازم فيموت وحيدا ثم تخرج التوصيات للاعلام بعدم اطرائه اكثر مما يستحق حتى لايعلو ذكره على ذكر الآخرين الذين يعيشون في بهرجة مزيفة ما ان تزول عنهم الا والشكاوى الداخلية تعلو اصواتها للتعبير عن القصور بحقهم. في مجتمعنا علماء ولكن غير مسموح لهم ان يقولوا ذلك لاجهزة الاعلام اعلانا عن انفسهم, واذا ما ذكر احدهم سهوا بانه هو اول من اخترع جهازا معينا فسرعان ماتزال عنه صفة الاولية فيصبح كأي انسان عادي, واعرف من قام بهذا العمل الاول فقامت احدى الشركات اليهودية بشراء براءة الاول منه وترك الانسان العادي يعود الى دولته بدون ذلك الاول لانها ليست بحاجة اليه. في الوقت الذي تفكر فيه دول العالم باستنساخ (بيل جتس) فان دولة مثل اليابان ومن خلال وزارة التجارة ـ وليس من خلال وزارة التربية والتعليم العام او العالي ـ تتطلع الى منح ما يصل الى 100 مليون ين (900 الف دولار) لكل واحد من عباقرة برامج الكمبيوتر على مدى خمسة اعوام, على امل ان ينهجوا نهج بيل جتس الامريكي صاحب شركة ميكروسوفت. وقال مسؤول من الوزارة اننا نبحث خطة لعباقرة البرمجة على امل انتاج هذا النوع من الاشخاص, ونطلب ميزانية لذلك تبلغ ملياري ين من ميزانية الدولة للعام المالي الذي يبدأ في ابريل عام 2000م يتم صرفها على 20 خبيرا في مجال صناعة برامج الكمبيوتر ونريد تمويل 100 خبير على مدى خمس سنوات. وسيتم تقديم المبالغ لافراد يتم اختيارهم عبر الانترنت بصرف النظر عن دراساتهم الاكاديمية او اعمارهم حتى وان كانوا من طلبة المدارس. متى نصل الى جزء يسير من هذا التفكير المستقبلي ومازلنا نبحث عن مصادر التمويل وتغطية تكاليف تركيب وتبديل اجهزة التكييف في المدارس؟!

Email