بعد التحية:بقلم- د. عبدالله العوضي

ت + ت - الحجم الطبيعي

هناك بنك مشهور لا يمكن ان يتعرض للافلاس ابدا ما دام هناك ممولون دائمون ومستدينون منه بشكل منقطع النظير ودائنون له على مدار الساعة . لا نريد ان نزداد مدحا لهذا البنك خشية ان ترتفع القيمة الاسمية والدفترية لاسهمه الفائضة عن الحاجة الفعلية لجميع افراد المجتمع ويكاد المشترون تنقطع اعناقهم وهم ينظرون الى البنك العجيب لعل احدهم يتوسط خلسة لاختصار دوره في الدخول او على الاقل القيام بشراء كافة حاجته قبل نفاد الكمية المطروحة للاكتتاب. نقترح ان نسمي هذا البنك (بنك التسويف والتسليف) على اساس انه يقوم بواجبه تجاه كل من يريد ان يستلف قليلا من التسويف في اداء الواجبات الملقاة على عاتقه فإذا كان اليوم لا يحتمل عمل غيره من الايام, فهذا يعني وجود تراكمات ضخمة من الاعمال التي يجب الانتهاء منها سواء في ساعته ويومه, اسبوعه, شهره او عامه, فكل ما يتعرض الى التسويف المتعمد احيانا مما يؤثر بدون شك على الاداء العام لاي انجاز معتبر في المؤسسات. هذا التسويف في انجاز الاعمال الى اجل غير مسمى ينطبق على معاملة واحدة لشخص كما هو مطابق لاي مشروع المطلوب انجازه ايضا في وقت محدد, فيتم تأجيله او تسويفه لاسباب غير ملحة او ضرورية في غالب الاحيان. ويزداد الامر سوءا عندما تنتفي المراقبة والمتابعة والمحاسبة الدقيقة والتي تعيد المعاملات الى صوابها لاعادة انجازها بدل تجاهلها بصورة كلية. وآفة وعثرة الخطط الموضوعة في المؤسسات تأتي من التسويف وهو الرأس الذي يسبب توالي وتراكم المسببات الجزئية في تأخير تنفيذ الكثير من المشاريع. وقد يؤدي التسويف الى ضياع كثير من الفرص الثمينة اثناء عملية التشتت باقتناصها في الوقت المناسب, مع العلم بأن الفرص الجوهرية قد لا تتكرر على مدار العمر وليس فقط في الظرف المحدد. عدم الاهتمام واللامبالاة وفقدان الجدية في التصرف الصحيح اثناء تخليص المعاملات وتقديم وتأخير الطلبات وتضارب الاولويات عند بعض المسؤولين وتقدير المواضيع حسب المصلحة الخاصة الممزوجة ظاهريا في العادة بالمصلحة العامة لو عدنا مرة اخرى للوقوف في طوابير هذا البنك الخاص بتسليف التسويف لزبائنه ورأينا لهذا البنك سوقا رائجة, فلا نستطيع وقف سيل تأخير الانجازات في اوقاتها المعينة سلفا مع بداية كل سنة تخطيطية. المشكلة لن تحل بسهولة لانها لدى البعض تحولت الى سلوك يومي وجزء من عملهم الروتيني ان يسوف مالا يشتهيه من اعمال هو مكلف اصلا بانجازها وفق القوانين والتشريعات الادارية المعمول بها في الدولة. والتعامل مع هذه القضية بشيء من المن والاذى لمشاعر الناس لا يتوافق ابدا مع ثقل الامانة الوظيفية الملقاة على كاهل جميع الموظفين بمختلف درجاتهم ومسؤولياتهم. فالتسويف بدون سبب مقنع غير مبرر كسلوك لاي عامل في الدولة والبحث عن الاسباب حتى يتم الولوج من خلالها الى تأجيل هذا السلوك السلبي لا يخدم الصالح العام ولن يؤدي الا الى زيادة بنوك التسويف والتسليف في المجتمع.

Email